3 ـ الکلام فی مفهوم الغایة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
2 ـ الکلام فی مفهوم الوصف4 ـ الکلام فی مفهوم الحصر

والأولى أن نعبّر عن العنوان بمفهوم أداة الغایة، لأنّ المفهوم على فرض ثبوته یکون مدلول أداة الغایة لا نفسها.

وکیف کان، فإنّ للبحث هنا جهتین:

جهة مفهومیّة، وهی البحث فی أنّ الغایة سواء کانت داخلة فی المغیّى أم خارجة عنه هل تدلّ مفهوماً على ارتفاع الحکم عمّا بعد الغایة (بناءً على دخولها فی المغیّى) أو عن نفس الغایة وبعدها (بناءً على خروجها عن المغیّى) أو لا؟

وجهة منطوقیة، وهی البحث فی نفس الغایة وأنّها هل هی داخلة فی المغیّى بحسب الحکم أو خارجة عنه؟

أمّا الجهة الاُولى فالمشهور دلالة الأداة على المفهوم، ولعلّه أشهر من مفهوم الشرط، ولکن ذهب السیّد المرتضى (رحمه الله) ومن تبعه إلى عدمه مطلقاً، وهنا قول ثالث ذکره الأعلام ببیانات مختلفة:

الأوّل: ما أفاده المحقّق الخراسانی(رحمه الله)، وحاصله التفصیل بین أن تکون الغایة قیداً للحکم وبین أن تکون قیداً للموضوع فعلى الأوّل تدلّ على الارتفاع عند حصولها لانسباق ذلک منها ـ أوّلا ـ وإنّه مقتضى تقییده بها بحیث لو لم تدلّ على الارتفاع لما کان ما جعل غایة له بغایة ـ ثانیاً ـ مثل قوله (علیه السلام) «کلّ شیء حلال حتّى تعرف إنّه حرام» فإنّه ظاهر فی أنّ الحلّیة محدودة بالعلم بالحرمة بحیث إذا حصل العلم بالحرمة لا یبقى موقع للحکم بالحلّیة فإنّه تناقض بحت، بخلاف ما إذا کانت قیداً للموضوع مثل «سر من البصرة إلى الکوفة» فإنّه لا یدلّ على أزید من أنّ تحدیده بذلک إنّما یکون بملاحظة تضییق دائرة موضوع الحکم الشخصی المذکور فی القضیّة، والدلالة على أزید من ذلک تحتاج إلى إقامة دلیل من ثبوت الوضع لذلک أو ثبوت قرینة ملازمة لذلک، لا یقال: على هذا فما هی الفائدة فی هذا التحدید؟ لأنّا نقول: الفائدة غیر منحصرة فی الدلالة على الارتفاع کما مرّ فی الوصف. (انتهى).

الثانی: ما أفاده المحقّق النائینی (رحمه الله)، فإنّه بعد أن وافق تفصیل المحقّق الخراسانی(رحمه الله)المزبور ثبوتاً قال بالنسبة إلى مقام الإثبات: «الأدوات الموضوعة للدلالة على کون مدخولها غایة بما إنّها لم توضع لخصوص تقیید المفاهیم الإفرادیّة کالوصف، ولا لخصوص تقیید الجمل الترکیبیة کأدوات الشرط تکون بحسب الوضع أمراً متوسّطاً بین الوصف وأدوات الشرط فی الدلالة على المفهوم وعدمها، فهی بحسب الوضع لا تکون ظاهرة فی المفهوم فی جمیع الموارد، ولا غیر ظاهرة فیه فی جمیعها، لکنّها بحسب التراکیب الکلامیّة لابدّ أن تتعلّق بشیء، والمتعلّق لها هو الفعل المذکور فی الکلام لا محالة، فتکون حینئذ ظاهرة فی کونها من قیود الجملة لا من قیود المفهوم الإفرادی فتلحق بأدوات الشرط من هذه الجهة فتکون ظاهرة فی المفهوم، نعم فیما إذا قامت قرینة على دخول الغایة فی حکم المغیّى کما فی «سر من البصرة إلى الکوفة» کان ظهور القید فی نفسه فی رجوعه إلى الجملة معارضاً بظهور کونه قیداً للمعنى الإفرادی من جهة مناسبة ذلک لدخول الغایة فی حکم المغیّى، فیکون الظهوران متصادمین، فإن کان أحدهما أظهر من الآخر قدّم ذلک، وإلاّ لم ینعقد للکلام ظهور أصلا»(1).

الثالث: ما أفاده بعض الأعلام فی محاضراته وحاصله: إنّ الغایة إذا کانت قیداً للمتعلّق (کقوله تعالى: (أَتِمُّوا الصِّیَامَ إِلَى اللَّیْلِ)) أو الموضوع (کما فی مثل قوله تعالى: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)) فحالها حال الوصف فلا تدلّ على المفهوم، وإذا کانت قیداً للحکم (کقوله (علیه السلام): کلّ شیء لک حلال حتّى تعلم أنّه حرام) فحالها فی مقام الثبوت حال القضیّة الشرطیّة، بل لا یبعد کونها أقوى دلالة منها على المفهوم، ضرورة أنّه لو لم یدلّ على المفهوم لزم من فرض وجود الغایة عدمه، یعنی ما فرض غایة له لیس بغایة وهذا خلف، فظهر أنّ دلالة الغایة على المفهوم ترتکز على ظهور القضیّة فی رجوعها إلى الحکم(2).

الرابع: ما أفاده المحقّق العراقی (رحمه الله) وحاصله: أنّ الذی یسهّل الخطب هو ظهور القضایا الغائیّة کلّیة فی نفسها فی رجوع الغایة فیها إلى النسبة الحکمیّة، وأنّ وجوب إکرام زید فی قوله:

«أکرم زیداً إلى أن یقدم الحاج» هو المغیّى بالغایة التی هی قدوم الحاج، وعلیه فلا جرم تکون القضیّة دالّة على انتفاء سنخ وجوب الإکرام عن زید عند الغایة، من جهة أنّ احتمال ثبوت شخص وجوب آخر له فیما بعد الغایة ممّا یدفعه قضیة الإطلاق المثبت لانحصاره فی ذلک الفرد من الطلب الشخصی، نعم لو کانت الغایة فی القضیّة راجعة إلى خصوص الموضوع أو المحمول (لا إلى النسبة الحکمیّة) لکان للمنع عن الدلالة على ارتفاع سنخ الحکم عمّا بعد الغایة کمال مجال(3).

أقول: لا یخفى أنّ مرجع أکثر هذه البیانات إلى أنّ القید إن کان قیداً للحکم یدلّ على المفهوم، وإن لم یکن قیداً للحکم لا یدلّ على المفهوم، مع أنّه قد مرّ أنّ القید فی جمیع الموارد یرجع إلى الحکم إلاّ أنّه تارةً یرجع إلیه بلا واسطة، واُخرى یرجع إلیه مع الواسطة (وهی الموضوع أو المتعلّق).

هذا ـ مضافاً إلى أنّ أداة الغایة إنّما هی من أداة الجرّ، ولا إشکال فی أنّ الجار والمجرور متعلّق بالفعل دائماً کما قرّر فی محلّه، وبهذا اللحاظ تکون الغایة قیداً للحکم بلا واسطة فی جمیع الموارد ولو قلنا بأنّ الوصف قد یکون قیداً للموضوع.

وأمّا ما أفاده المحقّق النائینی(رحمه الله) من أنّ قید «إلى الکوفة» فی قولک «سر من البصرة إلى الکوفة» قید للموضوع (أی المفهوم الافرادی على تعبیره) وهو السیر، من باب أنّ الغایة وهی الکوفة فی هذا المثال داخلة فی المغیّى ـ فهو فی غیر محلّه، لأنّ مرجع جمیع القیود هو الفعل وإن کانت راجعة ابتداءً إلى الموضوع.

هذا ـ مضافاً إلى عدم الدلیل على دخول الغایة (وهو الکوفة) فی المثال المزبور فی المغیّى ولا شاهد له.

ومنه یظهر الحال فیما أفاده فی المحاضرات.

وأمّا کلام المحقّق العراقی(رحمه الله) فیرد علیه: أنّ رجوع القید إلى النسبة الحکمیّة لا ینفکّ فی الحقیقة عن الرجوع إلى الحکم، وأیّ فرق بین تقیید وجوب إکرام زید بمجیئه، أو تقیید نسبة الوجوب إلى الإکرام بذلک؟

فتلخّص من جمیع ما ذکرنا أنّ الغایة تدلّ على المفهوم لأنّ الظاهر رجوع القید إلى الحکم فی جمیع الموارد، وبالنتیجة یکون دالا على المفهوم ما لم تقم قرینة على خلافه.

هذا کلّه فی الجهة الاُولى.

وأمّا الجهة الثانیة ـ وهی دخول الغایة فی المغیّى بحسب الحکم وعدمه:

ففیها خمسة وجوه أو خمسة أقوال:

الأوّل: الدخول مطلقاً.

الثانی: الخروج مطلقاً وقد ذهب إلیه المحقّق الخراسانی(رحمه الله) وفی تهذیب الاُصول.

الثالث: التفصیل بین ما إذا کانت الغایة من جنس المغیّى کقوله تعالى: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) (حیث إنّ المرافق من جنس الأیدی) فهی داخلة فیه، وبین ما إذا لم تکن الغایة من جنس المغیّى کقوله تعالى (أَتِمُّوا الصِّیَامَ إِلَى اللَّیْلِ) فهی خارجة عنه.

الرابع: التفصیل فی أدات الغایة بین کلمة «إلى» وکلمة «حتّى»، فإن کانت الغایة مدخولة لکلمة «إلى» کانت خارجة عن المغیّى، وإن کانت مدخولة لکلمة «حتّى» کانت داخلة فیه، وقد ذهب إلیه المحقّق النائینی (رحمه الله).

الخامس: عدم کونها داخلة فی المغیّى أو خارجة عنه على نحو العموم بل المقامات مختلفة بحسب اختلاف المقامات والقرائن الموجودة فیها، مع فقد القرینة یکون المرجع هو الأصل العملی.

ولا إشکال فی أنّ محلّ البحث فی المقام ما إذا کانت الغایة ذات أجزاء کالکوفة فی مثال «سر من البصرة إلى الکوفة» ومثل سورة الإسراء فی قولک: «اقرأ القرآن إلى سورة الإسراء» وأمّا إذا لم یتصوّر لها أجزاء مثل قولک: «اقرأ القرآن

من أوّله إلى آخره» أو «اقرأ القرآن إلى آخر الجزء العاشر» فهو خارج عن محلّ الکلام کما لا یخفى.

وکیف کان، فقد استدلّ المحقّق الخراسانی (رحمه الله) للقول الثانی: (أی خروج الغایة عن المغیّى مطلقاً) بأنّ الغایة من حدود المغیّى فلا تکون محکومة بحکمه لأنّ حدّ الشیء خارج عن الشیء.

وفیه: إنّ المسألة لفظیة لا مدخل للعقل فیها بل لابدّ فیها من الرجوع إلى الاستظهارات العرفیّة من اللفظ.

واستدلّ فی تهذیب الاُصول بأنّ الکوفة لو کانت اسماً لذلک الموضع المحصور بسورها وجدرانها وفرضنا أنّ المکلّف سار من البصرة منتهیاً سیره إلى جدرانها من دون أن یدخل جزء من الکوفة یصدق أنّه أتى بالمأمور به وامتثل، ویشهد على ما ذکرنا صدق قول القائل: «قرأت القرآن إلى سورة الإسراء» إذا انتهى به القراءة إلى الإسراء، ولم یقرأ شیئاً من تلک السورة، وقس علیه نظائره وأشباهه(4).

أقول: لا یرد علیه ما أوردناه على المحقّق الخراسانی (رحمه الله)، فإنّه قد ورد فی المسألة من بابها، أی من طریق العرف والاستظهارات العرفیّة.

ولکن یرد علیه أیضاً: إنّا لا نحرز کون حکم العرف بذلک من باب ظهور اللفظ، بل لعلّه لأجل جریان أصل البراءة عن الأکثر، أی عن وجوب السیر فی الکوفة، وذلک من باب عدم قیام دلیل على وجوبه وقصور اللفظ عنه، فتصل النوبة إلى أصالة البراءة، وتظهر الثمرة بینهما فیما عارضه دلیل لفظی آخر، فعلى الأوّل یکون من قبیل المتعارضین، وعلى الثانی ترفع الید عن الأصل العملی بسبب الأمارة.

أمّا القول الثالث: وهو التفصیل بین ما إذا کانت الغایة متّحدة فی الجنس مع المغیّى وما إذا کانت مختلفة معه ـ فلم نتحقّق له وجهاً، والإنصاف أنّه وإن کان من الممکن أن یصیر الاتّحاد فی الجنس قرینة على الدخول إلاّ أنّ دعواه على نحو کلّی شامل لجمیع الموارد مشکلة جدّاً.

وأمّا القول الرابع: وهو التفصیل بین کلمة «حتّى» و «إلى» ـ فاستدلّ له المحقّق النائینی (رحمه الله)بأنّ «کلمة حتّى تستعمل غالباً فی ادخال الفرد الخفی فی موضع الحکم فتکون الغایة حینئذ داخلة فی المغیّى لا محالة»(5) ولکنّه إنّما نشأ من الخلط بین حتّى العاطفة والخافضة (کما أشار إلیه بعض الأعلام فی هامش أجود التقریرات) فهی فی جمیع الموارد التی استعملت لادخال الفرد الخفی کما فی قولنا: «مات الناس کلّهم حتّى الأنبیاء» (فإنّ الأنبیاء فی هذا المثال یعدّ فرداً خفیاً بالنسبة إلى حکم الموت) لا تدلّ على کون ما بعدها غایة لما قبلها بل هی من أداة العطف حینئذ کما لا یخفى.

وقد ظهر بما ذکرنا ضعف القول الأوّل أیضاً (وهو الدخول مطلقاً) کما ظهر أنّ الحقّ هو القول الخامس، وهو أنّه لا ظهور لأداة الغایة لا فی دخول الغایة فی المغیّى ولا فی خروجها عنه، فلا بدّ من تعیین ما تقتضیه القرینة، وهی مختلفة بحسب اختلاف المقامات والمناسبات، ومع عدم وجود قرینة یصیر الکلام مجملا، وقد یؤیّد ذلک ما نشاهده فی المحاورات العرفیّة من السؤال عن أنّ الغایة داخلة فی المغیّى أو خارجة عنه؟ ففی ما إذا قیل مثلا: «اقرأ القرآن إلى الجزء العاشر» ولا توجد فی البین قرینة قإنهّ یتساءل: هل تجب قراءة الجزء العاشر أیضاً أو لا؟

ثمّ إنّ الظاهر أنّ الأصل العملی فی صورة الشکّ والإجمال وفقد القرینة هو البراءة لا الاستصحاب، لأنّ من أرکان الاستصحاب وحدة الموضوع، ولا إشکال فی أنّ ما بعد الغایة موضوع آخر غیر ما قبلها، ولا أقلّ فی أنّه کذلک فی أکثر الموارد.

بقی هنا شیء

وهو کلام شیخنا المحقّق الحائری (رحمه الله) فی الدرر: فإنّه قال: «التحقیق فی المقام أنّ الغایة التی جعلت محلا للکلام فی هذا النزاع لو کان المراد منها هو الغایة عقلا أعنی انتهاء الشیء فهذا مبنی على بطلان الجزء غیر القابل للتقسیم وصحّته، فإن قلنا بالثانی فالغایة داخلة فی المغیّى یقیناً فإنّ انتهاء الشیء على هذا عبارة عن جزئه الأخیر، فکما أنّ باقی الأجزاء داخلة فی الشیء کذلک الجزء الأخیر، وإن قلنا بالأوّل فالغایة غیر داخلة لأنّها حینئذ عبارة عن النقطة الموهومة التی لا وجود لها فی الخارج ...» ثمّ ذکر احتمالا ثانیاً وهو أن یکون محلّ النزاع مدخول حتّى وإلى، وأن لا یکون غایة عقلا، وفصّل بین ما إذا کانت الغایة قیداً للفعل (للموضوع) وما إذا کانت قیداً للحکم(6). (انتهى محلّ الحاجة).

أقول: الإنصاف أنّ المسألة لفظیّة لا تناسبها ولا ترتبط بها مسألة عقلیّة، فلا مجال لما ذکره فی الشقّ الأوّل من کلامه.


1. أجود التقریرات: ج1، ص437.
2. راجع المحاضرات: ج5، ص137 ـ 140.
3. راجع نهایة الأفکار: ج1، ص497 ـ 498.
4. تهذیب الاُصول: ج1، ص366، طبع مهر.
5. أجود التقریرات: ج1، ص436.
6. راجع درر الفوائد، ص205، طبع جماعة المدرّسین.

 

2 ـ الکلام فی مفهوم الوصف4 ـ الکلام فی مفهوم الحصر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma