ذهب المشهور إلى أنّ نتیجتها السریان والشمول فکأنّ المولى أطلق کلامه بعد أن لاحظ القیود إجمالا، ویسمّى هذا الإطلاق بالإطلاق اللحاظی، وسیأتی الفرق بینه وبین العموم إن شاء الله تعالى.
لکن خالف فی ذلک بعض الأعاظم وقال: «لا یستفاد السریان من المطلق ولو بعد جریان مقدّمات الحکمة، بل الإطلاق لیس إلاّ الإرسال عن القید وعدم دخالة القید وهو غیر السریان والشیوع» وقال فی موضع آخر من کلماته: «هذا کلّه على المختار فی باب الإطلاق من عدم کون الطبیعة مرآة للأفراد ولا وسیلة إلى لحاظ الخصوصیّات وحالاتها وعوارضها»(1)، وقد اعتمد على هذا المبنى وبنى علیه فی مسائل عدیدة، منها مبحث الترتّب المتقدّم ذکره.
أقول: إنّا نسأل: هل المولى الذی یکون فی مقام البیان ویجعل مفهوم المطلق متعلّق حکمه، یلاحظ ویتصوّر الحالات والعوارض الفردیّة وینظر إلیها أو لا؟ فإن قلتم أنّه لم یلاحظها ولو إجمالا، قلنا: بأنّ هذا خلاف معنى الإطلاق وهو عدم دخالة القید ومخالف لکون المولى فی مقام البیان حیث إن عدم جعل القید دخیلا مع کونه فی مقام البیان معناه أنّه نظر إلى القیود ولو إجمالا فلم یرها دخیلة فی مقصوده وقال «اعتق الرقبة» مثلا، وإن قلتم أنّه نظر إلیها ولاحظها ثمّ حکم بعدم دخالتها فلیس هذا إلاّ السریان وأنّ المطلق شامل لجمیع الأفراد بعد إجراء مقدّمات الحکمة.
والحاصل أنّ کون المطلق تمام المطلوب لا یمکن إلاّ بعد لحاظ سائر القیود ولو إجمالا ونفى دخالتها فإنّ هذا هو المفهوم من لفظ تمام المراد فإنّ مفهومه أنّ المطلوب هو هذا لا غیر، وهذا أمر ظاهر.