التنبیه الثانی: الآیات والرّوایات

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول (الجزء الثانی)
التنبیه الأوّل: فی مقتضى هذه الأدلةالتنبیه الثالث: الکلام فی تفصیل صاحب الفصول

أمّا الآیات والرّوایات التی استدلّ بها على حرمة التجرّی.

أمّا الآیات فهی کثیرة:

1 ـ قوله تعالى: (لاَ یُؤَاخِذُکُمْ اللهُ بِاللَّغْوِ فِی أَیْمَانِکُمْ وَلَکِنْ یُؤَاخِذُکُمْ بِمَا کَسَبَتْ قُلُوبُکُمْ)(1).

2 ـ قوله تعالى: (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِی أَنفُسِکُمْ أَوْ تُخْفُوهُ یُحَاسِبْکُمْ بِهِ اللهُ)(2).

3 ـ قوله تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ کُلُّ أُوْلَئِکَ کَانَ عَنْهُ مَسْئُولا)(3).

ووجه الاستدلال بالأخیرة أنّ القلب مسؤول عمّا نوى.

4 ـ قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَنْ تَشِیعَ الْفَاحِشَةُ فِی الَّذِینَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ فِی الدُّنْیَا وَالاْخِرَةِ)(4).

والجواب عن الاستدلال بهذه الآیات أنّه وقع الخلط بین معصیة القلب وبین نیّة المعصیة والعزم علیها، فهناک أفعال تصدر من القلب وتترتّب علیها العقاب نحو کتمان الحقّ وحبّ إشاعة الفحشاء والرضا بالمعاصی (کما ورد فی زیارة وإرث: ولعن الله اُمّة سمعت بذلک فرضیت به) والاعتقاد بالأوثان والأصنام، کما أنّ هناک أفعالا اُخرى تصدر من القلب وتترتّب علیه الثواب کالاعتقاد بالله ورسوله، لکن هذا لا یستلزم منه ترتّب العقاب على جمیع أفعال القلب حتّى مثل نیّة المعصیة والعزم علیها، وبعبارة اُخرى: أنّ هذه الآیات تدلّ على حرمة خصوص بعض المصادیق من الأفعال الجوانحیّة المذکورة فیها، وأین ذلک من حرمة کلّ فعل قلبی؟

أمّا الرّوایات فهی على طائفتین: طائفة تدلّ على أنّ نیّة المعصیة معصیة، وطائفة اُخرى تدلّ على عدمها أو العفو عنها.

أمّا الطائفة الاُولى: فهی روایات عدیدة لابدّ من البحث عن کلّ واحدة منها والنظر إلیها مستقلا حتّى یتّضح مقدار دلالتها على المدّعى ثمّ ملاحظتها من حیث المجموع.

منها: ما ورد فی الجواب عن إشکال الخلود فی النار أو فی الجنّة مع کون العمل فی الدنیا محدوداً بمقدار معیّن نحو خبر أبی هاشم، قال: قال أبو عبدالله (علیه السلام): «إنّما خلّد أهل النار فی النار لأنّ نیّاتهم کانت فی الدنیا أن لو خلّدوا فیها أن یعصوا الله أبداً، وإنّما خلّد أهل الجنّة فی الجنّة لأنّ نیّاتهم کانت فی الدنیا أن لو بقوا فیها أن یطیعوا الله أبداً، فبالنیّات خلّد هؤلاء وهؤلاء، ثمّ تلا قوله تعالى: (قُلْ کُلٌّ یَعْمَلُ عَلَى شَاکِلَتِهِ) قال: على نیّته»(5).

ولکن یناقش فیها بأنّها ممّا لا یمکن الالتزام بظاهرها لشمول إطلاقه من کان کافراً ولیست نیّته فی الدنیا أن لو خلّد فیها أن یعصى الله أبداً بل ربّما تکون نیّته أن یتوب بعد مدّة، لکن مات على کفره قبل أن یتوب، وشموله أیضاً مؤمناً لیست نیّته أن لو بقى فی الدنیا أن یطیع الله أبداً، لکن اتّفق موته على الطاعة، ومن المسلّم أنّ الأوّل مخلّد فی النار لأنّ الکافر خالد فی النار مطلقاً بلا إشکال، کما أنّه لا خلاف فی أنّ الثانی لا یخلّد فی النار، وحینئذ فتحمل هذه الأخبار على أنّ الإمام (علیه السلام)تکلّم فیها على قدر عقل المخاطب، وأجاب بما یقتضیه استعداده وطاقته الفکریّة فیکون الجوا اقناعیاً أو یردّ علمها إلى أهلها.

وأمّا إشکال الخلود فلنا جواب آخر ذکرناه مفصّلا فی کتاب المعاد، وملخّصه: أنّ الخلود فی الواقع یرجع إلى تجسّم الأعمال وظهور خاصّیة العمل وأثره، فإنّ أثر کفر الکافر أن یخلّد فی النار أبداً نظیر إرشاد الطبیب مریضه بأنّک إن شربت الخمر أو السمّ تبتلِ بقرحة المعدة إلى آخر العمر.

ومنها: ما رواه فضیل بن یسار عن أبی جعفر عن آبائه (علیهم السلام) أنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله)قال: «نیّة المؤمن أبلغ من عمله وکذلک نیّة الفاجر»(6).

لکن فی الباب روایتان شارحتان لهذه الرّوایة، وتدلاّن على أنّه لا ربط لها بالمقام:

إحداهما: ما رواه زید الشحّام قال: قلت لأبی عبدالله (علیه السلام): «أنّی سمعتک تقول: نیّة المؤمن خیر من عمله، فکیف تکون النیّة خیراً من العمل؟ قال: لأنّ العمل ربّما کان ریاءً للمخلوقین، والنیّة خالصة لربّ العالمین، فیعطی عزّوجلّ على النیّة ما لا یعطی على العمل»(7).

ثانیهما: ما رواه حسن بن الحسین الأنصاری عن بعض رجاله عن أبی جعفر(علیه السلام) أنّه کان یقول: «نیّة المؤمن أفضل من عمله، وذلک لأنّه ینوی من الخیر ما لا یدرکه، ونیّة الکافر شرّ من عمله وذلک لأنّ الکافر ینوی الشرّ ویأمل من الشرّ ما لا یدرکه»(8).

مضافاً إلى أنّ العمل بظاهرها مشکل جدّاً بل هو ممّا لا یتفوّه به فقیه، حیث إن مقتضاه أن یکون مثلا معصیة من نوى شرب الخمر ولم یشرب ـ أشدّ ممّا إذا نوى وشربه، وأمّا إذا شربه سهواً أو نسیاناً بغیر نیّة فلا عقاب له قطعاً فلا تکون الرّوایة ناظرة إلیه.

ومنها: ما رواه السکونی عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله علیه وآله): «نیّة المؤمن خیر من عمله ونیّة الکافر شرّ من عمله، وکلّ عامل یعمل على نیّته»(9).

والجواب عن هذه هو الجواب عن الرّوایة الثانیة لاشتراکهما فی المضمون کما لا یخفى.

ومنها: ما رواه جابر عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: قال لی: یاجابر: یکتب للمؤمن فی سقمه من العمل الصالح ما کان یکتب فی صحّته، ویکتب للکافر فی سقمه من العمل السیّىء ما کان یکتب فی صحّته، ثمّ قال، قال: «یاجابر: ما أشدّ هذا من حدیث»(10).

وهذه الرّوایة لا إشکال فی دلالتها على المدّعى فی الجملة حیث إن ظاهرها أنّ نیّة المریض کان مؤثّراً فی دوام العمل الصالح أو العمل السیّىء له.

ومنها: ما رواه عبدالله بن موسى بن جعفر عن أبیه (علیه السلام) قال: «سألته عن الملکین هل یعلمان بالذنب إذا أراد العبد أن یفعله أو الحسنة؟ فقال: ریح الکنیف والطیب سواء؟ قلت: لا، قال: أنّ العبد إذا همّ بالحسنة خرج نفسه طیّب الریح، فقال: صاحب الیمین لصاحب الشمال: قم فإنّه قد همّ بالحسنة، فإذا فعلها کان لسانه قلمه وریقه مداده فأثبتها له، وإذا همّ بالسیّئة خرج نفسه منتن الریح فیقول: صاحب الشمال لصاحب الیمین قف فإنّه قد همّ بالسیّئة فإذا هو فعلها کان لسانه قلمه وریقه مداده فأثبتها علیه»(11).

فیمکن أن یستدلّ على المدّعى بقوله «وإذا همّ بالسیّئة خرج نفسه منتن الریح» حیث إن ظاهره أنّ انتان الریح نشأ من ناحیة کون النیّة معصیة.

لکن الإنصاف أنّ ذیله دالّ على خلافه حیث إن فیه توقّف ثبوت المعصیة على تحقّق الفعل، ولو تنزّلنا عن ذلک فلا أکثر من أنّه مشعر إلى المدّعى ولیس على حدّ الدلالة.

ومنها: ما رواه أبو عروة السلمی عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال: «إنّ الله یحشر الناس على نیّاتهم یوم القیامة»(12).

لکنّها تفسّر بروایة اُخرى وهی روایة إسماعیل بن محمّد بن إسحاق بن محمّد قال: حدّثنی علی بن جعفر بن محمّد وعلی بن موسى بن جعفر هذا عن أخیه وهذا عن أبیه موسى بن جعفر (علیه السلام) عن آبائه (علیهم السلام) عن رسول الله (صلى الله علیه وآله)(فی حدیث) قال: «إنّما الأعمال بالنیّات ولکلّ امرىء ما نوى فمن غزى ابتغاء ما عند الله فقد وقع أجره على الله عزّوجلّ، ومن غزى یرید عرض الدنیا أو نوى عقالا لم یکن له إلاّ ما نوى»(13).

فإنّها تدلّ على اعتبار قصد القربة فی المثوبة.

ومنها: ما ورد فی باب حرمة شرب الخمر وهو ما رواه حسین بن زید عن الصادق (علیه السلام)عن آبائه (علیهم السلام) (فی حدیث المناهی): أنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) نهى أن یشتری الخمر، وأن یسقى الخمر، وقال: «لعن الله الخمر وغارسها وعاصرها وشاربها وساقیها وبائعها ومشتریها وآکل ثمنها وحاملها والمحمولة إلیه»(14).

وجوابها واضح، لأنّها داخلة تحت عنوان الاعانة على الإثم الذی هو بنفسه من العناوین المحرّمة فهی أجنبیة عمّا نحن بصدده.

ومنها: روایات الرضا وإنّ من رضى بفعل قوم کان منهم، ومن جملتها ما ورد فی نهج البلاغة عن أمیر المؤمنین (علیه السلام): «أیّها الناس إنّما یجمع الناس الرضا والسخط وإنّما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمّهم الله بالعذاب لمّا عمّوه بالرضا فقال سبحانه: (فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِینَ)(15)»(16) . وأیضاً ما ورد فی زیارة الحسین(علیه السلام): «ولعن الله اُمّة سمعت بذلک فرضیت به»(17).

لکن المستفاد من هذه الرّوایات أنّ الرضا غیر النیّة وأنّه عنوان مستقلّ محرّم، أی من رضى بعصیان شخص آخر فقد عصى، وإن لم یکن من قصده فعل تلک المعصیة بنفسها بل ربّما ینتهی إلى الکفر کمن رضى بقتل الحسین (علیه السلام) فإنّه یوجب انطباق عنوان الناصب، والناصب کافر.

ومنها: ما ورد(18) فی السنّة الحسنة والسنّة السیّئة، ومضمون جمیعها یرجع إلى أنّ من سنّ سنّة حسنة کان له أجر من عمل بها ومن سنّ سنّة سیّئة کان علیه وزر من عمل بها.

والجواب: أنّها أیضاً ترجع إلى عنوان الاعانة على البرّ والتقوى أو عنوان الاعانة على الإثم والعدوان کما لا یخفى.

ومنها: ما روی أنّه «إذا التقى المسلمان بسیفهما فالقاتل والمقتول فی النار، قلت هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنّه أراد قتل صاحبه».

وهی أیضاً خارجة عن محلّ النزاع، لأنّ الموجب للدخول فی النار فیها لیس مجرّد نیّة القتل وإرادته بل الإلتقاء بالسیف، وسلّ السیف على المسلم بنفسه من المحرّمات، بل قد یدخل تحت عنوان المحارب الذی له حدّ شدید کما ورد فی القرآن.

وإن شئت قلت: النیّة منضمّة إلى مقدّمة من مقدّمات القتل وهی الإلتقاء بالسیف، والإلتقاء بالسیف حرام لانطباق عنوان الهتک أو اخافة المؤمن علیه.

فظهر إلى هنا أنّ التامّ من حیث الدلالة من بین هذه الرّوایات الکثیرة روایة واحدة وهی روایة جابر، لکنّها من ناحیة السند ضعیفة لمکان عمرو بن شمر.

هذا، مضافاً إلى أنّ فی قبال هذه الأخبار روایات(19) کثیرة تدلّ بالصراحة على عدم کون نیّة المعصیة معصیة نشیر هنا إلى روایتین منها:

إحداهما: ما رواه زرارة عن أحدهما (علیهما السلام): قال: «إنّ الله تبارک وتعالى جعل لآدم فی ذرّیته أنّ من همّ بحسنة فلم یعملها کتبت له حسنة ومن همّ بحسنة وعملها کتبت له عشر، ومن همّ بسیّئة لم تکتب علیه، ومن همّ بها وعملها کتبت علیه سیّئة»(20).

ثانیهما: ما رواه أبو بصیر عن أبی عبدالله (علیه السلام): قال: «إنّ المؤمن لیهمّ بالحسنة ولا یعمل بها فتکتب له حسنة، وإن هو عملها کتبت له عشر حسنات، وإنّ المؤمن لیهمّ بالسیّئة أن یعملها فلا یعملها فلا تکتب علیه»(21). إلى غیر ذلک ممّا هو فی معناهما.

وذکر شیخنا الأعظم الأنصاری (رحمه الله) للجمع بین هاتین الطائفتین وجهین کلّ واحد منهما جمع تبرّعی لا شاهد له.

أحدهما: أن تحمل الطائفة الاُولى على من ارتدع عن قصده بنفسه، والثانیة على من بقى على قصده حتّى عجز عن الفعل لا باختیاره.

الثانی: أن تحمل الاُولى على من اکتفى بمجرّد القصد، والثانیة على من إشتغل بعد القصد ببعض المقدّمات.

ولکن الأمر سهل بعد ما عرفت من عدم تمام الطائفة الاُولى، سلّمنا ولکنّ الطائفة الثانیة أصرح دلالة وأکثر عدداً، مضافاً إلى ما مرّ من المناقشة فی کلّ واحد من روایات الطائفة الاُولى دلالة أو سنداً، ویتلخّص من جمیع ما ذکرنا أنّه لا دلیل على حرمة التجرّی من العقل والنقل.


1. سورة البقرة: الآیة 225.
2. سورة البقرة: الآیة284.
3. سورة الإسراء: الآیة 36.
4. سورة النور: الآیة 19.
5. وسائل الشیعة: ج 1، الباب 6، من أبواب مقدّمات العبادات، ح 4.
6. وسائل الشیعة: ح 22، ج 1، الباب 6، من أبواب مقدّمات العبادات.
7. المصدر السابق: ح 15.
8. المصدر السابق: ح 17.
9. المصدر السابق: ح 3.
10. وسائل الشیعة: ح 5، ج 1، الباب 7، من أبواب مقدّمات العبادات.
11. المصدر السابق: ح 3.
12. المصدر السابق: ح 5.
13. المصدر السابق: ح 10.
14. وسائل الشیعة: ح 5، ج12، الباب55، من أبواب ما یکتسب به.
15. سورة الشعراء: الآیة 157.
16. فیض الإسلام، خ 192.
17. زیارة وارث.
18. راجع بحار الأنوار: ج 68، ص 257.
19. راجع وسائل الشیعة: ج 1، الباب 6، من أبواب مقدّمات العبادات، ح 6 و 7 و 8 و 10 و 20 و 21.
20. المصدر السابق: ح 6.
21. المصدر السابق: ح 7.

 

التنبیه الأوّل: فی مقتضى هذه الأدلةالتنبیه الثالث: الکلام فی تفصیل صاحب الفصول
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma