إنّ الأصالة والتبعیّة تارةً تلحظان بالنسبة إلى مقام الدلالة والإثبات کما لاحظهما المحقّق القمّی وصاحب الفصول، فعرّفهما المحقّق القمّی بأنّ الواجب الأصلی ما یکون مقصوداً بالإفادة من الکلام، والواجب التبعی ما لا یکون مقصوداً بالإفادة من الکلام، وإن استفید تبعاً، کدلالة الآیتین على أقلّ الحمل(1).
وعرّفهما المحقّق صاحب الفصول بأنّ الأصلی ما فهم وجوبه بخطاب مستقلّ، أی غیر لازم لخطاب آخر وإن کان وجوبه تابعاً لوجوب غیره، والتبعی بخلافه، وهو ما فهم وجوبه تبعاً لخطاب آخر وإن کان وجوبه مستقلاّ کما فی المفاهیم، فالمناط فی الأصالة والتبعیة هو الاستقلال بالخطاب وعدمه(2).
واُخرى: بلحاظ مقام الثبوت کما فی تقریرات شیخنا الأعظم(رحمه الله)(3) فالأصلی حینئذ عبارة عمّا تعلّقت به إرادة مستقلّة من جهة الالتفات إلیه بما هو علیه من المصلحة، والتبعی عبارة عمّا لم تتعلّق به إرادة مستقلّة لعدم الالتفات إلیه بما یوجب إرادته کذلک، وإن تعلّقت به إرادة إجمالیة تبعاً لإرادة غیره کما فی الواجبات الغیریّة الترشّحیة.
ولکن لا یهمّنا البحث عنه، لعدم ترتّب ثمرة اُصولیة أو فقهیة علیه، فإنّه مجرّد اصطلاح ولا مشاحّة فی الاصطلاح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 . قوانین الاُصول، ج 1، ص 99 و 102. والمراد من الآیتین قوله تعالى فی سورة الأحقاف، الآیة 15، «وَحَملُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهرَاً» وقوله تعالى فی سورة البقرة، الآیة 233: «وَالوالِداتُ یُرضِعنَ أولادَهُنَّ حَولَینِ کامِلَینِ لِمَن أرادَ أن یُتِمَّ الرَضاعَة».
2 . الفصول الغرویة، ص 82.
3 . مطارح الأنظار، ص 78.