1ـ دور القلم فی حیاة الإنسان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
عجباً لأخلاقک السامیة2ـ نموذج من أخلاق الرّسول

إنّ من أهمّ معالم التطور فی الحیاة البشریة ـ کما أشرنا سابقاً ـ هو ظهور الخطّ وما ثبّته القلم على صحائف الأوراق والأحجار، إذ إنّ هذا الحدث أدّى إلى فصل (عصر التاریخ) عن (عصر ما قبل التاریخ).

إنّ ما یثبته القلم على صفحات الورق هو الذی یحدّد طبیعة الإنتصار أو الإنتکاسة لمجتمع ما من المجتمعات الإنسانیة، وبالتالی فإنّ ما یسطّره القلم یحدّد مصیر البشر فی مرحلة ما أو مکان ما... فـ (القلم) هو الحافظ للعلوم، المدوّن للأفکار، الحارس لها، وحلقة الإتّصال الفکری بین العلماء، والقناة الرابطة بین الماضی والحاضر، والحاضر والمستقبل، بل حتى موضوع إرتباط الأرض بالسماء قد حصل هو الآخر عن طریق اللوح والقلم أیضاً.

فالقلم یربط بین بنی البشر المتباعدین من الناحیة الزمانیة والمکانیة، وهو مرآة تعکس صور المفکّرین على طول التاریخ فی کلّ الدنیا وتجمعها فی مکتبة کبیرة.

والقلم: حافظ للأسرار، مؤتمن على ما یستودع، وخازن للعلم، وجامع للتجارب عبر القرون والأعصار المختلفة، وإذا کان القرآن قد أقسم به فلهذا السبب، لأنّ القسم غالباً لا یکون إلاّ بأمر عظیم وذی قیمة وشأن.

ومن الطبیعی عندئذ أن یکون (القلم) وسیلة لـ (ما یسطرون) من الکتابة، ونلاحظ القسم بکلیهما لقد أقسم القرآن الکریم بـ (الوسیلة) وکذلک (بحصاد) تلک الوسیلة (وما یسطرون).

وجاء فی بعض الروایات «إنّ أوّل ما خلق الله القلم».

نقل هذا الحدیث محدّثو الشیعة عن الإمام الصادق(علیه السلام)(1).

وجاء هذا المعنى أیضاً فی کتب أهل السنّة فی خبر معروف(2).

وجاء فی روایة اُخرى: (أوّل ما خلق الله تعالى جوهرة)(3).

وورد فی بعض الأخبار أیضاً: (إنّ أوّل ما خلق الله العقل)(4).

ویمکن ملاحظة طبیعة الإرتباط الخاصّ بین کلّ من (الجوهرة) و(القلم)(العقل) الذی یوضّح مفهوم کونهم أوّل ما خلق الله سبحانه من الوجود.

جاء فی نهایة الحدیث الذی نقلناه عن الإمام الصادق(علیه السلام) إنّ الله تعالى قال للقلم بعد خلقه إیّاه: أکتب، وأنّه کتب ما کان وما سیکون إلى یوم القیامة.

وبالرغم من أنّ المقصود من القلم فی هذه الروایة هو قلم التقدیر والقضاء، إلاّ أنّ جمیع ما هو موجود من أفکار وعلوم وتراث، وما توصّل إلیه العقل البشری على طول التاریخ، وما هو مثبت من مبادىء ورسالات وتعالیم وأحکام... یؤکّد على دور القلم فی الحیاة الإنسانیة ومصیر البشریة.

إنّ قادة الإسلام العظام لم یکتفوا بحفظ الأحادیث والروایات والعلوم والمعارف الإلهیّة فی ذاکرتهم بل کانوا یؤکّدون على کتابتها، لتبقى محفوظة لأجیال المستقبل(5).

وقال بعض العلماء: (البیان بیانان: بیان اللسان، وبیان البنان، وبیان اللسان تدرسه الأعوام، وبیان الأقلام باق على مرّ الأیّام)(6).

وقالوا أیضاً: (إنّ قوام اُمور الدین والدنیا بشیئین: القلم والسیف، والسیف تحت القلم)(7).

وقد نظّم بعض شعراء العرب هذا المعنى بقولهم:

کذا قضى الله للأقلام مذ بریت *** أنّ السیوف لها مذ أرهفت خدم

(إنّ هذا التعبیر إشارة بدیعة إلى بری القلم بواسطة السکین، وجعل الشفرة الحادّة بخدمة القلم من البدایة)(8).

ویقول شاعر آخر، فی هذا الصدد ومن وحی الآیات مورد البحث:

إذا أقسم الأبطال یوماً بسیفهم *** وعدّوه ممّا یجلب المجد والکرم

کفى قلم الکتاب فخراً ورفعة *** مدى الدهر إنّ الله أقسم بالقلم(9)

وإنّه لحقّ، وذلک أنّه حتى الانتصارات العسکریة إذا لم تستند وترتکز على ثقافة قویّة فإنّها لن تستقیم طویلا، لقد سجلّ المغول أکبر الإنتصارات العسکریة فی البلدان الإسلامیة، ولأنّهم کانوا شعباً سطحیاً فی مجال المعرفة والثقافة فلم یؤثّروا شیئاً، وأخیراً اندمجوا فی حضارة الإسلام وثقافة المسلمین وغیّروا مسارهم.

ومجال البحث فی هذا الباب واسع جدّاً، إلاّ أنّنا ـ إلتزاماً بمنهج التّفسیر وعدم الخروج عنه ـ ننهی کلامنا هنا بحدیث معبّر عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) فی هذا الموضوع حیث یقول: «ثلاثة تخرق الحجب، وتنتهی إلى ما بین یدی الله: صریر أقلام العلماء، ووطىء أقدام المجاهدین، وصوت مغازل المحصنات»(10).

ومن الطبیعی أنّ کلّ ما قیل فی هذا الشأن، یتعلّق بالأقلام التی تلتزم جانب الحقّ والعدل، وتهدی إلى صراط مستقیم، أمّا الأقلام المأجوره والمسمومة والمضلّة، فإنّها تعتبر أعظم بلاء وأکبر خطر على المجتمعات الإنسانیة.


1. تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 389، ح 9.
2. التفسیر الکبیر، ج 30، ص 78.
3. المصدر السابق.
4. المصدر السابق.
5. وسائل الشیعة، ج 18، ص 56، ح 14 و16 و17 و18 و19 و20.
6. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 332.7. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 332.
8. المصدر السابق.
9. تفسیر روح البیان، ج 10، ص 102.
10. الشهاب فی الحکم والآداب، ص 22.
عجباً لأخلاقک السامیة2ـ نموذج من أخلاق الرّسول
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma