قصّة أصحاب الجنّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة القلم / الآیة 17 ـ 25 سورة القلم / الآیة 26 ـ 33

فی الآیات أعلاه یستعرض لنا القرآن الکریم ـ بما یتناسب مع البحث الذی ورد فی الآیات السابقة ـ قصّة أصحاب الجنّة کنموذج لذوی المال الذین غرقوا فی أنانیتهم، فأصابهم الغرور، وتخلّوا عن القیم الإنسانیة الخیّرة، وأعماهم حبّ المال عن کثیر من الفضائل... فالآیات الکریمة تذکر لنا قصّة مجموعة من الأغنیاء کانت لهم جنّة (بستان مثمر) إلاّ أنّهم فقدوها فجأة، وذلک لعتوّهم وغرورهم وکبرهم على فقراء زمانهم.

ویبدو أنّها قصّة معروفة فی ذلک الزمان بین الناس، ولهذا السبب استشهد بها القرآن الکریم.

یقول فی البدایة: (إنّا بلوناهم کما بلونا أصحاب الجنّة).

لقد تعدّدت الرّوایات فی مکان هذه الجنّة، فقیل: إنّها فی أرض الیمن بالقرب من صنعاء، وقیل: هی فی الحبشة، وهناک قول بأنّها فی أرض الشام، وذهب آخرون إلى أنّها فی الطائف... إلاّ أنّ المشهور أنّها کانت فی أرض الیمن.

وموضوع القصّة هو: أنّ شیخاً مؤمناً طاعناً فی السنّ کان له بستان عامر، یأخذ من ثمره کفایته ویوزّع ما فضل من ثمرته للفقراء والمعوزین، وقد ورثه أولاده بعد وفاته، وقالوا: نحن أحقّ بحصاد ثمار هذا البستان، لأنّ لنا عیالا وأولاداً کثیرین، ولا طاقة لنا بإتّباع نفس

الاُسلوب الذی کان أبونا علیه... ولهذا فقد صمّموا على أن یستأثروا بثمار البستان جمیعاً، ویحرموا المحتاجین من أی عطاء منها، فکانت عاقبتهم کما تحدّثنا الآیات الکریمة عنه ..

یقول تعالى: (إذ أقسموا لیصرمنها مصبحین)(1).

(ولا یستثنون) أی لا یترکون منها شیئاً للمحتاجین.

وعند التدقیق فی قرارهم هذا یتّضح لنا أنّ تصمیمهم هذا لم یکن بلحاظ الحاجة أو الفاقة، بل إنّه ناشىء عن البخل وضعف الإیمان، واهتزاز الثقة بالله سبحانه، لأنّ الإنسان مهما اشتدّت حاجته، فإنّه یستطیع أن یترک للفقراء شیئاً ممّا أعطاه الله.

وقیل: إنّ المقصود من عدم الاستثناء هو عدم قولهم (إن شاء الله) حیث کان الغرور مسیطراً علیهم، ممّا حدا بهم إلى أن یقولوا: غداً سنذهب ونفعل ذلک، معتبرین الأمر مختصّاً بهم، وغافلین عن مشیئة الله، ولذا لم یقولوا: (إن شاء الله).

إلاّ أنّ الرأی الأوّل أصحّ(2).

ثمّ یضیف تعالى استمراراً لهذا الحدیث: (فطاف علیها طائف من ربّک وهم نائمون).

لقد سلّط الله علیها ناراً حارقة، وصاعقة مهلکة، بحیث أنّ جنّتهم صارت متفحّمة سوداء (فأصبحت کالصریم)، ولم یبق منها شیء سوى الرماد.

«طائف» من مادّة (طواف)، وهی فی الأصل بمعنى الشخص الذی یدور حول شیء معیّن، کما تستعمل أحیاناً کنایة عن البلاء والمصیبة التی تحلّ فی اللیل، وهذا المعنى هو المقصود هنا.

«صریم» من مادّة (صرم) بمعنى (القطع) وهنا بمعنى (اللیل المظلم) أو (الشجر بدون الثمار) أو (الرماد الأسود) لأنّ اللیل یقطع عند مجیء النهار، کما أنّ النهار یقطع عند مجیء اللیل، ولذا یقال أحیاناً للیل والنهار (صریمان)، والمقصود بذلک هو: البلاء السماوی الذی تمثّل بصاعقة عظیمة ـ فیما یبدو ـ أحالت البستان إلى فحم ورماد أسود، وهکذا فعل الصواعق غالباً.

وعلى کلّ حال فإنّ أصحاب البستان بقوا على تصوّرهم لأشجار جنّتهم المملوءة بالثمر، جاهزة للقطف: (فتنادوا مصبحین)(3).

وقالوا: (أن اغدوا على حرثکم إن کنتم صارمین).

«(أغدوا» من مادّة (غدوة) بمعنى بدایة الیوم، ولذا یقال للغذاء الذی یؤکل فی أوّل الیوم ـ وجبة الإفطار ـ غداء، بالرغم من أنّ (غداء) تقال فی التعابیر المستعملة حالیاً لوجبة الأکل المتناولة فی وقت الظهر.

وعلى ضوء المقدّمات السابقة: (فانطلقوا وهم یتخافتون * أن لاّ یدخلنها الیوم علیکم مسکین).

لقد کانوا یتکلّمون بهدوء حتى لا یصل صوتهم إلى الآخرین، ولا یسمعهم مسکین، ویأتی لمشارکتهم فی عملیة جنی الثمر أو تناول شیء من الفاکهة.

ویرتقب الفقراء یوم الحصاد بفارغ الصبر فی مثل هذه الأیّام، لأنّهم تعوّدوا فی کلّ سنة أن ینالهم شیء من الفاکهة کما کان یفعل ذلک الشیخ المؤمن، إلاّ أنّ تصمیم الأبناء البخلاء على حرمان الفقراء من العطاء، والسریّة التی غلفوا بها تحرّکاتهم، لم تدع أحداً یتوقّع أنّ وقت الحصاد قد حان... حیث یطّلع الفقراء على الأمر بعد انتهائه، وبهذا تکون النتیجة: (وغدوا على حرد قادرین).

«حرد» على وزن «فرد» بمعنى الممانعة التی تکون توأماً مع الشدّة والغضب، نعم إنّهم کانوا فی حالة عصبیة وإنفعالیة من حاجة الفقراء لهم وانتظار عطایاهم، ولذا کان القرار بتصمیم أکید على منعهم من ذلک.

وتطلق کلمة (حرد) أیضاً على السنوات التی ینقطع فیها المطر، وعلى الناقة التی ینقطع حلیبها.


1. «یصرمن» من مادّة «صرم»، على وزن «ضرب» بمعنى حصد الفاکهة، وبمعنى القطع المطلق، وجاءت أیضاً بمعنى تقویة عمل ما وإحکامه.
2. بالإضافة إلى التناسب الخاص الموجود بین المعنى الأوّل مع أصل القصّة، فإنّنا إذا اعتبرنا المعنى الثانی هو المقصود، کان یجب أن یقال «ولم یستثنوا» بدلا عن (ولا یستثنون).
3. یقول الراغب فی المفردات: إن «تنادوا» أصلها من «نداء» مشتقّة من «ندى»، بمعنى الرطوبة المأخوذة، لأنّ المعروف أنّ الأشخاص الذین تکون فی أفواههم رطوبة کافیة یتکلّمون براحة، ویتّصف کلامهم بالفصاحة.
سورة القلم / الآیة 17 ـ 25 سورة القلم / الآیة 26 ـ 33
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma