خمسة مبادیء مهمّة فی تنفیذ حکم الله

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة الإنسان / الآیة 23 ـ 26 سورة الإنسان / الآیة 27 ـ 31

شرعت السورة منذ البدایة وحتى هذه الآیة فی تبیان خلق الإنسان ثّم المعاد والبعث، وفی هذه الآیات مورد البحث یتوجه الخطاب إلى الرسول(صلى الله علیه وآله) باصدار أوامر مؤکّدة لهدایة الناس والصبر والثبات فی هذا الطریق، وفی الواقع إنّ هذه الآیات تشیر إلى أنّ نیل کل تلک النعم والمواهب الاُخرویة لا یتمّ إلاّ بالتمسک بالقرآن وإتباع النّبی(صلى الله علیه وآله) واطاعة أوامره.

ویقول فی البدء: (إنا نحن نزلنا علیک القرآن تنزیل).

قال بعض العلماء إنّ مجیء (تنزیل) بصورة مفعول مطلق هو إشارة إلى النزول التدریجی للقرآن، إذ لا یخفى الأثر التربوی لذلک، وقیل هو إشارة إلى عظمة مقام هذا الکتاب السماوی وتأکید نزوله من قبل الله تعالى، خصوصاً ما ورد من التأکیدات الاُخرى فی الآیات الآتیة (التأکید بأنّ، ونحن، والجملة الإسمیة) وهو جواب لمن یتهم النّبی(صلى الله علیه وآله) بالکهانة والسحر والإفتراء على الله تعالى.

ثمّ یأمر النّبی بأمور خمسة، أولها الدعوة إلى الصبر والإستقامة فیقول: (فاصبر لحکم ربّک).

أی لا تخف من المشاکل ومن موانع الطریق وکثرة الأعداء وعنادهم واستقم فی سیرک على الصراط المستقیم، والجدیر بالإنتباه أنّ الأمر بالصبر (مع ملاحظة (فاء التفریع) فی (فاصبر) متفرع على نزول القرآن من الله تعالى، أی إذا کان الله قد أیّدک وحماک فیجب علیک

أن تصبر فی هذا الطریق، والتعبیر بـ (الرب) إشارة لطیفة اُخرى إلى نفس هذا المعنى.

والأمر الثّانی الموجّه للنّبی(صلى الله علیه وآله) هو تحذیره من أی توافق مع المنحرفین، فیقول تعالى: (ولا تطع منهم آثماً أو کفور).

فی الحقیقة أنّ هذا الحکم هو تأکید ثان على الحکم الأوّل، لأنّ جموع الأعداء کانوا یسعون بطرق مختلفة للتوافق مع النّبی وجرّه إلى طریق الباطل، کما نقل أنّ «عتبة بن ربیعة» و«الولید بن المغیرة» قالا لرسول الله(صلى الله علیه وآله): إن ترکت دعوتک، فإنّنا سنغنیک حتى ترضى، ونزوجک أجمل بنات العرب، وعروض اُخرى من هذا القبیل، فما کان على الرسول(صلى الله علیه وآله) هنا باعتباره المرشد الحقیقی والعظیم إلاّ أن یقف أمام هذه الوساوس الشیطانیة والتهدیدات التی صدرت منهم بعد ذلک، ولا یستسلم للترغیب أو الترهیب.

صحیح أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) لم یکن قد استسلم، ولکن هذا التأکید یشیر الى أهمّیة الموضوع لیکون نموذجاً خالداً لسائر مرشدی طریق الله عزَّ وجلّ رغم أنّ بعض المفسّرین ذهبوا إلى أنّ (آثم) هو عتبة بن ربیعة، و«کفور» هو الولید بن المغیرة أو أبو جهل، وهم من مشرکی العرب، ولکنّ الواضح أنّ کل من (آثم) أی (العاصی) و«کفور» أی (المبالغ فی الکفر) له معنى واسع إذ یشمل جمیع المجرمین والمشرکین وإن کان هؤلاء الثلاثة من مصادیقها الواضحة، والملاحظ أنّ (آثماً) له مفهوم عام یستوعب بذلک (الکفور) أیضاً، لذا فإنّ ذکر (کفور) کذکر الخاص بعد العام للتأکید.

ولکن بما أنّ الصبر والاستقامة فی مقابل هذه المشکلات العظیمة لیس بالأمر الیسیر، کان من الضروری لسلوک هذا الطریق التزّود بنوعین من الزاد، لذا یضیف القرآن فی الآیة الاُخرى: (واذکر اسم ربّک بکرة وأصیل) أی فی کل صباح ومساء،. ویقول تعالى أیضاً: (ومن اللیل فاسجد له وسبّحه لیلاً طویل).

لتتوفر لدیک فی ظل ذلک الذکر وهذا السجود والتسبیح قوّة کافیة وقدرة معنویة لمواجهة مشاکل هذا الطریق.

(بکرة) على وزن (نکتة) یعنی بدایة الیوم، و(أصیل) نقیض بکرة، أی آخر الیوم.

وقیل إنّ إطلاق هذه اللفظة على آخر الیوم مع أنّها مشتقة من مادة (أصل) هو کون آخر الیوم یشکل الأصل والأساس للّیل.

ویستفاد من بعض التعابیر أنّ (أصیل) تطلق أحیاناً على الفترة ما بین الظهر والغروب (مفردات الراغب الأصفهانی).

ویظهر من آخرین أنّ (أصل) یقال لأوائل اللیل، لأنّهم فسروا ذلک  بـ «العشی» والعشی هو بدایة اللیل کما یقال لصلاتی المغرب والعشاء بالعشائین، حتى أنّه یستفاد من بعض الکلمات أنّ «العشی» هو من زوال الظهر حتى صباح الغد(1) ولکنّ بالإلتفات إلى أنّ کلمة (أصیل) وردت فی الآیة الشریفة فی مقابل «بکرة» ثمّ تحدثت الآیة بعد ذلک عن العبادة اللیلیة، یتّضح أنّ المراد هو الطرف الآخر للنهار.

على کل حال فإنّ هاتین الآیتین فی الحقیقة تأکید لضرورة التوجّه الدائم والمستمر لذات الله المقدسة.

وقال آخرون: إنّ المراد هو الصلوات الخمس، أو بإضافة صلاة اللیل، أو خصوص صلاة الصبح والعصر والمغرب والعشاء ولکنّ الظاهر هو أنّ هذه الصلوات مصادیق من هذا الذکر الإلهی المستمر والتسبیح والسجدة لمقامه المقدس.

التعبیر بـ (لیلاً طویل) إشارة إلى ضرورة التسبیح لفترة طویلة من اللیل، ففی حدیث عن الإمام علی بن موسى الرض(علیه السلام) لمّا سئل عن المقصود من التسبیح فی هذه الآیة؟ قال(علیه السلام): «هو صلاة اللیل»(2).

ولا یستبعد أن یکون هذا التفسیر من باب تبیان المصداق الواضح لما تترک صلاة اللیل من الأثر البالغ فی تقویة روح الإیمان، وتهذیب النفوس. والحفاظ على حیویة إرادة الإنسان فی طریق طاعة الله.

ویجب هنا الإلتفات إلى أنّ الأوامر الخمسة المذکورة فی الآیات أعلاه وإن ذکرت بصورة منهج للنّبی(صلى الله علیه وآله)، فهی فی الحقیقة دستوراً یحتذی به کلّ من یخطو فی مسیر قیادة المجتمع البشری، إنّهم یجب أن یعلموا بعد الإیمان الکامل بأهدافهم ورسالتهم بضرورة احتراف الصبر والاستقامة، وأن لا یستوحشوا من کثرة مشاکل الطریق، لأنّ هدایة المجتمع من المشاکل العظیمة، وهی کذلک دائماً، ولم تثمر الرسالة إن لم یمتلک قادتها الصبر والاستقامة.

وفی المرحلة الاُخرى یجب الثبات التام أمام الوساوس الشیطانیة والتی تعتبر مصداقاً للآثم والکفور، والثبات أمام سعیهم فی حرف القادة والأئمة بأنواع الحیل والمکائد، وأن لا ینخدعوا بالتطمیع ولا یتأثروا بالتهدید، ویذکروا الله تعالى فی کل المراحل لاکتساب القدرة الروحیة وقوة الإرادة والعزم الراسخ، والاستمداد من العبادات اللیلیة، والمناجات مع الله، فإذا ما روعیت هذه الاُمور فالنصر حتمیٌ، وحتى لو عرضت مصیبة أو هزیمة فإنّه یمکن إصلاحها من خلال هذه الاُصول، ومنهج الرسول(صلى الله علیه وآله) وسلوکه فی دعوته نموذج مؤثر لجمیع السالکین فی هذا الطریق.


1. مفردات الراغب.
2. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 412.
سورة الإنسان / الآیة 23 ـ 26 سورة الإنسان / الآیة 27 ـ 31
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma