یوم التغابن وظهور الغبن:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة التغابن / الآیة 7 ـ 10 سورة التغابن / الآیة 11 ـ 13

فی أعقاب تلک الآیات التی بحثت مسألة الخلقة والهدف من الخلق، جاءت هذه الآیات لتکمّل البحث الذی یطرح قضیّة المعاد والقیامة، حیث یقول تعالى: (زعم الذین کفروا أن لن یبعثو).

«زعم» من مادة (زعم) ـ على وزن طعم ـ تطلق على الکلام الذی یحتمل أو یتیقن من کذبه، وتارة تطلق على التصور الباطل وفی الآیة المراد هو الأوّل.

ویستفاد من بعض کلمات اللغویین أنّ کلمة «زعم» جاءت بمعنى الإخبار المطلق،(1)بالرغم من أنّ الاستعمالات اللغویة وکلمات المفسّرین تفید أنّ هذا المصطلح قد ارتبط بالکذب إرتباطاً وثیقاً، ولذلک قالوا «لکلّ شیء کنیة وکنیة الکذب، الزعم».

على أی حال فإنّ القرآن الکریم یأمر الرّسول الأکرم فی أعقاب هذا الکلام بقوله: (قل بلى وربّی لتبعثنّ ثمّ لتنبؤنّ بما عملتم وذلک على الله یسیر).

إنّ أهمّ شبهة یتمسّک بها منکرو المعاد هی کیفیة إرجاع العظام النخرة التی صارت تراباً إلى الحیاة مرّة اُخرى، فتجیب الآیة الکریمة: (ذلک على الله یسیر) لأنّهم فی البدایة کانوا عدماً وخلقهم الله، فإعادتهم إلى الوجود مرّة اُخرى أیسر ..

بل احتمل بعضهم أنّ القسم بـ (وربّی) هو بحدّ ذاته إشارة لطیفة إلى الدلیل على المعاد، لأنّ ربوبیة الله تعالى لابدّ أن تجعل حرکة الإنسان التکاملیة حرکة لها غایة لا تنحصر فی حدود الحیاة الدنیا التافهة.

بتعبیر آخر إنّنا لو لم نقبل بمسألة المعاد، فانّ مسألة ربوبیة الله للإنسان ورعایته له لا یبقى لها مفهوماً البتة.

ویعتقد البعض أنّ عبارة (وذلک على الله یسیر) ترتبط بإخبار الله تعالى عن أعمال البشر یوم القیامة، التی جاءت فی العبارة السابقة، ولکن یبدو أنّها ترجع إلى المضمون الکلّی للآیة، (أصل البعث وفرعه) الذی هو الإخبار عن الأعمال التی تکون مقدّمة للحساب والجزاء.

ولابدّ أن تکون النتیجة کما قرّرتها الآیة اللاحقة وأنّه بعد أن ثبت أنّ المعاد حقّ: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذی أنزلنا والله بما تعملون خبیر).

وبناءً على ذلک یأمرهم الباریء أن یعدوا أنفسهم بالإیمان والعمل الصالح، ویستعدّوا للبعث ویوم الجزاء.

والإیمان هنا لابدّ أن یرتکز على ثلاثة اُصول: (الله) و(الرّسول) و(القرآن) التی تتضمّن الاُمور الاُخرى جمیعاً.

التعبیر عن القرآن الکریم بأنّه (نور) فی آیات متعدّدة، وکذلک (أنزلنا) شاهدان آخران على ذلک. رغم وجود روایات متعدّدة عن أهل البیت(علیهم السلام) فسّرت کلمة (نور) فی الآیة ـ مورد البحث ـ بوجود الإمام، ویمکن أن ینظر إلى هذا التّفسیر على أنّ وجود الإمام یعتبر تجسیداً عملیاً لکتاب الله، إذ یعبّر عن الرّسول والإمام بـ (القرآن الناطق) فقد جاء فی ذیل إحدى هذه الروایات عن الإمام الباقر قوله عن الآیة: (وهم الذین ینوّرون قلوب المؤمنین)(2).

وتصف الآیة اللاحقة یوم القیامة بقولها: (یوم یجمعکم لیوم الجمع)(3) فإنّ أحد أسماء یوم القیامة هو «یوم الجمع» الذی ورد کراراً بتعبیرات مختلفة فی القرآن الکریم، منها ما جاء فی الآیة 49 و50 من سورة الواقعة: (قل إنّ الأوّلین والآخرین * لمجموعون إلى میقات یوم معلوم).

ثمّ یضیف تعالى (ذلک یوم التغابن)(4) أی الیوم الذی یعرف فیه «الغابن» بالفوز عن «المغبون» بالغلبة، وهو الیوم الذی ینکشف فیه من هم الناس الذین غبنوا وخسرت تجارتهم؟

الیوم الذی یرى فیه أهل جهنّم مکانهم الخالی فی الجنّة ویأسفون لذلک، ویرى أهل الجنّة مکانهم الخالی فی النار فیفرحون لذلک، فقد ورد فی أحد الأحادیث أنّ لکلّ إنسان مکاناً فی الجنّة وآخر فی النار، فحینما یذهب إلى الجنّة یعطى مکانه فی جهنّم إلى أهل جهنّم، ویعطى مکان الجهنمی فی الجنّة إلى أهل الجنّة(5).

والتعبیر بـ (الإرث) فی الآیات القرآنیة ربّما یکون ناظراً إلى هذا المعنى.

ثمّ یتحدّث القرآن الکریم عن أحوال المؤمنین فی ذلک الیوم (یوم القیامة) أو (یوم التغابن) قائلا: (ومن یؤمن بالله ویعمل صالحاً یکفّر عنه سیّئاته ویدخله جنّات تجری من تحتها الأنهار خالدین فیها أبداً ذلک الفوز العظیم).

وستتنزّل النعم الإلهیّة والبرکات بتحقّق الشرطین الأساسیین، الإیمان والعمل الصالح، فتحلّ المغفرة والتجاوز عن الذنوب التی تشغل تفکیر الإنسان أکثر من أی شیء آخر، وکذلک دخول الجنّة، وذلک هو الفوز العظیم الذی لا فوز بعده.

ثمّ یقول تعالى: (والذین کفروا وکذّبوا بآیاتنا اُولئک أصحاب النار خالدین فیها وبئس المصیر).

وهناک عاملان أساسیان للشقاء یذکرهما القرآن، هما الکفر والتکذیب بالآیات الإلهیة، وهما النقیضان الواقعیان للإیمان والعمل الصالح.

والإختلاف الأوّل الذی تذکره الآیة بین أهل الجنّة وأهل النار هو ذکره الغفران والعفو لأهل الجنّة بینما لم یذکر ذلک لأصحاب النار.

والإختلاف الآخر هو التأکید على خلود أهل الجنّة فی النعیم بقوله (أبد) بینما اکتفى بالنسبة لأهل النار بذکر الخلود والبقاء فقط، فقد یکون هذا الاختلاف للإشارة إلى أنّ الذین خلطوا الإیمان بالکفر سوف یخرجون من النار والعذاب آخر المطاف، أو إشارة لغلبة رحمته على غضبه، علماً أنّ بعض المفسّرین یعتقد أنّ عدم ذکر (أبداً) فی الجملة الثانیة کان نتیجة لذکرها فی الجملة الاُولى.


1. مجمع البحرین، مادة (زعم).
2. تفسیر نور الثقلین، ج5، ص341.
3. (یوم یجمعکم) متعلّقة بـ «لتبعثنّ» أو بجملة «لتنبئن» أو «خبیر» أو أنّها متعلّقة بجملة محذوفة مثل «اذکر» لکن هذا بعید. والمناسب هو أحد الإحتمالات السابقة.
4.«التغابن» من باب تفاعل، وعادة ما یأتی فی حالة وجود طرفین تتعارض وتزاحم وهذا المعنى بالنسبة لیوم القیامة ربّما لظهور نتائج تعارض المؤمنین والکفّار، أی یوم القیامة یوم ظهور التغابن، ویستفاد من بعض کلمات أهل اللغة أنّ باب التفاعل لا یأتی دوماً بهذا المعنى، فهنا بمعنى ظهور الغبن، مفردات الراغب، مادّة (غبن).
5. تفسیر نورالثقلین، ج 3، ص 532.
سورة التغابن / الآیة 7 ـ 10 سورة التغابن / الآیة 11 ـ 13
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma