یریدون لیطفئوا نور الله بأفواههم:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة الصّف / الآیة 7 ـ 9 سورة الصّف / الآیة 10 ـ 13

لاحظنا فی الآیات السابقة موقف الإصرار والعناد لجموع أهل الکتاب من دعوة الرّسول الأعظم(صلى الله علیه وآله) رغم ما بشّر به المسیح(علیه السلام) حول ظهور رسول الإسلام، وما اقترن بذلک من بیّنات ودلائل ومعاجز واضحة.

وتبیّن الآیات ـ مورد البحث ـ عاقبة هؤلاء ومصیرهم السیء ونتیجة عملهم الخائب.

فیقول تعالى: (ومن أظلم ممّن افترى على الله الکذب وهو یدعى إلى الإسلام).

نعم، إنّ أمثال هؤلاء المکذّبین لدعوة الرّسول الإلهی، الذین یعتبرون ما یأتی الرّسول به من إعجاز سحراً، وما یتحدّث به من مبادىء إلهیة سامیة ضلالا وباطلا... فإنّ هؤلاء هم أظلم الناس، لأنّهم یصدّون أنفسهم عن طریق الحقّ والهدایة والنجاة، ویصدّون سائر عباد الله عن منابع الفیض الإلهی ویحرمونهم من السعادة الأبدیة.

ویضیف سبحانه فی نهایة الآیة: (والله لا یهدی القوم الظالمین).

إنّ عمل الله سبحانه هو الهدایة للحقّ، وإنّ ذاته المقدّسة الطاهرة هی النور والضیاء السامی: (الله نور السماوات والأرض)(1) ولابدّ للهدایة من إستعداد وأرضیة مناسبة فی النفس الإنسانیة کی تؤثّر فیها، وهذا ما لا یحصل بالنسبة إلى الأشخاص الذین یجانبون الحقّ ویعرضون عن الحقیقة ویعادونها.

والآیة الکریمة تؤکّد مرّة اُخرى على حقیقة أنّ الهدایة والضلالة بالرغم من أنّها من الله سبحانه، إلاّ أنّ مقدّماتها وأرضیتها لابدّ أن تبدأ من الإنسان نفسه، ولذا فلا جبر هنا.

جملة «وهو یدعى إلى الإسلام» إشارة إلى أنّ دعوة النّبی الأکرم تتضمّن السلام فی الدنیا والآخرة ونجاة الناس، ومع ذلک فمثل هذا الإنسان یحطّم أساس سعادته بیده.

لقد تکرّرت عبارة (من أظلم) خمس عشر مرّة فی القرآن الکریم وکانت آخرها فی الآیة مورد البحث، بالرغم من أنّ ذکرها کان فی موارد مختلفة حسب الظاهر.

ولعلّ هذه المسألة کانت منشأ لهذا التساؤل، وهو: هل من الممکن أن یکون (أظلم الناس) یمثّل أکثر من صنف أو أکثر من جماعة، وأنّها جاءت متکرّرة بلحاظ تعدّد أقسام الظالمین؟

إنّ الملاحظة الدقیقة للآیات الکریمة تبیّن لنا أنّ السبب الأساس لذلک یرجع إلى مسألة منع الناس عن طریق الحقّ، وتکذیب الآیات الإلهیة، وهذا هو منتهى الظلم، کما أنّ الصدّ عن الوصول إلى الهدى والسعادة الأبدیة وقیم الخیر، یمثّل أسوأ عمل وأعظم ظلم، حیث المنع عن الخیر کلّه وفی کافّة المجالات.

ثمّ یستعرض القرآن الکریم نقطة اُخرى ویبیّن لنا أنّ أعداء الحقّ لیسوا بقادرین على الوقوف بوجه مبادىء السماء والأنوار الإلهیّة العظیمة، حیث یقول سبحانه: (یریدون لیطفئوا نور الله بأفواههم والله متمّ نوره ولو کره الکافرون).

وهنا تشبیه رائع لعمل هؤلاء الأشخاص الذین یحاولون عبثاً إطفاء نور الشمس التی تضیء العالم کلّه بنفخة، إنّهم کالخفافیش التی تتصوّر أنّها قادرة على تحدّی وهج الشمس وأشعّتها الساطعة بالنوم نهاراً بعیداً عن نورها، والظهور فی ظلمة اللیل وعتمته.

وتأریخ الإسلام صورة ناطقة لهذا التنبّؤ القرآنی العظیم، فرغم ضخامة المؤامرات التی حیکت ضدّه والجهود الجبّارة المقترنة بالإمکانات الهائلة من الأعداء لطمس معالم هذا الذین والقضاء علیه منذ الیوم الأوّل لظهوره إلى یومنا هذا... فإنّ جمیعها کانت خائبة وخاسئة وذهبت أدراج الریاح... وقد عمد هؤلاء إلى أسالیب عدّة فی حربهم القذرة ضدّ الإسلام:

فتارةً اتّبعوا اُسلوب الأذى والسخریة.

واُخرى عن طریق الحصار الاقتصادی والاجتماعی...

وثالثة فرض الحروب، کـ (اُحد والأحزاب وحنین) وتجهیز الجیوش القویة لذلک.

ورابعة عن طریق التآمر الداخلی، کما کان عمل المنافقین.

وأحیاناً عن طریق إیجاد الاختلافات فی داخل الصفّ الإسلامی.

وأحیاناً اُخرى الحروب الصلیبیة.

وتارةً احتلال الأراضی کما فی القدس المقدّسة قبلة المسلمین الاُولى.

وأحیاناً اعتماد اُسلوب تجزئة الوطن الإسلامی الواحد إلى أجزاء عدیدة تربو على الأربعین جزءاً.

وتارةً التأثیر على شباب هذه الاُمّة وإضعاف متبنّیاتها المبدئیة والسلوکیة بعیداً عن الالتزام بخطّها العقیدی الأصیل والأخلاقیة القرآنیة.

وتارةً تشجیع الرذیلة والفساد الأخلاقی بین صفوف المجتمع وإشاعة وسائل المیوعة والانحراف خاصّة بین الشباب.

وتارةً السیطرة الاستعماریّة عسکریاً وسیاسیاً وإقتصادیاً.

إلى غیر ذلک من الأسالیب والوسائل الماکرة.

إلاّ أنّ هذه الجهود والمؤامرات الشیطانیة غیر قادرة على التأثیر وإطفاء شعلة الوهج الرسالی الذی أتى به محمّد (صلى الله علیه وآله)، وبذلک تحقّق التنبّؤ القرآنی فی الفشل الذریع الذی لحق بهؤلاء الذین أرادوا کیداً بالرسالة الإلهیّة... بل إنّ النور الإلهی فی حالة إنتشار وإتّساع یوماً بعد یوم، کما تکشف ذلک لنا الاحصائیات، حیث إنّ عدد مسلمی العالم فی تزاید مستمرّ رغم الجهود المتظافرة من الصهاینة والصلیبیین و(المادّیین الشرقیین).

نعم، إنّهم یبذلون أقصى جهدهم باستمرار لیطفئوا نور الله ولکن لإرادة الله شأناً غیر ذلک، وهذا الأمر بحدّ ذاته یمثّل معجزة خالدة من معاجز القرآن الکریم وهذا الدین العظیم.

والنقطة الجدیرة بالذکر هنا أنّ هذا المضمون قد ورد مرّتین فی القرآن الکریم، ولکن مع قلیل من الاختلاف، حیث جاء فی الآیة 32 من سورة التوبة کالتالی: (یریدون أن یطفئو)وهنا جاء بعبارة: (یریدون لیطفئو).

یقول: الراغب فی (المفردات) فی توضیحه لهذا الاختلاف: إنّ الآیة الاُولى إشارة إلى الإطفاء بدون مقدّمة، إلاّ أنّه فی الآیة الثانیة إشارة إلى الإطفاء باستعمال المقدّمات التی تهیء الأرضیة المناسبة لمثل هذا الأمر.

وعلى کلّ حال فإنّ مفهوم الآیتین یبیّن عدم إمکانیة تحقیق هذا الأمر من قبل أعداء الإسلام، سواء هیّأوا الأرضیة المناسبة لإطفاء النور الإلهی أو لم یهیّئوا.

ویتوضّح التأکید الأکثر فی آخر آیة ـ مورد البحث ـ حیث یعلن القرآن الکریم ذلک صراحة بقوله عزّوجلّ: (هو الذی أرسل رسوله بالهدى ودین الحقّ لیظهره على الدین کلّه ولو کره المشرکون).

إنّ التعبیر بـ (أرسل رسوله بالهدى ودین الحقّ) بمنزلة بیان الرمز لغلبة الإسلام وانتصاره، لأنّ طبیعة «الهدایة» و(دین الحقّ) تنطوی على هذا الإنتصار، ذلک أنّ الإسلام والقرآن هما النور الإلهی الذی تظهر آثاره أینما حلّ، وکراهیة الکفّار والمشرکین لن تستطیع أن تغیّر من هذه الحقیقة شیئاً، ولا تقف فی طریق مسیرته العظیمة.

ومن الظریف أیضاً أنّنا نلاحظ أنّ هذه الآیة قد وردت فی القرآن الکریم ثلاث مرّات بتفاوت یسیر:

الاُولى: کانت فی سورة التوبة الآیة 33.

والثانیة: فی سورة الفتح الآیة 38.

والأخیرة: فی هذه السورة «الصفّ».

ویجب ألاّ ننسى أنّ هذا التأکید والتکرار جاء فی وقت لم یکن الإسلام قد ثبت واستقرّ فی الجزیرة العربیة بعد، فکیف بنا مع هذه الآیات وقد وصل الإسلام إلى نقاط عدیدة فی العالم وشمل أصقاعاً مختلفة؟

وبذلک أثبتت أحداث المستقبل صدق هذا التنبؤ العظیم، وغلبة الإسلام من الناحیة المنطقیة على کافّة المذاهب الاُخرى وقد حقّق خطوات عظیمة فی طریق التقدّم على الأعداء، واکتسح مناطق واسعة من العالم، وهو الآن فی تقدّم مستمر، وقوّة یخشى منها عالمیّاً.

ومن المسلّم أنّ النتیجة النهائیة کما نعتقد سوف تکون للإسلام، وذلک عند ظهور الإمام المهدی أرواحنا فداه، إنّ هذه الآیات بذاتها دلیل على هذا الظهور العظیم، وقد أوضحنا ذلک بصورة مفصّلة فی تفسیر الآیة 23 من سورة التوبة حول المقصود من هذه الآیة المبارکة، وهل هو الغلبة والإنتصار المنطقی، أم غلبة القدرة والقوّة على الأعداء؟ وکذلک حول مدى إرتباط هذا الإنتصار وتلک الغلبة بظهور الحجّة(علیه السلام).


1. النور، 35.
سورة الصّف / الآیة 7 ـ 9 سورة الصّف / الآیة 10 ـ 13
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma