عدم حجّیة استصحاب العدم الأزلی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
بقی هنا شیءالکلام فی مسألة وجوب الفحص وأنّه هل یجوز التمسّک بالعام قبل الفحص عن المخصّص أو لا؟

 

أقول: الحقّ عدم حجّیة استصحاب العدم الأزلی لورود إشکالات عدیدة علیه:

الأوّل: (ولعلّه أهمّها) کون القضیّة السالبة بانتفاء الموضوع الصادقة هنا غیر عرفیّة، فلا یصحّ عند العرف أن یقال مثلا: «لیس لولدی ثوب» ثمّ یقال عند السؤال عن وجهه: «لأنّه لیس لی ولد» بل یحمل العرف هذا الکلام على الاُضحوکة والمزاح، وبالجملة أنّ أدلّة الاستصحاب منصرفة عن مثل هذا عرفاً.

الثانی: ما سیأتی فی مبحث الاستصحاب من اعتبار الوحدة بین القضیّة المتیقّنة والقضیّة المشکوکة موضوعاً ومحمولا ونسبةً لعدم صدق مفهوم النقض (لا تنقض الیقین بالشکّ) بدونها، والقضیّتان فی ما نحن فیه لیستا متّحدتین فی النسبة لأنّها فی إحدیهما سالبة بانتفاء الموضوع وفی الاُخرى سالبة بانتفاء المحمول.

الثالث: ما أفاده المحقّق النائینی (رحمه الله) وعصارة کلامه ما ذکره فی أوّل بیانه: أنّ الباقی تحت العام بعد التخصیص إذا کان هی المرأة التی لا یکون الانتساب إلى قریش موجوداً معها على نحو مفاد لیس التامّة، فالتمسّک بالأصل المذکور لإدراج الفرد المشتبه فی الافراد الباقیة وإن کان صحیحاً إلاّ أنّ الواقع لیس کذلک، لأنّ الباقی تحت العام حسب ظهور دلیله إنّما هی المرأة التی لا تکون قریشیّة على نحو مفاد لیس الناقصة، وعلیه فالتمسّک بأصالة العدم لإثبات حکم العام للفرد المشکوک فیه غیر صحیح، وذلک لأنّ العدم النعتی الذی هو موضوع الحکم لا حالة سابقة له على الفرض لیجری فیه الأصل، وأمّا العدم المحمولی الأزلی فهو وإن کان مجرى الأصل فی نفسه إلاّ أنّه لا یثبت به العدم النعتی الذی هو المأخوذ فی الموضوع إلاّ بالأصل المثبت(1).

وأورد علیه بعض تلامذته فی هامش أجود التقریرات بوقوع الخلط فی کلام المحقّق بین مفاد لیس الناقصة والسالبة المحصّلة وأنّ الاستصحاب وإن لم یکن جاریاً فی الأوّل لعدم حالة سابقة له إلاّ أنّه لا مانع من جریانه فی القسم الثانی لوجود الحالة السابقة فیه، والثابت فی ما نحن فیه هو السالبة المحصّلة لا لیس الناقصة، وحاصل ما أفاده لإثباته: أنّ الحکم الثابت للموضوع المقیّد بما هو مفاد کان الناقصة إنّما یکون ارتفاعه بعدم اتّصاف الذات بذلک القید على نحو مفاد السالبة المحصّلة من دون أن یتوقّف ذلک على اتّصاف الذات بعدم ذلک القید على نحو مفاد لیس الناقصة، فمفاد قضیة «المرأة تحیض إلى خمسین إلاّ القرشیّة» وإن کان هو اعتبار وصف القرشیّة على وجه النعتیة، فی موضوع الحکم بتحیّض المرأة بعد الخمسین إلاّ أنّه لا یستدعی أخذ عدم القرشیّة فی موضوع عدم الحکم بتحیّض المرأة بعد الخمسین على وجه النعتیة أعنی به مفاد لیس الناقصة، وإنّما یستدعی أخذ عدم القرشیّة فی ذلک الموضوع على نحو السالبة المحصّلة، فکلّ امرأة لا تکون متّصفة بالقرشیّة باقیة تحت العام، وإنّما الخارج خصوص المتّصفة بالقرشیّة لا أنّ الباقی بعد التخصیص هی المرأة المتّصفة بعدم القرشیّة، فإذا شکّ فی کون امرأة قرشیّة لم یکن مانع من التمسّک باستصحاب عدم القرشیّة الثابت لها قبل تولّد تلک المرأة فی الخارج(2).

ولکن یرد علیه أیضاً أنّ التمسّک باستصحاب العدم النعتی فی القسم الأوّل من کلامه لا محذور فیه من ناحیة الإثبات، لأنّ اللازم العقلی الثابت هنا یکون من اللوازم العقلیّة للشرائط التی لا إشکال فی شمول أدلّة الاستصحاب لها بل مورد أخبار الاستصحاب من هذا القبیل، لأنّ اللازم فی باب الطهارة تقیّد الصّلاة بها، ولیس هو المستصحب بل المستصحب هو نفس الوضوء وتقیّد الصّلاة بها من اللوازم العقلیّة له، وما نحن فیه من هذا القبیل، لأنّ تحیّض المرأة إلى خمسین مقیّد بعدم کونها من قریش، وتقیّدها بعدم القرشیّة یکون لازماً عقلیّاً لعدم القرشیّة فإذا أثبتنا باستصحاب العدم الأزلی عدم القرشیّة یثبت تقیّد الموضوع ـ وهو المرأة ـ به قهراً بلا إشکال.

ثمّ إنّ الشیخ الحائری (رحمه الله) فی حاشیة الدرر حاول إثبات استصحاب العدم الأزلی ببیان آخر وهو: أنّه قد یستظهر من مناسبة الحکم والموضوع فی بعض المقامات أنّ التأثیر والفاعلیّة ثابت للموضوع المفروغ عن وجوده عند اتّصافه بوصف کما فی قضیّة «إذا بلغ الماء قدر کرّ لا ینجّسه شیء» ولهذا لا یجری استصحاب عدم الکرّیّة من الأزل، وقد یستظهر من المناسبة المذکورة أنّ التأثیر ثابت لنفس الوصف، والموضوع المفروض وجوده إنّما اعتبر لتقوّم الوصف به کما فی قوله (علیه السلام): «المرأة ترى الدم إلى خمسین إلاّ أن یکون قرشیّة» حیث کون الدم حیضاً إلى ستّین إنّما هی من ناحیة التولّد من قریش لا أنّ المرأة لها هذه الخاصّیة بشرط التولّد، فانتفاء هذا الوصف موجب لنقیض الحکم ولو کان بعدم الموضوع ولهذا یکون استصحاب العدم الأزلی نافعاً (انتهى)(3).

أقول: نحن لا نرى فرقاً بین المثالین، لأنّ فی مثال القرشیّة أیضاً یکون وجود المرأة جزءاً للموضوع، فیکون الموضوع فی الواقع «المرأة الموجودة غیر القرشیّة» کما أنّه کذلک فی جمیع الموارد التی ثبت فیها شیء لشیء، أی فی جمیع أقسام القضیّة الموجبة، فلا فرق بین أن یکون الثابت وجودیّاً کما فی الموجبة المحصّلة أو أمراً عدمیّاً کما فی الموجبة المعدولة نحو «زید لا قائم» والموجبة السالبة المحمول نحو «زید هو الذی لیس بقائم» حیث إن الصحیح ـ کما صرّح به المحقّق النائینی (رحمه الله) وصرّح به أیضاً فی التهذیب ـ أنّ فی جمیع الموارد التی تعلّق فیها حکم على عدم شیء، یکون العدم فیها هو العدم النعتی، أی لا یزال یرجع الاستثناء والتخصیص بعدم شیء إلى الموجبة المعدولة المحمول لا السالبة التامّة ولا السالبة الناقصة، وإذاً لا یمکن لنا إجراء استصحاب العدم الأزلی فی أیّ مورد من موارد التخصیص، فإنّ هذا بنفسه یعدّ إشکال آخر على استصحاب العدم الأزلی.

فتخلّص من جمیع ما ذکرنا إلى هنا إنّه یرد على استصحاب العدم الأزلی اُمور ثلاثة سلیمة عن الإشکال.

الأوّل: عدم تصوّر القضیّة السالبة بانتفاء الموضوع عند العرف، مع أنّ الأحکام الشرعیّة منزّلة على متفاهم العرف.

الثانی: عدم وجود الوحدة المعتبرة بین القضیّة المتیقّنة والمشکوکة.

الثالث: أنّ التخصیص بعدم شیء یرجع إلى القضیّة الموجبة المعدولة المحمول التی ثبوت شیء فیها لشیء یکون فرع ثبوت المثبت له.

بل یمکن أن یورد علیه إشکال آخر أیضاً، وهو أن نرفع الید من ما ذکرنا سابقاً بعنوان الجواب عن إشکال معارضة استصحاب عدم القرشیّة مع استصحاب عدم کون المرأة غیر قرشیّة، بأن نقول: یترتّب على کون المرأة غیر قرشیّة أیضاً أثر شرعی وهو کون دمها دم الاستحاضة، فیجری استصحاب عدم کونها غیر قرشیّة ویثبت عدم کون الدم دم استحاضة، فإنّ الاستصحاب کما یجری لإثبات حکم شرعی کذلک یجری لنفیه بلا إشکال، وبهذا تثبت المعارضة فی استصحاب العدم الأزلی فی جمیع الموارد فلا یکون حجّة أصلا.

هذا کلّه فی البحث عن استصحاب العدم الأزلی وعدم تمامیته.

التنبیه الثانی: فی التمسّک بالاُصول العملیّة، بعد فرض عدم إمکان التمسّک بالعام فی الفرد المشتبه وبعد ما إذا لم یکن هناک أصل موضوعی یُدْرج الفرد المشتبه تحت الخاص أو العام حیث إن الأصل العملی یجری فی الحکم، والأصل الموضوعی یجری فی الموضوع، فالثانی مقدّم على الأوّل لتقدّم الموضوع على الحکم.

وکیف کان، یختلف جریان الأصل العملی فی الفرض المذکور باختلاف المقامات. فتارةً یکون الأصل هو البراءة عن الحکم التکلیفی کما إذا شککنا فی الوجوب وعدمه أو الحرمة وعدمها، أو البراءة عن الحکم الوضعی کما إذا شککنا فی صحّة بیع العین الموقوفة وفساده أو شککنا فی الضمان وعدمه، واُخرى یکون الأصل هو التخییر کما إذا دار الأمر بین وجوب الفرد المشتبه وحرمته، وثالثة یکون الأصل هو الاستصحاب کما إذا شکّ المسافر فی أنّه هل أقام فی المحلّ ثلاثین یوماً من دون قصد الإقامة فیکون الواجب هو الإتمام، أو لا، فیکون الواجب القصر؟ وفرضنا عدم إمکان إجراء استصحاب الموضوع، فیجری حینئذ الاستصحاب الحکمی، وهو استصحاب وجوب القصر إلاّ إذا لم تحرز وحدة القضیّة المتیقّنة والمشکوکة، لأنّه قد تتغیّر الموضوع عند العرف فیکون الأصل حینئذ هو الاحتیاط، کما إذا شکّت المرأة التی مضى علیها خمسون سنة هل أنّها قرشیّة أو لا؟ وقلنا بعدم حجّیة استصحاب العدم الأزلی، فربّما یقال حینئذ أنّها لا یمکن لها استصحاب أحکام التحیّض لأنّ موضوع القضیّة المتیقّنة وهو المرأة قبل الخمسین غیر موضوع القضیّة المشکوکة، وهو المرأة بعد الخمسین عند العرف، فیجب علیها الاحتیاط بالجمع بین تروک الحائض وأحکام الاستحاضة.

فتلخّص من جمیع ما ذکرنا إمکان جریان الاُصول العملیّة کلّها بحسب المقامات المختلفة.

التنبیه الثالث: فی جواز التمسّک بعموم وجوب الوفاء بالنذر وکلّ حکم آخر ثابت بعنوان ثانوی مثل وجوب إطاعة الوالد أو استحباب اجابة الأخ المؤمن ونحو ذلک فی الشبهة المصداقیة عند احتمال خروج مصداق عن العام تخصیصاً کما إذا قال مثلا: أکرم العلماء ولا تکرم الفسّاق، وشککنا فی عدالة زید العالم، أو تخصّصاً کما إذا علمنا لزوم التوضّی بالماء فیکون الماء المضاف خارجاً تخصّصاً ثمّ شککنا فی أنّ هذا الماء مطلق أو مضاف، فالنزاع لا یختصّ بصورة احتمال التخصّص کما یظهر من عبارة المحقّق الخراسانی(رحمه الله) بل یجری عند احتمال التخصیص أو التخصّص.

وکیف کان، فقد یتوهّم إمکان التمسّک بعموم الوفاء بالنذر مثلا إذا تعلّق بالتوضّی بذلک الماء أو تعلّق بإکرام زید، فیستکشف بوجوب الإتیان به صحّة المتعلّق ورجحانه فیدخل الماء المشکوک فی حکم الماء المطلق ویدخل مشکوک العدالة فی حکم معلوم العدالة، وربّما یؤیّد ذلک بما ورد من صحّة الإحرام قبل المیقات والصّیام فی السفر إذا تعلّق بهما النذر، لأنّه إذا صحّ الإحرام قبل المیقات والصّوم فی السفر بالنذر مع القطع ببطلانهما بدون النذر فصحّة الوضوء بالمائع المشکوک بالنذر مع الشکّ فی بطلانه بدون النذر بطریق أولى.

وأجاب المحقّق الخراسانی (رحمه الله) وغیره من الأعلام عن هذا بما حاصله: إنّ الحکم الثابت بالعناوین الثانویّة هل یکون مطلقاً أو یکون مقیّداً؟ فإن کان مقیّداً کما إذا کان وجوب الوفاء بالنذر مقیّداً برجحان متعلّقه، أی کان أحد الأحکام المتعلّقة بالأفعال بعناوینها الأوّلیّة مأخوذاً فی موضوع الحکم الثابت بالعناوین الثانویّة فلا یجوز التمسّک بعموم وجوب الوفاء بالنذر مثلا لأنّ الحکم لا یثبت موضوع نفسه، بل لابدّ من إحراز الموضوع قبل تعلّقه، وإن کان الحکم مطلقاً، أی کان الوفاء بالنذر مثلا واجباً مطلقاً سواء کان متعلّقه راجحاً أو کان حراماً، فحینئذ یقع التزاحم بین أدلّة المحرّمات وأدلّة الوفاء بالنذر، وتصل النوبة إلى الرجوع إلى المرجّحات، وعند عدمها یکون الحکم التخییر، وبعبارة اُخرى: إنّ التمسّک بعموم «اُوفوا» مثلا فرع إحراز رجحان المتعلّق، فلو أحرز رجحانه وصحّته بعموم «أُوفوا» لزم الدور وهذا واضح.

أقول: هیهنا نکات ینبغی الالتفات إلیها:

الاُولى: أنّه کان ینبغی أن یستشکل فی الصورة الاُولى من المسألة، أی صورة التقیید، بأنّ التمسّک بعموم اُوفوا بالنذر وکذلک التمسّک بعموم أدلّة سائر العناوین الثانویّة یکون من قبیل التمسّک بالعام فی الشبهة المصداقیّة للمخصّص فی العناوین الأوّلیّة، فابتلى المتوهّم هنا بذلک الإشکال الذی مرّ بیانه فهو کرّ على ما فرّ منه.

الثانیة: أنّه فی الصورة الثانیة وهی صورة عدم التقیید لا أقلّ من الانصراف، أی انصراف أدلّة الوفاء بالنذر إلى صورة الرجحان، ومع الغضّ عن الانصراف لا أقلّ من عدم الإطلاق والإجمال.

الثالثة: أنّ ما جاء به فی کلامه من المؤیّدین فی بابی الإحرام والصّیام یقع البحث فیهما من جهات:

الجهة الاُولى: من جهة عدم رجحان للمتعلّق فیهما.

الجهة الثانیة: من ناحیة اعتبار قصد القربة.

الجهة الثالثة: من ناحیة إرتباطهما بما نحن فیه.

أمّا الجهة الاُولى: فقد اُجیب عن الإشکال الوارد من ناحیتها بجوابین أشار إلیهما فی الجواهر والکفایة.

الجواب الأوّل: أن یکون ما دلّ على صحّتهما بالنذر مخصّصاً لما دلّ على اعتبار الرجحان فی متعلّق النذر فیعتبر فی متعلّقه الرجحان إلاّ فی هذین الموردین.

لکنّه غیر تامّ لأنّه یوجب سقوط النذر عن ماهیّته لأنّه أمر عبادی عندنا یعتبر فیه التقرّب إلى الله، ولا یعقل التقرّب بما لیس راجحاً، والحکم العقلی لا یقبل التخصیص والاستثناء کما أنّ عمومات أدلّة اعتبار الرجحان تؤیّد ذلک.

الجواب الثانی: أن یکون ما دلّ على صحّتهما بالنذر کاشفاً عن صیرورتهما راجحین بالنذر بعد ما لم یکونا راجحین ذاتاً.

إن قلت: المعتبر فی باب النذر رجحان العمل قبل تعلّق النذر.

قلت: کلاّ بل اللازم هو الرجحان حین العمل.

وأمّا الجهة الثانیة: وهی الإشکال من ناحیة قصد القربة فالجواب عنها متوقّف على الوجهین المذکورین آنفاً عند الجواب عن الإشکال فی الجهة الاُولى، فإن اخترنا الجواب الأوّل الذی ذهب إلیه صاحب الجواهر من أنّ عمومات أدلّة اعتبار الرجحان خصّصت بهذین الموردین فلا یندفع الإشکال فی ما نحن فیه ولا یتحقّق قصد القربة، ولا یکفی الأمر الناشىء من قِبَل النذر لأنّه توصّلی.

وإن اخترنا الجواب الثانی، وهو تحقّق الرجحان مقارناً لتعلّق النذر، فالإشکال یرتفع لصیرورة المتعلّق بعد تعلّق النذر راجحاً محبوباً، وهو یکفی فی التقرّب ولا حاجة إلى قصد الأمر.

أمّا الجهة الثالثة: فالإنصاف أنّه لا دخل للموردین فی ما نحن فیه لأنّهما لیسا من قبیل التمسّک بعمومات العناوین الثانویّة لإثبات الموضوع وکشف حال الفرد وإنّما ثبتا لقیام دلیل خاصّ یدلّ علیهما، ولا یحصل بهما استقراء عقلی.

التنبیه الرابع: فیما إذا دار الأمر بین التخصیص والتخصّص، وبتعبیر آخر: فیما إذا دار الأمر بین الخروج عن الموضوع والخروج عن الحکم، کما إذا علمنا بعدم وجوب إکرام زید ولکن لا نعلم أنّه عالم فیکون خروجه من عموم «أکرم العلماء» تخصیصاً أو لیس بعالم فیکون خروجه من باب التخصّص، فإن کان خروجه من باب التخصیص، کان عنوان العالم منطبقاً علیه فیترتّب علیه سائر الأحکام والآثار المترتّبة على عنوان العالم، وإن کان من باب التخصّص فلا یترتّب علیه تلک الآثار، ومثال ذلک فی الفقه کما ذکره فی المحاضرات مسألة الملاقی لماء الاستنجاء حیث إنّه غیر محکوم بالنجاسة إذا توفّرت فیه الشرائط التی ذکرت فی محلّه، فحینئذ لا محالة یدور الأمر بین أن یکون خروجه عن هذا الحکم بالتخصّص أو بالتخصیص، یعنی أنّ ما دلّ على طهارة الملاقی هل یکون مخصّصاً لعموم ما دلّ على انفعال الملاقی للماء النجس فیکون ماء الاستنجاء نجساً ویترتّب علیه سائر أحکام الشیء النجس، أو یکون خروجه منه بالتخصّص، فیکون ماء الاستنجاء طاهراً ویترتّب علیه آثار الطهارة غیر الوضوء والغسل؟

فیه خلاف بین الأصحاب، وقد اخترنا فی التعلیقة على العروة الوثقى للمحقّق الیزدی (رحمه الله)القول بالتخصیص وقلنا هناک: لعل العسر والحرج هما العلّة فی هذا الحکم ولذا نقتصر من أحکام الطهارة على ما یندفع به العسر والحرج فقط.

وکیف کان، نحتاج لإثبات التخصّص فی المقام إلى قبول أمرین:

أحدهما: جواز التمسّک بأصالة العموم (أصالة عدم التخصیص) لإثبات الموضوع أیضاً کما یجوز التمسّک بها لإثبات الحکم، مع أنّه ممنوع عندنا، فإنّا نقول: إنّها تجری لإثبات أصل الحکم فقط، وأمّا إذا کان الحکم واضحاً وشککنا فی موضوعه، أی شککنا فی کیفیة الحکم فلا یجری فیه دلیل جواز التمسّک بالعام.

ثانیهما: أن تکون مثبتات الاُصول والأمارات (وهی فی المقام أصالة عدم التخصیص) حجّة، مع أنّ المختار فیها عدم حجّیتها إلاّ فیما إذا کان المولى ناظراً إلى بیان مثبتاتها ولوازمها، فتکون اللوازم العقلیّة والعادیّة حینئذ حجّة کما فی اللوازم الشرعیّة بالنسبة إلى خصوص ذلک المورد.


1. راجع أجود التقریرات: ج 1، ص 465.
2. راجع أجود التقریرات، ج 1، ص 468 ـ 469.
3. درر الفوائد: ج1، ص187 ـ 188، من الطبع القدیم.

 

 

بقی هنا شیءالکلام فی مسألة وجوب الفحص وأنّه هل یجوز التمسّک بالعام قبل الفحص عن المخصّص أو لا؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma