1ـ قسم من أحکام الظهار: اُشیر للظهار بآیتین فی القرآن الکریم (الآیة مورد البحث، والآیة رقم 4 من سورة الأحزاب) وهو من الأعمال والعادات القبیحة فی عصر الجاهلیة، حیث یمارس هذا الفعل فی حالة سأم وضجر الرجل من زوجته، وکی یوقعها فی حرج ویرکعها لإرادته یقول لها (أنت علیّ کظهر اُمّی)(1) وکانوا یعتقدون بعد إطلاق هذه الصیغة أنّ الزوجة تحرم على زوجها إلى الأبد، ولا تستطیع أن تختار زوجاً آخر لها.
وقد أدان الإسلام هذا التصرّف وشرّع له حکم الکفّارة.
وبناءً على هذا فکلّما جعل الرجل على زوجته ظهاراً فإنّ الزوجة تستطیع أن تراجع الحاکم الشرعی وتلزمه، إمّا أن یطلّقها بصورة شرعیة، أو یرجعها إلى حالتها الزوجیة السابقة، بعد دفعه للکفّارة بالصورة التی مرّت بنا سابقاً، وهی إمّا تحریر رقبة فی حالة القدرة، أو صوم شهرین متتابعین فی حالة الاستطاعة، وإلاّ فإطعام ستّین مسکیناً، وهذا یعنی أنّ خصال الکفّارة لیست مخیّرة، بل مرتّبة.
2ـ الظهار من کبائر الذنوب ولحن الآیات أعلاه شاهد معبّر عن هذا المضمون، والبعض یعتبرونه من الصغائر ومورد عفو، إلاّ أنّها نظرة خاطئة.
3ـ إذا کان الشخص غیر قادر على أداء الکفّارة بمختلف صورها، فهل یستطیع أن یرجع إلى حیاته الزوجیة السابقة بالتوبة والاستغفار فقط؟
هنالک وجهات نظر مختلفة بین الفقهاء حول هذه المسألة، فقسم منهم ـ بالاستناد على الحدیث المنقول عن الإمام الصادق(علیه السلام)(2) ـ یعتقد أنّ التوبة والاستغفار تکفی فی الکفّارات ـ عند عدم القدرة ـ إلاّ فی کفّارة الظهار حیث لا تکفی التوبة وتجب الکفّارة.
فی حین یرى البعض الآخر أنّ الاستغفار والتوبة تعوضان عن الکفّارة، ودلیلهم هو الروایة الاُخرى التی نقلت عن الإمام الصادق(علیه السلام) فی هذا المجال(3).
ویعتقد آخرون بوجوب صوم ثمانیة عشر یوماً فی هذه الصورة(4).
والجمع بین الروایات لا یستبعد أیضاً، ففی صورة عدم القدرة بکلّ شکل من الأشکال السابقة، فإنّه یستطیع أن یرجع إلى حیاته الزوجیة مستغفراً الله، بالرغم من أنّ المستحبّ فی مثل هذه الحالة أن یطلّق زوجته (لأنّ مثل هذا الجمع جمع معروف وتوجد له مظانّ کثیرة فی الفقه، وذلک بالنظر إلى صحّة سند الحدیثین).
4ـ یرى الکثیر من الفقهاء أنّ الشخص إذا کرّر الظهار عدّة مرّات (یعنی الجملة السابقة بقصد جدّی) یجب أن یدفع عدّة کفّارات، بالرغم من أنّ التکرار حدث فی جلسة واحدة. إلاّ أن یکون مقصوده من التکرار هو التأکید، ولیس الظهار الجدید.
5ـ إذا قارب زوجته قبل الکفّارة وجبت علیه کفّارتان، کفّارة للظهار وکفّارة للمواقعة الجنسیة، وهذا الحکم مورد إتّفاق بین الفقهاء، والآیات أعلاه لم تذکر هذه المسألة، إلاّ أنّ روایات أهل البیت(علیهم السلام) أشارت إلیه(5).
6ـ التعامل القاطع الجدّی مع مسألة الظهار، تؤکّد على حقیقة أنّ الإسلام لا یسمح أبداً أن تهضم حقوق المرأة عن طریق تسلّط الرجال واستبدادهم، وذلک باستثمار الأعراف والتقالید الظالمة، حیث إنّ السنّة الخاطئة والخرافیة فی هذا المجال کلّما کانت مستحکمة کان تأثیرها المدمّر أقوى.
7ـ بالنسبة لموضوع (تحریر الرقبة) والتی هی أوّل کفّارة للظهار، فبالإضافة إلى کونها إجراءً مناسباً للقضاء على ظاهرة المرأة فی قبضة الاستبداد، فإنّما تمثّل رغبة الإسلام فی القضاء على العبودیة بکلّ طریق، وذلک لیس فقط فی کفّارة الظهار بل فی کفّارة القتل الخطأ، وکفّارة عدم صیام شهر رمضان ـ الإفطار المتعمّد ـ وکذلک فی کفّارة مخالفة القسم، أو عدم الوفاء بالنذر.