تحذیر مع بیان السبیل!!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة الإنسان / الآیة 27 ـ 31 محتوى السورة

رأینا فی الآیات السابقة تحذیراً للنّبی(صلى الله علیه وآله) لکی لا یقع تحت تأثیر کل آثم أو کفور من المجرمین، والتاریخ یشهد أنّهم کانوا یستعینون لسذاجتهم بالمال والجاه والنساء للنفوذ فی إرادة النّبی(صلى الله علیه وآله) وعزمه على ادامة الدعوة.

الآیات اعلاه عرّفت الأعداء بشکل أکثر وقالت: (إنّ هؤلاء یحبّون العاجلة ویذرون وراءهم یوماً ثقیل). لا تتعدى اُفق أفکارهم دائرة الطعام والنوم والشهوة، وتمثل هذه اللذائذ المادّیة الرخیصة أسمى غایة لهم فی الحیاة. والعجیب أنّهم قاسوا روح النّبی(صلى الله علیه وآله) العظیمة بهذا المقیاس! ولم ینتبه هؤلاء الغافلون إلى الیوم الثقیل الذی ینتظرهم، ثقیل من حیث العقوبات، ثقیل من حیث المحاسبة، وثقیل من حیث طول الزمان وشدّة الفضیحة.

وقد جاء التعبیر بـ (وراءهم) مع أنّ المفروض أن یقال (أمامهم) لأنّهم نسوا ذلک الیوم، وکأنّهم ترکوه وراءهم، ولکن على قول بعض المفسّرین أنّ کلمة (وراء) تستعمل أحیاناً بمعنى «خلف» وأحیاناً بمعنى «أمام»(1).

الآیة التالیة تحذرهم من الاغترار بقوتهم وقدرتهم، إذ إنّ الله الذی أعطاهم إیّاها قادر على أن یستردها بسرعة متى شاء، فیقول تعالى: (نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبدیل)(2).

(أسر) على وزن (عصر) وأصلهُ الربط بالقید، ولهذا سمی الأسیر بهذا الاسم لربطه وشدّه، وهنا إشارة إلى استحکام خلقة الإنسان بحیث یقدر على مزاولة مختلف النشاطات والفعالیات المهمّة.

هنا یشیر القرآن إلى نقطة حساسة، وهی جهاز الأعصاب الصغیرة والکبیرة التی تشدّ العضلات فیما بینها کالحبال الحدیدیة وتربط بعضها بالبعض الآخر، وحتى المفاصل والعضلات المختلفة وقطع العظام الصغیرة والکبیرة وأعضاء الانسان بحیث یتکون من مجموع ذلک إنسان کامل الخلقة مهیأ للقیام بأیة فعالیة، وعلى کل حال فهذه الجملة کنایة عن القدرة والقوّة.

وتوضّح هذه الآیة ضمناً استغناء ذات الله المقدّسة، عنهم، وعن طاعتهم وإیمانهم، لیعلموا أنّ الاصرار على دعوتهم للایمان فی الحقیقة هو من رحمة الله بهم.

وقد ورد نظیر هذا المعنى فی الآیة 133 من سورة الأنعام اِذ یقول: (وربّک الغنی ذو الرحمة إن یشأ یذهبکم ویستخلف من بعدکم ما یشاء).

ثمّ أشار تعالى إلى جمیع البحوث الواردة فی هذه السورة والتی تشکل بمجموعها برنامجاً متکاملاً للحیاة السعیدة، فیقول تعالى: (إن هذه تذکرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبیل)(3).

إنّ علینا إیضاح الطریق، لا اجبارکم على اختیار الطریق، وعلیکم تمییز الحق من الباطل بما لدیکم من العقل والإدراک، واتخاذ القرار بإرادتکم واختیارکم، وهذا فی الحقیقة تأکیداً على ما جاء فی صدر السورة فی قوله: (إنا هدیناه السبیل إمّا شاکراً وإمّا کفور).

وقد یتوهّم بعض السذّج من العبارة أعلاه أنّها تعنی التفویض المطلق للعباد، فجاءت الآیة التالیة لتنفی هذا التصور وتضیف: (وما تشاءُون إلاّ أن یشاء الله إنّ الله کان علیماً حکیم)(4).

وهذا فی الحقیقة إثبات لأصل مشهور هو (الأمر بین الأمرین)، إذ یقول من جهة: (إنا هدیناه السبیل) فعلیکم أن تختاروا ما تریدون، ویضیف من جهة اُخرى: (وما تشاءُون إلا أن یشاء الله) أی لیس لکم الإستقلال الکامل، بل إنّ قدرتکم واستطاعتکم وحریتکم لا تخرج عن دائرة المشیئة الإلهیّة، وهو قادر على أن یسلب هذه القدرة والحریة متى شاء.

من هذا یتّضح أنّه لا جبر ولا تفویض فی الأوامر، بل إنّها حقیقة دقیقة وظریفة بین الأمرین، أو بعبارة اُخرى: إنّها نوع من الحریة المرتبطة بالمشیئة الإلهیّة، إذ یمکن سلبها متى یشاء لیتسنى للعباد تحمل ثقل المسؤولیة الذی یعتبر رمزاً للتکامل من جهة، ومن جهة اُخرى أن لا یتوهموا استغنائهم عن الله تعالى.

والخلاصة، أنّ هذه الآیة تدعو الانسان إلى أن لا یتوهّم أنّه مستغن عن رعایة الله وتوفیقه. وفی نفس الوقت تؤکد حریته فی أعماله وسلوکه.

ویتضح هنا أنّ تمسک بعض المفسّرین القائلین بالجبر کالفخر الرازی بهذه الآیة بسبب الخلفیات الذهنیة المسبقة فی هذه المسألة، فیقول: واعلم أنّ هذه الآیة من جملة الآیات التی تلاطمت فیها أمواج الجبر والقدر!(5) نعم، إذا فَصَلنا هذه الآیة عن الآیات السابقة فهناک محلّ لهذا الوهم، ولکن بالإلتفات إلى ما ورد من تأثیر الاختیار فی آیة، وفی آیة اُخرى تأثیر المشیئة الإلهیّة، یتّضح بصورة جیدة مفهوم (الأمر بین الأمرین).

وعجیب أن أنصار التفویض یتمسکون بتلک الآیة التی تتحدث عن الاختیار المطلق فقط، وأنصار الجبریة یتمسکون بالآیة التی تشیر إلى الجبر فقط، ویرید کل منهما تبریر أحکامهم المسبقة بتلک الآیة، والحال أنّ الفهم الصحیح للکلام الإلهی (أو أی کلام آخر) یستوجب ضمّ الآیات جنباً إلى جنب، وترک التعصب والقضاء بالأحکام المسبقة.

ولعلّ آخر الآیة: (إن الله کان علیماً حکیم). یشیر حکمه إلى هذا المعنى، لأنّ حکمة الله تستوجب إعطاء الحریة للعباد فی سلوک طریق التکامل، وإلاّ فإنّ التکامل الإجباری لا یعدّ تکاملاً، بالإضافة إلى أنّ حکمة الله لا تتفق مع فرض الأعمال الخیرة على اُناس وفرض الأعمال الشریرة على اُناس آخرین، ثمّ إنّه یثیب الجماعة الاُولى ویعاقب الثانیة.

ثمّ تشیر الآیة الاُخرى بعد ذلک إلى مصیر الصالحین والطالحین فی جملة قصیرة غنیة المحتوى إذ تقول الآیة: (یدخل من یشاء فی رحمته والظالمین أعدّ لهم عذاباً ألیم) والظریف أنّ صدر الآیة یقول: (یدخل من یشاء فی رحمته) ویقول ذیلها:(والظالمین أعد لهم عذاباً ألیم) وهذا یشیر إلى أنّ مشیئته تعالى بعقوبة الانسان تتبع مشیئة الإنسان للظلم والمعاصی، وبقرینة المقابلة یتّضح أنّ مشیئته تعالى فی الرحمة تتبع إرادة الإنسان فی الإیمان والعمل الصالح وإقامة العدل، ولا یمکن أن یکون هذا الأمر إلاّ من حکیم.

والعجیب أنّ مع هذه القرینة فهناک أفراد کالفخر الرازی ممن یتخذ صدر هذه الآیة دلیلاً على مسألة الجبر من دون الإلتفات إلى آخر الآیة الذی یتحدث عن حریة الإرادة فی أعمال الظالمین(6).

اللهم! ادخلنا فی رحمتک ونجّنا من العذاب الألیم الذی ینتظر الظالمین.

ربّنا! إنّک أوضحت السبیل إلیک. وقد عزمنا على سلوکه، فأعنّا على ذلک.

ربّنا! إنّنا إن لم نکن من الأبرار ولکنّا نحبّهم، فاحشرنا معهم.

آمین یا ربّ العالمین

نهایة سورة الإنسان


1. جاء فی تفسیر روح البیان أن کلمة «وراء» إذا اُضیفت إلى الفاعل فإنّها تعنی الخلف، وإذا اُضیفت إلى المفعول فإنّها بمعنى «الأمام» تفسیر روح البیان، ج 8، ص 439.
2. فی هذه الآیة حذف، وفی التقدیر (بدلناهم أمثالهم) کلمة (تبدیل) غالباً ما تأخذ مفعولین وهنا الضمیر (هم) مفعول أوّل و(أمثالهم) مفعول ثان.
3. قیل إنّ فی الآیة حذف، والتقدیر: (فمن شاء اتخذ إلى رضى ربّه سبیل) ولکن الحق عدم احتیاج الآیة للتقدیر، لأنّ جمیع طرق التکامل تنتهی إلى الله تعالى.
4. جمع من المفسرین قالوا أن جملة (أن یشاء الله) محلها من الإعراب منصوبة على الظرفیة فیکون المعنى: (ما تشاءُون إلا وقت مشیئة الله) ویحتمل أنّ التقدیر هنا (شیئاً) فیکون المعنى: (وما تشاءُون إلا شیئاً یشاء الله).
5. تفسیر الکبیر، ج 30، ص 262.
6. لمزید من التوضیح حول آیات (المشیئة) راجع هذا التفسیر، ذیل الآیة 37 سورة الزمر.
سورة الإنسان / الآیة 27 ـ 31 محتوى السورة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma