الثانی: أدلّة القائلین بعدم التحریف

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
طریق الوصول إلى مهمّات علم الاُصول ج1
الأوّل: تعیین موضع النزاعالثالث: أدلّة القائلین بالتحریف ونقدها:

إستدلّ القائلون بعدم تحریف القرآن بوجوه:
الوجه الأوّل: شدّة اهتمام النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)بحفظ القرآن وقراءته وجمعه، وإهتمام المسلمین بذلک ویوجد علیها قرائن کثیرة:
منها: قصّة کتّاب الوحی وإهتمام النّبی(صلى الله علیه وآله) بکتابة القرآن، وقد نقل أنّه کان عنده لهذه المهمّة کتّاب کثیرون، والروایات فی عددهم مختلفة من أربعة عشر کاتباً إلى ثلاثة وأربعین(1)، وهذا یوجب عادةً أن یکون القرآن مجموعاً على عهده(صلى الله علیه وآله)، مصوناً عن الزیادة و النقصان.
ومنها: روایات صرّح فیها بأنّ القرآن قد جمع على عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله)(2) ومن
جملتها ما رواه البخاری فی صحیحه عن قتادة، قال: سألت أنس بن مالک: من جمع القرآن على عهد النّبی(صلى الله علیه وآله)؟ قال: «أربعة کلّهم من الأنصار، اُبی بن کعب، ومعاذ بن جبل، وزید بن ثابت، وأبو زید»(3).
ومن هذه الروایات ما رواه النسائی بسنده عن عبدالله بن عمرو قال: «جمعت القرآن فقرأت به فی کلّ لیلة، فبلغ ذلک النّبی(صلى الله علیه وآله) فقال اقرء به فی کلّ شهر»(4).
ومن أهمّها: أنّ من الأسامی المشهورة لسورة الحمد هو فاتحة الکتاب، والروایات الّتی لعلّها بالغة إلى حدّ التواتر تدلّ على أنّ الرسول(صلى الله علیه وآله) نفسه سمّاها بهذا الاسم(5)، مع أنّ سورة الحمد لم تکن أوّل سورة نزلت من القرآن، بل قال بعض: إنّها من السور المدنیّة لا المکّیة، فلو لم یکن القرآن قد جمع فی عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله)لم یکن وجه لتسمیتها بفاتحة الکتاب.
ومنها: قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّکَ یَعْلَمُ أَنَّکَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَی اللَّیْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِینَ مَعَکَ وَالله یُقَدِّرُ اللَّیْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَیْکُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَیَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ)(6)، فهذه تدلّ على شدّة إهتمام النّبی(صلى الله علیه وآله) والمسلمین بقراءة القرآن من الصدر الأوّل، حتّى إنّهم کانوا یقومون کثیراً من اللیل لم یکن لهم همّ إلاّ تلاوة القرآن.
وقد ورد فی الأخبار ما یدلّ على إهتمام المسلمین بتلاوته فإذا مرّ علیهم أحد یسمع لهم دویّاً کدویّ النحل، واهتمامهم بحفظه وتعلیمه حتّى صاروا یجعلون تعلیمه مهراً لأزواجهم.
ومع ملاحظة هذه القرائن نقطع بعدم إمکان أن تمتد ید التحریف إلیه.
الوجه الثانی: آیات من نفس الکتاب العزیز تدلّ صریحاً على عدم التحریف، ولا یخفى أنّ الاستدلال بها لیس دوریاً; لأنّ المدّعی یدّعی التحریف بالنقیصة لا الزیادة فإنّ الزیادة مجمع على بطلانها والقرآن الموجود فی یومنا هذا بما فیه من الآیات مقبول عند الجمیع:
منها: قوله تعالى: (وَقَالُوا یَا أَیُّهَا الَّذِی نُزِّلَ عَلَیْهِ الذِّکْرُ إِنَّکَ لَمجْنُونٌ لَوْ مَا تَأْتِینَا بِالْمَلاَئِکَةِ إِنْ کُنْتَ مِنْ الصَّادِقِینَ * مَا نُنَزِّلُ الْمَلاَئِکَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَا کَانُوا إِذاً مُنْظَرِینَ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(7).
فإنّ معنى کلمة الذکر فی قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ)هو القرآن، وقوله تعالى: (وَقَالُوا یَا أَیُّهَا الَّذِی نُزِّلَ عَلَیْهِ الذِّکْرُ) شاهد قطعی على ذلک، بل هذه الآیة تدلّ على شهرة هذا الاسم للقرآن بحیث یستعمله الکفّار المنکرون للوحی أیضاً، وحفظه بإطلاقه یشمل الحفظ من جمیع الجهات من الزیادة والنقصان والتغییر والغلبة علیه وغیرها، ولا دلیل على التحدید والتقیید.
ومنها: قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَکِتَابٌ عَزِیزٌ * لاَ یَأْتِیهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِیلٌ مِنْ حَکِیم حَمِید)(8).
والمراد من الباطل فی هذه الآیة هو مطلق البطلان، فیکون المقصود: لا یأتیه أیّ باطل من أیّ جهة من الجهات کما ورد فی مجمع البیان: «لا تناقض فی ألفاظه ولا کذب فی أخباره ولا یعارض ولا یزاد فیه ولا یغیّر»(9).
وولا وجه للتقیید ما دام لم توجد قرینة علیه، وقوله تعالى فی ذیلها: (تَنزِیلٌ مِنْ حَکِیم حَمِید) بمنزلة التعلیل للصدر; أی کما أنّ المنزل منه یکون عالماً حکیماً ومنعماً حمیداً إلى الأبد، لابدّ أن یکون المنزل الذی هو حکمة من جانب ونعمة من جانب آخر باقیاً بین الناس أیضاً.
إن قلت: إن کان المراد من عدم إتیان الباطل عدمه على نهج القضیّة الکلّیة فهو قطعی البطلان; لأنّ کثیراً من الأعداء أرادوا بطلانه أو فسّروه على غیر وجهه، وإن کان المراد عدم الإتیان على نهج القضیّة الجزئیّة، فهو یصدق بالنسبة إلى المصحف الموجود عند الإمام الحجّة(علیه السلام)، فلا یثبت عدم إتیانه الباطل بالإضافة إلى غیره من المصاحف.br / قلت: إنّ «الحفظ» فی الآیة السابقة أو «عدم إتیان الباطل» له مفهوم عرفی والقرآن کتاب للهدایة فلا یصدق هذا العنوان إذا لم یکن القرآن محفوظاً بین الناس لهدایتهم وإن کان محفوظاً عند الإمام المهدی(علیه السلام)، فلیس عنده إلاّ هذا القرآن الذی بأیدینا.
الوجه الثالث: الروایات الدالّة على عدم التحریف:
منها: حدیث الثقلین المتواتر من طرق العامّة والخاصّة(10) الواردة فی ذیلها: «ما إن تمسّکتم بهما لن تضلّوا» وفی بعض الطرق «لن تضلّوا أبداً»، فإنّ مقتضى الذیل بقاء ما یمکن أن یتمسّک به بعد رسول الله(صلى الله علیه وآله) إلى الأبد، مع أن التحریف بحذف بعض الآیات یوجب سلب الاعتماد عن سائر الآیات; لأنّ القرآن یفسّر بعضه بعضاً، فتسقط بقیّة الآیات عن الحجّیة، فالأمر بالتمسّک به وعدم الضلالة لو تمسّکوا به إلى الأبد ـ بمقتضى کلمة لن ـ دلیل على حفظ القرآن الموجود فی عصره(صلى الله علیه وآله) إلى الأبد، هذا أوّلاً.
وثانیاً: إنّ مقتضاه عدم ضلالة الاُمّة إذا تمسّکوا بهذا الکتاب العزیز، والقول بالتحریف بالنقیصة من شأنه عدم الهدایة بالقرآن، فلا یأمن من الضلالة.
ومنها: روایات ظاهرها أنّ القرآن معیار لمعرفة الحقّ والباطل فی الروایات مطلقاً، وتأمرنا بعرض الروایات جمیعها علیه(11)، وهی تنافی تحریف القرآن; لأنّ تحریفه یلازم حذف ما کان معیاراً للعدید من الروایات، ولازمه کون القرآن معیاراً نسبیاً لا مطلقاً بحیث یعمّ جمیع الروایات.
ومنها: روایات تأمرنا وتشوّقنا باتّباع القرآن والاهتداء به، وهی ظاهرة فی أنّه سبب تامّ للهدایة، مثل ما ورد فی نهج البلاغة فی ذمّ الأخذ بالأقیسة والاستحسانات والآراء الظنّیة: «أمْ أَنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ دِیناً ناقِصاً فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَى إِتْمامِهِ! أَمْ کانُوا شُرَکاءَ لَهُ، فَلَهُمْ أَنْ یَقُولُوا وَعَلَیْهِ أَنْ یَرْضَى؟ أمْ أنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ دِیناً تَامًّا فَقَصَّرَ الرَّسُولُ(صلى الله علیه وآله) عَنْ تَبْلِیغِهِ وَأَدَائِهِ، وَاللّهُ سُبْحَانَهُ یَقُولُ: (مَا فَرَّطْنَا فِی الْکِتَابِ مِنْ شَىْء) وَقَالَ: (فِیهِ تِبْیَانٌ لِکُلِّ شَىْء)»(12).
وقوله(علیه السلام) فیه أیضاً: «وَکِتَابُ اللهِ بَیْنَ أَظْهُرِکُمْ نَاطِقٌ لاَ یَعْیَا لِسَانُهُ، وَبَیْتٌ لاَ تُهْدَمُ أَرْکَانُهُ، وَعِزٌّ لاَ تُهْزَمُ أَعْوَانُهُ»(13).
وقوله(علیه السلام): «ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَیْهِ الْکِتَابَ نُوراً لاَ تُطْفَأُ مَصَابِیحُهُ، وَسِرَاجاً لاَ یَخْبُو تَوَقُّدُهُ، وَبَحْراً لاَ یُدْرَکُ قَعْرُهُ، وَمِنْهَاجاً لاَ یُضِلُّ نَهْجُهُ،وَ شُعَاعاً لاَ یُظْلِمُ ضَوْءُهُ، وَفُرْقَاناً لاَ یَخْمَدُ بُرْهَانُهُ، وَتِبْیَاناً لاَ تُهْدَمُ أَرْکَانُهُ»(14).
فإنّ المستفاد من جمیع ذلک أنّ کتاب الله تعالى بجمیع ما أُنزل على رسول الله(صلى الله علیه وآله)کان موجوداً بین الناس یستضاء بنور هدایته ویهتدی بهداه، ولو کان الکتاب محرّفاً أو ناقصاً فی شیء من آیاته لما کان له هذه المنزلة وتلک الآثار، خصوصاً قوله(علیه السلام): «وَکِتَابُ اللهِ بَیْنَ أَظْهُرِکُمْ» شاهد لوجود جمیع الکتاب بین أظهر الناس، واحتمال وقوع التحریف فیه بعد زمانه(علیه السلام) منفی بالإجماع.
فتلخّص: أنّ الأدلّة متضافرة على بطلان مزعمة التحریف وأنّ کتاب الله محفوظ بین الاُمّة کما نزل على رسول الله(صلى الله علیه وآله)، مضافاً إلى الشهرة القطعیّة بین علماء الفریقین ومحقّقیهم.


1 . السیرة الحلبیة، ج 3، ص 422; تاریخ القرآن لأبی عبدالله الزنجانی، ص 42.
2 . قیل إنّ القرآن جمع على عهد أبی بکر، وقیل على عهد عمر، وجماعة کثیرة یقولون بأنّه جمع فی زمن عثمان، والحقّ أنّه جمع على عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله) ولم یقبض رسول الله(صلى الله علیه وآله)إلاّ بعد أن جمع تمامه، وأمّا عثمان فهو إنّما نظّم القراءات المختلفة وجمع المسلمین على قراءة واحدة وهی القراءة الّتی کانت مشهورة بین المسلمین الّتی تلقّوها عن النّبی(صلى الله علیه وآله)ومنع عن القراءات الاُخرى المبتنیة على أحادیث نزول القرآن على سبعة أحرف، حیث إنّ اختلاف القراءات لم یکن مقصوراً على مجرّد اختلاف الإعراب والحرکات بل یعمّ التغییر لبعض الکلمات أیضاً کما روی أنّ عمر کان یقرأ فی سورة الجمعة: «فامضوا» بدلا عن قوله تعالى: «واسعوا».
   ونسبة الجمع إلى أبی بکر وعمر فلعلّها نشأ من حرص بعض الناس على تکثیر مناقب الشیخین، وإلاّ فلا دلیل یعتدّ به علیه. وقد قال السیّد المرتضى(رحمه الله): «إنّ القرآن کان یدرس ویحفظ جمیعه فی ذلک الزمان حتّى عیّن على جماعة من الصحابة فی حفظهم له وإنّه کان یعرض على النّبی(صلى الله علیه وآله)ویتلى علیه، وإنّ جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود واُبیّ بن کعب وغیرهما ختموا القرآن على النّبی(صلى الله علیه وآله) عدّة ختمات وکلّ ذلک یدلّ بأدنى تأمّل على أنّه کان مجموعاً مرتّباً غیر مبتور ولا مبثوث».
   وما ورد فی الروایات من أنّ علیّاً(علیه السلام)لزم بیته بعد وفاة رسول الله(صلى الله علیه وآله)ولم یخرج من بیته حتّى جمع القرآن مع تنزیله وتأویله والناسخ منه والمنسوخ، فهو بحسب الواقع جمع لتفسیر القرآن الکریم، ویشهد لذلک عدّة من الروایات، لا أنّه کان فیه زیادة على هذه الآیات الموجودة أو تغییر. ولزیادة التوضیح راجع کتابنا «أنوار الاُصول» ج 2، ص 318 ـ 320.
3 . صحیح البخاری، ج 6، ص 103.
4 . السنن الکبرى، ج 5، ص 24.
5 . اُنظر: تفسیر نور الثقلین، ج 1، ص 3 ـ 9; الدرّ المنثور، ج 1، ص 3 ـ 6.
6 . سورة المزمّل، الآیة 20.
7 . سورة الحجر، الآیتان 6 و 9.
8 . سورة فصّلت، الآیتان 41 و 42.
9 . مجمع البیان، ج 9، ص 27.
10 . اُنظر: جامع أحادیث الشیعة،ج 1، ص 189 ـ 219، الباب الرابع من أبواب المقدّمة.
11 . وسائل الشیعة، ج 18، کتاب القضاء، أبواب صفات القاضی، الباب 9، ح 10 ـ 12 و14 و15.
12 . نهج البلاغة، الخطبة 18.
13 . نهج البلاغة، الخطبة 133.
14 . نهج البلاغة، الخطبة 198.

 

الأوّل: تعیین موضع النزاعالثالث: أدلّة القائلین بالتحریف ونقدها:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma