وفیها أقوال:
الأوّل: ما اختاره المحقّق الخراسانی(رحمه الله) من أنّه نحو اختصاص للفظ بالمعنى وإرتباط خاصّ بینهما ناش من تخصیصه به تارةً ومن کثرة استعماله فیه اُخرى(1).
ولایخفى ما فیه من الإبهام الذی لا یغتفر مثله فی مقام التعریف.
الثّانی: إنّه استیناس ذهنی بین اللفظ والمعنى بحیث ینتقل الذهن من أحدهما إلى الآخر.
وهذا مقبول فی الوضع التعیّنی، أمّا فی التعیینی فلا معنى محصّل له، لأنّ الاُنس والعلاقة الذهنیّة أمر متأخّر عن الوضع یحصل من کثرة الاستعمال الحاصلة بعد الوضع.
الثالث: إنّه التزام وتعهّد من ناحیة أهل اللغة بأنّه کلّما استعمل هذا اللفظ اُرید منه هذا المعنى.
ویلاحظ علیه: أنّ الوجدان حاکم على أنّ جملة «وضعت هذا اللفظ لهذا المعنى» لیس بمعنى «إنّی تعهّدت کلّما ذکرت هذا اللفظ أردت منه هذا المعنى».
الرابع: ما أفاده جمع من المحقّقین وهو أنّ حقیقة الوضع أمر اعتباری وهو جعل اللفظ علامة للمعنى فی عالم الاعتبار.
وتوضیحه: إنّه تارةً یوضع شیء علامة لشیء آخر فی عالم الخارج کوضع علامات الفراسخ فی الطرق، واُخرى یجعل شیء علامة لشیء آخر فی عالم الاعتبار وفقاً للعلامات الخارجیّة، ومن هذا القسم جمیع المفاهیم الإنشائیّة الّتی تکون اُموراً اعتباریة مشابهة لمصادیقها الخارجیّة من بعض الجهات، فإنّ ملکیة الإنسان وسلطنته على ماله عند العقلاء فی عالم الاعتبار مثلاً أمر ذهنی یشبه ملکیته وسلطنته على نفسه أو بعض الأشیاء تکویناً، وکذلک الألفاظ بالنسبة إلى معانیها، فإنّ حقیقة الوضع جعل اللفظ علامة للمعنى فی عالم الاعتبار وفقاً للعلامات الّتی توضع على الأشیاء الخارجیّة.
وهذا أحسن ما یمکن أن یقال فی المقام، إلاّ أنّه یتصوّر فی خصوص الوضع التعیینی، أمّا فی التعیّنی فلا، لعدم جعل ولا إنشاء فیه.
فالأولى أن یقال: الوضع التعیینی حقیقته جعل اللفظ علامة للمعنى، وأمّا الوضع التعیّنی هو الاُنس الحاصل من کثرة استعمال اللفظ الّتی تکون سبباً لتبادر المعنى إلى الذهن من اللفظ.

1 . کفایة الاُصول، ص 9.