أمّا الطائفة الثالثة: التی تدلّ على انحصار الحجّة الشرعیّة بالنقل

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
أمّا الطائفة الثانیة: ما تدّل على غایة بعد العقول عن دین اللهالکلام فی العلم الإجمالی

فمنها: ما روی عن أمیر المؤمنین (علیه السلام): «من أخذ دینه من أفواه الرجال أزالته الرجال، ومن أخذ دینه من الکتاب والسنّة زالت الجبال ولم یزل»(1).

ومنها: ما روی عن حریز: «أنّ أبا حنیفة قال له: أنت لا تقول شیئاً إلاّ بروایة قال: أجل» فهو یدلّ على أنّ مثل حریز الذی کان من کبار أصحاب الصادق (علیه السلام)وخواصّهم لا یقول شیئاً إلاّ بروایة ولا حجّة عنده إلاّ الرّوایة(2).

والجواب عنها أیضاً هو الجواب عن الطائفتین السابقتین، فلا بدّ من ملاحظة خصوصیّات تلک الأعصار حتّى یثبت لنا أنّ مراد أبی حنیفة فی قوله «أنت لا تقول شیئاً إلاّ بروایة» عدم اعتناء حریز بالقیاس والاستحسان، حیث إنّه لا ریب فی أنّ الحریز أیضاً کان یعمل بحکم العقل فی تقدیم الأهمّ على المهمّ مثلا والتمسّک بالکذب لنجاة مؤمن لو ابتلى به، وإن لم یصدر فیه من جانب الإمام (علیه السلام)روایة، کما أنّ المراد من أخذ الدین من أفواه الرجال أیضاً لیس إلاّ أخذه من القیاسات الظنّیة والاستحسانات غیر القطعیّة.

أضف إلى ذلک ما رواه ابن أبی لیلى عن أبی عبدالله (علیه السلام) أنّه قال لأبی حنیفة: «فدع الرأی والقیاس وما قال قوم فی دین الله لیس له برهان»(3) فإنّها تشهد على أنّ مقصود هذه الطائفة من الأخذ بالروایة هو الاجتناب عن الآراء الظنّیة، حیث إنّها تعبّر عن الرأی القیاس بـ «ما لیس له برهان».

هذا کلّه فی الوجوه التی استدلّ بها الأخباریون لمرامهم.

ثمّ إنّ المحقّق النائینی (رحمه الله) أضاف إلیها وجهاً رابعاً، وحاصله: أنّا نحتمل کون حجّیة دلیل العقل من جانب الشارع مشروطاً بوساطة من جانب الأئمّة المعصومین صلوات الله علیهم، وبعبارة اُخرى: أنّ دلیل العقل یدلّ على الحکم الشأنی لا الفعلی ویصل إلى مرحلة الفعلیّة إذا اُیّد بالکتاب أو السنّة، ومجرّد وجود هذا الاحتمال یوجب بطلان الاستدلال بالأدلّة العقلیّة.

وأجاب عنه بالقول: «أنّ العقل بعد ما أدرک المصلحة الملزمة فی شیء کالکذب المنجی للنبی أو لجماعة من المؤمنین مثلا، وأدرک عدم مزاحمة شیء آخر لها، وأدرک أنّ الأحکام الشرعیّة لیست جزافیّة وإنّما هی لأجل ایصال العباد إلى المصالح وتبعیدهم عن المفاسد، کیف یعقل أن یتوقّف فی استکشاف الحکم الشرعی بوجوبه ویحتمل مدخلیة وساطتهم صلوات الله وسلامه علیهم بل لا محالة یستقلّ بحسن هذا الکذب ویحکم بمحبوبیته، والحاصل أنّ المدّعى هو تبعیّة الحکم الشرعی لما استقلّ به العقل من الحسن والقبح، وبعد الاستقلال لا یبقى مجال لهذا الاحتمال أصلا»(4).

أقول: ولذلک نعتقد بأنّ من لم یصل إلیه بلاغ من رسول فلا أقلّ من استحقاقه للعقاب على ترک ما یستقلّ به العقل، فلو قتل إنساناً عالماً عامداً کان مستحقّاً للعذاب عند الله تعالى بلا إشکال، ولا یمکن أن یقال: إنّ هذا الحکم ما لم یصل إلى هذا القاتل من ناحیة الشرع کان معذوراً فی هذا الفعل.

ثمّ إنّ الاُصولیین استدلّوا لحجّیة العقل فی قبال الأخباریین بوجوه:

الأوّل: الأخبار الواردة فی هذا المجال:

منها: ما رواه محمّد بن عبدالجبّار عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبی عبدالله(علیه السلام)قال قلت له: ما العقل؟ قال: «ما عبد به الرحمن واکتسب به الجنان»، قال: قلت فالذی کان فی معاویة؟ فقال: «تلک النکراء، تلک الشیطنة وهی شبیهة بالعقل ولیست بالعقل»(5).

ومنها: ما رواه هشام عن أبی عبدالله (علیه السلام) فی حدیث طویل: «یاهشام أنّ لله على الناس حجّتین حجّة ظاهرة وحجّة باطنة فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبیاء والأئمّة (علیهم السلام) وأمّا الباطنة فالعقول»(6).

ومنها: ما رواه إسماعیل بن مهران عن بعض رجاله عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال: «العقل دلیل المؤمن»(7).

ومنها: ما رواه محمّد بن مسلم عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: «لمّا خلق الله العقل استنطقه ثمّ قال

له: أقبل فأقبل، ثمّ قال له أدبر فأدبر، ثمّ قال: وعزّتی وجلالی ما خلقت خلقاً هو أحبّ إلیّ منک ولا أکملتک إلاّ فیمن أُحبّ، اَما أنّی إیّاک آمر وإیّاک أنهى وإیّاک اُعاقب وإیّاک اُثیب»(8).

أضف إلى ذلک لحن خطابات القرآن، حیث إنّها متوجّهة إلى اُولی الألباب وقوم یعقلون ویتفکّرون، وهذا ینافی عدم حجّیة العقل کما لا یخفى، ولا أقلّ فیها من التأیید للمراد.

الثانی: الأخبار التی استدلّ فیها الأئمّة (علیهم السلام) بوجوه عقلیّة کما یظهر لمن تتبّع فیها.

الثالث: اتّفاق الاُصولیین والأخباریین على العمل بالأدلّة العقلیّة فی کلماتهم فمن راجع کلمات الأخباریین کصاحب الحدائق یجد صدق ما ذکرناه.

الرابع: عدم الخلاف فی حجّیته فی اُصول الدین وهو یستلزم الحجّیة فی الفروع بالأولویة القطعیّة.

هذا تمام الکلام فی العلم التفصیلی.


1. وسائل الشیعة: ح22، الباب 10، من أبواب صفات القاضی.
2. المصدر السابق: ح32، الباب 11.
3. المصدر السابق: ح 33، الباب 10.
4. أجود التقریرات: ج 2، ص 40.
5. اُصول الکافی: کتاب العقل والجهل، ح 3.
6. المصدر السابق: ح 12.
7. المصدر السابق: ح 24.
8. اُصول الکافی: کتاب العقل و الجهل، ح 1.

 

أمّا الطائفة الثانیة: ما تدّل على غایة بعد العقول عن دین اللهالکلام فی العلم الإجمالی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma