نتیجة الولاء لأعداء الله:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سبب النّزولسورة الممتحنة / الآیة 4 ـ 6

علمنا ممّا تقدّم أنّ سبب نزول الآیات السابقة هو التصرّف المشین الذی صدر من أحد المسلمین (حاطب بن أبی بلتعة) ورغم أنّه لم یکن قاصداً التجسّس إلاّ أنّ عمله نوع من إظهار المودّة لأعداء الإسلام، فجاءت الآیات الکریمة تحذّر المسلمین من تکرار مثل هذه التصرّفات مستقبلا وتنهاهم عنها.

یقول سبحانه فی البدایة: (یاأیّها الّذین آمنوا لا تتّخذوا عدوّی وعدوّکم أولیاء) مؤکّداً أنّ أعداء الله وحدهم هم الذین یضمرون العداء للمؤمنین والحقد علیهم، ومع هذا التصوّر فکیف تمدّون ید الصداقة والودّ لهم؟

ویضیف تعالى: (تلقون إلیهم بالمودّة وقد کفروا بما جاءکم من الحقّ یخرجون الرّسول وإیّاکم أن تؤمنوا بالله ربّکم)(1).

إنّهم یخالفونکم فی العقیدة، کما أنّهم شنّوا علیکم الحرب عملیّاً، ویعتبرون إیمانکم بالله ـ الذی هو أکبر فخر لکم وأعظم قداسة تجلّلکم ـ غایة الجرم وأعظم الذنب، ولهذا السبب قاموا بإخراجکم من دیارکم وشتّتوکم من بلادکم... ومع هذه الأعمال التی مارسوها معکم، هل من المناسب إظهار المودّة لهم، والسعی لإنقاذهم من ید العدالة والجزاء الإلهی على ید المقاتلین المسلمین المقتدرین؟

ثمّ یضیف القرآن الکریم موضّحاً: (إن کنتم خرجتم جاهداً فی سبیلی وابتغاء مرضاتی)(2)فلا تعقدوا معهم أواصر الولاء والودّ .

فإذا کنتم ممّن تدّعون حبّ الله حقّاً، وهاجرتم من دیارکم لأجله سبحانه وترغبون فی الجهاد فی سبیله طلباً لرضاه تعالى، فإنّ هذه الأهداف العظیمة  لا یناسبها إظهار الولاء لأعداء الله سبحانه.

ثمّ یضیف عزّوجلّ للمزید من الإیضاح فیقول: (تسرّون إلیهم بالمودّة وأنا أعلم بما أخفیتم وما أعلنتم)(3) (4).

وبناءً على هذا فما عسى أن یغنی الإخفاء وهو واقع بعلم الله فی الغیب والشهود؟

وفی نهایة الآیة نجد تهدیداً شدیداً لمن یجانب السبیل الذی أمر به الله سبحانه بقوله: (ومن یفعله منکم فقد ضلّ سواء السبیل).

فمن جهة انحرف عن معرفة الله تعالى بظنّه أنّ الله لا یعلم ولا یرى ما یصنع، وکذلک إنحرف عن طریق الإیمان والإخلاص والتقوى، حینما یعقد الولاء وتقام أواصر المودّة مع أعداء الله، وبالإضافة إلى ذلک فانّه وجّه ضربة قاصمة إلى حیاته حینما أفشى أسرار المسلمین إلى الأعداء، ویمثّل ذلک أقبح الأعمال وأسوأ الممارسات حینما یسقط الشخص المؤمن بهذا الوحل ویقوم بمثل هذه الأعمال المنحرفة بعد بلوغه مرتبة الإیمان والقداسة.

وفی الآیة اللاحقة یضیف سبحانه للتوضیح والتأکید الشدید فی تجنّب موالاتهم: (إن یثقفوکم یکونوا لکم أعداء ویبسطوا إلیکم أیدیهم وألسنتهم بالسوء)(5).

أنتم تکنّون لهم الودّ فی الوقت الذی یضمرون لکم حقداً وعداوة عمیقة ومتأصّلة، وإذا ما ظفروا بکم فإنّهم لن یتوانوا عن القیام بأی عمل ضدّکم، وینتقمون منکم ویؤذونکم بأیدیهم وبألسنتهم وبمختلف وسائل المکر والغدر فکیف ـ إذن ـ تتألّمون وتحزنون على فقدانهم مصالحهم؟

والأدهى من ذلک هو سعیهم الحثیث فی ردّکم عن دینکم وإسلامکم، والعمل على تجریدکم من أعظم مکسب وأکبر مفخرة لکم، وهی حقیقة الإیمان (وودّوا لو تکفرون)وهذه أوجع ضربة وأعظم مأساة وأکبر داهیة یریدون إلحاقها بکم.

وفی آخر آیة من هذه الآیات یستعرض سبحانه الجواب على «حاطب بن أبی بلتعة» ومن یسایره فی منهجه من الأشخاص، حینما قال فی جوابه لرسول الله عن السبب الذی حدا به إلى إفشاء أسرار المسلمین لمشرکی مکّة، حیث قال بلتعة: أهلی وعیالی فی مکّة، وأردت أن أمنع عنهم الأذى وأصونهم بعملی هذا، (واتّخذ عند أهلها یداً) یقول تعالى: (لن تنفعکم أرحامکم ولا أولادکم).

وذلک لأنّ الأرحام والأولاد المشرکین سوف لن یجلبوا خیراً وعزّة فی الدنیا ولا نجاة فی الآخرة، إذن لماذا تتصرّفون وتعملون مثل هذا العمل الذی یوجب سخط البارىء، وذلک بالتقرّب من أعداء الله وإرضاء المشرکین والبعد عن أولیائه تعالى وجلب الضرر على المسلمین؟

ثمّ یضیف تعالى: (یوم القیامة یفصل بینکم).(6)

وهذا تأکید على أنّ مقام أهل الإیمان هو الجنّة، وأنّ أهل الکفر یساقون إلى جهنّم وبئس المصیر، وهو بیان آخر وتوضیح لما تقدّم سابقاً من أنّ عملیة الفرز والفصل ستکون فیما بینکم، حیث ستقطع الأواصر بصورة تامّة بین الأرحام بلحاظ طبیعة الإیمان والکفر الذی هم علیه، ولن یغنی أحد عن الآخر شیئاً، وهذا المعنى مشابه لما ورد فی قوله تعالى: (یوم یفرّ المرء من أخیه * واُمّه وأبیه * وصاحبته وبنیه).(7)

وفی نهایة الآیة یحذّر الجمیع مرّة اُخرى بقوله تعالى: (والله بما تعملون بصیر).

إنّه عالم بنیّاتکم، وعالم بالأعمال التی تصدر منکم، سواء کانت فی حالة السرّ أو العلن، وإذا کانت المصلحة الإلهیّة تقتضی عدم إفشاء أسرارکم أحیاناً کما فی حادثة حاطب بن أبی بلتعة، فلأنّها لحکمة أو مصلحة یراها سبحانه، ولیس لأنّه لا یعلم بها أو تخفى علیه خافیة.

وفی الحقیقة إنّ علم الله بالغیب والشهود، والسرّ والعلن، وسیلة مؤثّرة وعظیمة فی تربیة الإنسان حیث یشعر دائماً بأنّه فی محضر الباریء عزّوجلّ الرقیب على قوله وعمله، بل حتى على نیّته، وهنا تصدق مقولة أنّ التقوى ولیدة المعرفة التامّة بالله عزّوجلّ.


1. جملة: (تلقون إلیهم بالمودّة) قالوا: إنّها حال من ضمیر (لا تتّخذو) کما قیل: إنّها جملة استئنافیة (تفسیر الکشّاف، ج 4، ص 512).
«الباء» فی «المودّة» إمّا زائدة للتأکید کما فی قوله تعالى: (ولا تلقوا بأیدیکم إلى التهلکة) أو أنّها سببیّة بحذف المفعول الذی تقدیره: (تلقوا إلیهم أخبار رسول الله بسبب المودّة التی بینکم وبینهم) تفسیر الکشّاف، ج 4، ص 512.
2. یعتقد بعض المفسّرین أنّ هذه الجملة الشرطیة لها جزاء محذوف یستفاد من الجملة السابقة تقدیره: (وإن کنتم خرجتم جهاداً فی سبیلی وابتغاء مرضاتی لا تتولّوا أعدائی).
3. الجملة أعلاه جملة إستئنافیة.
4. التعبیر هنا بـ (ما أخفیتم) عوض (ما أسررتم) جاء تأکیداً للمبالغة، لأنّ الإخفاء مرحلة أعمق من السرّ (التفسیر الکبیر، ذیل الآیات مورد البحث).
5. (یثقفوکم) من مادّة (ثقف وثقافة) بمعنى المهارة فی تشخیص أو إنجاز شیء ما، ولهذا السبب تستعمل ـ أیضاً ـ بمعنى الثقافة أو التمکّن والتسلّط المقترن بمهارة على الشیء.
6. یعتقد أکثر المفسّرین أنّ: (یوم القیامة) متعلّقة بـ «یفصل» إلاّ أنّ البعض الآخر یعتقد بأنّها متعلّقة بـ (لن تنفعکم) والنتیجة أنّ کلا الرأیین متقاربان بالرغم من أنّ المعنى الأوّل أنسب حسب الظاهر.
کما أنّ الملاحظ أنّ البعض فسّر «یفصل» بمعنى فصل شیئین بالمعنى المتعارف، والبعض الآخر اعتبرها من «فصل» بمعنى الحکم والقضاء بین إثنین، إلاّ أنّ المعنى الأوّل أصحّ.
7. عبس، 34 ـ 36.
سبب النّزولسورة الممتحنة / الآیة 4 ـ 6
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma