مثال ذلک: قوله(علیه السلام): «إذا خفى الأذان فقصّر»، وقوله(علیه السلام): «إذا خفیت الجدران فقصّر» لو فرض صدور خبرین بهذین المضمونین(1)، فبعد قبول کبرى مفهوم الشرط یقع التعارض بینهما، لأنّ مفهوم کلّ منهما ینافی منطوق الآخر، وقد وقع الکلام فی مبحث مفهوم الشرط بینهم وذکروا لحلّ هذا التعارض طرقاً عدیدة، والعمدة منها فیما نحن فیه طریقان:
1. تقیید إطلاق مفهوم کلّ منهما بمنطوق الآخر، ولازمه کفایة أحد الأمرین فی حصول حدّ الترخّص.
2. تقیید إطلاق منطوق کلّ منهما بمنطوق الآخر، ولازمه اعتبار خفاء الأذان والجدران معاً فی وجوب التقصیر.
فإن قلنا بأنّ المنطوق أقوى ظهوراً من المفهوم فالمتعیّن هو الطریق الأوّل، وإلاّ لا ترجیح لأحدهما على الآخر.
وقد یقال: إنّ المنطوق أقوى ظهوراً من المفهوم; لأنّ الکلام إنّما سیق لبیان المنطوق، والمفهوم أمر تبعی ولازم للمنطوق، ولکنّ الإنصاف أنّ هذا دعوى بلا دلیل بل کثیراً ما یساق الکلام لبیان المفهوم، کقولک: «سافر إن کان الطریق آمناً» فإنّ المراد منه غالباً النهی عن السفر فی صورة عدم الأمن.
فالصحیح أن یقال: إنّ المقامات مختلفة، والمتّبع هو القرائن المکتنفة بالکلام، فیسقط الطریق الأوّل عن کونه ضابطة کلّیة للجمع الدلالی.