أی دوران الأمر بین تخصیص عامّ وتقیید مطلق، کما إذا قال المولى: «أکرم عالماً» ثمّ قال: «لا تکرم الفسّاق»، ووقع التعارض فی العالم الفاسق فإنّ العالم مطلق یشمل العادل والفاسق منه، والفسّاق جمع محلّى باللام یدلّ على عموم الحکم لجمیع أفراد الفاسق، فالنسبة بینهما عموم من وجه فیتعارضان فی مادّة الاجتماع وهی العالم الفاسق، ومثاله الشرعی تعارض قوله تعالى: (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(1)وروایة «نهى النّبی عن بیع الغرر»(2) فإنّهما یتعارضان فی العقود الغرریّة.
قد یقال بترجیح ظهور العموم على الإطلاق أی تقدیم التقیید على التخصیص، واستدلّ له بأنّ ظهور الإطلاق تعلیقی أی معلّق على عدم بیان التقیید بحیث کان عدم البیان جزءاً من مقتضى الإطلاق، بخلاف ظهور العامّ فإنّه تنجیزی مستند إلى الوضع، فیکون ظهور العامّ بیاناً للتقیید ولیس للمطلق ظهور فی ذاته.
وأورد علیه المحقّق الخراسانی(رحمه الله) بأنّه مبنی على کون الإطلاق معلّقاً على عدم البیان إلى الأبد، بینما هو معلّق على عدم البیان فی مقام التخاطب، فإذا لم یأت من جانب المتکلّم بیان فی مقام التخاطب کما هو المفروض انعقد ظهور الإطلاق وتنجّز(3).
وعلى هذا فلا إشکال فی أنّ ظهور الإطلاق أیضاً منجّز، ولکن ظهور العامّ أقوى منه فی الجملة، فإذا انضمّت إلیه بعض القرائن الاُخر قدّم علیه، فلابدّ حینئذ من ملاحظة المقامات المختلفة والقرائن الموجودة فی کلّ مقام، فإن أحرزنا من مجموع ذلک کون ظهور العموم أقوى من ظهور الإطلاق قدّمناه علیه، وإلاّ یقع التعارض بینهما وتصل النوبة إلى المرجّحات الاُخر.