4 ـ الکلام فی مفهوم الحصر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
3 ـ الکلام فی مفهوم الغایةمن أداة الحصر کلمة «إنّما»

إنّ للحصر أدوات:

منها: کلمة «إلاّ» الاستثنائیّة (إذا وردت بعد النفی) فقام الإجماع ووقع الاتّفاق فیها (غیر ما نسب إلى أبی جنیفة) على انتفاء الحکم الثابت للمستثنى منه عن المستثنى، والدلیل علیه هو التبادر، ففی قولک «ما جاء القوم إلاّ زیداً» لا إشکال فی أنّ المتبادر منه إخراج زید عن حکم المجیء الثابت للقوم، وهذا جار فی کلّ ما یعادل کلمة «إلاّ» فی سائر اللغات.

ونسب الخلاف إلى أبی حنیفة، وحکی إنّه احتجّ لمذهبه بقوله (صلى الله علیه وآله)، «لا صلاة إلاّ بطهور» وقوله (صلى الله علیه وآله)، «لا صلاة إلاّ بفاتحة الکتاب» إذ لو کان الاستثناء من النفی إثباتاً لزم کفایة الطهور أو الفاتحة فی صدق الصّلاة، وإن کانت فاقدة لباقی الشرائط والأجزاء، وهو کما ترى.

واُجیب عنه: بوجوه أحسنها أنّه غفل عن کلمة «الباء» فی المثالین، حیث إنّها فیهما بمعنى «مع» ومفادهما حینئذ: إنّ من شرائط صحّة الصّلاة فاتحة الکتاب والطهور، نعم لو قیل: «لا صلاة إلاّ فاتحة الکتاب» أو «لا صلاة إلاّ الطهور» من دون الباء کان لکلامه وجه.

سلّمنا، ولکن الاستعمال أعمّ من الحقیقة والمجاز، ومجرّد الاستعمال لا یکون دلیلا على الحقیقة أو المجاز، بل المیزان فی تشخیص أحدهما عن الآخر هو التبادر ونحوه من الإطّراد وغیره، ولا إشکال فی أنّ التبادر فی ما نحن فیه یقضی على دلالة کلمة «إلاّ» على الاستثناء.

وللمحقّق النائینی(رحمه الله) هنا تفصیل مرّ منه فی بعض الأبحاث السابقة أیضاً، فإنّ المعیار الکلّی عنده فی باب المفاهیم رجوع القید إلى الحکم أو إلى الموضوع.

وبعبارة اُخرى: رجوع القید إلى الجملة أو إلى المفرد، فإن رجع إلى الجملة فله المفهوم، وإن رجع إلى المفرد فلیس له المفهوم، وهنا صرّح بأنّ کلمة «إلاّ» کلّما رجع إلى المفهوم الإفرادی فهی وصفیة لا تدلّ على المفهوم، وکلّما رجعت إلى المفهوم الترکیبی فهی استثنائیّة تدلّ على المفهوم، ثمّ ذکر فروعاً نقلا عن المحقّق(رحمه الله) فی الشرائع والعلاّمة(رحمه الله) فی القواعد، وفرّعها على هذا البحث، منها: «ما لو قال المقرّ: علیّ لزید عشرة إلاّ درهماً» فإنّه یثبت حینئذ فی ذمّته تسعة دراهم لأنّ کلمة «إلاّ» فی هذا الکلام لا تکون إلاّ استثنائیّة إذ لو کانت وصفیّة لوجب أن یتّبع ما بعدها ما قبلها فی الاعراب، وبما أنّ ما بعدها فی المثال منصوب مع کون ما قبلها مرفوعاً لا تکون هی وصفیة فانحصر الأمر فی کونها استثنائیّة، خلافاً لما إذا قال: «علیّ لزید عشرة إلاّ درهم» بالرفع فإنّه یثبت فی ذمّته تمام العشرة لتمحّض کلمة «إلاّ» حینئذ فی الوصفیّة ولا یصحّ کونها استثنائیّة وإلاّ لزم أن یکون ما بعدها منصوباً على الاستثناء، لأنّ الکلام موجب، فتمام العشرة المتّصفة بأنّها غیر درهم واحد تثبت فی ذمّة المقرّ»(1).

أقول: هنا نکات ینبغی الإلتفات إلیها:

الاُولى: أنّه لیست کلمة «إلاّ» الاستثنائیّة منحصرة فیما ترجع إلى الجملة والمفهوم الترکیبی بل ربّما ترجع إلى المفرد أیضاً کما فی قوله تعالى: (فَلَبِثَ فِیهِمْ أَلْفَ سَنَة إِلاَّ خَمْسِینَ عَاماً) فلا إشکال فی رجوع «إلاّ خمسین عاماً» إلى کلمة «الف سنة» لا إلى «لبث» وکذلک فی کلّ مورد یکون الغرض فیه بیان مقدار العدد وتفخیمه وتعظیمه.

الثانیة: أنّ کلامه فی باب الإقرار إنّما یتمّ فیما إذا کان المتکلّم المقرّ أمثال سیبویه والکسائی العارف بقواعد اللغة العربیّة الفصحى، وأمّا إذا کان المتکلّم من عامّة الناس فلا بدّ من حمل کلمة «إلاّ» على کونها استثنائیّة لأنّهم لیسوا مقیّدین بأن یستعملوا الألفاظ صحیحاً، مضافاً إلى أنّ کون کلمة إلاّ استثنائیّة هو مقتضى الأصل الأوّلی، فحملها على الوصفیة یحتاج إلى القرینة.

بقی هنا أمران

الأمر الأوّل: إنّ ما مرّ حول کلمة إلاّ الاستثنائیّة من دلالتها على المفهوم هل هو من باب المفهوم أو المنطوق؟

فیه أقوال:

أحدها: إنّه من المفهوم.

ثانیها: إنّه من المنطوق.

ثالثها: التفصیل بین ما إذا قلنا بأنّ کلمة إلاّ بمعنى «استثنى» فیکون داخلا فی المنطوق، وبین ما إذا قلنا بأنّها حرف من الحروف الربطیّة التی لیس لها معنى مستقلّ، فیکون مدلولها من قبیل المدالیل الالتزامیّة، ویکون داخلا فی المفهوم.

أقول: إنّ مدلول کلمة إلاّ الاستثنائیّة على أی حال ـ سواء کانت بمعنى الفعل أو کانت من الحروف ـ یکون من المنطوق، أمّا إذا کانت بمعنى الفعل فواضح، وأمّا إذا کانت حرفاً من الحروف فلأنّها حینئذ تکون من الحروف الإیجادیّة یوجد بها معنى الاستثناء کحروف النداء وحروف التمنّی والترجّی التی یوجد بها مفهوم النداء والتمنّی والترجّی، وتصیر حینئذ بمنزلة کلمة «استثنى» ویصیر مدلولها من قبیل المنطوق کما لا یخفى.

الأمر الثانی: قد یستدلّ لدلالة کلمة إلاّ الاستثنائیّة على الحصر بقبول رسول الله (صلى الله علیه وآله)إسلام من یشهد بأن «لا إله إلاّ الله» حیث إنّه لولا دلالته على حصر الاُلوهیّة لله تعالى لما کان مفیداً لذلک.

واستشکل على ذلک بأنّ الاستعمال لیس دلیلا على الحقیقة ولا على المجاز، ودلالة کلمة التوحید على الحصر المزبور لعلّها من باب قیام قرینة حالیّة أو مقامیّة علیه لا من باب وضع کلمة إلاّ للحصر.

أقول: الإنصاف أنّه خلاف الوجدان، فإنّه شاهد على أنّ الحصر فی هذه الجملة مفهوم من نفس کلمة إلاّ ومن حاقّها لا من القرینة فیکون الاستدلال بکلمة التوحید على الحصر من قبیل الاستدلال بالتبادر کما لا یخفى.

نعم هیهنا إشکال آخر، وهو المهمّ فی المقام، وحاصله: إنّه لابدّ لکلمة «لا» فی تلک الجملة من خبر مقدّر، وهو امّا لفظ «موجود» أو «ممکن»، وعلى کلّ واحد منهما لا تدلّ الجملة على التوحید الکامل، لأنّها تدلّ على التقدیر الأوّل على مجرّد حصر الإله فی الباری تعالى، ولا تدلّ على نفی إمکان الغیر، وعلى التقدیر الثانی وإن کانت دالّة على نفی إمکان الشریک له تعالى حینئذ ولکنّها لا تدلّ على وجوده تعالى فی الخارج.

وقد وقع الإعلام فی حلّ هذا الإشکال فی حیص وبیص وأجابوا عنه بوجوه:

الوجه الأوّل: ما أفاده المحقّق الخراسانی (رحمه الله) وحاصله: إنّ المقدّر لخبر «لا» هو لفظ «موجود» أی لا إله موجود إلاّ الله، ولکن المراد من الإله هو واجب الوجود، وحینئذ نفی وجود غیره فی الخارج وإثبات فرد من الواجب فی الخارج ممّا یدلّ على إمتناع غیره، إذ لو لم یکن الغیر ممتنعاً لوجد فی الخارج، لأنّ المفروض إنّه واجب لا ممکن.

الوجه الثانی: ما أفاده المحقّق الإصفهانی (رحمه الله) وحاصله: سواء کان المقدّر لفظ «موجود» أو لفظ «ممکن» کان وجود الغیر وإمکانه معاً منتفیان، إمّا بناءً على الأوّل فبنفس ما ذکره المحقّق الخراسانی (رحمه الله)، وأمّا بناءً على الثانی فلأنّه یکون المراد من الإله فی هذا الحال أیضاً هو واجب الوجود، أی لا واجب ممکن إلاّ الله، فینفی إمکان الغیر بالمدلول المطابقی ووجود الغیر بالمدلول الالتزامی (على عکس الصورة الاُولى) لأنّ ما لیس بممکن لا یکون موجوداً بالملازمة کما لا یخفى، کما أنّه یثبت إمکان وجود الباری تعالى بالمطابقة ووجوده فی الخارج بالملازمة لأنّه إذا کان واجب الوجود ممکناً کان موجوداً لا محالة لوجوبه(2).

الوجه الثالث: ما أفاده المحقّق النائینی (رحمه الله) فإنّه قال: «یمکن أن یقال: إنّ کلمة لا الواقعة فی کلمة التوحید مستغنیة عن الخبر کما هو الحال فی کلمة لولا الامتناعیّة وفی کلمة لیس التامّة، وأمّا ما ذکره النحویون من کون الخبر محذوفاً فی هذه الموارد فلا یبعد أن یکون مرادهم به عدم الحاجة إلى الخبر فیها لا أنّه محذوف حقیقة، فکلمة «لا» تدلّ على عدم تقرّر مدخولها فی الوعاء المناسب له، ففی الرّوایة المعروفة (لولا علی لهلک عمر) یکون المراد ترتّب الهلاک على عدم تقرّر علی (علیه السلام) فی الخارج، لأنّ هذا هو الوعاء المناسب لتقرّره (علیه السلام)، وإمّا فی کلمة التوحید فالمراد من التقرّر المنفی هو التقرّر مطلقاً ولو فی مرحلة الإمکان، فتدلّ الکلمة المبارکة على نفی الوجود والإمکان عن غیر الله وإثبات کلیهما له تبارک وتعالى»(3).

أقول: الإنصاف أنّ ما أفاده العلمان الأوّلان (المحقّق الخراسانی والمحقّق الإصفهانی(رحمهما الله)) کلاهما لا یکفیان لدفع الإشکال لأنّهما مبنیان على دقّة عقلیّة فلسفیّة لا یفهمها إلاّ الفیلسوف، مع أنّ المفروض أنّ هذه الکلمة من أی شخص صدرت تدلّ على إسلامه، وأمّا ما أفاده المحقّق النائینی (رحمه الله) فإنّه أیضاً غیر تامّ لجهة اُخرى وهی أنّه لم یثبت استعمال کلمة «لا» تامّة نظیر لیس التامّة فی کلمات العرب، إذن لابدّ من دفع الإشکال بطرق اُخر فنقول: هیهنا وجوه ثلاثة یمکن دفع الإشکال بها:

الأوّل: إنّ کلمة التوحید لیست ناظرة إلى توحید الذات وإثبات أصل وجود واجب الوجود، بل إنّها سیقت للتوحید الأفعالی ولنفی ما یعتقده عبدة الأوثان، ویشهد لذلک أنّ المنکرین الموجودین فی صدر الإسلام لم یکونوا مشرکین فی ذات الواجب تعالى بل کانوا معتقدین بوحدة ذاته وخاطئین فی توحید عبادته فکانوا یعبدون الأصنام لیقربوهم إلى الله زلفى (بزعمهم)، فکلمة الإخلاص حینئذ وردت لردّهم ولنفی استحقاق العبودیّة عن غیره تعالى فیکون معناها: «لا مستحقّ للعبودیّة إلاّ الله».

الثانی: إنّه لا إشکال فی إمکان تقدیر کلمة «موجود» و «ممکن» معاً، فکما یجوز إتیان الخبر فی الظاهر متعدّداً، کذلک یجوز تقدیره متعدّداً فیما إذا قامت القرینة علیه، والمقام کذلک.

الثالث: إنّ المعتبر فی الشهادة على التوحید عند الفقهاء هو نفی وجود الغیر فقط وأمّا الإمکان فهو من المفاهیم التی لا یمکن تصوّرها لعامّة الناس، مع أنّ کلّ فقیه یفتی بإسلام کلّ من أقرّ بالتوحید بهذه الکلمة، فلا یجب فی دلالتها على التوحید دلالتها على امتناع غیره تعالى، بل یکفی فیها دلالتها على عدم وجود إله غیره سبحانه، فیمکن أن یکون المقدّر حینئذ خصوص کلمة «موجود» لا کلمة «ممکن» فتأمّل.

هذا تمام الکلام فی مفهوم کلمة «إلاّ».


1. أجود التقریرات: ج1، ص438.
2. راجع نهایة الدرایة: ج1، ص332، من الطبع القدیم.
3. أجود التقریرات: ج1، ص440.

 

3 ـ الکلام فی مفهوم الغایةمن أداة الحصر کلمة «إنّما»
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma