خالق الوجود علیم بأسراره:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة الملک / الآیة 12 ـ 14 سورة الملک / الآیة 15 ـ 18

بعد ما بیّنا ـ فی الأبحاث التی تناولتها الآیات السابقة ـ مصیر الکفّار یوم القیامة، فإنّ القرآن الکریم یتناول فی الآیات مورد البحث حالة المؤمنین وجزاءهم العظیم عند الله سبحانه ..

یقول فی البدایة: (إنّ الذین یخشون ربّهم بالغیب لهم مغفرة وأجر کبیر).

«الغیب» هنا إشارة لمعرفة الله تعالى غیر المرئیة، أو الإشارة إلى المعاد غیر المشاهد، أو یقصد به الأمران معاً.

کما یحتمل أن یکون إشارة إلى الخوف من الله تعالى بسبب ما عمل الإنسان من خطایا وذنوب فی السرّ، ذلک أنّ الإنسان إذا لم یقترف ذنوباً فی السرّ، فإنّه لن یجرأ علیها فی العلانیة.

ویحتمل أن یکون هذا التعبیر إشارة إلى خلوص النیّة فی الإبتعاد عن الذنوب والمعاصی، والالتزام بالأوامر الإلهیّة، إذ إنّ العمل السرّی یکون أبعد عن الریاء.

کما لا مانع من الجمع بین هذه الآراء.

التعبیر بـ (مغفرة) بصورة (نکرة)، وکذلک (أجر کبیر) إشارة إلى عظمته وأهمیّته، إذ إنّ هذه المغفرة وهذا الأجر من العظمة أنّه غیر معروف ولا واضح للجمیع.

ثمّ یضیف للتأکید: (وأسرّوا قولکم أو اجهروا به إنّه علیم بذات الصدور).

نقل بعض المفسّرین عن (ابن عبّاس) قوله فی سبب نزول هذه الآیة: (إنّ جماعة من الکفّار ـ أو المنافقین ـ کانوا یذکرون الرّسول بالسوء بدون علمه، وکان جبرئیل(علیه السلام) یخبر

الرّسول بذلک، وکان بعضهم یقول للآخر (أسرّوا قولکم) فنزلت الآیة أعلاه موضّحة أنّ جهرهم أو إخفاءهم لأقوالهم هو ممّا یعلمه الله تعالى)(1).

وتأتی الآیة اللاحقة دلیلا وتأکیداً على ما ورد فی الآیة السابقة، حیث یقول تعالى: (ألا یعلم من خلق وهو اللطیف الخبیر).

ذکرت إحتمالات متعدّدة فی تفسیر عبارة: (ألا یعلم من خلق) فقال البعض: إنّ القصد منها هو أنّ الذی خلق القلوب یعلم ما تکنّ فیها من أسرار.

أو أنّ الربّ الذی خلق العباد هل یجهل أسرارهم.

أو أنّه تعالى الذی خلق عالم الوجود جمیعاً عارف ومطلع بجمیع أسراره، وعندئذ هل تکون أسرار الإنسان ـ الذی هو جزء من هذا العالم العظیم ـ خافیة على الله تعالى؟

ولإدراک هذه الحقیقة لابدّ من الالتفات إلى أنّ مخلوقات الله تعالى دائماً تحت رعایته، وذلک یعنی أنّ فیض وجوده یصل کلّ لحظة إلى مخلوقاته، فإنّه سبحانه لم یخلقهم لیترکهم بدون رعایة، وفی الأصل فإنّ جمیع الممکنات مرتبطة دائماً بوجوده تعالى، وإذا ما فقدت تعلّقها بذاته المقدّسة لحظة واحدة فإنّها ستسلک طریق الفناء، إنّ الإنتباه وإدراک طبیعة هذه العلاقة القائمة والخلقة والأواصر الثابتة، هی أفضل دلیل على علم الله بأسرار جمیع الموجودات فی کلّ زمان ومکان.

«اللطیف» مأخوذ فی الأصل من (اللطف) ویعنی کلّ موضوع دقیق وظریف، وکلّ حرکة سریعة وجسم لطیف، وبناءً على هذا فإنّ وصف الله تعالى بـ (اللطیف) إشارة إلى علمه عزّوجلّ بالأسرار الدقیقة للخلق، کما جاءت أحیاناً بمعنى خلق الأجسام اللطیفة والصغیرة والمجهریة وما فوق المجهریة.

إنّ جمیع ما ذکر سابقاً إشارة إلى أنّ الله اللطیف عارف ومطّلع على جمیع النوایا القلبیة الخفیة، وکذلک أحادیث السرّ، والأعمال القبیحة التی تنجز فی الخفاء والخلوة... فهو تعالى یعلم بها جمیعاً.

قال بعض المفسّرین فی تفسیر (اللطیف): (هو الذی یکلّف بالیسیر ویعطی الکثیر).

وفی الحقیقة فإنّ هذا نوع من الدقّة فی الرحمة.

وقال البعض أیضاً: إنّ وصفه تعالى بـ (اللطیف) بلحاظ نفوذه سبحانه فی أعماق کلّ شیء، ولا یوجد مکان خال منه تعالى فی العالم أجمع، فهو فی کلّ مکان وکلّ شیء.

إنّ جمیع هذه الاُمور ترجع إلى حقیقة واحدة، وهی التأکید على عمق معرفة الله سبحانه وعلمه بالأسرار الظاهرة والباطنة لجمیع ما فی الوجود.


1. التفسیر الکبیر، ج 3، ص 66; وتفسیر روح البیان، ج 10، ص 86، ذیل الآیات مورد البحث.
سورة الملک / الآیة 12 ـ 14 سورة الملک / الآیة 15 ـ 18
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma