کلام فی التشریع

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
الأمر الثالث: فی تأسیس الأصل فی المسألة1 ـ حجّیة الظواهر

ثمّ إنّه لمّا انتهى الکلام إلى هنا ینبغی البحث عن حقیقة التشریع وأنّه هل هو عبارة عن الالتزام القلبی أو مجرّد الإسناد إلى الله تعالى مطلقاً؟ فنقول هنا اُمور ثلاثة لابدّ من البحث فیها:

الأوّل: فی حقیقة التشریع.

الثانی: فی الدلیل على حرمته..

الثالث: فی أنّ المحرّم هل هو خصوص التدیّن والتعبّد، أو یسری القبح إلى الفعل المتشرّع به أیضاً فیصیر الفعل الخارجی قبیحاً عقلا وحراماً شرعاً؟

أمّا الأمر الأوّل: فنقول: إنّ حقیقة التشریع ومعناه ادخال ما لیس من الدین فی الدین بحسب الاعتقاد القلبی وهو غیر الإسناد إلى الله تعالى، والنسبة بینهما هی العموم المطلق، فالمعروف بین العلماء أنّ حقیقة التشریع تصدّق فی الوحدة أیضاً بمجرّد بناء القلب من دون الإظهار والإسناد، کما إذا صام یوم عید الفطر بنیّة استحبابه من قبل الله تعالى من دون أن یسندها فی محضر غیره إلى الله فیتحقّق حینئذ التشریع من دون تحقّق الإسناد الذی هو نوع من الإخبار.

ثّم إنّه هل التشریع یصدق فی صورة الشکّ أیضاً؟ فإذا شککنا مثلا فی وجوب سجدتی السهو، فهل یصدق التشریع إذا أتى بهما بنیّة الوجوب أو لا یصدق، بل الصادق حینئذ مجرّد التجرّی؟

الصحیح عندنا هو الثانی، لأنّ المسلّم من حرمة التشریع هو إدخال ما لیس من الدین فی الدین اعتقاداً، وإن کان المعروف عند العلماء أنّ التدیّن والاعتقاد بالمشکوک فیه أیضاً تشریع محرّم.

وکیف کان، فالمعروف أنّ التشریع عبارة عن الالتزام القلبی کالالتزام قلباً بأنّ هذا واجب أو حرام ولذا یقال: لا یجوز إتیان الذکر الفلان بقصد الورود، أو یقال: یجوز إتیان الذکر الفلان بقصد الرجاء.

لکن قد أورد بعض الأعاظم على هذا إشکالا حاصله: «أنّ الالتزام الجزمی بما شکّ کونه من المولى أمر ممتنع، وکیف یمکن التعبّد الحقیقی بما لا یعلم أنّه عبادی، فإنّ الالتزامات النفسانیّة لیست واقعة تحت اختیار النفس حتّى توجدها فی أی وقت شاء»(1).

أقول: الحقّ أن التعبّد الحقیقی بما لا یعلم أنّه عبادی أمر ممکن کما هو المعروف فی الألسنة والکتب الفقهیّة لأنّه من قبیل قوله تعالى (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَیْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ) فلا إشکال فی أنّ فرعون مثلا کان کافراً بالله تعالى مع علمه به، ولیس هذا إلاّ أنّه بنى فی قلبه والتزم قلباً بأنّه لیس فی العالم إله یسمّى بـ «الله»، هذا فی الاُصول الاعتقادیّة، وکذلک فی الفروع فیمکن الالتزام القلبی بأنّ الشیء الفلان حرام مع العلم بحلّیته.

وإن شئت قلت: لیس التشریع هو العلم بل هو اعتقاد وعقد فی القلب، والاعتقاد غیر العلم لأنّ العلم، هو مجرّد الإدراک، وأمّا الاعتقاد فإنّه من عقد القلب والبناء القلبی، وکم من شیء یعلمه الإنسان (أی یدرکه) ولکن لا یقبله ولا یلتزم به فی قلبه وبالعکس.

وبعبارة اُخرى: عقد القلب هو التسلیم الباطنی تجاه شیء، علم به أو لم یعلم، کما یدلّ علیه ما مرّ سابقاً، وهو ما رواه إبراهیم بن أبی محمود عن الرضا (علیه السلام) فی حدیث طویل قال: أخبرنی أبی عن آبائه عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) قال: «من أصغى إلى ناطق فقد عبده، ... إلى أن قال: فإنّ أدنى ما یخرج به الرجل عن الإیمان أن یقول للحصاة، هذه نواة ثمّ یدین بذلک ویبرأ ممّن خالفه، یاابن أبی محمود احفظ ما حدّثتک به فقد جمعت لک فیه خیر الدنیا والآخرة»(2).

هذا کلّه فی الأمر الأوّل.

أمّا الأمر الثانی: وهو الدلیل على حرمة التشریع، فیدلّ علیها أوّلا: جمیع ما یدلّ على حرمة البدعة من الإجماع والآیات والأخبار الواردة فی باب البدعة وتحریمها لأنّ التشریع مصداق من مصادیقها.

وثانیاً: حکم العقل بقبح التشریع، لأنّ من المستقلاّت العقلیّة أنّ التشریع نوع تلاعب بأحکام المولى ومخالف لحقّ الطاعة ورسم العبودیّة.

أمّا الأمر الثالث: وهو أنّ المحرّم هل هو خصوص التدیّن والالتزم القلبی أو یسری قبح التشریع إلى الفعل المتشرّع به بحیث یصیر الفعل قبیحاً عقلا وحراماً شرعاً؟ فذهب المحقّق النائینی (رحمه الله)إلى الثانی وقال: «إنّه من الممکن أن یکون القصد والداعی من الجهات والعناوین المغیّرة لجهة حسن العمل وقبحه فیکون الالتزام والتعبّد والتدیّن بعمل لا یعلم التعبّد به من الشارع موجباً لانقلاب العمل عمّا هو علیه وتطرأ علیه بذلک جهة مفسدة تقتضی قبحه عقلا وحرمته شرعاً، وظاهر قوله: «رجل قضى بالحقّ وهو لا یعلم» حرمة القضاء واستحقاق العقوبة علیه، فیدلّ على حرمة نفس العمل»(3).

أقول: کلامه فی محلّه لأنّ أدلّة حرمة التشریع لا تعمّ مجرّد الالتزام القلبی من دون تحقّق عمل فی الخارج، وبعبارة اُخرى: لیس التشریع من قبیل اُصول الدین التی تتقوّم بنفس الاعتقاد فی القلب بل القدر المتیقّن من الأدلّة هو الفعل الخارجی الناشیء من الالتزام القلبی، وإن شئت فعبّر «الفعل الخارجی مع هذه النیّة».


1. راجع تهذیب الاُصول: ج2، ص85، طبع جماعة المدرّسین.
2. وسائل الشیعة: الباب10، من أبواب صفات القاضی، ح13.
3. فوائد الاُصول: ج3، ص122 ـ 121، طبع جماعة المدرّسین.

 

الأمر الثالث: فی تأسیس الأصل فی المسألة1 ـ حجّیة الظواهر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma