یترجم اللسان فی الغالب ما یکنّه القلب وما تضمره الروح، وإذا أصبح اللسان فی مسار بعید عن تصویر خلجات القلب وإرادته، فإنّ ذلک دلیل على حالة النفاق، والمنافق تبدو علیه علامات الإعتلال فی الفکر والروح.
إنّ من أعظم الإبتلاءات التی تبتلى بها المجتمعات الإنسانیة هو تزعزع الثقة بین صفوفها وعدم الإطمئنان فیما بینها، وأمارة ذلک هی الأقوال البعیدة عن الالتزام والادّعاءات الفارغة من المحتوى العملی، وأداة ذلک هم الأشخاص الذین یقولون ما لا یفعلون، وبذلک
فهم یشکّلون بؤرة عمیقة مخیّبة فی قبال حالات الانسجام والوحدة والتماسک أمام المشاکل التی تواجههم، بل یشکّلون عاملا للضعف والتباغض وعدم الاحترام وتضییع الإمکانات وسقوط هیبتهم أمام الأعداء.
عندما أغار جیش الشام على حدود العراق، ووصل خبر ذلک إلى الإمام علی(علیه السلام)خطب فی أهل الکوفة خطبته التی قال فیها: «أیّها الناس المجتمعة أبدانهم المختلفة أهواؤهم، کلامکم یوهی الصمّ الصلاب، وفعلکم یطمع فیکم الأعداء، تقولون فی المجالس کیت وکیت، فإذا جاء قلتم: حیدی حیاد»(1).
والإمام(علیه السلام) یتحدّث هنا بألم عن أهل العراق; وهذا ما تعکسه کلماته التی تشیر التفاوت بین أقوالهم وأعمالهم.
ونقرأ عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «یعنی بالعلماء من صدق فعله قوله، ومن لم یصدق فعله قوله فلیس بعالم»(2).