وقبل الدخول فی هذا البحث لابدّ من رسم اُمور ثلاثة:
الأمر الأول: أنّ الظنّ وبتعبیر آخر: أنّ الأمارات الظنّیة لیست بحجّة ذاتاً، أی لیست الحجّیة من لوازمها الذاتیّة کما فی القطع (مع قطع النظر عمّا مرّ منّا فی مبحث القطع من أنّه لا معنى لحجّیة القطع بمعنى کونه طریقاً إلى الواقع بل هو نفس النظر إلى الواقع ومشاهدته والإحاطة به).
الأمر الثانی: أنّه یمکن التعبّد بها وجعلها حجّة.
الأمر الثالث: فی تأسیس الأصل فی المسألة، فهل الأصل فیها أنّ جمیع الأمارات الظنّیة حجّة إلاّ ما خرج بالدلیل أو العکس، أی لیس شیء منها بحجّة إلاّ ما ثبت خروجه بالدلیل؟ وبعبارة اُخرى: هل یکون إثبات الحجّیة وإقامة الدلیل علیها على عهدة المنکر للحجّیة أو على عهدة المثبت المدّعى لها؟ فإن کان الأصل هو الأوّل فلا بدّ للمنکر إقامة الدلیل وهو مدّع فی الواقع، وإن کان هو الثانی فعلى المثبت.
ولا یخفى أنّ البحث فی الأمرین الأوّلین بحث فی مقام الثبوت، وفی الأخیر بحث فی مقام الإثبات.