1ـ استجواب کامل

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة القلم / الآیة 34 ـ 41 سورة القلم / الآیة 42 ـ 45

إنّ طریقة القرآن الکریم فی الکشف عن الحقائق، واستخلاص المواقف، تکون من خلال عملیة مقارنة یعرضها الله سبحانه فی الآیات الکریمة، وهذا الاُسلوب مؤثّر جدّاً من الناحیة التربویة... فمثلا تستعرض الآیات الشریفة حیاة الصالحین وخصائصهم ومیزاتهم ومعاییرهم... ثمّ کذلک بالنسبة إلى الطالحین والظالمین، ویجعل کلا منهما فی میزان، ویسلّط الأضواء علیهما من خلال عملیة مقارنة، للوصول إلى الحقیقة.

وتماشیاً مع هذا المنهج وبعد استعراض النهایة المؤلمة لـ (أصحاب الجنّة) فی الآیات السابقة، یستعرض الباریء عزّوجلّ حالة المتّقین فیقول: (إنّ للمتّقین عند ربّهم جنّات النعیم).

«جنّات» من (الجنّة) حیث کلّ نعمة متصوّرة على أفضل صورة لها تکون هناک، بالإضافة إلى النعم التی لم تخطر على البال.

ولأنّ قسماً من المشرکین والمترفین کانوا یدّعون علوّ المقام وسموّه فی یوم القیامة کما هو علیه فی الدنیا، لذا فإنّ الله یوبّخهم على هذا الإدّعاء بشدّة فی الآیة اللاحقة. بل یحاکمهم فیقول: (أفنجعل المسلمین کالمجرمین * ما لکم کیف تحکمون).

هل یمکن أن یصدّق إنسان عاقل أنّ عاقبة العادل والظالم، المطیع والمجرم، المؤثر

والمستأثر واحدة ومتساویة؟ خاصّة عندما تکون المسألة عند إله جعل کلّ مجازاته ومکافآته وفق حساب دقیق وبرنامج حکیم.

وتستعرض الآیة 50 من سورة فصّلت موقف هؤلاء الأشخاص المماثل لما تقدّم، حیث یقول تعالى: (ولئن أذقناه رحمةً منّا من بعد ضرّاء مسّته لیقولنّ هذا لیّ، وما أظنّ الساعة قائمة، ولئن رجعت إلى ربّی إنّ لی عنده للحسنى).

نعم، إنّ الفئة المغرورة المقتنعة بتصرّفاتها الراضیة عن نفسها... تعبر أنّ الدنیا والآخرة خاصّة بها وملک لها.

ثمّ یضیف تعالى أنّه لو لم یحکم العقل بما تدّعون، فهل لدیکم دلیل نقلی ورد فی کتبکم یؤیّد ما تزعمون: (أم لکم کتاب فیه تدرسون * إنّ لکم فیه لما تخیّرون)(1) أی ما اخترتم من الرأی...

إن توقّعکم فی أن تکون العناصر المجرمة من أمثالکم مع صفوف المسلمین وعلى مستواهم...، حدیث هراء لا یدعمه العقل، ولم یأت فی کتاب یعتدّ به ولا هو موضع اعتبار.

ثمّ تضیف الآیة اللاحقة أنّه لو لم یکن لدیکم دلیل من العقل أو النقل، فهل أخذتم عهداً من الله أنّه سیکون معکم إلى الأبد: (أم لکم أیمان علینا بالغة إلى یوم القیامة إنّ لکم لما تحکمون).

وتتساءل الآیة الکریمة عن هؤلاء مستفسرة عمّن یستطیع الإدّعاء منهم بأنّه قد أخذ عهداً من الله سبحانه فی الإستجابة لمیوله وأهوائه، وإعطائه ما یشاء من شأن ومقام، وبدون موازین أو ضوابط، وبصورة بعیدة عن مقاییس السؤال وموازین الاستجابة؟ حتى یمکن القول بأنّ المجرمین متساوون مع المؤمنین(2).

ویضیف سبحانه ـ استمراراً لهذه التساؤلات ـ کی یسدّ علیهم جمیع الطرق ومن کلّ الجهات، فیقول: (سلهم أیّهم بذلک زعیم) فمن منهم یضمن أنّ المسلمین والمجرمین سواء، أو یضمن أنّ الله تعالى سیؤتیه کلّ ما یرید؟!

وفی آخر مرحلة من هذا الإستجواب العجیب یقول تعالى: (أم لهم شرکاء فلیأتوا بشرکائهم إن کانوا صادقین).

فالآیة تطلب من المشرکین تقدیم الدلیل الذی یثبت أنّ هذه الأصنام المنحوتة من الحجارة، والتی لا قیمة لها ولا شعور، تکون شریکة الله تعالى وتشفع لهم عنده.

وذهب بعض المفسّرین إلى أنّ (شرکاء) هنا بمعنى (شهداء).

ومن خلال العرض المتقدّم نستطیع القول: إنّ هؤلاء المجرمین لإثبات إدّعاءاتهم فی التساوی مع المؤمنین فی یوم القیامة، بل أفضلیتهم أحیاناً کما یذهب بعضهم لذلک، لابدّ لهم أن یدعموا قولهم هذا بإحدى الوسائل الأربعة التالیة: إمّا دلیل من العقل، أو کتاب من الکتب السماویة، أو عهد من الله تعالى، أو بواسطة شفاعة الشافعین وشهادة الشاهدین، وبما أنّ جواب جمیع هذه الأسئلة سلبی، لذا فإنّ هذا الإدّعاء فارغ من الأساس ولیست له أیّة قیمة.


1. جملة (إنّ لکم...) مفعول به لـ «تدرسون» وطبقاً للقواعد فإنّها یجب أن تقرأ «أن» بـ (فتح الهمزة). إلاّ أنّ مجیء اللام على رأس اسم «أن» جعلها تقرأ «إن» بـ (کسر الهمزة) وذلک لأنّ الفعل یصبح معلّقاً عن العمل.
2. فسّر البعض مصطلح «بالغة» هنا بمعنى «مؤکّد»، وفسّرها البعض الآخر بأنّها «مستمر» والمعنى الثانی أنسب، وبناءً على هذا فإنّ (الجارّ والمجرور) فی (إلى یوم القیامة) تکون متعلّقة بـ «بالغة».
سورة القلم / الآیة 34 ـ 41 سورة القلم / الآیة 42 ـ 45
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma