ووجه البحث عن الإجماع المحصّل أنّه یمکن أن یکون الإجماع المنقول مشمولا لأدلّة حجّیة خبر الواحد على بعض المبانی فی الإجماع المحصّل دون بعض، فلا بدّ من البحث أوّلا عن وجوه حجّیة الإجماع المحصّل عندهم والمسالک التی سلکوها فی ذلک، فنقول: یوجد فی الإجماع المحصّل مبنیان معروفان: مبنى أهل السنّة، ومبنى الشیعة، فالمعروف والمشهور عند السنّة أنّ الإجماع فی نفسه حجّة، أی للاُمّة بما هی اُمّة عصمة تعصمها عن الخطأ، ولذلک عبّر شیخنا الأعظم الأنصاری(رحمه الله) عن إجماعهم بالإجماع الذی هو الأصل لهم وهم الأصل له، وأمّا الشیعة فالإجماع عندهم حجّة بالعرض، أی بما هو کاشف عن قول المعصوم أو مشتمل علیه، فهو بحسب الحقیقة یرجع إلى السنّة ولیس دلیلا على حدة، فالأدلّة عندنا فی الواقع ثلاثة لا أربعة.
وتنبغی الإشارة أیضاً إلى معنى الإجماع لغة واصطلاحاً فنقول: أمّا لغة فهو بمعنى الاتّفاق، وأمّا فی مصطلح الاُصولیین فهو اتّفاق مخصوص.
وقد اختلف العامّة فی تحدید الإجماع وتعریفه على أقوال: فقال بعضهم أنّه اتّفاق اُمّة محمّد(صلى الله علیه وآله) على أمر من الاُمور الدینیّة، وقال بعض آخر أنّه اتّفاق أهل الحلّ والعقد من اُمّة محمّد(صلى الله علیه وآله) وثالث: أنّه اتّفاق المجتهدین من اُمّة محمّد (صلى الله علیه وآله)فی عصر على أمر، ورابع: أنّه اتّفاق أهل المدینة، وخامس: أنّه اتّفاق أهل الحرمین، بل یظهر من بعضهم أنّه اتّفاق الشیخین أو الخلفاء الأربعة.
وأمّا الشیعة فهو عندهم على أربعة أنواع: الدخولی (التضمّنی) والحدسی والتشرّفی واللطفی، ولکلّ تعریف یخصّه سیأتی عند البحث عن کلّ واحد منها.