لماذا کانت الصدقة قبل النجوى مع الرّسول(صلى الله علیه وآله) تشریعیة؟ ثمّ لماذا نسخت بعد فترة وجیزة؟
یمکن الإجابة على هذا التساؤل ـ بصورة جیّدة ـ من خلال القرائن الموجودة فی الآیة محلّ البحث ومن سبب النزول کذلک.
الهدف هو إختبار الأفراد المدّعین الذین یتظاهرون بحبّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) بهذه الوسیلة، فاتّضح أنّ إظهار الحبّ هذا إنّما یکون إذا کانت النجوى مجانیة، ولکن عندما أصبحت النجوى مقترنة بدفع مقدار من المال ترکوا نجواهم.
ومضافاً إلى ذلک فإنّ هذا الحکم قد ترک تأثیره على المسلمین، ووضّح حقیقة عدم إشغال وقت الرّسول(صلى الله علیه وآله) وکذلک القادة الإسلامیین الکبار فی النجوى، إلاّ لضرورات العمل الأساسیة، لأنّ ذلک تضییعاً للوقت وجلباً لسخط الناس وعدم رضاهم. فکان هذا التشریع فی الحقیقة تقنیناً للنجوى المستقبلة.
وبناءً على هذا فالحکم المذکور کان فی البدایة مؤقتاً، وبعد ما تحقّق المطلوب نسخ، لأنّ استمراره سیثیر مشکلة، لأنّ هناک بعض المسائل الضروریة التی تستدعی أن یطّلع علیها النّبی على إنفراد، ومع بقاء حکم الصدقة فقد تهمل بعض المسائل الضروریة، وبصورة عامّة ففی موارد النسخ یکون للحکم منذ البدایة جانب محدود ومؤقت بالرغم من أنّ الناس أحیاناً لا یعلمون بذلک ویتصوّرونه بصورة دائمة.