لِمَ صرتم من أصحاب الجحیم؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
 سورة المدّثّر / الآیة 38 ـ 48 شفعاء یوم القیامة

إکمالاً للبحث الذی ورد حول النّار وأهلها فی الآیات السابقة، یضیف تعالى فی هذه الآیات: (کلّ نفس بما کسبت رهینة).

«رهینة»: من مادة (رهن) وهی وثیقة تعطى عادة مقابل القرض، وکأن نفس الإنسان محبوسة حتى تؤدّی وظائفها وتکالیفها، فإن أدت ما علیها فکت وأطلقت، وإلاّ فهی باقیة رهینة ومحبوسة دائماً، ونقل عن أهل اللغة أنّ أحد معانیها الملازمة والمصاحبة(1)، فیکون المعنى: الکلّ مقترنون بمعیة أعمالهم سواء الصالحون أم المسیئون.

لذا یضیف مباشرة: (إلاّ أصحاب الیمین).

إنّهم حطموا أغلال وسلاسل الحبس بشعاع الإیمان والعمل الصالح ویدخلون الجنّة بدون حساب.(2)

وهناک أقوال کثیرة حول المقصود من أصحاب الیمین:

فقیل هم الذین یحملون کتبهم بیمینهم، وقیل هم المؤمنون الذین لم یرتکبوا ذنباً أبداً، وقیل هم الملائکة، وقیل غیر ذلک والمعنى الأوّل یطابق ظاهر الآیات القرآنیة المختلفة، وله شواهد قرآنیة، فهم ذوو إیمان وعمل صالح، وإذا کانت لهم ذنوب صغیرة فإنّها تمحى بالحسنات وذلک بحکم (إن الحسنات یذهبن السیئات)(3).

فحینئذ تغطّی حسناتهم سیئاتهم أو یدخلون الجنّة بلا حساب، وإذا وقفوا للحساب فسیخفف علیهم ذلک ویسهل، کما جاء فی سورة الإنشقاق آیة 7 و8: (فأمّا من اُوتی کتابه بیمینه * فسوف یحاسب حساباً یسیر).

ونقل المفسّر المشهور «القرطبی» وهو من أهل السنة تفسیر هذه الآیة عن الإمام الباقر(علیه السلام) فقال: «نحن وشیعتنا أصحاب الیمین وکل من أبغضنا أهل البیت فهم مرتهنون».(4)

وأورد هذا الحدیث مفسّرون آخرون منهم صاحب مجمع البیان ونور الثقلین والبعض الآخر أورده تذییلاً لهذه الآیات.

ثمّ یضیف مبیّناً جانباً من أصحاب الیمین والجماعة المقابلة لهم:

(فی جنّات یتساءلون(5) * عن المجرمین * ما سللکم فی سقر).

یستفاد من هذه الآیات أن الرابطة غیر منقطعة بین أهل الجنان وأهل النّار، فیمکنهم مشاهدة أحوال أهل النّار والتحدث معهم، ولکن ماذا سیجیب المجرومون عن سؤال أصحاب الیمین؟ إنّهم یعترفون بأربع خطایا کبیرة کانوا قد ارتکبوها:

الاُولى: (قالوا لم نکُ من المصلین).

لو کنّا مصلّین لذکّرتنا الصلاة باللّه تعالى، ونهتنا عن الفحشاء والمنکر ودعتنا إلى صراط اللّه المستقیم.

والاُخرى: (ولم نک نطعم المسکین).

وهذه الجملة وإن کانت تعطی معنى إطعام المحتاجین، ولکن الظاهر أنّه یراد بها المساعدة والإعانة الضروریة للمحتاجین عموماً بما ترتفع بها حوائجهم کالمأکل والملبس والمسکن وغیر ذلک.

وصرّح المفسّرون أنّ المراد بها الزکاة المفروضة، لأنّ ترک الإنفاق المستحب لا یکون سبباً فی دخول النّار، وهذه الآیة تؤکّد مرّة اُخرى على أنّ الزّکاة کانت قد فرضت بمکّة بصورة إجمالیة، وإن کان التشریع بجزئیاتها وتعیین خصوصیاتها وتمرکزها فی بیت المال کان فی المدینة.

والثّالثة: (وکنّا نخوض مع الخائضین).

کنّا نؤید ما یصدر ضدّ الحقّ فی مجالس الباطل، نقوم بالترویج لها، وکنّا معهم أین ما کانوا، وکیف ما کانوا، وکنّا نصدق أقوالهم، ونضفی الصحة على ما ینکرون ویکذبون ونلتذ باستهزائهم بالحقّ.

«نخوض»: من مادة (خوض) على وزن (حوض)، وتعنی فی الأصل الغور والحرکة فی الماء، ویطلق على الدخول والتلوث بالاُمور، والقرآن غالباً ما یستعمل هذه اللفظة فی الإشتغال بالباطل والغور فیه.

(الخوض فی الباطل) له معان واسعة فهو یشمل الدخول فی المجالس التی تتعرض فیها آیات اللّه للإستهزاء أو ما تروج فیها البدع، أو المزاح الوقح، أو التحدث عن المحارم المرتکبة بعنوان الإفتخار والتلذذ بذکرها، وکذلک المشارکة فی مجالس الغیبة والإتهام واللهو واللعب وأمثال ذلک، ولکن المعنى الذی انصرفت إلیه الآیة هو الخوض فی مجالس الاستهزاء بالدین والمقدّسات وتضعیفها وترویج الکفر والشرک.

وأخیراً یضیف: (وکنّا نکذّب بیوم الدین حتى أتانا الیقین).

من الواضح أنّ إنکار المعاد ویوم الحساب والجزاء یزلزل جمیع القیم الإلهیة والأخلاقیة، ویشجع الإنسان على ارتکاب المحارم، ویرفع کلّ مانع أمام هذا الطریق، خصوصاً إذا استمر إلى آخر العمر، على کل حال فإنّ ما یستفاد من هذه الآیات أنّ الکفّار هم مکلّفون بفروع الدین، کما هم مکلّفون بالاُصول، وکذلک تشیر إلى أن الأرکان الأربعة، أی الصلاة والزّکاة وترک مجالس أهل الباطل، والإیمان بالقیامة لها الأثر البالغ فی تربیة وهدایة الإنسان، وبهذا لا یمکن أن یکون الجحیم مکاناً للمصلین الواقعیین، والمؤتین الزّکاة، والتارکین الباطل والمؤمنین بالقیامة.

بالطبع فإنّ الصلاة هی عبادة اللّه، ولکنّها لا تنفع إذا لم یمتلک الإنسان الإیمان به تعالى، ولهذا فإنّ أداءها رمز للإیمان والاعتقاد باللّه والتسلیم لأوامره، ویمکن القول إنّ هذه الاُمور

الأربعة تبدأ بالتوحید وتنتهی بالمعاد، وتحقق العلاقة والرابطة بین الإنسان والخالق، وکذا بین المخلوقین أنفسهم.

والمشهور بین المفسّرین أنّ المراد من (الیقین) هنا هو الموت، لأنّه یعتبر أمرٌ یقینی للمؤمن والکافر، وإذا شک الإنسان فی شیء ما فلا یستطیع أن یشک بالموت ونقرأ أیضاً فی الآیة 99 من سورة الحجر: (واعبد ربّک حتى یأتیک الیقین).

ولکن ذهب البعض إلى أنّ الیقین هنا یعنی المعرفة الحاصلة بعد موت الإنسان وهی التی تختص بمسائل البرزخ والقیامة، وهذا ما یتفق نوعاً ما مع التّفسیر الأوّل.

وفی الآیة الأخیرة محل البحث إشارة إلى العاقبة السیئة لهذه الجماعة فیقول تعالى: (فما تنفعهم شفاعة الشافعین).

فلا تنفعهم شفاعة الأنبیاء ورسل اللّه والائمّة، ولا الملائکة والصدیقین والشهداء والصالحین، ولأنّها تحتاج إلى عوامل مساعدة وهؤلاء أبادوا کل هذه العوامل، فالشفاعة کالماء الزلال الذی تسقى به النبتة الفتیة، وبدیهی إذا ماتت النبتة الفتیة، لایمکن للماء الزلال أن یحییها، وبعبارة اُخرى کما قلنا فی بحث الشفاعة، فإنّ الشفاعة من ( الشفع) وتعنی ضم الشیء إلى آخر، ومعنى هذا الحدیث هو أنّ المُشفّع له یکون قد قطع قسطاً من الطریق وهو متأخر عن الرکب فی مآزق المسیر، فتضم إلیه شفاعة الشافع لتعینه على قطع بقیة الطریق(6).

وهذه الآیة تؤکّد مرّةً اُخرى مسألة الشفاعة وتنوع وتعدد الشفعاء عند اللّه، وهی جواب قاطع لمن ینکر الشفاعة، وکذلک تؤکّد على أنّ للشفاعة شروطاً وأنّها لا تعنی اعطاء الضوء الأخضر لإرتکاب الذنوب، بل هی عامل مساعد لتربیة الإنسان وایصاله على الأقل إلى مرحلة تکون له القابلیة على التشفع، بحیث لا تنقطع وشائج العلاقة بینه وبین اللّه تعالى والأولیاء.


1. لسان العرب مادة (رهن).
2. قال الشّیخ الطوسی فی التبیان أنّ الاستثناء هنا هو منقطع وقال آخرون کصاحب (روح البیان) أنّه متصل، وهذا الاختلاف یرتبط کما ذکرنا بالتفسیرات المختلفة لمعنى الرهینة، وما یطابق ما اخترناه من التّفسیر هو أنّ الاستثناء هنا منقطع وعلى التفسیر الثّانی یکون متصلاً.
3. هود، 114.
4. تفسیر القرطبی، ج10، ص6878.
5. «یتساءلون» وهو وإن کان من باب (تفاعل) الذی یأتی عادةً فی الأعمال المشترکة بین اثنین أو أکثر، ولکنه فقد هذا المعنى هنا کما فی بعض الموارد الاُخرى، والمعنى یسألون، وتنکیر الجنات هو لتبیان عظمتها و(فی جنات) خبر لمبتدأ محذوف تقدیره: هو فی جنات.
6. راجع هذا التّفسیر، ذیل الآیة 48 من سورة البقرة.
 سورة المدّثّر / الآیة 38 ـ 48 شفعاء یوم القیامة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma