ویبحث فیها فی أمرین:
1. فی مفادها
لا إشکال فی أنّها وضعت للطلب الإنشائی; وبتعبیر المحقّق الخراسانی(رحمه الله)لإنشاء الطلب(1)، وعلى تعبیر بعض الأعاظم وضعت لنفس البعث والإغراء(2); فإنّها تعابیر مختلفة عن أمر واحد، فإنّ الإنسان تارةً یطلب شیئاً بنفسه مباشرة فیتحرّک نحو الماء مثلا لرفع العطش بنفسه، واُخرى یطلبه بالتسبیب، والثانی على قسمین:
تارةً یحرّک الإنسان الشخص المأمور نحو المأمور به بحرکة تکوینیّة فیبعثه نحو العمل بعثاً خارجیاً ویدفعه بقوّة یده مثلا.
واُخرى یحرّکه ویبعثه نحو العمل بإبراز إرادته وطلبه النفسانی بلفظ خاصّ، ومن الألفاظ الّتی یستعملها الإنسان فی القسم الثانی صیغة الأمر، فإنّها لفظ ینشئ بها الطلب، ویتوسّل به إلى مطلوبه.
ثمّ إنّ دواعی هذا البعث والإنشاء مختلفة: فتارةً یکون الداعی فیه الإیجاد فی الخارج جدّاً، فیکون الطلب جدّیاً، واُخرى لا یکون بداعی الجدّ بل بداعی التعجیز أو التهدید أو التمنّی أو غیرها، ولکنّه لا یوجب الاختلاف فی المستعمل فیه، بل مفاد الأمر فی جمیع هذه الموارد واحد، وهو البعث والطلب، والتفاوت إنّما هو فی الداعی.
فقولک: «أقم الصلاة» لا یختلف عن قولک «اعمل ما شئت» فی أنّ المستعمل فی کلیهما هو الطلب الإنشائی، والفرق بینهما إنّما هو فی أنّ الداعی فی الأوّل إنّما هو الجدّ وإیجاد العمل فی الخارج حقیقة، وفی الثانی التهدید وإیجاد الخوف الرادع عن العمل، وهذا ممّا یشهد علیه الوجدان ویعضده التبادر، وحینئذ یکون الاستعمال فی جمیعها حقیقیاً ولا مجاز فی البین أصلا.