إنّ لنا أربع أنحاء من الهیئة:
الأوّل: هیئات المفردات نحو هیئات الصفات مثل هیئة اسم الفاعل أو المفعول.
الثانی: هیئات النسب الناقصة کهیئة المضاف والمضاف إلیه.
الثالث: هیئات النسب التامّة کهیئة جملة «زید قائم».
الرابع: هیئات وضعت لخصوصیّات النسب کهیئة «تقدیم ما حقّه التأخیر» الّتی تدلّ على الحصر مثلاً.
والوضع فی جمیعها نوعی، ولذا لا یتبدّل المعنى فیها بتبدّل المفردات والموادّ الموجودة فیها ولا یدور مدار مادّة خاصّة.
ثمّ إنّه لیس للمرکّبات وضع خاصّ مضافاً إلى وضع مفرداتها وهیئاتها، ففی جملة «زید قائم» لیس وراء وضع کلّ واحد من «زید» و «قائم» لمعنى خاصّ، ووضع هیئة جملة المبتدأ والخبر لمعنى إخباری، وضع آخر لمجموع الجملة; لإنّه یستلزم أوضاعاً غیر متناهیّة فی المرکّبات لعدم إحصائها، مضافاً إلى أنّه لغو، فإنّ وضعها بموادّها وهیئاتها واف بتمام المقصود منها، فلا حاجة إلى وضع آخر لها بجملتها.
نعم قد یقال: إنّه یمکن تصویر ذلک على نهج القضیّة الموجبة الجزئیّة فی خصوص الأمثال المرکّبة المستعملة فی کلّ لغة فی مفهوم خاصّ، فیقال إنّ جملة «أراک تقدّم رجلاً وتؤخّر اُخرى» مثلاً وضعت من حیث المجموع لبیان التحیّر والتردّد،(1) وإن کان هذا المعنى أیضاً محلّ تأمّل; لعدم الحاجة إلیه لأنّ «المتحیّر» فی المثال معنى کنائی یستفاد من مفردات هذه الجملة و هیئتها ولا یحتاج إلى وضع مجموع الجملة وضعاً جدیداً، فإنّها کنایات متّخذة من وضع مفرداتها مع وضع هیئاتها.