خذوه فغلّوه

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة الحاقّة / الآیة 30 ـ 37 بدایة وضع الحرکات على حروف القرآن الکریم

استمراراً للآیات السابقة التی کانت تتحدّث عن (أصحاب الشمال) الذین یستلمون صحائف أعمالهم بأیدیهم الیسرى، فتنطلق الآهات والأنّات، ویتمنّى أحدهم الموت ـ یشیر تعالى فی الآیات أعلاه إلى قسم من العذاب الذی یلاقونه یوم القیامة فیقول: (خذوه فغلّوه).

«غلّوه» من مادّة (غلّ)، وکما قلنا سابقاً أنّ المراد هو السلسلة التی کانوا یربطون بها أیدی وأرجل المجرمین إلى أعناقهم مقترن بالکثیر من المشقّة والألم.

(ثمّ الجحیم صلّوه * ثمّ فی سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلکوه).

«السلسلة» فی الأصل مأخوذة من مادّة (تسلسل) بمعنى الإهتزاز والإرتعاش، لأنّ حلقات السلسلة الحدیدیة تهتزّ وتتحرّک.

التعبیر بـ (سبعون ذراعاً) یمکن أن یکون من باب (الکثرة) إذ إنّ العدد سبعین کثیراً ما یستعمل للکثرة، کما یمکن أن یکون المقصود هو العدد (سبعون) نفسه، وعلى کلّ حال، فإنّ مثل هذا الزنجیر یطوق به المجرمون بحیث یربطون به من کلّ جانب.

وقال بعض المفسّرین: إنّ هذه السلاسل الطویلة لیست لشخص واحد، بل لمجامیع یربط کلّ منها بسلسلة، وذکر هذه العقوبة بعد ذکر الغلّ فی الآیات السابقة یتناسب أکثر مع هذا المعنى.

«ذراع»: بمعنى الفاصلة بین الساعد ونهایة الأصابع، (وقیاسها بحدود نصف متر) وکانت وحدة الطول المستعملة عند العرب، وهی قیاس طبیعی، وقال البعض إنّ (الذراع) الوارد فی الآیة الکریمة هو غیر الذراع المتعارف علیه، حیث إنّ کلّ وحدة منه تمثّل فواصل عظیمة، ویربط بهذا الزنجیر جمیع أهل جهنّم.

ونکرّر هنا مرّة اُخرى قولنا أنّ المسائل المرتبطة بالقیامة لا نستطیع تصویرها بالکامل بواسطة بیاننا نحن سکّان الدنیا، إلاّ أنّنا نعکس شبحاً ـ فقط ـ من خلال ما جاء فی الآیات والروایات.

التعبیر بـ (ثمّ) فی هذه الآیة یوضّح لنا أنّ المجرمین بعد دخولهم فی النار یربطون بالسلسلة ذات السبعین ذراعاً، وهذه عقوبة جدیدة لهم، کما یوجد احتمال أنّ هذه السلاسل الفردیة أو الجماعیة تکون قبل الدخول فی جهنّم،(ثم) جاءت للتأخیر فی الذکر.

وتتطرق الآیتان التالیتان لبیان السبب الرئیسی لهذا العذاب العسیر، فیقول تعالى: (إنّه کان لا یؤمن بالله العظیم).

وکلّما کان الأنبیاء والأولیاء ورسل الله تعالى یدعونه للتوجّه إلى (الواحد الأحد) لم یکن لیقبل، ولذا فإنّ إرتباطه بالخالق کان مقطوعاً بصورة تامّة.

(ولا یحضّ على طعام المسکین).

وبهذا الشکل فإنّ هؤلاء قد قطعوا علاقتهم مع (الخلق) أیضاً.

وبهذا اللحاظ فإنّ العامل الأساسی لبؤس هؤلاء المجرمین هو قطع علاقتهم مع (الخالق) و(الخلق).

ویستفاد من التعبیر السابق ـ بصورة واضحة ـ أنّه یمکن تلخیص أهمّ الطاعات والعبادات وأوامر الشرع بهذین الأساسین: (الإیمان) و(إطعام المسکین) وهذا یمثّل إشارة إلى الأهمیّة البالغة لهذا العمل الإنسانی العظیم والحقیقة کما یقول البعض: إنّ أردأ العقائد هو (الکفر) کما أنّ أقبح الرذائل الأخلاقیة هو (البخل).

والطریف فی التعبیر أنّه لم یقل (کان لا یطعم)، بل قال: کان لا یحثّ الآخرین على الإطعام، إشارة إلى:

أوّلا: إنّ حلّ مشکلة المحتاجین وإشباع الجائعین لا یمکن أن یتغلّب علیها شخص واحد، بل یجب دعوة الآخرین أیضاً للمساهمة بمثل هذا العمل، لیعمّ الخیر والفضل والإحسان جمیع الناس.

ثانیاً: قد یکون الشخص عاجزاً عن إطعام المساکین، ولکن الجمیع بإمکانهم حثّ الآخرین على ذلک.

ثالثاً: محاربة صفة البخل، حیث إنّ من صفات البخیل أنّه یمتنع عن العطاء والبذل، ولا یرغب أو یرتاح لبذل وعطاء الآخرین أیضاً.

وینقل أنّ شخصاً من القدماء کان یأمر زوجته بأن تطبخ طعاماً أکثر من حاجتهم لإعطاء المساکین، ثمّ کان یقول: (أخرجنا نصف السلسلة من أعناقنا وذلک بالإیمان بالله، والنصف الآخر بالإطعام)(1).

ثمّ یضیف تعالى: (فلیس له الیوم ههنا حمیم) أی صدیق مخلص وحمیم (ولا طعام إلاّ من غسلین) أی القیح والدم.

والجدیر بالملاحظة هنا هو أنّ (الجزاء) و(العمل) لهؤلاء الجماعة متناسبان تماماً، فبسبب قطع علاقتهم بالله، فلیس لهم هنالک من صدیق ولا حمیم، کما أنّ سبب إمتناعهم عن إطعام المحتاجین فإنّ طعامهم فی ذلک الیوم لن یکون إلاّ القیح والدم، لأنّهم حرموا المساکین من الإطعام وترکوهم نهباً للجوع والألم فی الوقت الذی کانوا یتمتّعون لسنین طویلة بألذّ وأطیب الأطعمة.

یقول الراغب فی المفردات: «غسلین» غسالة أبدان الکفّار فی النار، إلاّ أنّ المتعارف علیه أنّ المقصود به هو الدم والقیح النازل من أجسام أهل النار، ویحتمل أنّ (الراغب) قد قصد هذا المعنى أیضاً.

کما أنّ التعبیر بـ (الطعام) یناسب هذا المعنى کذلک.

وهنا یطرح سؤال، وهو متعلّق بما ورد فی الآیة الکریمة فی قوله تعالى: (لیس لهم طعام إلاّ من ضریع)(2)، وقد فسّروا (الضریع) بأنّه نوع من الشوک.

وکذلک ما ورد بهذا الشأن فی قوله تعالى: (إنّ شجرت الزقّوم * طعام الأثیم)(3)، وقد فسّروا (الزقوم) بأنّه نبات مرّ غیر مستساغ الطعم ذو رائحة نتنة حیث یکثر وجود مثل هذا النبات فی أرض (تهامة) وهو مرّ وحارق وذو صمغ.

والسؤال هو: کیف یمکن الجمع بین هذه الآیات والآیة مورد البحث؟

قال البعض فی الجواب: إنّ هذه الکلمات الثلاث (الضریع، والزقوم، والغسلین) إشارة إلى موضوع واحد وهو (نبات خشن غیر مستساغ الطعم یکون طعام أهل النار).

وقیل: إنّ أهل النّار فی طبقات مختلفة، وإنّ کلّ صنف من هذه النباتات والأطعمة یکون غذاء لمجموعة منهم، أو طبقة من طبقاتهم.

وقیل: إنّ غذاء أهل النار هو (الزقوم والضریع)، وشرابهم (الغسلین)، والتعبیر بـ (الطعام) عن الشراب فی هذه الآیة لیس بالجدید.

ویضیف سبحانه فی آخر آیة مورد البحث فی قوله تعالى للتأکید: (لا یأکله إلاّ الخاطئون).

قال بعض المفسّرین: إنّ (خاطىء) تقال للشخص الذی یرتکب خطأً عمداً، أمّا (المخطىء) فتطلق على من إرتکب خطأ بصورة مطلقة (عمداً أو سهواً) وبناءً على ما تقدّم فإنّ طعام أهل جهنّم خاصّ للأشخاص الذین سلکوا درب الشرک والکفر والبخل والطغیان تمردّاً وعصیاناً وعمداً.


1. تفسیر روح المعانی، ج 29، ص 51.
2. الغاشیة، 6.
3. الدخان، 43 و44.
سورة الحاقّة / الآیة 30 ـ 37 بدایة وضع الحرکات على حروف القرآن الکریم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma