الفرق بین التعبّدی والتوصّلی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
طریق الوصول إلى مهمّات علم الاُصول ج1
5. التعبّدی والتوصّلی6. الموقّت وغیر الموقّت


لا ینحصر الفرق بین التعبّدی والتوصّلی فی قصد القربة وعدمه فقط، بل إنّهما تفترقان فی الماهیة أیضاً، فماهیّة العمل التعبّدی تفترق عن ماهیة العمل التوصّلی، فإنّ للعبادة الّتی توجب التقرّب إلى المولى رکنین: حسن فاعلی وهو أن یکون العبد فی مقام الإطاعة والتقرّب إلى المولى، وحسن فعلی وهو أن یکون ذات العمل مطلوباً للمولى.
ثمّ إنّه قد ذکر أنحاء أربعة لقصد القربة: أوّلها: قصد الأمر، ثانیها: قصد المحبوبیّة، ثالثها: قصد المصلحة، ورابعها: قصد کون العمل للّه وأنّه أهل للعبادة(1).
أمّا الأوّل: فهو یتصوّر فیما تکون عبادیته بالجعل والاعتبار; حیث إنّ هذا القسم من الاُمور العبادیّة تحتاج فی تحدیدها وتعیین نوعها وکیفیتها إلى أمر واعتبار من ناحیة الشارع، وأمّا ما تکون عبادیته ذاتیة کالسجود فلا حاجة فیها إلى قصد الأمر لیکون عبادة لأنّها خضوع ذاتاً، و لابدّ من قصد الأمر فیما إذا تصوّر لعمل واحد دواع مختلفة.
وأمّا الثانی: فلا إشکال فیه حیث إنّ قصد المحبوبیّة أیضاً یمکن أن یصیر داعیاً; احترازاً عن سائر الدواعی.
وأمّا الثالث: فإن کان المقصود من المصلحة ما یترتّب على العبادة من الکمال المعنوی، فهو یرجع إلى قصد المحبوبیّة، وإن کان المراد منها المصالح المادیّة کالصحّة فی الصیام، فلا إشکال فی عدم إمکان التقرّب بقصدها، فإنّ هذه المصالح لیست اُموراً قربیّة إلاّ إذا لوحظ کونها مقدّمة للعبادة والإطاعة.
وأمّا الرابع: فلا یصحّ أیضاً، لأنّ التقرّب بعمل خاصّ متفرّع على عبادیّته فی الرتبة السابقة إمّا ذاتاً أو بالجعل والاعتبار، فإن کان عبادة ذاتاً فهو وإلاّ فلابدّ لصیرورته عبادة من أن یقصد محبوبیّته عند الله أو کونه مأموراً به حتّى یمتاز عن أشباهه ونظائره، وأمّا مجرّد إتیانه لأنّ الله تعالى أهل للعبادة لا یوجب عبادیّته، فإنّه أهل للعبادة بلا ریب، ولکن لابدّ أن یکون العمل أهلاً لمقامه تعالى.
فالصحیح من الأنحاء الأربعة فی العبادات المجعولة من جانب الشارع إنّما هو القسم الأوّل والثانی فقط.
ولا حاجة إلى شیء من ذلک فی العبادات الذاتیّة، نعم إذا أتى بالسجدة بقصد کونها لله تکون عبادة لله، وإن أراد بها الصنم تکون عبادة للصنم، فهی عبادة على کلّ حال ذاتاً من دون حاجة إلى جعل واعتبار.
إمکان أخذ قصد الأمر فی المأمور به
قد وقع الخلاف بین الأعلام فی أنّه، هل یجوز أخذ قصد الأمر فی متعلّقه شرعاً أو لا؟ ذهب جماعة منهم إلى عدم الإمکان وأنّ قصد الأمر ممّا یعتبر فی العبادات عقلا لا شرعاً ولهم بیانات مختلفة فی امتناعه(2).
ولکن الوجدان أصدق شاهد على إمکان أخذ قصد الأمر فی المأمور به کأن یقول المولى: «کبّر واسجد وارکع ... مع قصد هذا الأمر»، وکلّ ما ذکر من الإشکال شبهة فی مقابل الوجدان لا یعتنى به.
ولو سلّمنا استحالة أخذ قصد الأمر فی متعلّق الأمر، ولکن الطریق فی جعل عبادیة العبادات وأخذ قصد التقرّب بها فی المتعلّق لیس منحصراً فی أخذ قصد الأمر فیه، بل یکفی أخذ قصد المحبوبیّة أو قصد المصلحة المعنویّة فی المتعلّق فیقال مثلا: «صلّ بقصد المحبوبیّة أو بقصد المصلحة المعنویّة» فإذا لم یأخذه المولى فی المتعلّق وأطلقه نتمسّک بإطلاقه لعدم اعتبار قصد القربة وعدم کون الواجب تعبّدیاً.
ثمّ إنّه قد ذُکر هاهنا طریق آخر لأخذ قصد الأمر فی المأمور به، وهو ما أفاده الشّیخ الأعظم(رحمه الله) على ما فی تقریراته، من تصحیح اعتبار قصد الأمر فی المأمور به من طریق أمرین: أحدهما یتعلّق بذات العمل والآخر بإتیانه بداعی أمره، فلو لم یعتبر المولى قصد القربة بواسطة أمر ثان وکان هو فی مقام البیان نستکشف عدم اعتباره(3).
وأورد علیه المحقّق الخراسانی أوّلا: بأنّا نقطع بأنّه لیس فی العبادات إلاّ أمر واحد کما فی الواجبات التوصّلیّة.
وثانیاً: بأنّ الأمر الأوّل المتعلّق بأصل الفعل إن کان توصّلیاً یسقط بمجرّد الإتیان بالفعل ولو بغیر داعی أمره فلا یکاد یبقى مجال لموافقة الأمر الثانی، لسقوط الأمر الأوّل بمجرّد الإتیان بالفعل لا بداعی أمره، وإن کان تعبّدیاً لا یسقط بمجرّد الإتیان بالفعل بغیر داعی أمره، فلا وجه لعدم السقوط إلاّ کون الواجب عبادیاً لا یحصل الغرض منه إلاّ مع الإتیان به بداعی أمره، ومع کون الواجب کذلک یستقلّ العقل لا محالة بوجوب إتیانه على نحو یحصل به الغرض أی بداعی أمره وعلى وجه التقرّب به من دون حاجة إلى أمر آخر بإتیانه کذلک(4).
ولکن یرد على جوابه الأوّل: أنّه یوجد فی باب العبادات أمران: أحدهما متعلّق بذات العمل، والآخر بإتیانه بداعی أمره، وهو ما یستفاد من إجماع الفقهاء على اعتبار قصد القربة(5) فإنّه کدلیل منفصل وارد بعد الأوامر العبادیة، فإنّ المقصود من الأمر إنّما هو الدلیل الکاشف عن قول المعصوم(علیه السلام) ولا إشکال فی أنّ الإجماع دلیل شرعی یوجب القطع بصدور أمر من المعصوم(علیه السلام)یدلّ على اعتبار قصد القربة.
ویرد على جوابه الثانی: أنّا نختار الشقّ الثانی وهو کون الأمر الأوّل تعبّدیاً لا یسقط بمجرّد الإتیان بالفعل بغیر داعی أمره، ولکن مع ذلک لا یکون الأمر الثانی لغواً، لأنّ الکاشف عن تعبّدیة الأمر الأوّل وعدم حصول الغرض منه إلاّ بداعی أمره إنّما هو الأمر الثانی، ولیس هناک دلیل آخر فی مقام الإثبات إلاّ الأمر الثانی.
ولو فرضنا استحالة أخذ قصد الأمر فی المأمور به بأمر واحد وانحصار طریق أخذه بأمرین، فلا إشکال فی أنّ الإطلاق الذی یتمسّک به فی صورة عدم أخذ قصد الأمر بأمر ثان لیس إطلاقاً لفظیّاً; لأنّ المفروض عدم إمکان تقیید الأمر الأوّل بقصد الأمر حتّى یتصوّر فیه الإطلاق، بل هو إطلاق مقامی، وهو عبارة عن کون المولى فی مقام بیان حکم أفراد کثیرة من دون أن یصوغه فی صیاغ واحد شامل لجمیع الأفراد، بل یذکر حکم کلّ فرد فرد بصیغة خاصّة فیقول مثلا: «کبّر، اسجد، ارکع ...».
فحینئذ لو شککنا فی وجوب جزء خاصّ أو قید خاصّ فلیس هنا لفظ یمکن أن یقیّده بذلک الجزء، کأن یسأل السائل: « ما هو الأغسال الواجبة» وأجاب الإمام(علیه السلام): «غسل الجنابة والحیض و...» من دون ذکر غسل الجمعة، فیعلم منه بمقتضى الإطلاق المقامی عدم وجوبه، فإنّ المولى لو تعلّق غرضه بجزء آخر لذکره، وحیث إنّه لم یذکره مع کونه فی مقام البیان ولم یقل مثلا «اقنت» فی عرض سائر أجزاء الصلاة نعلم منه عدم وجوب القنوت وجزئیّته.
فتلخّص مّما ذکرنا أنّه یمکن أخذ قصد القربة فی المأمور به بثلاثة طرق: أخذ قصد الأمر فی متعلّق الأمر الأوّل، وأخذه فی الأمر الثانی، وأخذ مطلق قصد
القربة فی المتعلّق الأعمّ من قصد الأمر وقصد المحبوبیّة وغیرهما، على ما عرفت تفصیله.
هل الأصل فی الأوامر هو التعبّدیّة أو التوصّلیّة؟
فیه أقوال:
1. الأصل هو التوصّلیّة وهو المختار.
2. الأصل هو التعبّدیّة وهو المنقول من الکلباسی صاحب الإشارات(6).
3. فقدان الأصل اللّفظی فلابدّ من الرجوع إلى الاُصول العملیّة(7).
أمّا القول الأوّل: فقد ظهر أنّه یمکن للمولى أخذ قصد الأمر ضمن أمر واحد أو أمرین فحیث لم یأخذه وکان فی مقام البیان نتمسّک بالإطلاق، ونثبت به عدم اعتباره عنده.
وأمّا القول الثانی: فاستدلّ له باُمور، أهمّها أمران:
الأمر الأوّل: أنّ غرض المولى من الأمر هو إیجاد الداعی فی المکلّف للعمل والشعور بالمسؤولیّة أمام المولى، وکلّما حصل هذا الغرض حصل قصد القربة طبعاً; لأنّه لیس إلاّ إحساس المکلّف بالمسؤولیّة أمام المولى وانبعاثه من بعثه، فالأصل الأوّلی فی الأوامر أن تکون تعبّدیّة، والتوصّلیّة تحتاج إلى دلیل خاصّ.
ولکن یمکن الجواب عنه: بأنّه لا دلیل على أنّ غرض المولى فی أوامره هو تحریک العبد مطلقاً، حیث یمکن أن یکون غرضه تحریک العبد فیما إذا لم یکن متحرّکاً بنفسه، فلو علم المولى بتحرّک العبد بنفسه وحرکته إلى الماء مثلا لرفع عطش المولى لم یأمره بإتیان الماء.
مضافاً إلى أنّ وظیفة العبد إنّما هو تحصیل غرض المولى من المأمور به لا قصد التقرّب.
الأمر الثانی قوله تعالى: (وَمَا اُمِرُوا إلاّ لِیَعْبُدُوا الله مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ حُنَفَاءَ وَیُقِیمُوا الصَّلاَةَ وَیُؤْتُوا الزَّکَاةَ وَذَلِکَ دِینُ الْقَیِّمَةِ)(8)، ببیان أنّها تدلّ على أنّ جمیع الأوامر صدر من جانب الباری تعالى للعبادة مخلصاً والإخلاص عبارة عن قصد التقرّب فی العمل، ولازمه أن تکون جمیع الأوامر الشرعیّة تعبّدیّة إلاّ ما خرج بالدلیل.
والجواب عنه واضح: لأنّ الآیة إنّما تکون فی مقام نفی الشرک وإثبات التوحید کما یشهد علیه سائر آیات هذه السورة.
وأمّا القول الثالث: فاستدلّ له بأنّ التقابل بین الإطلاق والتقیید تقابل العدم والملکة فیتصوّر الإطلاق فیما یتصوّر التقیید فیه، وحیث إنّ التقیید ممتنع هنا یکون الإطلاق أیضاً ممتنعاً، فیکون الحقّ حینئذ هو الإهمال وعدم الإطلاق مطلقاً(9).
وجوابه یظهر ممّا سبق من إمکان أخذ قصد الأمر فی المتعلّق فلا نلتزم بالإهمال.
الأصل العملی فی المقام
لو أنکرنا وجود الأصل اللّفظی إمّا من جهة عدم إمکان أخذ قصد الأمر فی المأمور به، أو عدم کون المولى فی مقام البیان، فما هو مقتضى الأصل العملی فی المقام؟
قد یقال: بعدم جریان البراءة العقلیّة والشرعیّة، فالمرجع الاشتغال وأصالة التعبّدیّة(10).
واستدلّ لعدم جریان البراءة العقلیّة بأنّ الشکّ فی المقام واقع فی الخروج عن عهدة التکلیف المعلوم، والعقل یستقلّ بلزوم الخروج عن عهدته، فإذا علمنا أنّ شیئاً خاصّاً کالعتق مثلا واجب قطعاً، ولم نعلم أنّه تعبّدی یعتبر فیه قصد القربة، أم توصّلی لا یعتبر فیه ذلک، فما لم یؤت به بقصد القربة لم یعلم الخروج عن عهدة التکلیف المعلوم تعلّقه به، فإذا لم یؤت به کذلک وقد صادف کونه تعبّدیاً یعتبر فیه قصد القربة، فلا یکون العقاب حینئذ عقاباً بلا بیان والمؤاخذة بلا برهان.
واستدلّ لعدم جریان البراءة الشرعیّة بأنّه لابدّ فی جریان أدلّة البراءة الشرعیّة کحدیث الرفع وأمثاله من شیء قابل للرفع والوضع، وما نحن فیه لیس کذلک حیث إنّ دخل قصد القربة ونحوها فی الغرض لیس بشرعی بل واقعی فلا یقبل الرفع.
وفیه: أنّه قد مرّ إمکان أخذ قصد الأمر فی المتعلّق بطرقه الثلاثة، مضافاً إلى أنّه لا دلیل على وجوب تحصیل غرض المولى، بل على العبد أن یؤتى بمتعلّقات التکالیف الموجّهة إلیه فقط حتّى لو کانت نسبة المصالح والملاکات إلى متعلّقات التکالیف من قبیل المسبّبات التولیدیة إلى أسبابها أو من قبیل العلّة والمعلول التکوینیین، لأنّ الواجب فی الحقیقة إنّما هو ذات المتعلّق لا بما أنّه سبب أو علّة لأمر آخر.
مثلاً الغسلتان والمسحتان فی باب الوضوء واجبتان بذاتهما لا بما أنّهما موجبتان للطهارة الباطنیة، لأنّ هذا أمر خفی علینا لابدّ للشارع من بیان أسبابه، فإذا شکّ فی مدخلیة شیء فی تمامیّة علّیته أو سببیته ولم یکن دلیل على أخذه فی متعلّق التکلیف فلا دلیل على لزوم الإتیان به على العبد فیکون الشکّ شکّاً فی ثبوت التکلیف وموجباً لجریان البراءة.
ومع ذلک لو سلّمنا وجوب تحصیل الغرض على العبد، لکن تجری قاعدة قبح العقاب بلا بیان بالنسبة إلى الغرض أیضاً کما تجری بالنسبة إلى المأمور به; لأنّه یمکن للمولى أن یبیّن مقدار غرضه، فکما أنّ المأمور به أمره دائر بین الأقلّ والأکثر کذلک الغرض، فإنّه أیضاً مقول بالتشکیک، نعم لو کان الغرض أمراً بسیطاً وکان أمره دائراً بین الوجود والعدم فالأصل هو الاشتغال مع قطع النظر عمّا مرّ آنفاً.


1 . اُنظر: کفایة الاُصول، ص 74.
2 . اُنظر: مطارح الأنظار، ص 60; کفایة الاُصول، ص 72 ـ 75.
3 . مطارح الأنظار، ص 60 ـ 61.
4 . کفایة الاُصول، ص 74.
5 . اُنظر: مفتاح الکرامة، ج 1، ص 217; جواهر الکلام، ج 2، ص 77.
6 . اُنظر: أجود التقریرات،ج 1، ص 113.
7 . فوائد الاُصول، ج 1، ص 155.
8 . سورة البیّنة، الآیة 5.
9 . فوائد الاُصول، ج 1، ص 158 و 159.
10 . کفایة الاُصول، ص 75.

5. التعبّدی والتوصّلی6. الموقّت وغیر الموقّت
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma