الکلام فی تخصیص العام بالمفهوم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
الکلام فیما إذا تعقّب العام ضمیر یرجع إلى البعضالکلام فی الاستثناء المتعقّب للجمل المتعدّدة

ینبغی قبل الورود فی أصل البحث ذکر تقسیمات وردت فی المفهوم، فنقول: إنّه على قسمین: مفهوم الموافقة، وهو ما کان بینه وبین المنطوق توافق فی السلب والإیجاب، ومفهوم المخالفة، وهو ما کان بینه وبین المنطوق تخالف فی السلب والإیجاب، وأضاف بعض تقسیمین آخرین.

أحدهما: أنّ الموافق تارةً یکون بالأولویّة، ومثاله معروف وهو قوله تعالى: (فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفّ) الذی مفهومه النهی عن الضرب بطریق أولى، واُخرى یکون بالمساواة نحو «لا تشرب الخمر لأنّه مسکر» الذی یشمل بالمفهوم سائر أفراد المسکر بالمساواة.

ثانیهما: أنّ کلا من المساواة والأولویّة أیضاً على قسمین، فالمساواة تارةً تکون من قبیل منصوص العلّة، واُخرى تکون من قبیل مستنبط العلّة، والأولویّة تارةً عقلیّة فتدخل فی المفهوم، واُخرىتکون عرفیّة فتدخل فی المنطوق، فالمثال المعروف (فلا تقل لهما اُفّ) حیث إن الأولویّة فیه عرفیّة داخلة فی المنطوق لا المفهوم.

لکن یمکن النقاش هنا بوجوه:

الوجه الأوّل: تقسیم مفهوم الموافقة إلى الأولویّة والمساواة لا یکون تامّاً لأنّ منصوص العلّة فی المساواة لا ینطبق علیه تعریف المفهوم، لأنّ المفهوم هو حکم غیر مذکور، مع أنّ ذکر العلّة فی منصوص العلّة نحو «لا تشرب الخمر لأنّه مسکر» یکون بمنزلة الحکم بأنّ کلّ مسکر حرام، ولکنّه حذف وقدّر لوضوحه، فلا یعدّ حکماً غیر مذکور. وبعبارة اُخرى: الحکم هنا مرکّب من صغرى وکبرى، والصغرى وهو قوله: «لأنّه مسکر» مذکور فی الکلام، وأمّا الکبرى وهو قوله: «کلّ مسکر حرام» فحذفت لوضوحها، فهی مقدّره فی الکلام، والمقدّر کالمذکور، ولذلک سمّی هذا القسم بمنصوص العلّة، یعنی الحکم الذی نصّ بعلّته، وأمّا فی مثال «فلا تقل لهما اُفّ» أو «إنّ جاءک زید فأکرمه» فلم یقل أحد بحذف قضیّة «لا تضرب» أو قضیة «إن لم یجئک زید فلا یجب إکرامه» أو تقدیرهما، بل یقال بأنّ القضیتین المنطوقتین تدلاّن علیهما بالمفهوم.

الوجه الثانی: أنّ تقسیم المساواة إلى منصوص العلّة ومستنبط العلّة أیضاً تامّ فیما إذا قلنا بحجّیة مستنبط العلّة، مع أنّه لیس بحجّة عند الإمامیّة، لعدم إمکان استنباط ملاکات الأحکام وعللها، وما أبعد عقول الرجال عن دین الله کما ورد فی الحدیث.

إن قلت: فما معنى تنقیح المناط وإلغاء الخصوصیّة فی المسائل الفقهیّة کما إذا قیل مثلا: إن سافرت بین مکّة والمدینة ثمانیة فراسخ فقصّر، ونحن نعلم بأنّه لا خصوصیّة لمکّة والمدینة، ونلغی خصوصیتهما ونحکم بوجوب القصر فی سائر الأمکنة إذا تحقّق مقدار ثمانیة فراسخ، فما الفرق بین هذا وقیاس مستنبط العلّة؟

قلت: یکون النظر فی القیاس المستنبط العلّة إلى علّة الحکم، بینما هو فی تنقیح المناط یکون إلى موضوع الحکم، والفرق بین الموضوع والعلّة واضح حیث إنّ الموضوع هو عنوان مشتمل على جمیع ما له دخل فی تنجّز التکلیف وفعلیّته کعنوان المستطیع فی وجوب الحجّ، وأمّا العلّة فإنّها داخلة فی سلسلة المبادىء والأغراض، مضافاً إلى أنّ إلغاء الخصوصیّة وتنقیح المناط طریق إلى تعیین دائرة المنطوق وتوسعتها ولا ربط له بالمفهوم، فإذا تعدّینا من مورد دلیل إلى مورد آخر بالالغاء أو التنقیح وأثبتنا الحکم الثابت فی مورد ذلک الدلیل لمورد آخر ـ تعدّ دلالة الدلیل حینئذ من قبیل المنطوق لا المفهوم کما لا یخفى.

الوجه الثالث: إنّ ما ذکره من الفرق بین الأولویّة القطعیّة والعرفیّة أیضاً غیر تامّ، لأنّ الأولویّة سواء کانت عقلیّة أو عرفیّة داخلة فی المفهوم، وفهم العرف لا ینافی ذلک، لوجود ملاک المفهوم فی کلتیهما، حیث إن الملاک هو کون الحکم غیر مذکور وهو موجود فی مثل قوله تعالى: (فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفّ) بالنسبة إلى قضیة «لا تضرب» مثلا کما لا یخفى، نعم إلاّ إذا کان المنطوق مجرّد طریق وإشارة إلى المفهوم، فلا یکون القول بالاُفّ فی الآیة مثلا حراماً بنفسه بل یکون نحو کنایة عن مثل الضرب، ففی مثل هذه الموارد تدخل الأولویّة العرفیّة فی المنطوق بلا إشکال.

إذا عرفت هذا فلنرجع إلى أصل البحث فنقول: هل یجوز تخصیص العام بالمفهوم أو لا؟ لا إشکال ولا خلاف فی جواز تخصیص العام بالمفهوم إذا کان موافقاً کما إذا قال: «لا تکرم الفسّاق» ثمّ قال: «أکرم الضیف ولو کان کافراً» فمفهومه وجوب إکرام الضیف إذا کان مسلماً فاسقاً بطریق أولى، وهذا المفهوم موافق للمنطوق فی الإیجاب ویکون خاصّاً بالنسبة إلى عموم «لا تکرم الفسّاق».

وأمّا إذا کان المفهوم مخالفاً ففیه خمسة أقوال:

الأوّل: عدم جواز التخصیص مطلقاً.

الثانی: جوازه مطلقاً.

الثالث: التفصیل بین موارد المفهوم فیختلف باختلاف الموارد والمقامات، فإن کان الدالّ على المفهوم مثل کلمة «إنّما» فیقدّم على العام ویخصّص العام به وإلاّ فالعام یقدّم.

الرابع: تفصیل المحقّق الخراسانی (رحمه الله) وهو التفصیل بین الکلام الواحد وبین الکلامین المنفصلین، والتفصیل بین ما إذا فهمنا العموم من الوضع وما إذا فهمناه من مقدّمات الحکمة، فتارةً یکون العام والمفهوم فی کلام واحد واستفدنا العموم والمفهوم کلیهما من مقدّمات الحکمة أو استفدنا کلیهما من الوضع، فلا عموم حینئذ ولا مفهوم لعدم تمامیّة المقدّمات بالنسبة إلى شیء منهما فی الأوّل، ولمزاحمة ظهور کلّ منهما مع الآخر فی الثانی، فلا بدّ حینئذ من الرجوع إلى الاُصول العملیّة فی مورد الشکّ، واُخرى یکونان فی کلامین بینهما فصل طویل وکان کلّ منهما بمقدّمات الحکمة أو بالوضع، فالظهور لا محالة وإن کان ینعقد لکلّ منهما ولکن لابدّ حینئذ من أن یعامل معهما معاملة المجمل لتکافؤهما فی الظهور إن لم یکن أحدهما أظهر، وإلاّ فیکون هو القرینة على التصرّف فی الآخر.

الخامس: تفصیل المحقّق النائینی (رحمه الله)، فإنّه فصّل فی المفهوم المخالف بین ما إذا کانت النسبة بین العام والمفهوم ـ العموم والخصوص مطلقاً، وبین ما إذا کانت من العام یقدّم على العام سواء کان بین المنطوق والعام العموم المطلق أو العموم من وجه، ومهما کان بین المفهوم والعام ـ العموم من وجه یعامل معهما معاملة العموم من وجه فربّما یقدّم العام وربّما یقدّم المفهوم فی مورد التعارض من غیر فرق فی ذلک أیضاً بین أن یکون بین المنطوق والعام ـ العموم المطلق أو العموم من وجه»(1) (انتهى).

أقول: الإنصاف أنّ البحث إنحرف عن مسیره الأصلی فی کلمات المتأخّرین کالمحقّق الخراسانی والنائینی(رحمهما الله) وبعض آخر (قدّس الله أسرارهم) فقد تکلّموا عن اُمور أربع لا ربط لها بمحلّ النزاع.

أحدها: أنّه هل یستفاد العموم أو المفهوم من مقدّمات الحکمة أو من الوضع؟

ثانیها: هل الکلام یکون من قبیل المحفوف بالقرینة أو لا؟

ثالثها: هل العام لسانه آب عن التخصیص أو لا؟

رابعها: هل النسبة بین العام والخاصّ العموم والخصوص مطلقاً أو من وجه؟

مع أنّ الحقّ فی المقام أن یتکلّم عن التفاوت بین المفهوم والمنطوق فقط وأنّه إذا کان العام قابلا للتخصیص بالمنطوق فهل یخصّص بالمفهوم أیضاً أو لا؟

وبعبارة اُخرى: هل یکون للمفهوم من حیث هو مفهوم نقص فی التخصیص بالقیاس إلى المنطوق؟ وذلک لأنّه لا فرق فی هذه النکات الأربع بین المنطوق والمفهوم، فإنّ المنطوق أیضاً لا یقدّر لتخصیص العام الآبی عن التخصیص، ولا یخصّصه أیضاً إذا کان هو بمقدّمات الحکمة وکان العام دالا على العموم بالوضع، وکذلک إذا کانت النسبة بینه وبین العام العموم من وجه أو کان العام لإقوائیته وأظهریته قرینة على التصرّف فی الخاصّ.

إذن فلا بدّ من ارجاع البحث إلى محوره الأصلی، وهو أن نفرض الکلام أوّلا فی مورد کان العام فیه یخصّص بالخاصّ على تقدیر کونه منطوقاً، ثمّ نبحث فی أنّه هل یخصّص بالمفهوم أیضاً فی هذا الفرض أو لا؟ وأنّ المفهومیّة هل توجب ضعفاً للخاصّ أو لا؟ وحینئذ نقول: ربّما یتوهّم أنّ الدلالة المفهومیّة أضعف من الدلالة المنطوقیّة فلا یکون الخاصّ إذا کان مفهوماً مخصّصاً للعام، لکن الإنصاف أنّ مجرّد کون الخاصّ مفهوماً لا یوجب ضعفاً، بل ربّما یکون المفهوم أقوى من المنطوق، بل ربّما یکون المقصود الأصلی للمتکلّم هو المفهوم فقط.

وبالجملة لا المنطوق بما هو منطوق یوجب قوّة للخاص ولا المفهوم بما هو مفهوم یوجب ضعفاً له، فتلخّص من جمیع ما ذکرنا أنّه یجوز تخصیص العام بالمفهوم کما یجوز تخصیصه بالمنطوق، نعم کما أشرنا آنفاً قد یکون العام أقوى من الخاص فلا یخصّص العام به کما إذا کا العام آبیاً عن التخصیص، لکنّه لا یختصّ بالمفهوم بل المنطوق أیضاً لا یخصّص العام إذا کان العام کذلک، نحو قوله (علیه السلام): «ما خالف کتاب الله فهو زخرف» فإنّ هذا عام لا یمکن تخصیصه بشیء، أو کان المورد من المستحبّات، فیحمل الخاصّ حینئذ على تعدّد المطلوب کما إذا دلّ دلیل على أنّ صلاة اللیل مستحبّ من نصف اللیل إلى آخره، ونهى دلیل آخر عن إتیانها فیما بعد النصف بلا فصل، أو أمر دلیل آخر بإتیانها فی آخر اللیل، فبهذین الدلیلین لا یخصّص عموم الدلیل الأوّل بل کلّ منهما دالّ على مرتبة من المطلوبیّة.


1. فوائد الاُصول، ج1، و2 ص559 ـ 560، طبع جماعة المدرسین.

 

الکلام فیما إذا تعقّب العام ضمیر یرجع إلى البعضالکلام فی الاستثناء المتعقّب للجمل المتعدّدة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma