من الذی یأتیکم بالمیاه الجاریة؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة الملک / الآیة 28 ـ 30 بحث

إنّ الآیات أعلاه، التی هی آخر آیات سورة الملک، تبدأ جمیعها بکلمة (قل) مخاطبة الرّسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)، حیث أنّها تمثّل استمراراً للأبحاث التی مرّت فی الآیات السابقة حول الکفّار، وتعکس هذه الآیات الکریمة جوانب اُخرى من البحث.

یخاطب الباریء عزّوجلّ ـ فی البدایة ـ الأشخاص الذین یرتقبون وفاة رسول الله(صلى الله علیه وآله)وأصحابه، ویتصوّرون أنّ بوفاته سوف یمحى دین الإسلام وینتهی کلّ شیء، وهذا الشعور کثیراً ما ینتاب الأعداء المخذولین إزاء القیادات القویّة والمؤثّرة، یقول تعالى مخاطباً إیّاهم: (قل أرأیتم إن أهلکنی الله ومن معی أو رحمنا فمن یجیر الکافرین من عذاب ألیم).

ورد فی بعض الروایات أنّ کفّار مکّة، کانوا دائماً یسبّون الرّسول(صلى الله علیه وآله) والمسلمین، وکانوا یتمنّون موته ظنّاً منهم أنّ رحیله سینهی دعوته کذلک، لذا جاءت الآیة أعلاه ردّاً علیهم.

کما جاء شبیه هذا المعنى فی قوله تعالى: (أم یقولون شاعر نتربّص به ریب المنون)(1).

لقد کانوا غافلین عن وعد الله سبحانه لرسوله الأمین، بأنّ اسمه سیکون مقترناً مع مبدأ الحقّ الذی لا یعتریه الفناء وإذا جاء أجله فإنّ ذکره لن یندرس، نعم، لقد وعده الله سبحانه بانتصار هذا المبدأ، وأن ترفرف رایة هذا الدین على کلّ الدنیا، وحیاة الرّسول(صلى الله علیه وآله) أو موته لن یغیّرا من هذه الحقیقة شیئاً.

کما ذکر البعض تفسیراً آخر لهذه الآیة وهو: إنّ خطاب الله لرسوله الکریم ـ الذی یشمل المؤمنین أیضاً ـ مع ما علیه(صلى الله علیه وآله) من الإیمان الراسخ، کان یعکس الخوف والرجاء معاً فی آن واحد. فکیف بکم أنتم أیّها الکافرون؟ وما الذی تفکّرون به لأنفسکم؟

ولکن التّفسیر الأوّل أنسب حسب الظاهر.

واستمراراً لهذا البحث، یضیف تعالى: (قل هو الرحمن آمنا به وعلیه توکّلنا فستعلمون من هو فی ضلال مبین).

وهذا یعنی أنّنا إذا آمنا بالله، واتّخذناه ولیّاً ووکیلا لنا، فإنّ ذلک دلیل واضح على أنّه الربّ الرحمن، شملت رحمته الواسعة کلّ شیء، وغمر فیض ألطافه ونعمه الجمیع (المؤمن والکافر)، إنّ نظرة عابرة إلى عالم الوجود وصفحة الحیاة تشهد على هذا المدّعى، أمّا الذین تعبدونهم من دون الله فماذا عملوا؟ وماذا صنعوا؟

وبالرغم من أنّ ضلالکم واضح هنا فی هذه الدنیا، إلاّ أنّه سیتّضح بصورة أکثر فی الدار الآخرة، أو أنّ هذا الضلال وبطلان دعاواکم الفارغة ستظهر فی هذه الدنیا عندما ینتصر الإسلام بالامدادات الإلهیة على جیش الکفر بشکل إعجازی وخارق للعادة، عندئذ ستتبیّن الحقیقة أکثر للجمیع.

إنّ هذه الآیة ـ فی الحقیقة ـ نوع من المواساة للرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) والمؤمنین، کی لا یظنّوا أو یتصوّروا أنّهم وحدهم فی هذا الصراع الواسع بین الحقّ والباطل، حیث إنّ الرحمن الرحیم خیر معین لهم ونعم الناصر.

ویقول تعالى فی آخر آیة، عارضاً لمصداق من رحمته الواسعة، والتی غفل عنها الکثیر من الناس: (قل أرأیتم إن أصبح ماؤکم غوراً فمن یأتیکم بماء معین).

إنّ للأرض فی الحقیقة قشرتین متفاوتتین: (قشرة قابلة للنفوذ) یدخل فیها الماء، واُخرى (غیر قابلة للنفوذ) تتحفظ بالماء، وجمیع العیون والآبار والقنوات تولّدت من برکات هذا الترکیب الخاصّ للأرض، إذ لو کانت القشرة القابلة للنفوذ لوحدها على سطح الکرة الأرضیة جمیعاً ولأعماق بعیدة، فإنّ جمیع المیاه التی تدخل جوف الأرض لا یقرّ لها قرار، وعندئذ لا یمکن أن یحصل أحد على قلیل من الماء، ولو کانت قشرة الأرض غیر قابلة للنفوذ لتجمّعت المیاه على سطحها وتحوّلت إلى مستنقع کبیر، أو أنّ المیاه التی تکون على سطحها سرعان ما تصبّ فی البحر، وهکذا یتمّ فقدان جمیع الذخائر التی هی تحت الأرض.

إنّ هذا نموذج صغیر من رحمة الله الواسعة یتعلّق بموت الإنسان وحیاته.

«معین» من مادّة (معن)، على وزن (طعن) بمعنى جریان الماء.

وقال آخرون: إنّها مأخوذة من (عین) والمیم زائدة، لذا فإنّ بعض المفسّرین ذهبوا إلى أنّ معنى (معین) تعنی الماء الذی یشاهد بالعین بغضّ النظر عن جریانه، إلاّ أنّ الغالبیة فسّروه بالماء الجاری.

وبالرغم من أنّ الماء الصالح للشرب لا ینحصر بالماء الجاری، إلاّ أنّه ممّا لا شکّ فیه أنّ الماء الجاری یمثّل أفضل أنواع ماء الشرب، سواء کان من العیون أو الأنهار أو القنوات أو الآبار المتدفّقة ..

ونقل بعض المفسّرین أنّ أحد الکفّار عندما سمع قوله تعالى: (قل أرأیتم إن أصبح ماؤکم غوراً فمن یأتیکم بماء معین) قال: (رجال شداد ومعاول حداد) وعند نومه لیلا نزل الماء الأسود فی عینیه، وفی هذه الأثناء سمع من یقول: إأتی بالرجال الشداد والمعاول الحداد لیخرجوا الماء من عینیک.

ومن الواضح أنّه فی حالة عدم وجود القشرة الصلبة وغیر القابلة للنفوذ، فإنّه لا یستطیع أی إنسان قوی ولا أی معول حادّ أن یستخرج شیئاً من الماء(2).


1. الطور، 30.2. تفسیر روح الجنان، ج 11، ص 219.
سورة الملک / الآیة 28 ـ 30 بحث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma