3. النفسی والغیری

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
طریق الوصول إلى مهمّات علم الاُصول ج1
ثمرة المسألة: کلمة حول الطهارات الثلاث


وقد عرّف الأصحاب الواجب النفسی بأنّه ما اُمر به لنفسه، والغیری ما اُمر به لغیره(1).
وهاهنا إشکال معروف وهو أنّ هذا التعریف یوجب کون جلّ الواجبات غیریّة لأنّها إنّما وجبت لغیرها وهو المصالح الّتی تترتّب علیها، فینحصر الواجب النفسی فی مثل معرفة الله تعالى حیث إنّها مطلوبة لذاتها(2).
وقد تصدّى الأعلام لحلّه بوجوه، والمختار فیه أن یقال: إنّ المصالح الّتی تترتّب على الأفعال اُمور خارجة عن دائرة علم المکلّفین بتفاصیلها، وبالتبع خارجة عن دائرة قدرتهم وتکلیفهم، بل إنّها معلومة للمولى وتکون داعیة لأوامره، وحینئذ لا یعقل تکلیف العباد بتحصیلها ولا محالة تکون فوق دائرة الأمر لا تحته.
ویشهد لما ذکرنا اُمور:
الأمر الأوّل: ما اُشیر إلیه من أنّ العبد غالباً یکون جاهلا بتفاصیل المصالح الّتی تترتّب على الأحکام، فهو یعلم إجمالا بوجود رابطة بین الصلاة مثلا والنهی عن الفحشاء وأنّ الصیام جنّة من النار، وأمّا الجزئیّات والخصوصیّات فهی مجهولة له، بل قد لا یعلم بعض المصالح لا تفصیلا ولا إجمالا کجعل صلاة الصبح رکعتین، هذا مضافاً إلى کون المصلحة فی کثیر من مواردها لیست دائمیّة وبمنزلة العلّة بل بصورة الأغلبیة وبمثابة الحکمة کعدم اختلاط المیاه فی وجوب الأخذ بالعدّة.
الأمر الثانی: أنّ المصلحة قد تکون فی نفس أمر المولى وإنشائه ولا مصلحة فی متعلّقه کما فی الأوامر الامتحانیّة فی الشرع، ونظیر الأوامر الّتی تصدر من جانب الموالی العرفیّة أو الاُمراء عند نصبهم لمجرّد تثبیت المولویّة أو الأمارة.
الأمر الثالث: أنّ المصلحة قد لا تترتّب على فعل مکلّف خاصّ حتّى یؤمر بتحصیلها بل إنّها تترتّب على أفعال جماعة من المکلّفین، بل قد تترتّب على أفعال أجیال منهم نظیر أمر الإمام(علیه السلام) بکتابة الأحادیث للأجیال القادمة،(3) فإنّ المصلحة الّتی تترتّب على هذا الأمر تظهر بعد مضیّ مدّة طویلة من الزمان.
نعم مع ذلک کلّه قد یبیّن المولى شیئاً من المصالح لترغیب الناس إلى إتیان التکالیف نظیر قوله تعالى: «إنّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنْکَرِ»(4)، وما وردت فی علل الأحکام.
وممّا ذکرنا ظهر أنّ تعریف المشهور للواجب النفسی والغیری ممّا لا غبار علیه، وأنّ ما اُورد علیه من الإشکال لیس بوارد، فالواجب النفسی هو ما اُمر به لنفسه، والغیری ما اُمر به للتوصّل إلى واجب آخر.
حکم الشکّ فی النفسیّة والغیریّة
إذا شکّ فی واجب أنّه نفسی أو غیری کما إذا شکّ فی أنّ غسل الجنابة واجب نفسی مطلوب لنفسه أو أنّه واجب لأجل واجب آخر کالصلاة والصیام، فما هو مقتضى الأصل اللّفظی والعملی؟
أمّا الأصل اللّفظی فقد ذهب کثیر من الاُصولیین إلى أنّ مقتضى إطلاق الصیغة کون الواجب نفسیاً لا غیریاً، لأنّه لو کان شرطاً لغیره لوجب التنبیه علیه على المتکلّم الحکیم فی مقام البیان(5).
وقد اُورد علیه أوّلا: بأنّ الصیغة موضوعة لمصادیق الطلب الحقیقی المنقدح فی نفس الطالب لا لمفهوم الطلب، فإنّ الفعل لا یتّصف بالمطلوبیة إلاّ بواسطة تعلّق واقع الإرادة وحقیقتها علیه لا بواسطة مفهومها، ومن المعلوم أنّ الفرد من الطلب الحقیقی المنقدح فی نفس الطالب جزئی لا یعقل فیه التقیید والإطلاق، فلا معنى للتمسّک بإطلاق الصیغة لکون الواجب نفسیّاً لا غیریّاً(6).
وفیه: إنّ الجزئی وإن استحال تقییده بعد تحقّقه فی الخارج إلاّ أنّه لا ریب فی إمکان تقییده وتضییقه قبل الإیجاد من باب «ضیّق فم الرکّیة».
وثانیاً: بأنّ المعانی الحرفیّة وإن کانت کلّیة إلاّ أنّها ملحوظة بتبع لحاظ متعلّقاتها أعنی المعانی الإسمیّة; لکونها قد اتّخذت آلة لملاحظة أحوال المعانی الإسمیّة، وما کان هذا شأنه فهو دائماً مغفول عن ملاحظته بخصوصه، وعلیه فکیف یعقل توجّه الإطلاق والتقیید إلیه؟ لاستلزامه الالتفات إلیه بخصوصه فی حال کونه مغفولا عنه بخصوصه وهذا خلف(7).
والجواب عنه واضح أیضاً، وذلک لما مرّ من أنّ المعانی الحرفیة تابعة للمعانی الإسمیّة فی الوجود الذهنی والخارجی، وهو لا یلازم کونها مغفولا عنها، بل إنّها قد تصیر ملحوظة وملتفتاً إلیها بتمام اللحاظ والتوجّه، نظیر ما نقل عن المحقّق نصیر الدین الطوسی(رحمه الله)حیثما حضر فی درس المحقّق الحلّی(رحمه الله) وأفتى باستحباب التیاسر فی القبلة لأهل العراق فسأله المحقّق الطوسی(رحمه الله): التیاسر من القبلة أو إلى القبلة؟ فأجاب المحقّق(رحمه الله): «من القبلة إلى القبلة»(8)، فلا مانع من إطلاق المعنى الحرفی وتقییده من هذه الناحیة.
أمّا الأصل العملی فیما إذا لم یکن هناک إطلاق فیتصوّر له ثلاث صور:
الصورة الاُولى: ما إذا شککنا فی النفسیّة والغیریّة قبل مجیء وقت ما یحتمل کون المشکوک مقدّمة له، کما إذا شککنا قبل الظهر فی أنّ غسل الجنابة واجب نفسی أو غیری للصّلاة، فلا إشکال فی أنّ الأصل فی هذه الصورة إنّما هو البراءة، فإنّه إن کان غیریاً لم یجب الإتیان به لعدم وجوب ذی المقدّمة فعلا.
الصورة الثانیة: ما إذا شککنا فیها بعد مجیء وقت ما یحتمل کون المشکوک مقدّمة له وبعد فعلیة وجوبه، وحینئذ یجب الإتیان بهذا الواجب على کلّ حال للعلم بوجوبه حینئذ، إمّا لنفسه أو لغیره.
الصورة الثالثة: ما إذا جاء وقت ما یحتمل کونه ذا المقدّمة ومضیّ وقته کما إذا صارت المرأة حائضاً بعد دخول وقت الصلاة بعد أن کانت جنباً، فلا نعلم أنّ غسل الجنابة واجب غیری حتّى یظهر سقوط وجوبه بسقوط وجوب الصلاة أو أنّه واجب نفسی حتّى یکون باقیاً على وجوبه، ولا إشکال فی أنّ الأصل هو الاستصحاب حیث إنّ الشکّ هنا یرجع إلى الشکّ فی سقوط وجوب ثبت من قبل والأصل بقاؤه، لکنّه مبنی على جریان الاستصحاب فی الشبهات الحکمیّة وقد أشکلنا علیه فی محلّه.
ترتّب الثواب على الواجب الغیری وعدمه
وینبغی أوّلاً تنقیح الکلام حول معنى الثواب و حقیقته على نحو کلّی، وأنّه هل هو من باب الاستحقاق أو التفضّل؟ والمشهور أنّه من باب الاستحقاق(9)، ولکن ذهب المفید(رحمه الله)وجماعة إلى أنّه من باب التفضّل من الله سبحانه(10)، ولا إشکال فی أنّ الظاهر من آیات الکتاب هو الأوّل حیث تعبّر عن الثواب بالأجر فی عدد کثیر منها.
نعم، أنّ الاستحقاق هنا لیس من قبیل استحقاق الأجیر لاُجرة عمله، فإنّ المکلّفین هم العبید والله تعالى هو المولى، ومن المعلوم أنّه یجب على العبد إطاعة المولى لحقّ المولویّة والطاعة لا للأجر، فإنّ العبد بجمیع شؤونه ملک للمولى، فلا اختیار له فی مقابله حتّى یطلب منه شیئاً بإزاء عمله.
مضافاً إلى أنّ التکالیف الشرعیّة مشتملة على مصالح ترجع إلى العباد أنفسهم، فکیف یستحقّون بإطاعتهم وإمتثالهم الأجر والاُجرة، بل الاستحقاق هنا بمعنى اللیاقة لقبول التفضّل من جانب الباری تعالى، أی أنّ العبد المطیع یلیق بإنعام الله تعالى وتفضّله علیه بمقتضى حکمته، فإنّ التسویة بین المطیع والعاصی مخالف للحکمة، ولعلّ هذا هو مراد من ذهب إلى أنّه من باب التفضّل لا الاستحقاق.
وبعبارة اُخرى: استحقاق الاُجرة والاستعداد لها; بحیث یعدّ عدم إعطائها ظلماً شیء، واللیاقة للتفضّل شیء آخر، والاستحقاق فیما نحن فیه بالمعنى الثانی لا الأوّل، فلا یعدّ ترک الثواب حینئذ من مصادیق الظلم، نعم إنّه ینافی حکمة الباری الحکیم لأنّ لازمه التسویة بین المطیع والعاصی.
فالاستحقاق فی المقام لا ینافی التفضّل، بل یکون بحسب الحقیقة من مصادیقه، نعم قد یجتمع مع تفضّل أکثر یعبّر عنه فی لسان الآیات بالفضل کما یعبرّ عن الأوّل بالأجر، ویدلّ علیه قوله تعالى: (لِیُوَفّیَهُم أُجُورَهُم وَیَزیدَهُم مِن فَضْلِه)(11)، واختلاف التعبیر ناظر إلى اختلاف مراتب الفضل، فالتعبیر بالأجر مخصوص بمرتبة من التفضّل یعطى على أساس الکسب والعمل ولیاقة اکتسبها العبد بالطاعة وترک المعصیة، والتعبیر بالفضل مختصّ بمرتبة اُخرى ولیس على أساس العمل مباشرة.
بعد الفراغ عن بیان حقیقة الثواب، یقع الکلام فی ترتّب الثواب على الواجب الغیری وقد ذکر فیه وجوه:
1. عدم ترتّب الثواب مطلقاً، وهو ما ذهب إلیه المحقّق الخراسانی(رحمه الله)(12).
2. الفرق بین ما تعلّق به الأمر الأصلی وما تعلّق به الأمر التبعی، فیترتّب الثواب على الأوّل دون الثانی(13).
3. التفصیل بین ما إذا أتى بالمقدّمات بشرط قصد التوصّل به إلى الواجب النفسی، وما إذا أتى بها لا بهذا القصد، فیترتّب الثواب على الأوّل دون الثانی(14).
والحقّ فی المسألة هو ترتّب الثواب على المقدّمة بشرط قصد التوصّل بها إلى ذیها مضافاً إلى إشتراط الوصول الفعلی إلى ذی المقدّمة لولا المانع، أی یترتّب الثواب على خصوص المقدّمة الموصلة مع قصد التوصّل بها، بل یترتّب الثواب أیضاً حتّى لو لم یصل إلى ذی المقدّمة لحدوث مانع غیر إختیاری.
أمّا أصل ترتّب الثواب على المقدّمة فی مقابل من ینکره على الإطلاق فلما مرّ من أنّ الاستحقاق فیما نحن فیه إنّما هو بمعنى لیاقة یکتسبها العبد بطاعته وتقرّبه، وأنّ حکمة المولى الحکیم تقتضی عدم التسویة بین المطیع والعاصی، فإنّه لا إشکال أیضاً فی أنّ هذه اللیاقة وهذا التقرّب یحصل وجداناً لمن أتى بالمقدّمات بقصد التوصّل إلى ذی المقدّمة حیث إنّ العبد بإتیانه المقدّمات یتقرّب إلى الواجب، والوجدان حاکم بأنّ المتقرّب إلى ما أوجبه الله تعالى متقرّب إلى الله نفسه.
ویدلّ علیه ما ورد من ترتّب الثواب على المقدّمات، نظیر قوله تعالى: (ذَلِکَ بِأَنَّهُمْ لاَ یُصیبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِی سَبیلِ الله وَلاَ یَطَئُونَ مَوْطِئاً یَغِیظُ الْکُفَّارَ وَلا یَنَالُونَ مِنْ عَدُوّ نَیْلا إِلاَّ کُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ الله لاَ یُضِیعُ أَجْرَ المُحْسِنِینَ * وَلا یُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِیرَةً وَلا کَبِیرَةً وَلا یَقْطَعُونَ وَادِیاً إِلاَّ کُتِبَ لَهُمْ لِیَجْزیَهُمْ الله أَحْسَنَ مَا کَانُوا یَعْمَلُون)(15 ونظیر ما ورد بالنسبة إلى زیارة قبر الإمام أبی عبدالله الحسین(علیه السلام)(16).
وأمّا ترتّبه على خصوص ما إذا قصد بإتیان المقدّمة الوصول إلى ذی المقدّمة فلأنّ التقرّب المزبور إنّما یحصل فیما إذا قصد بالمقدّمة إمتثال التکلیف والوصول إلیه.
وأمّا ترتّبه على خصوص المقدّمة الموصلة بالوصول الفعلی عند عدم المانع، فلأنّه لو شرع فی المقدّمات ثمّ انصرف عنها من دون عذر لم یحصل له التقرّب المزبور.


1 . هدایة المسترشدین، ج 2، ص 89; مفاتیح الاُصول، ص 136; مطارح الأنظار، ص 66.
2 . مطارح الأنظار، ص 66; کفایة الاُصول، ص 107; نهایة الاُصول، ص 180 و 181.
3 . کقول الصادق(علیه السلام): «احتفظوا بکتبکم، فإنّکم سوف تحتاجون إلیها»، وقوله(علیه السلام)لمفضّل بن عمر: «اکتب وبثّ علمک فی إخوانک، فإن متّ فأورث کتبک بنیک، فإنّه یأتی على الناس زمان هرج لا یأنسون فیه إلاّ بکتبهم». (وسائل الشیعة، ج 18، کتاب القضاء، أبواب صفات القاضی، الباب 8، ح 17 و 18).
4 . سورة العنکوت، الآیة 45.
5 . مفاتیح الاُصول، ص 137; بدائع الأفکار للمحقّق الرشتی، ص 234; کفایة الاُصول، ص 108.
6 . مطارح الأنظار، ص 67.
7 . حکاه فی بدائع الأفکار، للآملی، ج 1، ص 373.
8 . اُنظر: المهذّب البارع، ج 1، ص 312.
9 . رسائل الشریف المرتضى(رحمه الله)، ج3،ص16; الاقتصاد، ص108; کشف المراد،ص551;کفایة الاُصول،ص110.
10 . نسب ذلک إلى المفید فی فوائد الاُصول، ج 1، ص 224، ولعلّه لبعض عبائره الموهمة لذلک، کما فی أوائل المقالات، ص 59، ولکن الظاهر موافقته مع مشهور المتکلمین، انظر النکت فی مقدمات الاُصول، ص 51، نعم التزم بذلک جمع من المتأخّرین، اُنظر: نهایة الاُصول، ص 186; تهذیب الاُصول، ج 1، ص 353.
11 . سورة النساء، الآیة 173.
12 . کفایة الاُصول، ص 110.
13 . اُنظر: قوانین الاُصول، ج 1، ص 108.
14 . أجود التقریرات، ج 1، ص 172; نهایة الأفکار، ج 1، ص 325.
15 . سورة التوبة، الآیتان 120 و121.
16 . وسائل الشیعة، ج 10، کتاب الحجّ، أبواب المزار، الباب 41.

 

ثمرة المسألة: کلمة حول الطهارات الثلاث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma