کنّا من قبل نسترق السمع ولکن

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة الجنّ / الآیة 7 ـ 10 سورة الجنّ / الآیة 11 ـ 15

یشیر سیاق الآیة إلى استمرار حدیث المؤمنین من الجن، وتبیان الدعوة لقومهم، ودعوتهم إلى الإسلام بالطرق المختلفة، وفیقولون: (وأنّهم ظنّوا کما ظننتم أن لن یبعث اللّه أحد).

لذا تبادروا لإنکار القرآن وتکذیب نبوّة الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)، ولکننا عند سماعنا لآیات القرآن أدرکنا الحقائق، فلا تکونوا کالإنس وتتخذوا طریق الکفر فتبتلوا بما ابتلوا به.

وهذا تحذیر للمشرکین لیفیقوا عند سماعهم لکلام الجن وتحکیمهم ولیتمسکوا بالقرآن وبالنّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، وقال البعض: إنّ الآیة (أن لن یبعث اللّه أحد) تشیر إلى إنکار البعث لا إلى إنکار بعثة الأنبیاء، وقال آخرون: إنّ هذه الآیة والتی قبلها هی من کلام اللّه تعالى ولیست من کلام مؤمنی الجنّ، وإنّها آیات عرضیة جاءت فی وسط حدیثهم، والمخاطبون هم مشرکو العرب، وطبقاً لهذا التّفسیر یکون المعنى هکذا، یا مشرکی العرب، إنّهم ظنوا کما ظننتم أن لن یبعث اللّه أحداً، ولمّا سمعوا الذکر أدرکوا خطأهم، وقد حان لکم أن تفیقوا، ولکن هذا القول یبدو بعیداً، بل الظاهر أن الخطاب هو لمؤمنی الجن والمخاطبون هم الکفّار منهم.

ثمّ یشیرون إلى علامة صدق قولهم وهو ما یدرکه الجن فی عالم الطبیعة، فیقولون: (وأنّا لمسن(1) السماء فوجدناها ملئت حرس(2) شدیداً وشهب).

وکنّا فی السابق نسترق السمع من السماء ونحصل على أخبار الغیب ونوصلها إلى أصدقائنا من الإنس ولکننا منعنا من ذلک الآن: (وأنّا کنّا نقعد منها مقاعد للسمع فمن یستمع الآن یجد له شهاباً رصد) ألیس هذا الوضع الجدید دلیل على حقیقة التغییر العظیم الحاصل فی العالم عند ظهور الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) وکتاب اللّه السماوی، لماذا کانت لکم القدرة على استراق السمع والآن سلبت منکم هذه القدرة؟ ألیس معنى هذا انتهاء عصر الشیطنة والکهانة والخداع، وانتهاء ظلمة الجهل بشروق شمس الوحی والنّبوة؟

«شهاب» لهب من النار، ویطلق أیضاً على الأنوار النّاریة الممتدة فی السماء، وهی قطع حجریة صغیرة متحرکة فی الفضاء الخارجی للکرة الأرضیة، کما یقول علماء الفلک، وتتأثر بجاذبیة الأرض عند وصولها إلى مقربة منها فتسقط على شکل شعلة ناریة حارقة، لأنّها عندما تصل إلى طبقات الهواء الکثیفة وتصطدم بها تتحول إلى شعلة ناریة، ثمّ تصل إلى الأرض بصورة رماد، وقد ذکرت الشهب کراراً فی القرآن المجید، وأنّها کالسهام ترمى صوب الشیاطین الذین یریدون أن یسترقوا السمع من السماء، وقد أوردنا بحوثاً مفصّلة حول کیفیة إخراج الشیاطین من السماء بالشهب، وما یراد من استراق السمع، وذلک فی ذیل الآیة 18 من سورة الحجر وما یلیها، وفی ذیل الآیة 10 من سورة الصافات وما یلیها.

«رصد» على وزن حسد، وهو التهیؤ لانتظار شیء ویُعبّر عنه بـ (الکمین) وتعنی أحیاناً اسم فاعل بمعنى الشخص أو الشّیء الذی یکمن، وهذا ما اُرید به فی هذه الآیات.

ثمّ قالوا: (وأنّا لا ندری أشرٌّ اُرید بمن فی الأرض أم أراد بهم ربّهم رشد).

أی مع کل هذا فإنّنا لا ندری أکان هذا المنع من استراق السمع دلیل على مکیدة تراد بأهل الأرض، أم أراد اللّه بذلک المنع أن یهدیهم، وبعبارة اُخرى أنّنا  لا ندری هل هذا هو مقدمة لنزول البلاء والعذاب من اللّه، أم مقدمة لهدایتهم، ولکن لا یخفى على مؤمنی الجن أنّ المنع من استراق السمع الذی تزامن مع ظهور نبیّنا الأکرم(صلى الله علیه وآله) هو مقدمة لهدایة البشریة، وانحلال جهاز الکهانة والخرافات الاُخرى، ولیس هذا إلاّ انتهاءً لعصر الظلام، وابتداء عصر النّور.

ومع هذا، فإنّ الجن ولعلاقتهم الخاصّة بمسألة استراق السمع لم یکونوا یصدقون بما فی ذلک المنع من خیر وبرکة، وإلاّ فمن الواضح أنّ الکهنة فی العصر الجاهلی کانوا یستغلون هذا العمل فی تضلیل الناس.

والجدیر بالذکر أنّ مؤمنی الجنّ صرّحوا بالفاعل لإرادة الهدایة فنسبوه إلى اللّه، وجعلوا فاعل الشرّ مجهولاً، وهذا إشارة إلى أنّ ما یأتی من اللّه فهو خیر، وما یصدر من الناس فهو الشرّ وفساد إذا ما أساءوا التصرف بالنعم الإلهیة، ثمّ إنّ المفروض أن یذکر لفظ «الخیر» فی مقابل «الشرّ»، ولکن بما أنّ الخیر هنا تعنی الرّشد والهدایة، لذا اکتفى بذکر المصداق فقط.


1. «لمسنا» من لمس، وتعنی هنا الطلب والبحث.
2. «حرس» على وزن قفص، جمع حارس، وقیل اسم جمع لحارس، وتعنی الشدید الحفاظ.
سورة الجنّ / الآیة 7 ـ 10 سورة الجنّ / الآیة 11 ـ 15
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma