خلق الإنسان من نطقة قذرة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة القیامة / الآیة 31 ـ 40 1ـ أطوار الجنین أو البعثات المکررة!

استمراراً للبحوث المتعلقة (بالموت) الذی یعتبر الخطوة الأولى فی السفر إلى الآخرة یتحدث القرآن فی هذه الآیات عن خواء أیدی الکفّار من الزاد لهذا السفر.

فیقول أوّلاً: (فلا صدّق ولا صلّى)(1) أی إنَّ هذا الانسان المنکر للمعاد لم یؤمن اطلاقاً ولم یصدِّق بآیات الله ولم یصلّ له.

وقال تعالى: (ولکن کذّب وتولى).

المراد من جملة (فلا صدّق) عدم التصدیق بالقیامة والحساب والجزاء والآیات الإلهیّة والتوحید ونبوة النّبی(صلى الله علیه وآله)، وقال البعض: إنَّها إشارة إلى ترک الکافرین للانفاق والصدقة بقرینة ذکرها مع الصلاة، ولکن الآیة الثانیة تشهد جیداً على أن النقطة المقابلة لهذا التصدیق هو التکذیب، ولذا یکون التفسیر الأوّل هو الأصح.

ویضیف تعالى فی الآیة الاُخرى: (ثمّ ذهب الى أهله یتمطى).

إنَّه یظنُّ بعدم اهتمامه للنّبی(صلى الله علیه وآله) وتکذیبهُ إیّاه وللآیات الإلهیّة قد حقق نصراً باهراً، إنّهُ کان ثملاً من خمرة الغرور، واتجه إلى أهله لینقل لهم کالعادة ما کان قد حدث ولیفتخر بما صدر منه، وکان سیره وحرکته تشیران إلى الکبر والغرور.

«یتمطى»: من مادة (مط) وأصله الظهر، و(تمطى) مدَّ الظهر عن غرور ولا مبالاة، أو عن کسل، والمراد هنا هو المعنى الأوّل.

وقیل هو من مادة (مط) على وزن (خط) أی مَدَّ الإنسان رجله أو بقیة أعضاء البدن عندما یرید إظهار اللامبالاة أو الکسل، ولکن اشتقاقه من (مطا) أنسب مع ظاهر اللفظ(2).

على کل حال فإنَّ ذلک یشابه ما ورد فی الآیة 31 من سورة المطففین: (وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فکهین).

ثمّ یخاطب القرآن أفراداً کهؤلاء ویهددهم فیقول تعالى:

(أولى لک فأولى * ثمّ أولى لک فأولى).

هناک تفاسیر اُخرى متعددة ذکرت لهذه الآیة منها:

إنّها تهدید بمعنى لک العذاب ثم لک العذاب.

وقیل: ما أنت علیه من الحال أولى وأرجح لک فأولى.

وقیل: الذم أولى لک وأحسن ثم أحسن.

وقیل: الویل لک ثمَّ الویل لک.

وقیل: یُراد به بعداً لک من خیرات الدنیا وبعداً لک من خیرات الآخرة.

وقیل: ولیک وصاحبَک شرٌ وعذاب ثمّ ولیک شرّ وعذاب.

وقیل: أولى لک ما تشاهده یوم بدر فأولى لک فی القبر ثمّ أولى لک یوم القیامة(3).

ولا یخفى أنَّ غالبیة هذه المعانی تعود إلى معنىً کلی وجامع، وتأخذ طابع التهدید بالعذاب، والذمّ والشرّ والعقاب أعم من عذاب الدنیا والبرزخ والقیامة.

وورد فی الرّوایات أنَّ النّبی(صلى الله علیه وآله) أخذ بید أبی جهل ثم قال لهُ: «أولى لک فأولى ثمّ أولى لک فأولى»، فقال أبو جهل: بأی شیء تهددنی لا تستطیع أنت ولا ربّک أن تفعلا بی شیئاً، وإنّی لأعزّ أهل هذا الوادی، فأنزل الله سبحانه کما قال لهُ رسول الله(صلى الله علیه وآله).(4)

ثم ینتهی القرآن فی هذا البحث إلى استدلالین لطیفین حول المعاد وأحدهما عن طریق (الحکمة الإلهیّة وهدف الخلقة)، والآخر عن طریق بیان قدرة الله فی تحول وتکامل نطفة الإنسان فی المراحل المختلفة لعالم الجنین، فیقول تعالى عن المرحلة الاُلى: (أیحسب الإنسان أن یترک سدى).

«سدى»: على وزن (هدى) وهو المهمل الذی لا هدف لهُ، وجاء قول العرب (إبل سدى) فی الإِبل السائبة التی تترک بلا راع.

والمراد من (الإنسان) فی هذه الآیة هو المنکر للمعاد والبعث، فیکون معنى الآیة: کیف یخلق الله هذا العالم العظیم للإنسان ولا یکون له هدف ما؟ کیف یمکن ذلک والحال أنَّ کل عضو من أعضاء الإنسان خلق لهدف خاص، فالعین للنظر، والأذن للسمع، والقلب لإیصال الغذاء والأوکسجین والماء إلى جمیع الخلایا، حتى أنَّ لخطوط أطراف أصابع الإنسان حکمة، ولکن یحسب أن لا هدف فی خلق کلّ ذلک، وهو مهمل لا تخطیط فیه ولیس له من أمر ونهی ومهام ومسؤولیة، فلو صنع شخص ما صنعة صغیرة لا فائدة فیها فإنَّ الناس سوف یشکلون علیه ذلک ویحذفون اسمهُ من زمرة العقلاء، فکیف یمکن لله الحکیم المطلق أن یخلق خلقاً لا هدف لهُ؟!

وإذا قیل إنَّ الهدف من هذه الحیاة هو قضاء أیّام الدنیا، هذا الأکل والنوم المکرر الممزوج بآلاف الأنواع من الآلام والعذاب، فإنَّ هذا لا یمکن أن یکون مبرراً لذلک الخلق الکبیر، ولذا فإنّنا نستنتج من أنّ الإنسان قد خلق لهدف أکبر، أی الحیاة الخالدة فی جوار رحمة الله والتکامل المستمر والدائم(5).

ثم انتهى إلى تبیان الدلیل الثّانی، فیضیف تعالى: (ألم یک نطفة من منی یمنى) وبعد هذه المرحلة واستقرار المنی فی الرحم یتحول الى قطعة متخثرة من الدم، وهی العلقة، ثمّ إنَّ الله تعالى یخلقها بشکل جدید ومتناسب وموزون (ثمّ کان علقة فخلق فسوى).

ولم یتوقف على ذلک: (فجعل منه الزوجین الذکر والأنثى).

ألیس من یخلق النطفة الصغیرة القذرة فی ظلمة رحم الأم ویجعله خلقاً جدیداً کلّ یوم، ویلبسهُ من الحیاة لباساً جدیداً ویهبهُ شکلاً مستحدثاً لیکون بعد ذلک إنساناً کاملاً ذکراً أو اُنثى ثم یولد من اُمّه، بقادر على إعادته: (ألیس ذلک بقادر على أن یحیی الموتى)؟!

وهذا البیان فی الواقع هو لمن ینکر المعاد الجسمانی ویعدهُ محالاً، وینفی العودة إلى الحیاة بعد الموت والدفن، ولإثبات ذلک أخذ القرآن بید الإنسان لیرجعه إلى التفکر ببدایة خلقه، والمراحل العجیبة للجنین لیریه تطورات هذه المراحل، ولیعلم أنَّ الله قادر على کلِّ شیء، وبعبارة اُخرى إن أفضل دلیل لحدوث الشیء هو وقوعه.


1. الضمیر فی (صدق وصلى) یعود إلى الإنسان المنکر للمعاد، وهو ما یستفاد منه فی سیاق الکلام، وقد اُشیر إلى ذلک فی صدر السورة.
2. لأنّه إذا اعتبر من مادة (مط) فإن ظاهر اللفظ لم یظهر علیه تغییر، والحال إذا کان من مادة (مط) فیکون أصل جملة (یتمطى) هو (یتمطط) حیث بدلت الطاء الآخر بالیاء.
3. المطابق لبعض التفاسیر أنّ (أولى) هنا هو (أفعل تفضیل) وطبقاً للتفاسیر الاُخرى فإن (أولى) فعل ماض من باب أفعال من مادة (ولى) فیکون المعنى (قاربک الله العذاب) وقیل (أولى) من (أسماءالأفعال) وتعنی (قارب) والأولى هو الأوجه.
4. تفسیر مجمع البیان، ج 10، ص 401.
5. کان لنا بحث آخر فی هذا الإطار فی ذیل الآیة 115 من سورة المؤمنین.
سورة القیامة / الآیة 31 ـ 40 1ـ أطوار الجنین أو البعثات المکررة!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma