هل یجوز تخصیص عمومات الکتاب بخبر الواحد؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
الکلام فی الاستثناء المتعقّب للجمل المتعدّدةولکن هیهنا إشکالان

 

لا إشکال فی جواز تخصیصها بخبر المتواتر، إنّما الکلام فی تخصیصها بخبر الواحد.

المستفاد من کلمات صاحب الفصول أنّ المسألة ذات أقوال، خلافاً لما إدّعاه المحقّق النائینی(رحمه الله) من الإجماع على الجواز، فحکی عن جماعة إنکار الجواز مطلقاً ونقل أنّه مذهب السیّد المرتضى(رحمه الله).

إن قلت: أنّه أنکر حجّیة خبر الواحد من أصله. قلت: إنّ إنکاره هنا مبنیّ على تسلیمه لحجّیة خبر الواحد فکأنّه یقول: لو سلّم حجّیة خبر الواحد فلا یجوز تخصیص الکتاب به.

وهنا قول آخر بالجواز مطلقاً، وهو منقول عن عامّة المتأخّرین، ومنهم من فصّل بین ما إذا کان العام مخصّصاً سابقاً بدلیل قطعی وما إذا لم یکن کذلک فذهب إلى الجواز فی الأوّل دون الثانی، وهنا من توقّف فی المسألة، فظهر إلى هنا أنّ المسألة لیست إجماعیّة، نعم المتأخّرون منهم أجمعوا على الجواز.

ویستدلّ للجواز بوجهین ذکرهما فی الکفایة:

الوجه الأوّل: السیرة المستمرّة من زمن النبی والأئمّة (علیهم السلام) بل وذلک ممّا یقطع به فی زمن الصحابة والتابعین فإنّهم کثیراً ما یتمسّکون بالأخبار فی قبال عمومات الکتاب ولم ینکر ذلک علیهم.

الوجه الثانی: أنّه لولاه لزم إلغاء الخبر بالمرّة، إذ ما من خبر إلاّ وهو مخالف لعموم من الکتاب.

أقول: کلّ واحد من الوجهین قابل للجواب، أمّا السیرة فیمکن المناقشة فیها بأنّ القدر المتیقّن منها ما إذا کانت أخبار الآحاد محفوفة بالقرینة خصوصاً مع النظر إلى کثرة وجود القرائن فی عصر الحضور، ولو لم نقطع به فلا أقلّ من احتماله.

وأمّا الوجه الثانی: ففیه أنّ فی الکتاب عمومات کثیرة لم تخصّص أصلا حیث إن غالب عمومات الکتاب لیس الشارع فیها فی مقام البیان من قبیل قوله تعالى: (أَقِیمُوا الصَّلاَةَ)وهکذا قوله: (خَلَقَ لَکُمْ مَا فِی الاَْرْضِ جَمِیعاً)حیث إنّ معناه أنّ جمیع ما خلق فی الأرض یکون بنفعکم، ولیس مفاده منحصراً فی خصوص منفعة الأکل حتّى یخصّص بما ورد من أدلّة حرمة الأکل بالنسبة إلى بعض الأشیاء، وهکذا قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً) فإنّه لیس فی مقام البیان حتّى ینافیه ویخصّصه ما یدلّ على أنّ الزّکاة فی تسعة أشیاء.

والأولى فی المقام أن یستدلّ بعمومات أدلّة حجّیة خبر الواحد کبناء العقلاء ومفهوم آیة النبأ، فإنّها دلیل على العمل به ولو فی مقابل عمومات الکتاب والسنّة المتواترة.

وأمّا المانعون فاحتجّوا للمنع بوجوه:

الوجه الأوّل: أنّ الکتاب قطعی وخبر الواحد ظنّی، والظنّی لا یعارض القطعی لعدم مقاومته له فیلغى بالمرّة.

واُجیب عنه: بأنّ الدوران والتعارض یقع فی الحقیقة بین أصالة العموم فی العام الکتابی وبین دلیل حجّیة الخبر، لا دلالته، وحیث إن الخاصّ أقوى دلالة من العام، فلا شبهة فی تقدیمه علیه بعد أن ثبتت حجّیته بدلیل قطعی، وببیان آخر: أنّ الخبر بدلالته وسنده صالح عرفاً للقرینیة على التصرّف فی أصالة العموم بخلاف أصالة العموم فإنّها لا تصلح لرفع الید عن دلیل اعتبار الخبر لأنّ اعتبار أصالة العموم منوط بعدم قرینة على خلافها، والمفروض أنّ الخبر الخاصّ بدلالته وسنده یصلح لذلک، فلا مجال لأصالة العموم مع القرینة على خلافها.

هذا هو جواب المشهور عن هذا الوجه، لکن الأحسن فی مقام الجواب أن نرجع إلى ما بیّناه سابقاً فی مبحث العام والخاصّ من أنّ العمومات الواردة فی الکتاب والسنّة یجوز تخصیصها لحکمة تدریجیّة بیان الأحکام فی الشریعة المقدّسة التی جرت علیها عادة الشارع وسیرته، وفی خصوص الکتاب جرت أیضاً على بیان اُمّهات الأحکام غالباً وفوّض شرحها وبیان جزئیّاتها إلى سنّة النبی (صلى الله علیه وآله) والأئمّة (علیهم السلام)، فالقرآن حینئذ بمنزلة القانون الأساسی (فی یومنا هذا) الذی بیّنت فیه اُمّهات المسائل فقط.

الوجه الثانی: أنّ دلیل حجّیة الخبر وهو الإجماع لبّی، والمتیقّن منه هو الخبر غیر المخالف للکتاب فلا یشمل المخالف.

وجوابه واضح، وهو أنّ دلیل حجّیة خبر الواحد لیس منحصراً بالإجماع بل لها أدلّة اُخرى منها: السیرة المستمرّة لأصحاب الأئمّة (علیهم السلام) على العمل بخبر الواحد المخالف للعام الکتابی ومنها: بناء العقلاء على العمل بها مطلقاً سواء کان فی مقابله دلیل قطعی الصدور أم لا.

الوجه الثالث: أنّه لو جاز التخصیص به لجاز النسخ أیضاً، والتالی باطل اتّفاقاً فالمقدّم مثله، بیان الملازمة، أنّ النسخ نوع من التخصیص فإنّه تخصیص فی الأزمان والتخصیص المطلق أعمّ منه، فلو جاز التخصیص بخبر الواحد لکانت العلّة أولویّة تخصیص العام على إلغاء الخاصّ وهو قائم فی النسخ.

واُجیب عنه بوجهین:

الأوّ: أنّ الفارق بین النسخ والتخصیص هو الإجماع لاختصاص الإجماع على المنع بالنسخ.

الثانی: أنّ العقل یحکم بتفاوت النسخ عن التخصیص فالنسخ ممّا یتوفّر الداعی بضبطه، ولذا قلّ الخلاف فی موارده ویکون الخبر الدالّ علیه متواتراً غالباً، فلا نحتاج فی تعیین موارده إلى العمل بخبر الواحد، بخلاف التخصیص کما یشهد لذلک الإرتکاز العقلائی فإنّه إذا قام خبر الواحد تارةً على مجیء أحد الأصدقاء مثلا واُخرى على مجیء شخص عظیم معروف خلف باب المدینة أو على وقوع الزلزلة وانهدام الحرم ومنارته بها فإنّهم یقبلون خبر الواحد فی الأوّل ویرتّبون الآثار علیه دون الثانی لمکان الأهمیّة، فیستکشف من هذا أنّ طبیعة بعض الأخبار تتوفّر فیها الدواعی على نقلها وأنّها لو کانت لبانت، ولعلّ هذا هو أساس اختصاص الإجماع على المنع بالنسخ.

ولنا جواب ثالث عن هذا الوجه، وهو أنّا ننکر وجود الملازمة بین النسخ والتخصیص، فإنّ النسخ لیس تخصیصاً فی الأزمان للزوم تخصیص الأکثر حینئذ، فلو کان مقتضى إطلاق أدلّة وجوب صلاة الجمعة مثلا بقاؤه إلى یوم القیامة ولکن طرأ علیه دلیل النسخ بعد زمان قصیر فبناءً على کون النسخ تخصیصاً أزمانیاً یوجب إخراج أکثر الزمان منذ ورود النسخ إلى یوم القیامة، هذا ـ مضافاً إلى ما سیأتی من أنّه لیس للأحکام عموم أزمانی، فلیس معنى قوله «یجب الصّلاة» مثلا «یجب الصّلاة إلى یوم القیامة» بل الدوام مقتضى طبیعة القانون الشرعی حیث إن من طبعه أن یبقى ببقاء الشرع نظیر القوانین العرفیّة العقلائیّة، فلیس معنى قولک:«بعتک هذه الدار» مثلا «ملّکتک إیّاها إلى الأبد» بل البقاء هو مقتضى طبیعة قانون الملکیّة، نعم یستثنى من ذلک بعض القوانین کقانون الإجارة، فلیس مقتضى طبیعة الإجارة الدوام والاستمرار بل هو تابع لقصد المؤجر والمستأجر کما لا یخفى.

فالحقّ أنّ النسخ کالفسخ، فکما أنّ التملیک یوجد الملکیة من دون تقیّد بزمان والفسخ یرفعها بدونه أیضاً فکذلک النسخ، وسیأتی شرح هذا الکلام عند البحث عن حقیقة النسخ.

الوجه الرابع: (وهو العمدة) الأخبار الدالّة على أنّ الأخبار المخالفة للقرآن باطلة أو یجب طرحها أو غیرهما من المضامین المشابهة، وهی على طائفتین:

الاُولى: طائفة واردة فی مورد الخبرین المتعارضین وتجعل موافقة الکتاب من مرجّحات تقدّم أحد الخبرین على الآخر فی مقام المعارضة وهی خارجة عن محلّ النزاع لأنّها ـ کما صرّح به بعضهم ـ یستفاد منها أنّ حجّیة الخبر المخالف فی نفسه کان مفروغاً عنها وإنّما منع من العمل به وجود الخبر الموافق للکتاب المعارض.

والثانیة: طائفة تدلّ على أنّ ما خالف کتاب الله فهو باطل مطلقاً من دون أن یکون فی مقام المعارضة وهی کثیرة وصریحة الدلالة على طرح المخالف کما أشار إلیه فی الکفایة، ومن حیث اللحن واللسان مختلفة یمکن تقسیمها إلى ثلاث طوائف:

الاُولى: ما تدلّ على اشتراط موافقة الخبر للکتاب مثل ما رواه عبدالله بن أبی یعفور قال: «سألت أبا عبدالله (علیه السلام)عن اختلاف الحدیث یرویه من نطق به، قال: إذا ورد علیکم حدیث فوجدتم له شاهداً من کتاب الله أو من قول رسول الله (صلى الله علیه وآله)، وإلاّ فالذی جاءکم به أولى به»(1)وما رواه عبدالله بن بکیر عن رجل عن أبی جعفر (علیه السلام) فی حدیث قال: إذا جاءکم عنّا حدیث وجدتم علیه شاهداً أو شاهدین من کتاب الله فخذوا به، وإلاّ فقفوا عنده ثمّ ردّوه إلینا حتّى یستبین لکم»(2).

الثانیة: ما تدلّ على أنّ ما خالف الکتاب زخرف، نحو ما رواه أیّوب بن راشد عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال: «ما لم یوافق من الحدیث القرآن فهو زخرف»(3) وما رواه أیّوب بن الحرّ قال: سمعت أبا عبدالله (علیه السلام) یقول: «کلّ شیء مردود إلى الکتاب والسنّة وکلّ حدیث لا یوافق کتاب الله فهو زخرف»(4).

الثالثة: ما تدلّ على اشتراطهما جمیعاً وهی أربعة نشیر هنا إلى بعضها وهو ما رواه جمیل بن درّاج عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال: «الوقوف عند الشبهة خیر من الإقتحام فی الهلکة، أنّ على کلّ حقّ حقیقة وعلى کلّ صواب نوراً فما وافق کتاب الله فخذوه، وما خالف کتاب الله فدعوه»(5). وفی معناه ما رواه(6) جابر عن أبی جعفر (علیه السلام) وهشام بن الحکم عن أبی عبدالله عن النبی(صلى الله علیه وآله)(7)والسکونی عن أبی عبدالله(علیه السلام)(8).

والظاهر أنّ مقتضى الجمع بین هذه الأخبار کلّها وجوب طرح ما خالف کتاب الله ولا أقلّ من أنّه هو القدر المتیقّن منه، وهو یکفینا فی المقام فلا حاجة إلى البحث عن مدلولها واحدة بعد واحدة.

وکیف کان، فإنّ هنا صغرى وکبرى، أمّا الصغرى فهی أنّ خبر الواحد المخصّص لعموم الکتاب مخالف لکتاب الله تعالى، وأمّا الکبرى فهی «کلّ ما خالف کتاب الله فهو باطل» فتکون النتیجة أنّ خبر الواحد المخالف للکتاب باطل لا یجوز تخصیصه به.

واُجیب عن هذا الوجه بوجوه:

الوجه الأوّل: أنّ مخالفة الخاصّ مع العام لیست بمخالفة عرفاً بل یعدّ الخاصّ حینئذ بیاناً للعام وشرحاً له.

وهذا الجواب حسن بعد ملاحظة ما مرّ منّا سابقاً من أنّ سیرة الشارع وعادته العملیّة إستقرّت على البیان التدریجی للأحکام وإلاّ فمع قطع النظر عن هذه النکتة فقد عرفت أنّ ورود الخاصّ المنفصل بعد العام یعدّ عرفاً معارضاً للعام.

الوجه الثانی: سلّمنا صدق المخالفة عرفاً هنا، إلاّ أنّ المراد من المخالفة فی الأخبار الآمرة بردّ المخالف للکتاب هو غیر مخالفة العموم والخصوص مطلقاً قطعاً، وذلک للعلم بصدور أخبار کثیرة مخالفة للکتاب بالعموم والخصوص إجمالا وجریان السیرة القطعیّة وقیام الإجماع على العمل بها فی مقابل عمومات الکتاب، ولا یکون ذلک إلاّ لتخصیص المخالفة التی هی موضوع الأخبار الآمرة بطرح الخبر المخالف للکتاب بالمخالفة على نحو التباین وإخراج المخالفة بالعموم والخصوص مطلقاً عن المخالفة، إذن فالأخبار الآمرة بردّ المخالف محمولة على المخالفة على نحو التباین وإلاّ فهی آبیة عن التخصیص.

أقول: هذا الجواب أیضاً حسن إلاّ أنّه یرد علیه إشکال أورده شیخنا الأعظم الأنصاری (رحمه الله) وأجاب عنه وسیأتی بیانه.

الوجه الثالث: أنّ المراد من هذه الأخبار أنّهم لا یقولون خلاف القرآن ثبوتاً وواقعاً وأمّا خلافه إثباتاً وظاهراً ولو بنحو التباین الکلّی فضلا عن العموم والخصوص مطلقاً أو من وجه شرحاً لمرامه تعالى وبیاناً لمراده فکثیراً ما یقولون به.

ولکنّه غیر تامّ، لأنّ ظاهر الأخبار أنّ موافقة الکتاب جعلت معیاراً لصدق الخبر فی مقام الظاهر، أی بعد عرضه على ظاهر الکتاب، إذ العرض على واقعه غیر ممکن لنا. ولعلّ المحقّق الخراسانی (رحمه الله)أشار إلیه بعد بیان هذا الوجه بقوله «فافهم».


1. وسائل الشیعة: ج1، الباب9، من أبواب صفات القاضی، ح11.
2. المصدر السابق: ح18.
3. نفس المصدر: ح12.
4. وسائل الشیعة: ح 14، ج 1، الباب 9، من أبواب صفات القاضی.
5. المصدر السابق: ح35.
6. المصدر السابق: ح37.
7. وسائل الشیعة: ج18، الباب9، من أبواب صفات القاضی، ح15.
8. المصدر السابق: ح10.

 

الکلام فی الاستثناء المتعقّب للجمل المتعدّدةولکن هیهنا إشکالان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma