اُولئک أعداء الله:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة المجادلة / الآیة 5 ـ 7 حضور الله سبحانه فی کلّ نجوى:

إذا کانت آخر جملة فی الآیات السابقة تحثّ الجمیع بضرورة الالتزام بالحدود الإلهیّة وعدم تجاوزها، فإنّ الآیات مورد البحث لا تتحدّث عن الأشخاص الذین تجاوزوا حدود الله فحسب، بل عن الذین حاربوا الله ورسوله، وتوضّح عاقبتهم ومصیرهم فی هذه الدنیا والعالم الآخر کذلک.

یقول سبحانه فی البدایة: (إنّ الذین یحادّون الله ورسوله کبتوا کما کبت الذین من قبلهم).

«یحادون» من مادّة (محادة) بمعنى الحرب المسلّحة والاستفادة من الحدید وتقال أیضاً للحرب غیر المسلّحة.

وقال البعض: إنّ (المحادّة) فی الأصل بمعنى الممانعة من مادّة (حدّ) والتی تجیء بمعنى المانع بین شیئین، ولذلک یقال للحارس (حداد)، والمعنیان من حیث النتیجة متقاربان بالرغم من أنّهما مأخوذان من أصلین مختلفین.

«کبتوا» من مادّة (کبت) على وزن (ثبت) بمعنى المنع بذلّة، و(کبتوا) إشارة إلى أنّ الله تعالى یجعل جزاء المحاربین لله ورسوله الذلّة والهوان ویمنعهم من لطفه الشامل(1).

وهذا التعبیر شبیه ما ورد فی الآیة 114 من سورة البقرة التی تتحدّث عن الأشخاص الذین یمنعون الناس من المساجد وعبادة الله سبحانه، ویحاربون مبدأ الحقّ حیث یقول سبحانه: (لهم فی الدنیا خزی ولهم فی الآخرة عذاب ألیم).

أو کما ورد فی الآیة 33 من سورة المائدة فی الحدیث عن مصیر الأشخاص الذین یحاربون الله ورسوله ویفسدون فی الأرض حیث یقول: (ذلک لهم خزی فی الدنیا ولهم فی الآخرة عذاب عظیم).

ثمّ یضیف الباری سبحانه: (وقد أنزلنا آیات بیّنات).

وبناءً على هذا فقد تمّت الحجّة بشکل کامل، ولم یبق عذر، وحجّة للمخالفة، ومع ذلک فإن خالفوا، فلابدّ من أن یجازوا، لیس فی هذه الدنیا فحسب، بل فی القیامة: (وللکافرین عذاب مهین).

وبهذه الصورة فقد اُشیر إلى عذابهم الدنیوی فی الجملة السابقة، وفی هذه الجملة إلى العذاب الاُخروی، والشاهد على هذا المعنى فی الآیة الکریمة التالیة: (کما کبت الذین من قبلهم) کما أنّ الآیة اللاحقة تؤکّد هذا المعنى أیضاً.

وعلى کلّ حال فإنّ هذا التهدید الإلهی للأشخاص الذین یقفون بوجه الرّسول (صلى الله علیه وآله)والقرآن الکریم قد تحقّق، حیث واجهوا الذلّة والإنکسار فی غزوة بدر وخیبر والخندق وغیر ذلک، وأخیراً فی فتح مکّة حیث کسرت شوکتهم واُحبط کیدهم بانتصار الإسلام فی کلّ مکان.

والآیة اللاحقة تتحدّث عن إستعراض زمان وقوع العذاب الاُخروی علیهم حیث یقول عزّوجلّ: (یوم یبعثهم الله جمیعاً فینبّئهم بما عملو)(2) نعم (أحصاه الله ونسوه).

ولذا فعندما تقدّم لهم صحیفة أعمالهم یصرخون: (ما لهذا الکتاب لا یغادر صغیرة ولا کبیرة إلاّ أحصاه)(3).

وهذا بحدّ ذاته عذاب مؤلم، لأنّ الله تعالى یذکّرهم بذنوبهم المنسیّة ویفضحهم فی مشهد الحشر أمام الخلائق.

وفی نهایة الآیة یقول الباریء سبحانه: (والله على کلّ شیء شهید).

وهذه فی الحقیقة بمثابة الدلیل على ما ورد فی الجملة السابقة، فانّ حضور الله سبحانه فی کلّ مکان وفی کلّ زمان وفی الداخل والخارج، یوجب ألاّ یحصی أعمالنا ـ فقط ـ بل نیّاتنا وعقائدنا، وفی ذلک الیوم الکبیر الذی هو «یوم البروز» یُعرف کلّ شیء ولکی یعلم الإنسان السبب فی شدّة العقاب الإلهی.

ولتأکید حضور الله سبحانه فی کلّ مکان وعلمه بکلّ شیء ینتقل الحدیث إلى مسألة «النجوى» حیث یقول سبحانه: (ألم تر أنّ الله یعلم ما فی السّماوات وما فی الأرض).

بالرغم من أنّ المخاطب فی هذه الآیة هو الرّسول (صلى الله علیه وآله) إلاّ أنّ المقصود هو عموم الناس(4)، ومقدّمة لبیان مسألة النجوى.

ثمّ یضیف تعالى: (ما یکون من نجوى ثلاثة إلاّ هو رابعهم ولا خمسة إلاّ هو سادسهم ولا أدنى من ذلک ولا أکثر إلاّ هو معهم أین ما کانوا ثمّ ینّبئهم بما عملوا یوم القیامة إنّ الله بکلّ شیء علیم)(5).

نلاحظ هنا عدّة نقاط تستحقّ الإنتباه:

«النجوى» و«النجاة» فی الأصل بمعنى المکان المرتفع الذی انفصل عن أطرافه وجوانبه بسبب إرتفاعه، ولأنّ الإنسان إذا أراد التکتم على حدیثه یعتزل فی مکان بعید عن الآخرین، أو بلحاظ أنّ المتحدّث بالنجوى یرید أن ینجی أسراره من الکشف ویبعدها عن تناول أسماع الآخرین.

یرى البعض أنّ «النجوى» یجب أن تکون بین ثلاثة أشخاص أو أکثر، وإذا کانت بین شخصین فیقال لها (سرار) على وزن (سِتار) إلاّ أنّ هذا خلاف ظاهر الآیة، لأنّ الجملة: (ولا أدنى من ذلک) تشیر إلى أقلّ من ثلاثة أشخاص ـ أی شخصین ـ ومن الطبیعی أنّه إذا تناجى شخصان فلابدّ من أن یکون شخص ثالث قریب منهما، وإلاّ فلا ضرورة للنجوى. إلاّ أنّ ذلک لا یرتبط بما ذکرنا.

والنقطة الجدیرة بالملاحظة هنا هی أنّ الآیة أعلاه تحدّثت فی البدایة عن نجوى ثلاثة، ومن ثمّ عن نجوى خمسة، ولم یرد الکلام عن نجوى أربعة أشخاص والتی هی بین المرتبتین (ثلاثة وخمسة)، وبالرغم من أنّ کلّ ذلک جاء من باب المثال، إلاّ أنّ بعض المفسّرین ذکروا له وجوهاً مختلفة، وأنسبها أنّ المقصود بذلک رعایة الفصاحة فی الکلام وعدم التکرار، لأنّه إذا قال تعالى (کلّ ثلاثة أشخاص یتناجون فإنّ الله رابعهم، وکلّ أربعة أشخاص یتناجون فإنّ الله خامسهم) فإنّ العدد (أربعة) یتکرّر هنا، وهذا بعید عن البلاغة. وقال البعض: إنّ هذه الآیات نزلت حول مجموعة من المنافقین الذین کان عددهم نفس العدد المذکور.

المقصود من أنّ «الله» رابعهم أو سادسهم هو أنّ الله عزّوجلّ موجود حاضر وناظر فی کلّ مکان وعالم بکلّ شیء، وإلاّ فإنّ ذاته المقدّسة لا مکان لها، ولا یوصف بالعدد أبداً، ووحدانیّته أیضاً لیست وحدة عددیّة، بل بمعنى أنّه لا شبیه له، ولا نظیر ولا مثیل.

وجدیر بالذکر أنّ الحدیث فی ذیل الآیة یتجاوز النجوى، حیث تؤکّد الآیة أنّ الله مع الإنسان فی کلّ مکان، وسوف یُطلع الإنسان على أعماله یوم القیامة... وتنتهی الآیة بالإحاطة العلمیة لله سبحانه، کما ابتدأت بالإحاطة العلمیة بالنسبة لکلّ شیء.

نقل بعض المفسّرین أنّ سبب نزول الآیة، ما ورد عن ابن عبّاس أنّه قال: إنّ الآیة نزلت حول ثلاثة أشخاص، هم (ربیعة وحبیب وصفوان) کانوا یتحدّثون مع بعضهم، وقال أحدهم للآخر: هل یعلم الله ما نقول؟ قال الثانی: قسم یعلمه وقسم لا یعلمه، وقال الثالث: إذا کان یعلم قسماً منه فإنّه یعلم جمیعه، فنزلت الآیة وأعلنت أنّ الله تعالى حاضر فی کلّ نجوى وفی کلّ مکان فی الأرض وفی السماء، کی یتّضح خطأ الغافلین عمی القلوب(6).


1. فسّر بعض المفسّرین (کبتو) بمعنى اللعنة، ولأنّ اللعنة من قبل الله تعالى القادر على کلّ شیء دلیل على تحقیقها، فالنتیجة هی الذلّة والهوان لهذه المجموعة فی الدنیا، إلاّ أنّ ظاهر تعبیر الآیة أنّها جملة خبریّة ولیست إنشائیة.
2. «یوم» ظرف ومتعلّق «بالکافرین» أو «بالمهین»، والإحتمال الأوّل أنسب، وإختاره کثیر من المفسّرین. واحتمال البعض انّ المتعلّق مقدّر بمعنى (اذکر) مستبعد.
3. الکهف، 49.
4. «ألم تر» من مادّة «رؤیة» فی الأصل بمعنى المشاهدة الحسیّة، إلاّ أنّها فی کثیر من الموارد جاءت بمعنى الشهود القلبی والعلم والمعرفة.
5. «نجوى» بالرغم من أنّها مصدر إلاّ أنّها جاءت هنا اسم فاعل، أی من قبیل (زید عدلٌ).
6. التفسیر الکبیر، ج 29، ص 265.
سورة المجادلة / الآیة 5 ـ 7 حضور الله سبحانه فی کلّ نجوى:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma