وهو أنّه لو قلنا بجواز التمسّک بالعام فی المخصّص اللبّی فهل یثبت الحکم فقط فی المصداق المشکوک أو یثبت الحکم والموضوع معاً حتّى یترتّب على الموضوع سائر آثاره، کعدم جواز الدفن فی مقبرة المسلمین فی مثال «لعن الله بنی اُمیّة قاطبةً» (فإذا ثبت للفرد المشکوک مضافاً إلى جواز لعنه کونه کافراً فلا یجوز دفنه فی مقبرة المسلمین)؟
قال بعض بثبوت الموضوع أیضاً لکونه مقتضى الصغرى والکبرى الموجودتین فی المقام، أمّا الصغرى فهی: «هذا الفرد ممّن یجوز لعنه» وأمّا الکبرى فهی: «کلّ من یجوز لعنه لا یکون مؤمناً» فیستنتج أنّ هذا لا یکون مؤمناً فیترتّب علیه أحکامه.
لکن الإنصاف أنّه مشکل، لأنّ المراد من جواز اللعن مثلا لیس جوازه فی متن الواقع حتّى یحکم بکونه کافراً واقعاً بل الجواز حکم ظاهری فلا یثبت به الأمر الواقعی.
إن قلت: إنّ لوازم الأمارات ومثبتاتها حجّة.
قلنا: المختار فی باب الأمارات أنّ مثبتاتها لیست بحجّة مطلقاً بل فی خصوص ما إذا کان المولى بصدد بیان تلک اللوازم.
فظهر أنّ الثابت فی المقام خصوص الحکم لا الموضوع والحکم معاً، إلاّ إذا کان المولى فی مقام التطبیق لأنّا نستکشف حینئذ أنّ المولى فی قوله: «لعن الله بنی اُمیّة قاطبةً» مثلا یرى عدم إیمان جمیعهم حتّى عمر بن عبدالعزیز مثلا.
تمّ الکلام فی جواز التمسّک بالعام فی الشبهات للمخصّص.
تنبیهات
التنبیه الأوّل: فی إثبات أصل موضوعی یعیّن به حال الفرد المشتبه فی المقام (فقد کان الکلام إلى هنا مفروضاً فیما إذا لم یکن هناک أصل موضوعی (کالاستصحاب) یعیّن به حال الفرد المشتبه حتّى یندرج تحت الخاصّ أو العام).
إذا کان للفرد المشتبه حالة سابقة کالعدالة أو الفسق فی مثال «أکرم العلماء» یجری استصحابها فیثبت به کونه عادلا أو فاسقاً فیحکم بوجوب إکرامه أو حرمته بلا إشکال، وأمّا إذا لم یکن له حالة سابقة فتمسّک بعض حینئذ باستصحاب عدم النسبة من الأزل، وهو یسمّى باستصحاب العدم الأزلی کاستصحاب عدم القرشیّة، فهناک عام دلّ على أنّ المرأة تحیض إلى خمسین، وخاصّ دلّ على أنّ القرشیّة تحیض إلى ستّین، فإذا شکّ فی امرأة أنّها قرشیّة أو غیر قرشیّة فباستصحاب عدم النسبة بینها وبین قریش من الأزل تخرج المرأة من عنوان القرشیّة وتبقى تحت العام فیکون حیضها إلى خمسین.
إن قلت: أنّه معارض باستصحاب عدم النسبة بینها وبین غیر قریش.
قلنا: إنّ النسبة بینها وبین غیر قریش ممّا لا أثر له شرعاً کی یجری استصحاب عدمها، فیکون أحد الاستصحابین حجّة والآخر غیر حجّة.
وقال المحقّق صاحب الکفایة بإمکان إحراز حال الفرد المشتبه بهذا الأصل فی جمیع الموارد إلاّ ما شذّ، وهو ما إذا تبادل الحالتان ولم یعلم السابق من اللاحق فحینئذ لا یمکن استصحاب عدم النسبة بینه وبین الفسق من الأزل مثلا بعد العلم الإجمالی بانتقاض عدم النسبة وتبدّله إلى الوجود قطعاً.
