الحمار الذی یحمل الأسفار:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة الجمعة / الآیة 5 ـ 8 1ـ العالم بلا عمل

جاء فی بعض الرّوایات أنّ الیهود قالوا: (إذا کان محمّد قد بعث برسالة فإنّ رسالته لا تشملنا) فردّت علیهم الآیة مورد البحث فی أوّل بیان لها بأنّ رسالته قد اُشیر إلیها فی کتابکم السماوی لو أنّکم قرأتموه وعملتم به.

یقول تعالى: (مثل الذین حمّلوا التوراة ثمّ لم یحملوه) أی نزلت علیهم التوراة وکلّفوا بالعمل بها ولکنّهم لم یؤدّوا حقّها ولم یعملوا بآیاتها فمثلهم (کمثل الحمار یحمل أسفار).

لا یشعر هذا الحیوان بما یحمل من کتب إلاّ بثقلها، ولا یمیّز بین أن یکون المحمول على ظهره خشب أو حجر أو کتب فیها أدقّ أسرار الخلق وأحسن منهج فی الحیاة.

لقد إقتنع هؤلاء القوم بتلاوة التوراة واکتفوا بذلک دون أن یعملوا بموجبها.

هؤلاء مثلهم کمثل الحمار الذی یضرب به المثل فی الغباء والحماقة.

وذلک أوضح مثال یمکن أن یکشف عن قیمة العلم وأهمیّته.

ویشمل هذا الخطاب جمیع المسلمین الذین یتعاملون بألفاظ القرآن دون إدراک أبعاده وحکمه الثمینة. (وما أکثر هؤلاء بین المسلمین).

وهناک تفسیر آخر هو أنّ الیهود لمّا سمعوا تلک الآیات والآیات المشابهة فی السور الاُخرى التی تتحدّث عن نعمة بعث الرّسول قالوا: نحن أهل کتاب أیضاً، ونفتخر ببعثة سیّدنا موسى(علیه السلام) کلیم الله، فردّ علیهم القرآن أنّکم جعلتم التوراة وراء ظهورکم ولم تعملوا بما جاء فیها.

على أی حال یعتبر ذلک تحذیراً للمسلمین کافّة من أن ینتهوا إلى ما انتهى إلیه الیهود فقد شملتهم الرحمة الإلهیّة ونزل علیهم القرآن الکریم، لا لکی یضعوه على الرفوف یعلوه الغبار، أو یحملوه کما تحمل التعاویذ أو ما إلى ذلک، وقد لا یتعدّى إهتمام بعض المسلمین بالقرآن أکثر من تلاوته بصوت جمیل فی أغلب الأحیان.

ثمّ یقول تعالى: (بئس مثل القوم الذین کذّبوا بآیات الله) إذ لم یکتفوا بمخالفة القرآن عملا، بل أنکروه بلسانهم أیضاً، حیث نصّت الآیة 87 من سورة البقرة وهی تصف الیهود قائلة: (أفکلّما جاءکم رسول بما لا تهوى أنفسکم استکبرتم ففریقاً کذّبتم وفریقاً تقتلون).

ویقول تعالى فی آخر الآیة فی عبارة وجیزة: (والله لا یهدی القوم الظالمین).

صحیح أنّ الهدایة شأن إلهی، ولکن ینبغی أن تهیّأ لها الأرضیة اللازمة، وهی الروح التواقة لطلب الحقّ والبحث عنه، وهی اُمور یجب أن یهیّئها الإنسان نفسه، ولا شکّ أنّ الظالمین یفتقدون مثل هذه الأرضیة.

وأوضحنا سابقاً أنّ الیهود اعتبروا أنفسهم اُمّة مختارة، أو نسیجاً خاصّاً لا یشبه غیره، وذهبوا إلى أبعد من ذلک حینما ادّعوا أنّهم أبناء الله وأحبّاؤه المنتقمون، وهذا ما أشارت إلیه الآیة 18 من سورة المائدة: (وقالت الیهود والنصارى نحن أبناء الله وأحبّاؤه) (رغم أنّهم یقصدون الأبناء المجازیین).

ولکن القرآن شجب هذا التعالی مرّة اُخرى بقوله: (قل یاأیّها الذین هادوا إن زعمتم أنّکم أولیاء لله من دون الناس فتمنّوا الموت إن کنتم صادقین)(1).

فالأحبّاء یتمنون اللقاء دائماً، ولا یتمّ اللقاء المعنوی بالله یوم القیامة إلاّ عندما تزول حجب عالم الدنیا وینقشع غبار الشهوات والهوى، وحینئذ سیرى الإنسان جمال المحبوب ویجلس على بساط قربه، ویکون مصداقاً لـ (فی مقعد صدق عند ملیک مقتدر)(2) فیدخل إلى حرم الحبیب.

إنّ خوفکم وفرارکم من الموت دلیل قاطع على أنّکم متعلّقون بهذه الدنیا وغیر صادقین فی إدّعائکم.

ویوضّح القرآن الکریم هذا المعنى بتعبیر آخر فی سورة البقرة آیة 96 عندما یقول تعالى: (ولتجدنّهم أحرص الناس على حیاة ومن الذین أشرکوا یودّ أحدهم لو یعمّر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن یعمّر والله بصیر بما یعملون).

ثمّ یشیر القرآن إلى سبب خوفهم من الموت بقوله: (ولا یتمنّونه أبداً بما قدّمت أیدیهم والله علیم بالظالمین).

لأنّ خوف الإنسان من الموت ناشیء من عاملین أساسیین:

الأوّل: عدم إیمان الإنسان بالحیاة بعد الموت واعتقاده أنّ الموت زوال وفناء.

والثّانی: أعماله السیّئة التی یعتقد أنّه سیواجهها بعد مماته فی عالم الآخرة عندما تقام المحکمة الإلهیة.

وإنّما یخاف الیهود من الموت لسوء أعمالهم إذ أنّهم یعتقدون ـ أیضاً ـ بیوم الحساب.

وقد وصفهم القرآن الکریم بالظالمین، وذلک لأنّ الظلم یتّسع لیشمل جمیع الأعمال السیّئة والجرائم التی إرتکبوها، من قتلهم الأنبیاء وقول الزور وغصب الحقوق وتلوّثهم بمختلف المفاسد الأخلاقیة.

غیر أنّ هذا الخوف وذلک الفرار لا یجدی شیئاً، فالموت أمر حتمی لابدّ أن یدرک الجمیع، إذ یقول تعالى: (قل إنّ الموت الذی تفرّون منه فإنّه ملاقیکم ثمّ تردّون إلى عالم الغیب والشهادة فینبّئکم بما کنتم تعملون).

الموت قانون عام یخضع له الجمیع بما فیهم الأنبیاء والملائکة وجمیع الناس (کلّ من علیها فان * ویبقى وجه ربّک ذو الجلال والإکرام).(3)

وکذلک المثول أمام محکمة العدل الإلهی لا یفلت منها أحد، إضافة إلى علم الله تعالى بأعمال عباده بدقّة وبتفصیل کامل.

وبهذا سوف لا یکون هناک طریق للتخلّص من هذا الخوف سوى تقوى الله وتطهیر النفس والقلب من المعاصی، وبعد أن یخلص الإنسان لله تعالى فإنّه لن یخاف الموت حینئذ.

ویعبّر الإمام أمیر المؤمنین (علیه السلام) عن هذه المرحلة بقوله: «هیهات بعد اللتیا والتی، والله لابن أبی طالب آنس بالموت من الطفل بثدی اُمّه»(4).


1. اعتبر بعض المفسّرین (من دون الناس) حالا لاسم «إنّ»، بینما قال آخرون: إنّها صفة لِـ «أولیاء».
2. القمر، 55.
3. الرّحمن، 26 و27.4. نهج البلاغة، الخطبة 5.
سورة الجمعة / الآیة 5 ـ 8 1ـ العالم بلا عمل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma