لغرض إیجاد ثورة واسعة فی جمیع الشؤون الحیاتیة أو إنجاز عمل اجتماعی ذی أهمّیة لابدّ من وجود قوّة عزم بشریة قبل کل شیء، وذلک مع الاعتقاد الراسخ، والمعرفة الکاملة، والتوجیه الفکری والثقافی الضروری والتربوی، والتربیة الأخلاقیة، وهذا ما قام به النّبی(صلى الله علیه وآله) فی مکّة فی السنوات الاُولى للبعثة، بل فی مدّة حیاته(صلى الله علیه وآله)، ولوجود هذا الأساس المتین للبناء أخذ الإسلام بالنمو السریع والرشد الواسع من جمیع الجهات.
وما جاء فی هذه السورة هو نموذج حی ومنطقی لهذا المنهج المدروس، فقد خلّف القیام لثلثی اللیل أو ثلثهُ وقراءة القرآن والتمعن فیه أثراً بالغاً فی أرواح المؤمنین، وهیأهم لقبول القول الثقیل والسبح الطویل، وتطبیق هذه الأوامر التی هی أشدّ وطأً وأقوم قیلاً کما یعبّر عنه القرآن، هی التی أعطتهم هذه الموفقیة، وجهزت هذه المجموعة المؤمنة القلیلة، والمستضعفة والمحرومة بحیث أهلتهم لإدارة مناطق واسعة من العالم، وإذا ما أردنا نحن المسلمین إعادة هذه العظمة والقدرة القدیمة علینا أن نسلک هذا الطریق وهذا المنهج، ولا یجب علینا إزالة حکومة الصهاینة بالإعتماد على اُناس عاجزین وضعفاء لم یحصلوا على ثقافة أخلاقیة.