المقام الرابع: فیما إذا ورد مطلق ومقیّد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
الخامس: فی اختلاف نتیجة مقدّمات الحکمةبقی هنا شیء

 

وفیه ثلاث حالات: الاُولى: أن یکون الدلیلان مختلفین فی النفی والإثبات، نحو «اعتق رقبة» و «لا تعتق رقبة کافرة» فلا شکّ فی لزوم التقیید فیها لأنّ المطلق لیس ظهوره فی الإطلاق أقوى من ظهورالعام فی العموم، فکما أنّ العام یخصّص الدلیل الخاصّ بلا إشکال، کذلک المطلق یقیّد بالدلیل المقیّد، بل التقیید هنا أولى من التخصیص هناک لأنّ ظهور المطلق فی الإطلاق مستفاد من مقدّمات الحکمة، وأمّا الظهور فی العام فهو مستفاد من الوضع، ولا إشکال فی أنّ رفع الید عن الظهور الإطلاقی أخفّ وأسهل من رفع الید عن الظهور الوضعی.

أضف إلى ذلک ما مرّ فی العام والخاصّ من أنّ ورود الخاصّ بعد العام یعدّ نحو تناقض عند العرف بخلاف المقیّد، فإنّ العرف لا یرى تناقضاً بین «اعتق رقبة» مثلا و «لا تعتق الرقبة الکافرة» کما لا یخفى.

الثانیة: أن یکونا مثبتین أو منفیین مع عدم إحراز وحدة الحکم فیهما فیکون الظاهر حینئذ التعدّد إمّا لأجل تعدّد الشرط مثلا نحو «إن ظاهرت فاعتق رقبة» و «إن أفطرت فاعتق رقبة مؤمنة» أو لعدم المنافاة بین الحکمین نحو «أکرم العالم» و «أکرم العالم الهاشمی»، وفی هذه الصورة أیضاً لا إشکال فی عدم التقیید.

الثالثة: نفس الحالة الثانیة مع إحراز وحدة الحکم نحو «إن ظاهرت فاعتق رقبة» و «إن ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة» أو «صلّ صلاة الظهر» و «صلّ صلاة الظهر إخفاتاً»، والمشهور فی هذه الحالة التقیید کما علیه سیرة الفقهاء فی الفقه، واستدلّ له بثلاثة وجوه:

الأوّل: أنّ الجمع مهما أمکن أولى من الطرح، وهو فی المقام یحصل بالتقیید.

لکن یرد علیه: أنّه لا دلیل لنا على ثبوت هذه القاعدة فی جمیع الموارد فلیس الجمع أولى من الطرح حتّى فیما إذا کان الجمع جمعاً تبرئیاً غیر عرفی، بل الأولویّة ثابتة فی باب تزاحم الملاکات، فإذا ثبت هناک ملاکان لحکمین فمهما أمکن الجمع بین هاتین المصلحتین کان أولى.

الثانی: أنّ الدلیل المقیّد وارد على الدلیل المطلق ورافع لموضوعه، وذلک لأنّ إحدى مقدّمات الحکمة فی المطلق هی عدم البیان، والمقیّد یکون بیاناً.

لکنّه أیضاً ممنوع لمامرّ سابقاً من أنّ المراد من عدم البیان فی مقدّمات الحکمة هو عدم البیان فی مقام التخاطب لا عدم البیان إلى الأبد، وإلاّ یلزم الخروج عن فرض المسألة حیث إن المفروض فی المقام ما إذا ورد مطلق ومقیّد، أی بعد أن تمّ الإطلاق فی دلیل المطلق، وهذا یتمّ بعد تمام مقدّمات الحکمة التی منها عدم بیان القید فی مقام التخاطب.

الثالث: (وهو الصحیح فی المقام) أن نقول: بأنّ الجمع هنا جمع دلالی عرفی، وبیانه: أنّ هنا ظهورات ثلاثة متعارضة ظهورین فی جانب المطلق وظهوراً فی جانب المقیّد، أمّا الظهوران فی جانب المطلق فأحدهما: ظهوره فی کون المولى فی مقام البیان، والثانی: ظهوره فی تطابق الإرادة الجدّیة مع الإرادة الاستعمالیّة، وأمّا الظهور فی جانب المقیّد فهو ظهوره فی کون المطلوب مقیّداً، فیدور الأمر حینئذ بین التصرّف فی أحد الظهورین فی جانب المطلق وبین التصرّف فی ظهور المقیّد وحمله على الاستحباب مثلا، والإنصاف أنّ ظهور المقیّد أقوى منهما، فلا بدّ أن نرفع الید من الظهور الأوّل فی المطلق ونحکم بأنّ المولى لم یکن فی مقام البیان، وحینئذ لا تصل النوبة إلى الظهور الثانی کما لا یخفى، أو نرفع الید من الظهور الثانی ونحکم بعدم جدّیة الإرادة فی غیر المقیّد.

نعم، هذا إذا کان المورد من الواجبات، وأمّا إذا کان من المستحبّات فسیأتی حکمه إن شاء الله تعالى من أنّها محمولة على مراتب الفضل.

هذا تمام الکلام فی الصور المتصوّرة بعد ورود المطلق والمقیّد.

تنبیهات

التنبیه الأوّل: أنّه من أین ثبت صغرى الکبرى المذکورة فی الصورة الثانیة؟ والثالثة أی من أین یحرز وحدة الحکم وتعدّده؟ فنقول: یمکن استفادة الوحدة من عدّة قرائن:

منها: أن تکون الحکمین معلّقین على شرط واحد، نحو «إن ظاهرت فاعتق رقبة» و «إن ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة».

ومنها: الإجماع کما أنّه ثابت فی مثال صلاة الظهر المتقدّم.

ومنها: ما أفاده المحقّق النائینی (رحمه الله) وهو مبنی على اُمور ثلاثة نذکرها ملخّصاً:

الأوّل: أن یکون الحکم فی کلّ من المطلق والمقیّد مرسلا أو معلّقاً على شیء واحد.

الثانی: أن یکون کلّ من التکلیفین إلزامیاً وإلاّ لم یکن موجب لرفع الید عن إطلاق المطلق بحمله على المقیّد منهما، والوجه فی ذلک هو أنّه إذا کان الحکم المتعلّق بالمقیّد غیر إلزامی جاز مخالفته فلا یکون منافاة حینئذ بینه وبین إطلاق متعلّق الحکم الآخر.

الثالث: أن یکون متعلّق کلّ من الخطابین صرف الوجود الذی ینطبق قهراً على أوّل وجود ناقض للعدم(1).

وحاصل الکلام فی الأمر الثالث أنّه إذا کان مطلوب المولى صرف الوجود للرقبة مثلا أی رقبة کانت، ثمّ کان مطلوبه أیضاً الرقبة المؤمنة، فلا مناصّ حینئذ من التقیید کما هو ظاهر.

التنبیه الثانی: (وهو کثیر الابتلاء فی الفقه) فی أنّ المشهور أنّ المطلق الوارد فی المستحبّات لا یحمل على المقیّد بل الدلیل المقیّد یحمل على سلسلة مراتب المحبوبیّة وتعدّد المطلوب، نحو ما إذا ورد مثلا دلیل على استحباب قراءة القرآن مطلقاً، وورد دلیل آخر على استحباب قراءته مع الطهارة، ودلیل ثالث على استحباب قراءته بالترتیل أو مستقبل القبلة، أو ورد فی باب صلاة اللیل روایات تدلّ على استحبابها ووردت أیضاً روایة تأمر بإتیانها فی الثلث الآخر من اللیل، وروایة اُخرى تأمر بالقنوت فی صلاة الوتر أوّلا وبالدعاء لأربعین مؤمناً ثانیاً وبالاستغفار سبعین مرّة وطلب العفو ثلاثمائة مرّة ثالثاً، ونحوه أیضاً أنّه وردت روایات تدلّ على استحباب زیارة الحسین (علیه السلام) ثمّ وردت روایات تدلّ على إستحبابها فی خصوص لیلة الجمعة أو یوم عرفة، إلى غیر ذلک من المطلقات والمقیّدات التی وردت فی أبواب المستحبّات فإنّ المشهور کما مرّ حملها على تعدّد المطلوب وبیان سلسلة مراتب المطلوبیّة والفضل، إلاّ إذا قام دلیل خاصّ على التقیید، فالقاعدة الأوّلیّة والأصل الأوّلی عندهم فی المستحبّات عدم التقیید.

واستدلّ علیه أوّلا: بما أشار إلیه فی الکفایة بقوله: «أو أنّه کان بملاحظة التسامح فی أدلّة المستحبّات وکان عدم رفع الید من دلیل استحباب المطلق بعد مجیء دلیل المقیّد وحمله على تأکّد استحبابه من التسامح فیها».

إلاّ أنّ الإنصاف أنّه غیر تامّ، لأنّ التسامح فی أدلّة السنن لیس إلاّ عبارة عن العمل بأخبار من بلغ فی المستحبّات ولا إشکال فی أنّها ناظرة إلى ضعف السند على القول به لا الدلالة (کما یأتی فی محلّه) والمقام فی ما نحن فیه مقام الدلالة کما لا یخفى.

وثانیاً: (وهو الحقّ الصحیح) ما أشار إلیه المحقّق الخراسانی (رحمه الله)أیضاً، وحاصله مع توضیح منّا: أنّ الغالب فی باب المستحبّات أن یکون القید لأجل التأکید ومزید المحبوبیّة لا لأجل الإحتراز والدخول فی أصل المطلوبیّة کی یحمل المطلق على المقیّد، وهذه الغلبة توجب ظهور الأوامر فیها فی تعدّد المطلوب وتفاوت الافراد بحسب مراتب المحبوبیّة والفضل.

وأورد علیه فی المحاضرات بأنّ «مجرّد الغلبة لا یوجب ذلک بعد ما افترض أنّ دلیل المقیّد قرینة عرفیّة على تعیین المراد من المطلق، ضرورة أنّ الغلبة لیست على نحو تمنع عن ظهور دلیل المقیّد فی ذلک»(2).

لکنّه یردّ: بأنّ الغلبة على قسمین: تارةً یکون المقصود منها ما یقابل الشاذّ والنادر، واُخرى ما یقابل الأغلب فإن کانت من قبیل الثانی (کما هی کذلک فی باب صیغة الأمر) فلا تمنع عن الظهور فإنّ غلبة استعمال صیغة الأمر فی الندب مثلا لا تمنع عن ظهورها فی الوجوب، وإن کانت من قبیل الأوّل کما فی المقام (حیث إن ورود القید لأجل الإحتراز والتقیید فی باب المستحبّات یکون شاذّاً بالنسبة إلى تعدّد المطلوب) فلا إشکال فی منعها حینئذ عن ظهور دلیل القید فی التقیید، وبالجملة أنّ غلبة استعمال المطلق والمقیّد فی باب المستحبّات فی تعدّد المطلوب توجب ظهور الأوامر فیها فی تعدّد المطلوب، هذا أوّلا.

وثانیاً: سلّمنا ظهورها فی وحدة المطلوب لکنّها فی التعدّد أقوى وأظهر.

ثمّ إنّ هنا تفصیلا ذهب إلیه فی المحاضرات و «هو أنّ الدلیل الدالّ على التقیید یتصوّر على وجوه أربعة لا خامس لها:

الأوّل: أن یکون ذات مفهوم بمعنى أن یکون لسانه لسان القضیّة الشرطیّة کما إذا إفترض أنّه ورد فی دلیل أنّ صلاة اللیل مستحبّة وورد فی دلیل آخر أنّ استحبابها فیما إذا کان المکلّف آتیاً بها بعد نصف اللیل، ففی مثل ذلک لا مناصّ من حمل المطلق على المقیّد عرفاً، نظراً إلى أنّ دلیل المقیّد ینفی الاستحباب فی غیر هذا الوقت من جهة دلالته على المفهوم.

الثانی: أن یکون دلیل المقیّد مخالفاً لدلیل المطلق فی الحکم، فإذا دلّ دلیل على استحباب الإقامة مثلا فی الصّلاة، ثمّ ورد فی دلیل آخر النهی عنها فی مواضع کالإقامة فی حال الحدث أو حال الجلوس أو ما شاکل ذلک، ففی مثل ذلک لا مناصّ من حمل المطلق على المقیّد، والوجه فیه ما ذکرناه غیر مرّة من أنّ النواهی الواردة فی باب العبادات والمعاملات ظاهرة فی الإرشاد إلى المانعیة.

الثالث: أن یکون الأمر فی دلیل المقیّد متعلّقاً بنفس التقیید لا بالقید کما إذا إفترض أنّه ورد فی دلیل أنّ الإقامة فی الصّلاة مستحبّة وورد فی دلیل آخر: فلتکن فی حال القیام أو فی حال الطهارة، فالکلام فیه هو الکلام فی القسم الثانی، حیث إن الأمر فی قوله: «فلتکن» ظاهر فی الإرشاد إلى شرطیّة الطهارة أو القیام لها، ولا فرق من هذه الناحیة بین کون الإقامة مستحبّة أو واجبة.

فما هو المشهور من أنّه لا یحمل المطلق على المقیّد فی باب المستحبّات لا أصل له فی الأقسام الثلاثة.

الرابع: أن یتعلّق الأمر فی دلیل المقیّد بالقید بما هو کما هو الغالب فی باب المستحبّات، مثلا ورد فی استحباب زیارة الحسین (علیه السلام) مطلقات وورد فی دلیل آخر استحباب زیارته (علیه السلام)فی أوقات خاصّة کلیالی الجمعة وأوّل ونصف رجب ونصف شعبان ولیالی القدر وهکذا، ففی مثل ذلک الظاهر أنّه لا یحمل علیه لعدم التنافی بینهما بعد فرض عدم إلزام المکلّف بالإتیان بالمقیّد بل لابدّ من حمله على تأکید الاستحباب وکونه الأفضل، بخلاف باب الواجبات

لوجود التنافی فیها بین دلیل المطلق والمقیّد حیث إن مقتضى إطلاق المطلق ترخیص المکلیف فی تطبیقه على أی فرد من أفراده شاء فی مقام الامتثال وهو لا یجتمع مع کونه ملزماً بالإتیان بالمقیّد»(3).

أقول: لکن الإنصاف أنّ نطاق مقال المشهور أوسع من القسم الأخیر فی کلامه فإنّه یشمل سائر الأقسام ما عدى القسم الأوّل الذی هو خارج عن محلّ الکلام للتصریح بعدم الصحّة فیه، وأمّا ظهور الأوامر فی الإرشاد إلى الشرطیّة والنواهی فی المانعیة إنّما هو مسلّم فی الواجبات وأمّا فی أبواب المستحبّات فهو ممنوع کما عرفت من غلبة کون القیود فیها ناظرة إلى تعدّد مراتب الفضل فلا وجه للتفصیل فی المقام.


1. راجع أجود التقریرات: ج1، ص537 ـ 539.
2. المحاضرات: ج5، ص382.
3. المحاضرات: ج5، ص383 ـ 384.

 

الخامس: فی اختلاف نتیجة مقدّمات الحکمةبقی هنا شیء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma