1 ـ دلیل حجّیة الإجکاع عند العامة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
الأمر الأوّل: فی الإجماع المحصّل2 ـ دلیل حجّیة الإجماع عند الأصحاب

وقد استدلّ العامّة على حجّیة الإجماع بالأدلّة الثلاثة: الکتاب والسنّة والعقل.

أمّا الکتاب فاستدلّوا منه بآیات عدیدة: الأهمّ منها قوله تعالى: (وَمَنْ یُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُ الْهُدَى وَیَتَّبِعْ غَیْرَ سَبِیلِ الْمُؤْمِنِینَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِیراً)(1) (الشقاق بمعنى العداوة).

تقریب دلالتها: أنّ الله تعالى جمع بین مشاقّة الرسول (صلى الله علیه وآله) واتّباع غیر سبیل المؤمنین فی الوعید، فیلزم أن یکون اتّباع غیر سبیل المؤمنین محرّماً مثل مشاقّة الرسول، وإذا حرم اتّباع غیر سبیل المؤمنین وجبّ اتّباع سبیلهم إذ لا ثالث لهما، ویلزم من اتّباع سبیلهم أن یکون الإجماع حجّة لأنّ سبیل الإنسان هو ما یختاره من القول أو الفعل أو الاعتقاد.

ولکن الإنصاف أنّ هذه الآیة لا ربط لها بمسألة الإجماع فی الأحکام الفرعیّة، بل إنّها تنهى عن معصیة الرسول وشقّ عصا المجتمع الإسلامی، وتتکلّم عن مخالفة الرسول والکفر بعد الإیمان وما یترتّب علیه من العذاب الاُخروی، فالمقصود من اتّباع غیر سبیل المؤمنین فی قوله تعالى: (وَیَتَّبِعْ غَیْرَ سَبِیلِ الْمُؤْمِنِینَ)هو مخالفة الرسول واتّباع الکفر بعد الإیمان، فإنّ سبیل المؤمنین بما هم مجتمعون على الإیمان هو الاجتماع على طاعة الرسول الذی طاعته طاعة الله تعالى.

والشاهد على ذلک اُمور:

1 ـ ما ورد فی شأن نزولها من أنّ قوماً من الأنصار من بنی ابیرق اخوة ثلاثة کانوا منافقین: بشیر وبشر ومبشّر، فنقبوا على عمّ قتادة بن النعمان، وأخرجوا طعاماً کان أعدّه لعیاله وسیفاً ودرعاً، فشکا قتادة ذلک إلى رسول الله (صلى الله علیه وآله)وفضح بنو ابیرق، فکفر بشر وارتدّ، ولحق بالمشرکین بدل أن یستغفر الله ویتوب إلیه من ذنبه فأنزل الله «ومن یشاقق ..» حیث إن اتّباع بشر غیر سبیل المؤمنین إنّما هو ارتداده ولحوقه بالمشرکین لا مخالفته لإجماع المسلمین فی حکم فرعی.

2 ـ إنّ سبیل المؤمنین فی قوله تعالى: (وَیَتَّبِعْ غَیْرَ سَبِیلِ الْمُؤْمِنِینَ)سبیلهم بما هم مجتمعون على الإیمان، فیکون المعنى، سبیل الإیمان، لأنّ تعلیق حکم بوصف مشعر بعلّیته. فالمراد من الآیة الخروج من الإیمان إلى الکفر لا المخالفة فی المسائل الفرعیّة.

3 ـ أنّ قوله تعالى: «ویتّبع ...» شرط فی الجملة، وجزاؤه قوله تعالى: «نولّه ما تولّى» ولا إشکال فی أنّ المقصود من الجزاء انّا نأخذه على ما جرى علیه من ولایة الطاغوت فوزانه وزان قوله تعالى فی ذیل آیة الکرسی: (وَالَّذِینَ کَفَرُوا أَوْلِیَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ یُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ) وقوله تعالى: (یَوْمَ نَدْعُو کُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ)(2) فلیکن المقصود من الشرط (اتّباع غیر سبیل المؤمنین) أیضاً قبول ولایة الطاغوت.

4 ـ لو لم یکن قوله تعالى: (وَیَتَّبِعْ غَیْرَ سَبِیلِ الْمُؤْمِنِینَ) عطفاً تفسیریّاً لمشاقّة الرسول، وکان المراد منه مخالفة الإجماع فی المسائل الفرعیّة، أی أمراً آخر وراء مشاقّة الرسول (صلى الله علیه وآله)فلتکن هی وحدها موجبة للدخول فی جهنّم کما أنّ مشاقّة الرسول وحدها موجبة له، ولازمه حینئذ العطف بـ «أو» مع أنّه عطف بالواو، وهو ظاهر فی مطلق الجمع، ولازمه التفسیر والتوضیح.

5 ـ قوله تعالى: (مِنْ بَعْدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُ الْهُدَى) دلیل آخر على المقصود، حیث إنّه یدلّ على أنّ الکلام فی الضلالة بعد الهدایة، فیوجب ظهور قوله: «ویتّبع ...» فی کونه تفسیراً لاتّباع الضلالة بعد تبیّن الهدایة.

فظهر من مجموع هذه القرائن والشواهد أنّ الآیة لا دخل لها بالإجماع فی الأحکام الفرعیّة، بل ناظرة إلى المسائل الاُصولیّة (اُصول الدین).

وهیهنا آیات اُخر استدلّوا بها على حجّیة الإجماع أیضاً، منها قوله تعالى: (وَکَذَلِکَ جَعَلْنَاکُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَکُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَیَکُونَ الرَّسُولُ عَلَیْکُمْ شَهِیداً)(3) بتقریب أنّ الوسط هو العدل والخیر، والعدل أو الخیر لا یصدر عنه إلاّ الحقّ، والإجماع صادر عن هذه الاُمّة العدول الخیار فلیکن حقّاً.

والجواب عنها واضح، لأنّ المراد من الوسط هو الاعتدال والسلامة من طرفی الإفراط والتفریط، ولا إشکال فی أنّ هذه الاُمّة بالنسبة إلى أهل الکتاب والمشرکین على هذا الوصف فإنّ بعضهم وهم المشرکون والوثنیّون مالوا إلى تقویة جانب الجسم محضاً لا یریدون إلاّ الحیاة الدنیا، وبعضهم کالنصارى اهتمّوا بتقویة جانب الروح لا یدعون إلاّ الرهبانیّة، لکن الله سبحانه جعل هذه الاُمّة وسطاً وجعل لهم دیناً یهدی إلى وسط الطرفین لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، کما یهدی إلى أنّه لا تعطیل ولا تشبیه ولا جبر ولا تفویض.

ومعنى «شهداء على الناس» أنّ هذه الاُمّة لکونها وسطاً یمکن لها أن تکون شهیدة على سائر الاُمم الواقعة فی طرفی الإفراط والتفریط، واُسوة ومثالا لهم یقاس ویوزن بها کلّ من الطرفین، کما أنّ النبی (صلى الله علیه وآله) هو الاُسوة والمثال الأکمل لهذا الاُمّة ومیزان یوزن به حال الآحاد من الاُمّة.

فإذا کان هذا هو معنى الآیة فلا ربط لها بمسألة الإجماع فی الأحکام الفرعیّة کما هو ظاهر، مضافاً إلى أنّ الاُمّة عام إفرادی یشمل آحاد الاُمّة فیکون کلّ واحد من الاُمّة شاهداً وشهیداً، ولازم هذا الاستدلال حینئذ أن یکون کلّ فرد من أفراد الاُمّة معصوماً عن الخطأ، وهو کما ترى.

ولو سلّم کونها عاماً مجموعیاً، أی کان النظر إلى الاُمّة من حیث إنّها اُمّة فغایة ما تقتضیه الآیة هی إثبات العدالة لها لا العصمة، والذی ینفع فی المقام إنّما هو إثبات العصمة لا العدالة لتتمّ کاشفیتها عن الواقع.

ومنها قوله تعالى: (کُنْتُمْ خَیْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنکَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْکِتَابِ لَکَانَ خَیْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَکْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ)(4).

بتقریب أنّ الله تعالى وصف الاُمّة فی هذه الآیة بأنّها خیر الاُمّة وأنّها تأمر بالمعروف وتنهی عن المنکر، فلا یجوز أن یقع منها الخطأ، لأنّ ذلک یخرجها عن کونها خیاراً ویخرجها عن کونها آمرة بالمعروف وناهیّة عن المنکر.

وفیه: أنّه لا ملازمة بین عدم جواز وقوع الخطأ وبین کونهم خیاراً، لأنّ الخیار قد یقع منهم الخطأ وإن کانوا معذورین، کما هو الشأن فی غیر المعصومین من العدول فإنّه یقال: إنّ الشیخ الأعظم الأنصاری(رحمه الله) مثلا من الخیار أو أنّ أبا ذر(رضی الله عنه)کان من خیار الاُمّة مع عدم کونهما معصومین.

ومنها قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِیعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا)(5) بتقریب أنّ الإجماع حبل الله فیجب الاعتصام به ولا یجوز التفرّق عنه.

وفیه أوّلا: أنّ الآیة تأمر بإیجاد الاتّحاد بین المسلمین، والاتّحاد شیء وقبول کلّ رأی وعقیدة تعبّداً شیء آخر، ولا ملازمة بینهما.

ثانیاً: دلالة الآیة على المدّعى موقوفة على أن یکون الإجماع مصداقاً لمفهوم حبل الله، مع أنّ من الواضح أنّ الحکم لا یثبت موضوعه، بل تدلّ على لزوم الاعتصام بحبل ثبت کونه حبل الله تعالى بدلیل آخر.

هذا کلّه من ناحیة استدلالهم بالکتاب وقد عرفت أنّها تکلّفات بعیدة وتشبّثات واهیّة.

وأمّا السنّة: فاستدلّوا منها بحدیث نبوی نقل بطرق مختلفة على مضامین متفاوتة، فنقل من طریق عمر وابن مسعود وأبی سعید الخدری وأنس بن مالک وابن عمر وأبی هریرة وحذیفة بن الیمان وغیرهم(6).

ففی سنن ابن ماجة(7): حدّثنی أبو خلف الأعمى قال: سمعت أنس بن مالک یقول: سمعت رسول الله (صلى الله علیه وآله) یقول: «إنّ اُمّتی لا تجتمع على ضلالة فإذا رأیتم اختلافاً فعلیکم بالسواد الأعظم» وفی نقل آخر: «لم یکن الله لیجمع اُمّتی على الضلالة» وفی ثالث: «سألت الله أن لا یجمع اُمّتی على الضلالة فأعطانیها» وفی رابع: «لا تزال طائفة من اُمّتی على الحقّ ظاهرین لا یضرّهم من خالفهم» (وفی تعبیر آخر: لا یضرّهم خلاف من خالفهم).

وقد نوقش فیه: تارةً من ناحیة السند، واُخرى من ناحیة الدلالة، أمّا السند فقد ناقش فیه أهل السنّة أنفسهم، منهم بعض شرّاح سنن ابن ماجة فإنّه قال فی ذیل هذا الحدیث: «وفی إسناده ابو خلف الاعمى واسمه حازم ابن عطاء وهو ضعیف، وقد جاء الحدیث بطرق فی کلّها نظر».

أمّا الدلالة فلو کان فی التعبیر الوارد فی الحدیث کلمة «خطأ» کما هو المعروف فی الألسنة أی کان الحدیث هکذا: لا تجتمع اُمّتی على خطأ، فلا إشکال فی دلالته لکن لم یرد الحدیث بهذا التعبیر فی الجوامع الموجودة، بل التعبیرات منحصرة فیما نقلناه(8)، وحینئذ لقائل أن یقول: إنّ التعبیر بالضلالة الموجود فیها ظاهرة فی الضلالة فی اُصول الدین لأنّ هذا هو المتبادر من الضلالة، فلا یثبت بها حجّیة الإجماع فی الأحکام الفرعیّة، هذا أوّلا.

وثانیاً: سلّمنا الإطلاق وصحّة السند إلاّ أنّ متعلّق الضلالة فیها هو لفظ الاُمّة، فیکون المفاد حینئذ أنّ جمیع المسلمین لا یجتمعون على باطل (لأنّ الظاهر من الاُمّة هو تمام الاُمّة) وهذا لا یفید إلاّ من یقول بأنّ إجماع الاُمّة حجّة، أمّا سائر الأقوال کإجماع العلماء أو إجماع أهل الحرمین أو الصحابة أو أهل المدینة وغیرها من الأقوال، فإنّ هذا الحدیث لا یصلح لإثباتها، فالذی یثبت به إنّما هو حجّیة إجماع الاُمّة وهذا ممّا لا بأس بالالتزام به عند الإمامیّة أیضاً لاعتقادهم بوجود المعصوم (علیه السلام) فی الاُمّة فی کلّ زمان، فلعلّ جعل الحجّیة من ناحیة النبی(صلى الله علیه وآله)لاشتمالها على المعصوم (علیه السلام) لا من حیث هی هی، ولا یخفى أنّ هذا الجواب یجری حتّى لو کان فی متن الحدیث کلمة «الخطأ» لا الضلالة.

وعلى کلّ، هذه الرّوایة لا تصدق فیما إذا خالفت طائفة من الاُمّة فتنحصر طبعاً فی خصوص الضروریات، وإذن یکون مفادها مقبولا معقولا بل یمکن تأییدها بدلیل العقل لأنّ الخطأ فی ما ثبتت ضرورته من الدین محال عادة.

وأما قوله (صلى الله علیه وآله) فی ذیل النقل الأوّل: «فعلیکم بالسواد الأعظم» فقد ورد مثل هذا التعبیر فی نهج البلاغة فی کلام الإمام أمیر المؤمنین (علیه السلام) حیث قال: «والزموا السواد الأعظم فإنّ ید الله مع الجماعة وإیّاکم والفُرقة فإنّ الشاذّ من الناس للشیطان کما أنّ الشاذّ من الغنم للذئب»(9).

والإنصاف أنّه لا ربط له بمسألة الإجماع فی الفروع بل هذا الذیل بقرینة صدره وهو: «لا تجتمع على ضلالة» منصرف إلى الاُصول کما مرّ.

کما أنّ ذیل ما نقلناه من کلام أمیر المؤمنین (علیه السلام) وهو: «إیّاکم والفُرقة فإنّ الشاذّ من الناس للشیطان» شاهد على أنّ المقصود من صدره أیضاً المسائل الاعتقادیّة ولا ربط له بالفروع لأنّه لا إشکال ولا خلاف فی أنّه لو خالف بعض الفقهاء بعضاً فی بعض الفروع الدینیّة لم یکن فیه محذور ولیست هذه الفرقة مذمومة ناشئة من الشیطان، وکم له من نظیر فی المباحث الفقهیّة.

هذا کلّه بالنسبة إلى دلیل السنّة.


1. سورة النساء: الآیة 115.
2. سورة الإسراء: الآیة71.
3. سورة البقرة: الآیة143.
4. سورة آل عمران: الآیة110.
5. سورة آل عمران: الآیة103.
6. راجع الاُصول العامّة للفقه المقارن: ص261.
7. سنن ابن ماجة: ج2، ح 1303.
8. نعم فی شرح ابن أبی الحدید: ج8، الخطبة128، ص122: «قوله (علیه السلام): والزموا السواد الأعظم» وهو الجماعة وقد جاء فی الخبر من رسول الله (صلى الله علیه وآله) هذه اللفظة التی ذکرها (علیه السلام) وهی: «ید الله على الجماعة لا یبالی بشذوذ من شذّ» وجاء فی معناها کثیر نحو قوله(علیه السلام): «الشیطان مع الواحد وهو من الاثنین أبعد» وقوله: «لا تجتمع اُمّتی على خطأ» وقوله: «سألت الله ألاّ تجتمع اُمّتی على خطأ فأعطانیها» وقوله: «لم یکن الله لیجمع اُمّتی على ضلالة ولا خطأ».
9. نهج البلاغة: صبحی الصالح، خ 127.

 

الأمر الأوّل: فی الإجماع المحصّل2 ـ دلیل حجّیة الإجماع عند الأصحاب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma