هل الأمر یدلّ على الفور(1)، أو التراخی(2)، أو علیهما بالاشتراک اللفظی(3)، أو لا یدلّ إلاّ على الطبیعة المجرّدة؟
فیه وجوه، والمشهور هو الوجه الأخیر; لأنّ مفاد صیغة الأمر ومادّته بحکم التبادر لیس إلاّ طلب إیجاد الطبیعة الّتی لیس فیها مرّة ولا تکرار ولا فور ولا تراخی أبداً، بل تستفاد هذه الخصوصیّات من دلیل آخر(4).
لکنّ الصحیح أنّها تدلّ على الفور أیضاً کما تدلّ على المرّة، وذلک لأنّ العرف والعقلاء لا یعدّون العبد معذوراً إذا أخّر الإمتثال.
مضافاً إلى أنّ البعث التشریعی یطلب الانبعاث فوراً عند العقل، کما فی البعث التکوینی ولا معنى لأن یکون البعث فی الحال والانبعاث فی المستقبل، فکما أنّ طبیعة الأمر والطلب تقتضی الوجوب، کذلک تقتضی الفوریة إلاّ أن یثبت خلافه.
ثمّ إنّه مع عدم إمتثال المأمور به من جانب المکلّف فوراً، فبناءً على القول بالفوریة هل یجب علیه الإتیان فوراً ففوراً، أو یسقط الحکم بالمرّة، أو تسقط فوریته؟
قد یقال: المسألة مبنیة على أنّ مفاد الصیغة على القول بالفور هو وحدة المطلوب أو تعدّده، فإن کان الإتیان بالمأمور به مطلوباً وإتیانه على الفور مطلوباً آخر، فالواجب الإتیان به لو عصى الفوریة، وأمّا لو کان المجموع مطلوباً واحداً سقط الوجوب بعد عصیان الفوریة(5).
ولکن قد ظهر ممّا مرّ أنّ طبیعة البعث تقتضی الفوریة بحیث لا یسقط المطلوب بعصیان الفوریة فی زمان، إلاّ أن یدلّ دلیل خاصّ على سقوط الطلب عند عصیانه، ولا ربط لها بمسألة تعدّد المطلوب کما یظهر من أوامر الموالی العرفیّة.