الکلام فی الاستثناء المتعقّب للجمل المتعدّدة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
الکلام فی تخصیص العام بالمفهومهل یجوز تخصیص عمومات الکتاب بخبر الواحد؟

 

فهل هو ظاهر فی الرجوع إلى الجمیع، أو إلى خصوص الأخیرة، أو لا ظهور له أصلا بل یصیر الکلام مجملا ولابدّ فی التعیین من قرینة، مثل قوله تعالى: (وَالَّذِینَ یَرْمُونَ الُْمحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ یَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِینَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِکَ هُمْ الْفَاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِینَ تَابُوا)(1) فهل الاستثناء بقوله «إلاّ الذین تابوا» یرجع إلى جمیع الأحکام الثلاثة، أی الجلد بثمانین جلدة، وعدم قبول الشهادة أبداً، والفسق، فتکون النتیجة حینئذ رفع جمیعها بالتوبة، أو یرجع إلى خصوص الأخیر فیرفع به خصوص الفسق، أو الکلام مجمل؟ أقوال، فقیل بظهوره فی الرجوع إلى الکلّ، وقیل بظهوره فی الرجوع إلى خصوص الأخیرة، وقیل بالإجمال مع کون القدر المتیقّن هو الأخیر، وقیل بما یأتی من التفصیل.

ولنقدّم قبل الورود فی بیان الأقوال أمرین:

الأمر الأوّل: قال بعضهم بإستحالة الرجوع إلى الجمیع ثبوتاً فلا تصل النوبة إلى البحث عن الوقوع فی مقام الإثبات واستدلّ له بوجهین:

أحدهما: أنّ کلمة «إلاّ» من الحروف، وقد قرّر فی محلّه أنّ الموضوع فیها جزئی حقیقی، وهو یلزم دلالة کلمة «إلاّ» على إخراج واحد لا إخراجات عدیدة، ولازمه الرجوع إلى الأخیرة.

ثانیهما: سلّمنا عدم کون الموضوع له فی الحروف جزئیاً حقیقیاً لکنّه لا إشکال فی أنّ المعنى الحرفی آلیّ وفان فی غیره، فلا یلحظ مستقلا بل لابدّ من لحاظه فانیاً فی غیره، وحینئذ یتعیّن رجوع کلمة الاستثناء إلى الأخیرة لأنّه لا یتصوّر فناء شیء واحد فی شیئین.

وکلا الأمرین غیر تامّ، أمّا الأوّل فلما مرّ من أنّ الموضوع له فی الحروف کلّی دائماً أو غالباً، ولو سلّمنا کونه جزئیاً لکن الإخراج فی ما نحن فیه لیس متعدّداً بل هو واحد وإنّما المخرج متعدّد، وهذا نظیر إنشاء المعانی المتعدّدة بصیغة واحدة نحو «بعت هذا الدار بالف تومان وذاک بالفین وذاک بآلاف».

وأمّا الثانی: فلأنّه أوّلا: یمکن لحاظ معان متعدّدة بصورة وحدانیة وتصوّرها بنحو جمعی ثمّ إفناء معنى الحرف فی جمیعها، کما إذا قیل: «سِرْ من البصرة أو الکوفة وإلى بغداد وإلى عبّادان» فیلحظ معنى الابتدائیّة لکلمة «من» فانیاً فی جمیع الأمکنة المذکورة فی المثال بلحاظ واحد.

ثانیاً: یمکن کون اللحاظات متعدّدة واستعمال اللفظ فی أکثر من معنى، لما مرّ کراراً من عدم اعتبار آن حقیقی فی اللحاظ، ولا دلیل على أنّ اللحاظات آنات حقیقیّة، بل یمکن احضار معان متعدّدة کسبعین معنى للفظ «عین» مثلا فی الذهن متوالیّة واحداً بعد واحد ثمّ استعمال لفظ العین فی الجمیع، ولذلک ذهبنا إلى جواز استعمال اللفظ فی أکثر من معنى، هذا کلّه فی الأمر الأوّل.

الأمر الثانی: أنّه لو قلنا بالإجمال وأنّ الاستثناء المتعقّب لجمل متعدّدة لا یکون ظاهراً فی الرجوع إلى الجمیع ولا فی الرجوع إلى خصوص الأخیرة بعد صلوحه لکلّ منهما وإن کان الرجوع إلى الأخیرة متیقّناً معلوماً فهل یسقط العمومات غیر الأخیرة عن الحجّیة أو لا؟

قال المحقّق الخراسانی (رحمه الله): إنّها ساقطة عن الحجّیة، فلا یکون ما سوى الأخیرة ظاهراً فی العموم لاکتنافه بما یصلح للرجوع إلیه، فلا بدّ فی محلّ الشکّ من الرجوع إلى الأصل العملی. ففی مثال «أکرم العلماء إلاّ الفسّاق والمخالفین منهم» نرجع فی مشکوک الفسق والمخالفة إلى أصل البراءة.

وقال المحقّق النائینی (رحمه الله): بعدم سقوطها عن الحجّیه بل «یحتاج تخصیص الجمل السابقة على الجملة الأخیرة إلى دلیل آخر مفقود على الفرض، وأمّا توهّم کون المقام من قبیل اکتناف الکلام بما یصلح للقرینیة فهو غیر صحیح، لأنّ المولى لو أراد تخصیص الجمیع ومع ذلک اکتفى فی مقام البیان بذکر استثناء واحد مع تکرار عقد الوضع فی الجملة الأخیرة لکان مخلا ببیانه»(2).

أقول: الظاهر أنّ الحقّ مع المحقّق الخراسانی (رحمه الله)، لأنّ عدم صحّة اکتفاء المولى فی بیان مقصوده بالاستثناء المجمل لکونه مخلا ببیانه یختصّ بما إذا لم یکن نفس الإجمال مقصوداً، وإلاّ فلا إشکال فی الصحّة، وهذا نظیر الاستثناء بکلمة «بعض»، فإذا قال: «أکرم العلماء إلاّ بعضهم» مع عدم کون الإجمال مقصوداً فقد أخلّ بمقصوده وأمّا إذا کان المقصود هو نفس بیان الحکم مجملا فلا إشکال حینئذ فی صحّة الاکتفاء بکلمة «بعض»، ولا یخفى أنّ للشارع المقدّس أحکاماً یکون المقام فیها مقام الإجمال والإبهام، وذلک لمصالح تقتضیه، منها عدم انسداد أبواب بیوت أهل البیت (علیهم السلام) کما صرّح به المحقّق القمی (رحمه الله) فی کتابه جامع الشتات فی جواب من سأل عن وجه ورود المتشابه فی القرآن الکریم.

إذا عرفت هذا فلنشرع فی أصل البحث والأقوال الواردة فیه...

فنقول: أمّا التفصیل الذی وعدنا نقله فهو ما ذهب إلیه المحقّق النائینی (رحمه الله)وإلیک نصّ کلامه: «والتحقیق فی ذلک هو التفصیل بأن یقال إنّ من الواضح أنّه لابدّ من رجوع الاستثناء إلى عقد الوضع لا محالة، وعلیه فإمّا أن یکون عقد الوضع مکرّراً فی الجملة الأخیرة کما فی مثل الآیة المبارکة، أو لا یکون کذلک، بل یختصّ ذکر عقد الوضع بصدر الکلام کما إذا قیل أکرم العلماء وأضفهم وأطعمهم إلاّ فسّاقهم، أمّا القسم الثانی أعنی به ما لا یکون عقد الوضع مذکوراً فیه إلاّ فی صدر الکلام فلا مناصّ فیه عن الالتزام برجوعه إلى الجمیع، لأنّ المفروض أنّ عقد الوضع فیه لم یذکر إلاّ فی صدر الکلام، وقد عرفت أنّه لابدّ من رجوع الاستثناء إلى عقد الوضع فلا بدّ من رجوعه إلى الجمیع، وأمّا کون العطف فی قوّة التکرار فهو وإن کان صحیحاً إلاّ أنّه لا یوجب وجود عقد وضع آخر فی الکلام لیکون صالحاً لرجوع الاستثناء إلیه، وأمّا القسم الأوّل أعنی به ما یکون عقد الوضع فیه مکرّراً فالظاهر فیه هو رجوع الاستثناء إلى خصوص الجملة الأخیرة لأنّ تکرار عقد الوضع فی الجملة الأخیرة مستقلا یوجب أخذ الاستثناء محلّه من الکلام فیحتاج تخصیص الجمل السابقة على الجملة الأخیرة إلى دلیل آخر مفقود على الفرض»(3).

وقال فی حاشیة الأجود: «الصحیح فی تقریب التفصیل فی المقام أن یقال: إنّ تعدّد الجمل المتعقّبة بالاستثناء إمّا أن یکون بتعدّد خصوص موضوعاتها أو بتعدّد خصوص محمولاتها أو بتعدّد کلیهما، وعلى الأوّلین فإمّا أن یتکرّر ما بتعدّده تعدّد القضیّة فی الکلام أو لا یتکرّر فیه ذلک، فالأقسام خمسة، أمّا القسم الأوّل، أعنی به ما تعدّدت فیه القضیّة بتعدّد موضوعاتها ولم یتکرّر فیه عقد الحمل کما إذا قیل: «أکرم العلماء والأشراف والشیوخ إلاّ الفسّاق منهم» فالظاهر فیه رجوع الاستثناء إلى الجمیع، لأنّ القضیّة فی مثل ذلک وإن کانت متعدّدة صورة إلاّ أنّها فی حکم قضیة واحدة قد حکم فیها بوجوب إکرام کلّ فرد من الطوائف الثلاث إلاّ الفسّاق منهم، فکأنّه قیل: أکرم کلّ واحد من هذه الطوائف إلاّ من کان منهم فاسقاً، وأمّا القسم الثانی، أعنی به ما تعدّدت فیه القضیّة بتعدّد موضوعاتها مع تکرّر عقد الحمل فیه کما إذا قیل: «أکرم العلماء والأشراف وأکرم الشیوخ إلاّ الفسّاق منهم» فالظاهر فیه رجوع الاستثناء إلى خصوص الجملة المتکرّر فیها عقد الحمل وما بعدها من الجمل لو کانت لأنّ تکرار عقد الحمل فی الکلام قرینة على قطع الکلام عمّا قبله، وبذلک یأخذ الاستثناء محلّه من الکلام، فیحتاج تخصیص الجمل السابقة على الجملة المتکرّر فیه عقد الحمل إلى دلیل آخر مفقود على الفرض، وأمّا القسم الثالث والرابع، أعنی بهما ما تعدّدت فیه القضیّة بخصوص تعدّد محمولاتها مع تکرّر عقد الوضع فی أحدهما وعدم تکرّره فی الآخر فیظهر الحال فیهما ممّا اُفید فی المتن، وأمّا القسم الخامس، أعنی به ما تعدّدت القضیّة فیه بکلّ من الموضوع والمحمول کما إذا قیل: «أکرم العلماء وجالس الأشراف إلاّ الفسّاق منهم» فالظاهر فیه رجوع الاستثناء إلى خصوص الأخیرة ویظهر الوجه فیه ممّا تقدّم»(4).

أقول: یرد علیه:

أوّلا: أنّ المتّبع فی باب الألفاظ هو الظهور العرفی، وهو یختلف باختلاف المقامات ولا یقبل الاستدلال المنطقی، وحینئذ لو قامت قرینة أوجبت ظهور الکلام فی الرجوع إلى الجمیع أو إلى الأخیرة فهو (سواء تکرّر عقد الحمل أو لم یتکرّر) وإلاّ فیصیر الکلام مجملا مبهماً یؤخذ بالقدر المتیقّن وهو الرجوع إلى الأخیرة.

وثانیاً: أنّ المحقّق النائینی (رحمه الله) وتلمیذه المحقّق المقرّر له کلاهما اتّفقا على ظهور العمومات غیر الأخیرة فی عمومها فیما إذا رجع الاستثناء إلى الأخیرة وأنّها لیست مکتنفة بما یصلح للقرینیة حتّى تصیر مجملة، وذلک لتوهّم أنّ الإجمال یستلزم الإخلال بالمقصود، مع أنّه (کما مرّ) قد یکون المقصود نفس الإجمال والإهمال، وکلمة الاستثناء فی الأمثلة المذکورة إن لم تکن کافیّة لبیان تمام المقصود تکفی للإجمال.

وقد یقال: إنّ هذا (التفصیل المزبور) خلط حقیقة بین أداة الاستثناء التوصیفی وأداة الاستثناء غیر التوصیفی ففی القسم الأوّل فحیث أنّه لا یجوز التوصیف للضمیر المتّصل یرجع الوصف فی مثل «أکرم العلماء وأضفهم إلاّ الفسّاق منهم» أی الشقّ الثانی من التفصیل إلى الجملة الاُولى، أی یصیر الوصف وصفاً للعلماء فی المثال، فیخصّص به حکم الإکرام وبتبعه یخصّص أیضاً ما بعده وهو حکم الضیافة فی المثال، وأمّا فی القسم الثانی أی الاستثناء غیر التوصیفی فیمکن رجوعه إلى الأخیرة کما یمکن رجوعه إلى الجمیع ونسبته بالنسبة إلى کلّ واحد منهما سواء ولیس ظاهراً فی خصوص أحدهما حتّى یصیر الکلام مجملا، هذا کلّه فی الشقّ الثانی من التفصیل، وأمّا الشقّ الأوّل، أی ما إذا تکرّر عقد الوضع فادّعاء الظهور فی الرجوع إلى الأخیرة مصادرة ودعوى بلا دلیل.

أقول: کلامه فی کلا شقّی التفصیل صحیح ومقبول، ولکن الإشکال إنّما هو فی أنّ الأمثلة المذکورة فی ما نحن فیه ظاهر جمیعها الاستثناء غیر التوصیفی لأنّ ظاهرها الاستثناء عن الحکم لا الموضوع، فلا معنى لکونه وصفاً حینئذ، بل الاستثناء التوصیفی لا یأتی إلاّ فی موارد خاصّة کباب الأعداد نحو (فَلَبِثَ فِیهِمْ أَلْفَ سَنَة إِلاَّ خَمْسِینَ عَاماً)(5)، وبالجملة المتبادر من الاستثناء (إلاّ فی بعض الموارد) هو الاستثناء عن الحکم، وظاهره حینئذ عدم الوصف نحو «أکرم العلماء إلاّ الفسّاق» فلیس الظاهر منه «أکرم العلماء المتّصفین بأنّهم غیر الفسّاق».

ثمّ إنّه ینبغی هنا أن نشیر إلى نکتة وهی أنّ محلّ النزاع فی ما نحن فیه ما إذا لم ـ توجد فی البین قرینة مع أنّ المثال المعروف وهو آیة القذف المذکورة فی صدر المسألة لیس خالیاً عنها، وهی أنّ المشهور على قبول شهادة القاذف إذا تاب بل لعلّه إجماعی کما ذکره الفاضل المقداد حیث قال: «وإن تاب قبلت شهادته عندنا وعند الشافعی، وهو قول أکثر التابعین، وقال أبو حنیفة لا یقبل شهادته أبداً»(6) ویدلّ علیه أیضاً روایات: منها ما جاء فی خبر قاسم بن سلیمان عن أبی عبدالله (علیه السلام) «... وبئس ما قالوا کان أبی یقول إذا تاب ولم یعلم منه إلاّ خیر جازت شهادته»(7). فهذه قرینة خارجیّة تقتضی رجوع الاستثناء إلى الجمیع، وفی الآیة قرینة اُخرى داخلیة تقتضی الرجوع إلى الجمیع أیضاً حیث إن مقتضى الرجوع إلى الأخیرة عدالة القاذف إذا تاب ومقتضى المناسبة بین الحکم والموضوع والفهم العرفی قبول شهادته حینئذ.

إن قلت: إنّه ینافی ذیل الآیة، أی قوله: «ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً».

قلت: إنّ کلمة «أبداً» بمنزلة عام یکون ظاهراً فی الدوام ولیس نصّاً فیه، ولذا لا إشکال فی تخصیصه کما ورد فی آیات من القرآن الکریم نحو قوله تعالى: (خَالِدِینَ فِیهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالاَْرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّکَ)(8).


1. سورة النور: الآیة4.
2. أجود التقریرات: ج1، ص497.
3. أجود التقریرات: ج 1، ص 497.
4. أجود التقریرات: ج 1، ص 497.
5. سورة العنکبوت: الآیة14.
6. کنز العرفان: ج2، کتاب الحدود حدّ القذف.
7. الوسائل: ج18، الباب36، من أبواب الشهادات، ح2.
8. سورة هود: الآیة107.

 

 

الکلام فی تخصیص العام بالمفهومهل یجوز تخصیص عمومات الکتاب بخبر الواحد؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma