حزب الشیطان:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة المجادلة / الآیة 14 ـ 19 سورة المجادلة / الآیة 20 ـ 22

هذه الآیات تفضح قسماً من تآمر المنافقین وتعرض صفاتهم للمسلمین، وذکرها بعد آیات النجوى یوضّح لنا أنّ قسماً ممّن ناجوا الرّسول کانوا من المنافقین، حیث کانوا بهذا العمل یظهرون قربهم للرّسول(صلى الله علیه وآله) ویتستّرون على مؤامراتهم، وهذا ما سبّب أن یتعامل القرآن مع هذه الحالة بصورة عامّة.

یقول تعالى فی البدایة: (ألم تر إلى الذین تولّوا قوماً غضب الله علیهم).

هؤلاء القوم الذین «غضب الله علیهم» کانوا من الیهود ظاهراً کما عرّفتهم الآیة 60 من سورة المائدة بهذا العنوان حیث یقول تعالى: (قل هل اُنبّئکم بشرٍّ من ذلک مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب علیه).

ثمّ یضیف تعالى: (ما هم منکم ولا منهم) فهم لیسوا أعوانکم فی المصاعب والمشاکل، ولا أصدقاءکم وممّن یکنون لکم الودّ والإخلاص، إنّهم منافقون یغیّرون وجوههم کلّ یوم ویظهرون کلّ لحظة لکم بصورة جدیدة.

وطبیعی أنّ هذا التعبیر لا یتنافی مع قوله تعالى: (ومن یتولّهم منکم فإنّه منهم)(1)، لأنّ المقصود هناک أنّهم بحکم أعدائکم، بالرغم من أنّهم فی الحقیقة لیسوا منهم.

ویضیف ـ أیضاً ـ واستمراراً لهذا الحدیث أنّ هؤلاء ومن أجل إثبات وفاءهم لکم فانّهم یقسمون بالأیمان المغلّظة: (ویحلفون على الکذب وهم یعلمون).

وهذه طریقة المنافقین، فیقومون بتغطیة أعمالهم المنفّرة ووجوههم القبیحة بواسطة الأیمان الکاذبة والحلف الباطل، فی الوقت الذی تکون أعمالهم خیر کاشف لحقیقتهم.

ثمّ یشیر تعالى إلى العذاب المؤلم لهؤلاء المنافقین المصرّین على الباطل والمعاندین للحقّ، حیث یقول تعالى: (أعدّ اللّه لهم عذاباً شدید) وبدون شک فإنّ هذا العذاب عادل وذلک: (إنّهم ساء ما کانوا یعملون).

ثمّ للتوضیح الأکثر حول بیان سمات وصفات المنافقین یقول سبحانه: (اتّخذوا أیمانهم جنّة فصدّوا عن سبیل الله)(2).

یحلفون أنّهم مسلمون ولیس لهم هدف سوى الإصلاح، فی حین أنّهم منهمکون بفسادهم وتخریبهم ومؤامراتهم... وفی الحقیقة فإنّهم یستفیدون من الاسم المقدّس لله للصدّ والمنع عن سبیل الله تعالى...

نعم، إنّ الحلف الکاذب هو أحد علائم المنافقین، حیث ذکره سبحانه أیضاً فی سورة المنافقین الآیة 2 فی معرض بیان أوصافهم.

ویضیف تعالى فی النهایة: (فلهم عذاب مهین) أی مذلّ.

إنّهم أرادوا بحلفهم الکاذب تحسین سمعتهم وتجمیل صورتهم، إلاّ أنّ الله سیبتلیهم بعذاب ألیم مذلّ، وقبل ذلک عبّر عنه سبحانه بأنّه «عذاب شدید»، کما فی الآیة 15 من هذه السورة، لأنّهم یحزنون قلوب المؤمنین بشدّة.

والظاهر أنّ کلا العذابین مرتبط بالآخرة، لأنّهما ذکرا بوصفین مختلفین: (مهین وشدید) فلیسا تکراراً، لأنّ وصف العذاب بهذین الوصفین فی القرآن الکریم یأتی عادةً لعذاب الآخرة، بالرغم من أنّ بعض المفسّرین احتملوا أنّ العذاب الأوّل مختّص بالدنیا أو عذاب القبر، وأنّ الثانی مختّص بعذاب الآخرة.

ولأنّ المنافقین یعتمدون فی الغالب على أموالهم وأولادهم وهما (القوّة الاقتصادیة والقوّة البشریة) فی تحقیق مآربهم وحلّ مشاکلهم، فإنّ القرآن الکریم یشیر إلى هذا المعنى بقوله تعالى: (لن تغنی عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شیئ).(3)

وهذه الأموال ستصبح لعنة علیهم وطوقاً فی أعناقهم وسبباً لعذابهم المؤلم، کما یوضّح الله سبحانه وتعالى ذلک فی قوله: (سیطوقون ما بخلوا به یوم القیامة).(4)

وکذلک بالنسبة لأولادهم الضالّین فإنّهم سیکونون سبباً لعذابهم، وأمّا الصالحون والمؤمنون فسیتبرّون منهم.

نعم، فی یوم القیامة لا ملجأ إلاّ الله، وحینئذ یتجلّى خواء الأسباب الاُخرى، کما یتبیّن ذلک فی قوله تعالى: (وتقطّعت بهم الأسباب).(5)

وفی ذیل الآیة یهدّدهم ویقول: (اُولئک أصحاب النار هم فیها خالدون).

وبهذه الصورة فقد وصف القرآن الکریم عذابهم أحیاناً بأنّه «شدید»، وأحیاناً بأنّه مذلّ و«مهین»، وثالثة بأنّه «خالد»، وکلّ واحدة من هذه الصفات متناسبة مع طبیعة أعمالهم.

والعجیب أنّ المنافقین لا یتخلّون عن نفاقهم حتى فی یوم القیامة أیضاً، کما یوضّح الله سبحانه ذلک فی قوله: (یوم یبعثهم الله جمیعاً فیحلفون له کما یحلفون لکم).(6)

إنّ یوم القیامة یوم تتجلّى فیه الأعمال، وحقیقة الإنسان التی کان علیها فی الدنیا، ولأنّ المنافقین أخذوا هذه الحالة النفسیة معهم إلى القبر والبرزخ، فإنّها ستتضح یوم القیامة أیضاً، ومع علمهم بأنّ الله سبحانه لا یخفى علیه شیء وأنّه علاّم الغیوب، إلاّ أنّهم ـ إنسجاماً مع سلوکهم المعهود ـ فإنّهم یحلفون أمام الله حلفاً کاذباً.

وطبیعی أنّ هذا لا یتنافی مع إعترافهم وإقرارهم بذنوبهم فی بعض محاضر محکمة العدل الإلهی، لأنّ فی یوم القیامة محطّات ومواقف مختلفة وفی کلّ واحدة منها برنامج.

ثمّ یضیف عزّوجلّ أنّهم بهذا الیمین الکاذب یظنّون أنّه بإمکانهم کسب منفعة أو دفع ضرر: (ویحسبون أنّهم على شیء).

إنّ هذا التصور الواهی لیس أکثر من خیال، إلاّ أنّ تطبّعهم على هذه الأسالیب فی الدنیا وتخلّصهم ممّا یحدق بهم من أخطار بواسطة الأیمان الکاذبة ونیل بعض المنافع الدنیویة لأنفسهم، وبذلک فإنّهم یحملون هذه الملکات السیّئة معهم إلى هناک، حیث تفصح عن حقیقتها.

وأخیراً تنتهی الآیة بهذه الجملة: (ألا إنّهم هم الکاذبون).

ویمکن أن یکون التصریح مرتبطاً بالدنیا، أو القیامة، أو کلیهما، وبهذه الصورة سیفتضح.

وفی آخر آیة مورد البحث یبیّن الباری عزّوجلّ المصیر النهائی للمنافقین العمی القلوب بقوله تعالى: (استحوذ علیهم الشیطان فأنساهم ذکر الله اُولئک حزب الشیطان ألا إنّ حزب الشیطان هم الخاسرون).

«استحوذ» من مادّة (حوذ) على وزن (موز) فی الأصل بمعنى الجزء الخلفی لفخذ البعیر، ولأنّ أصحاب الإبل عندما یسوقون جمالهم یضربونها على أفخاذها، فقد جاء هذا المصطلح بمعنى التسلّط أو السوق بسرعة.

نعم، إنّ المنافقین المغرورین بأموالهم ومقامهم، لیس لهم مصیر سوى أن یکونوا تحت سیطرة الشیطان واختیاره ووساوسه بصورة تامّة، وینسون الله بصورة کلیّة، أنّهم لیسوا منحرفین فحسب، بل إنّهم فی زمرة الشیطان وهم أنصاره وحزبه وجیشه فی إضلال الآخرین.

یقول الإمام علی(علیه السلام) فی بدایة وقوع الفتن والخلافات «أیّها الناس، إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحکام تبتدع، یخالف فیها کتاب الله، یتولّى فیها رجال رجالا، فلو أنّ الباطل خلص لم یخف على ذی حجى، ولو أنّ الحقّ خلص لم یکن اختلاف، ولکن یؤخذ من هذا ضغث، ومن هذا ضغث فیمزجان فیجیئان معاً، فهنالک استحوذ الشیطان على أولیائه، ونجا الذین سبقت لهم من الله الحسنى»(7).

کما یلاحظ نفس هذا التعبیر فی کلام الإمام الحسین(علیه السلام) عندما شاهد صفوف أهل الکوفة بکربلاء کاللیل المظلم والسیل العارم أمامه، حیث قال: «فنعم الربّ ربّنا وبئس العباد أنتم أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرّسول محمّد ثمّ أنّکم رجعتم إلى ذرّیته وعترته تریدون قتلهم، لقد استحوذ علیکم الشیطان فأنساکم ذکر الله العظیم ثمّ أضاف(علیه السلام): فتبّاً الموت لکم ولما تریدون، إنّا لله وإنّا إلیه راجعون»(8).

وسنتطرّق إلى بحث تفصیلی حول حزب الشیطان وحزب الله فی نهایة الآیات اللاحقة إن شاء الله.


1. المائدة، 51.
2. «جنّة» فی الأصل من مادّة «جنّ» على وزن (فنّ) بمعنى تغطیة الشیء، ولأنّ الدرع یغطّی الإنسان من ضربات العدو فیقال له (جنّة ومجن ومجنة).
3. اعتبر بعض المفسّرین أنّ کلمة «عذاب» هنا مقدرة وقالوا: إنّ المقصود هو (من عذاب الله)، (تفاسیر القرطبی وروح البیان والکشّاف)، ویوجد هنا احتمال آخر، وهو أنّ الآیة لیس لها تقدیر والمراد من کلمة «من الله» هو أنّهم لا یجدون ملجأً آخر غیره.
4. آل عمران، 180.
5. البقرة، 166.
6. «یوم» ظرف ومتعلّق بـ «اذکر» المحذوفة، أو متعلّق بما قبله یعنی (لهم عذاب مهین)، أو (اُولئک أصحاب النار)، إلاّ أنّ الاحتمال الأوّل أنسب.
7. اُصول الکافی، ج 1، ص 54; وتفسیر نورالثقلین، ج 5 ص 267; ونهج البلاغة، الخطبة، 50، (بتفاوت یسیر).
8. تفسیر نور الثقلین، ج5، ص266.
سورة المجادلة / الآیة 14 ـ 19 سورة المجادلة / الآیة 20 ـ 22
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma