المقاتلون المؤمنون صفّ حدیدی منیع:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سبب النّزول1ـ ضرورة وحدة الصفوف

اعتبرت هذه السورة من السور المسبّحات، ذلک لأنّها تبدأ بتسبیح الله فی بدایتها: (سبّح لله ما فی السّماوات وما فی الأرض)(1).

ولِمَ لا یسبّحونه ولا ینزّهونه من کلّ عیب ونقص: (وهو العزیز الحکیم) القدیر الذی لا یقهر والحکیم المحیط بکلّ شیء علماً.

إنّ الإلتفات إلى مسألة التسبیح العامّ للکائنات، الذی یتمّ بلسان الحال والقال، وکذلک النظام المدهش العجیب الحاکم فیها والذی هو أفضل دلیل على وجود خالق عزیز حکیم... من شأنه تمکین اُسس الإیمان فی القلوب، ومن شأنه أیضاً تمهید الطریق لأمر الجهاد.

ثمّ یضیف الباریء عزّوجلّ فی معرض لوم وتوبیخ للأشخاص الذین لم یلتزموا بأقوالهم: (یا أیّها الّذین آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون)(2).

وعلى الرغم من أنّ سبب نزول الآیة کما مرّ بنا کان متعلّقاً بالجهاد فی سبیل الله، وما حدث من فرار فی غزوة اُحد، ولکن یستفاد من الآیة سعة المفهوم الذی تعرّضت له، وبهذا تستوعب کلّ قول لا یقترن بعمل ویستحقّ اللوم والتوبیخ، سواء یتعلّق بالثبات فی میدان الجهاد أو أی عمل إیجابی آخر.

وذهب بعض المفسّرین إلى أنّ المخاطب فی هذه الآیات هم المتظاهرون بالإیمان والمنافقون، مع أنّ الخطاب فی هذه الآیة موجّه إلى الذین آمنوا، کما أنّ تعبیرات الآیات اللاحقة تبیّن لنا أنّ المخاطب بذلک هم المؤمنون، ولکنّهم لم یصلوا بعد إلى الإیمان الکامل وأعمالهم غیر منسجمة مع أقوالهم.

ثمّ یضیف سبحانه مواصلا القول: (کبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)(3) حیث التصریحات العلنیة فی مجالس السمر والإدّعاء بالشجاعة، ولکن ما أن تحین ساعة الجدّ إلاّ ونلاحظ الهروب والنکوص والابتعاد عن تجسید الأقوال المدّعاة.

إنّ من السمات الأساسیة للمؤمن الصادق هو الانسجام التامّ بین أقواله وأعماله وکلّما إبتعد الإنسان عن هذا الأصل، فإنّه یبتعد عن حقیقة الإیمان.

«المقت» فی الأصل: (البغض الشدید لمن إرتکب عملا قبیحاً) وکان عرب الجاهلیة یطلقون عبارة (نکاح المقت) لمن یتزوّج زوجة أبیه، وفی الجملة السابقة نلاحظ إقتران مصطلح «المقت» مع «الکبر»، والذی هو دلیل أیضاً على الشدّة والعظمة، کما هو دلیل على الغضب الإلهی الشدید على من یطلقون أقوالا ولا یقرنونها بالأعمال.

یقول المرحوم العلاّمة الطباطبائی فی المیزان: فرق بین أن یقول الإنسان شیئاً لا یرید أن یفعله، وبین الإنسان الذی لا ینجز عملا یقوله.

فالأوّل دلیل النفاق، والثانی دلیل ضعف الإرادة(4).

وتوضیح ذلک أنّ الإنسان الذی یقول شیئاً لم یقرّر إنجازه منذ البدایة هو على شعبة من النفاق، أمّا إذا قرّر القیام بعمل ما، ولکنّه ندم فیما بعد فهذا دلیل ضعف الإرادة.

وعلى کلّ حال، فمفهوم الآیة یشمل کلّ تخلّف عن عمد، سواء تعلّق بنقض العهود والوعود أو غیر ذلک من الشؤون، حتى أنّ البعض قال: إنّها تشمل حتى النذور.

ونقرأ فی رسالة الإمام علی(علیه السلام) لمالک الأشتر أنّه قال: «إیّاک... أن تعدهم فتتبع موعدک بخلفک... والخلف یوجب المقت عند الله والناس، قال الله تعالى: (کبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)»(5).

کما نقرأ فی حدیث عن الإمام الصادق أنّه(علیه السلام) قال: «عدة المؤمن أخاه نذر لا کفّارة فیه، فمن أخلف فبخلف الله بدأ، ولمقته تعرّض، وذلک قوله: (یاأیّها الذین آمنوا لِمَ تقولون ما لاتفعلون کبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)»(6).

ثمّ تطرح الآیة اللاحقة مسألة مهمّة للغایة فی التشریع الإسلامی، وهی موضوع الجهاد فی سبیل الله، حیث یقول تعالى: (إنّ الله یحبّ الذین یقاتلون فی سبیله صفّاً کأنّهم بنیان مرصوص)(7).

ونلاحظ هنا أنّ التأکید لیس على القتال فحسب، بل على أن یکون «فی سبیله» تعالى وحده، ویتجسّد فیه ـ کذلک ـ الإتّحاد والانسجام التامّ والتجانس والوحدة، کالبنیان المرصوص.

«صف» فی الأصل لها معنى مصدری بمعنى (جعل شیء ما فی خطّ مستو) إلاّ أنّها هنا لها معنى (اسم فاعل).

«مرصوص» من مادّة (رصاص) بمعنى معدن الرصاص، ولأنّ هذه المادّة توضع بعد تذویبها بین طبقات البناء من أجل استحکامه وجعله قویّاً ومتیناً للغایة، لذا اُطلقت هذه الکلمة هنا على کلّ أمر قوی ومحکم.

والمقصود هنا أن یکون وقوف وثبات المجاهدین أمام العدو قویّاً راسخاً تتجسّد فیه وحدة القلوب والأرواح والعزائم الحدیدیة والتصمیم القوی، بصورة تعکس أنّهم صفّ متراصّ لیس فیه تصدّع أو تخلخل ..

یقول علی بن إبراهیم فی تفسیره موضّحاً مقصود هذه الآیة: «یصطفّون کالبنیان الذی لا یزول»(8).

وجاء فی حدیث عن أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) أنّه عندما کان یهیء أصحابه للقتال بصفّین، قال: «إنّ الله تعالى قد أرشدکم إلى هذه المسؤولیة حیث قال سبحانه: (إنّ الله یحبّ الذین یقاتلون فی سبیله صفّاً کأنّهم بنیان مرصوص) وعلى هذا فاحکموا صفوفکم کالبنیان المرصوص، وقدّموا الدّارع، وأخّروا الحاسر، وعظّوا على الأضراس فإنّه أنبى للسیوف عن إلهام، والتووا فی أطراف الرماح، فإنّه أمْوَرُ للأسنّة، وغضّوا الأبصار فإنّه أربط للجأش، وأسکن للقلوب، وأمیتوا الأصوات، فإنّه أطرد للفشل، ورایتکم فلا تمیلوها ولا تخلوها، ولا تجعلوها إلاّ بأیدی شجعانکم...»(9).


1. تحدّثنا مراراً فی هذا التّفسیر حول کیفیة التسبیح العام لکائنات العالم ومن ضمن ذلک ما ورد فی نهایة الآیة 44 من سورة الإسراء ونهایة الآیة 41 من سورة النور.
2. «لِمَ» فی الأصل کانت «لما» (مرکبة من لام جارّة، وما استفهامیة) ثمّ سقطت الفها بسبب کثرة الاستعمال.
3. اعتبر بعض المفسّرین «کبر» من أفعال (المدح والذمّ)، (تفسیر روح البیان، ذیل الآیات مورد البحث)، کما فهم البعض منها معنى التعجّب (تفسیر الکشّاف).
4. تفسیر المیزان، ج 19، ص 287.
5. نهج البلاغة، الرسالة 53، (ص 444، صبحی الصالح).
6. اُصول الکافی، ج 2، باب (خلف الوعد).
7. «صفّاً» منصوبة على أنّها حال.
8. تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 311.
9. المصدر السابق، ص 310; وجاءَ شبیهٌ بهذا المعنى فی نهج البلاغة، الخطبة 124، (صبحی الصالح).
سبب النّزول1ـ ضرورة وحدة الصفوف
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma