التجارة الرّابحة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سورة الصّف / الآیة 10 ـ 13 1ـ أی فتح هو «الفتح القریب»!؟

قلنا فی بدایة السورة أنّ الأهداف المهمّة لهذه السورة هو الدعوة إلى الإیمان والجهاد فی سبیل الله، وما الآیات مورد البحث إلاّ تأکید على هذین الأصلین، من خلال مثال رائع یبعث على الحرکة الإلهیّة فی روح الإنسان، والتی هی شرط إنتصار الإسلام على کلّ الأدیان، وقد اُشیر إلى هذا العامل فی الآیات الماضیة.

یقول تعالى فی البدایة: (یاأیّها الذین آمنوا هل أدلّکم على تجارة تنجیکم من عذاب ألیم).

بالرغم من أنّ الإیمان والجهاد من الواجبات المفروضة، إلاّ أنّ الآیات هنا لم تطرحها بصیغة الأمر، بل قدّمتها بعرض تجاری مقترن بتعابیر تحکی اللطف اللامتناهی للباریء عزّوجلّ، وممّا لا شکّ فیه فإنّ (النجاة من العذاب الألیم) من أهمّ اُمنیات کلّ إنسان.

ولذا فإنّ السؤال المثار هو: هل تریدون من یدلّکم على تجارة تنجیکم من عذاب ألیم؟ وهو سؤال مثیر لإنتباه الجمیع، وقد بادر فی نفس الوقت وبدون إنتظار للإجابة متحدّثاً عن هذه التجارة المتعدّدة المنافع، حیث یضیف تعالى: (تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون فی سبیل الله بأموالکم وأنفسکم)(1).

وممّا لا شکّ فیه أنّ الله سبحانه غنی عن هذه التجارة النافعة وأنّ جمیع منافعها تعود على المؤمنین، لذا یقول فی نهایة الآیة: (ذلکم خیر لکم إن کنتم تعلمون).

والجدیر بالملاحظة هنا أنّ المخاطب هم المؤمنون بقرینة قوله تعالى: (یاأیّها الذین آمنو)لکنّه فی الوقت نفسه یدعوهم إلى الإیمان والجهاد.

وربّما کان هذا التعبیر إشارة إلى أنّ الإیمان یلزم أن یکون عمیقاً وخالصاً لله سبحانه، حتى یستطیع أن یکون منبعاً لکلّ خیر، وحافزاً للإیثار والتضحیة والجهاد، وبذا لا یعتدّ بالإیمان الإسمی السطحی.

أو أنّ التأکید على الإیمان بالله ورسوله هنا، هو شرح لمفهوم الإیمان الذی عرض بصورة إجمالیة فی بدایة الآیة السابقة.

وعلى کلّ حال فإنّ الإیمان بالرّسول لا ینفصل عن الإیمان بالله تعالى، کما أنّ الجهاد بالنفس لا ینفصل عن الجهاد بالمال، ذلک أنّ جمیع الحروب تستلزم وجود الوسائل والإمکانات المالیة، ومن هنا فإنّنا نلاحظ أنّ البعض قادر على الجهاد بکلا النوعین (النفس والمال) وآخرین قادرون على الجهاد بالمال فقط وفی المواقع الخلفیة للجبهة، وبعض آخر مستعدّ للجهاد بالنفس والجود بها فی سبیل الله لأنّهم لا یملکون سواها.

إلاّ أنّ الضرورة تستلزم أن یکون هذان النوعان من الجهاد توأمین متلازمین کلّ منهما مع الآخر لتحقیق النصر، وعند التدقیق فی الآیة المبارکة نلاحظ أنّه تعالى قد قدّم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس، لا باعتباره أکثر أهمیّة، بل بلحاظ أنّه مقدّمة للجهاد بالنفس، لأنّ مستلزمات الجهاد لا تتهیّأ إلاّ عند توفّر الإمکانات المادیّة.

لقد تمّ تسلیط الأضواء على ثلاثة عناصر أساسیة فی هذه التجارة العظیمة والتی لا مثیل لها.

(فالمشتری) هنا هو الله سبحانه، و(البائع) هم المؤمنون، و(البضاعة) هی الأنفس والأموال، ویأتی دور العنصر الرابع فی هذه الصفقة وهو الثمن والعوض لهذه المعاملة العظیمة.

یقول تعالى: (یغفر لکم ذنوبکم ویدخلکم جنّات تجری من تحتها الأنهار ومساکن طیّبة فی جنّات عدن ذلک الفوز العظیم)(2).

وتستعرض الآیة مرحلة الجزاء الاُخروی فی البدایة حیث غفران الذنوب باعتبارها أهمّ عوامل القلق وعدم الراحة الفکریة والنفسیة للإنسان، وعندما یتحقّق الغفران له فمن المسلّم أنّ الراحة والهدوء والإطمئنان تنشر ظلالها علیه.

ومن هنا نلاحظ أنّ أوّل هدیة یتحف الله سبحانه بها عباده الذین استشهدوا فی سبیل طریق الحقّ وباعوا مهجهم فی سبیل الدین العظیم، هی مغفرة الذنوب جمیعاً ولکن هل أنّ المقصود من غفران الذنوب الذی ورد فی الآیة الکریمة هی الذنوب التی تختّص بحقّ الله فقط، أم تشمل ما یتعلّق بحقوق الناس أیضاً؟

ویتبیّن لنا فی هذا الشأن أنّ الآیة مطلقة والدلیل هو عمومیتها، ونظراً إلى أنّ الله سبحانه قد أوکل حقّ الناس إلیهم لذا تردّد البعض فی القول بعمومیة الآیة الکریمة، وشکّکوا فی شمولها الحقّین.

وبهذه الصورة نلاحظ أنّ الآیات أعلاه قد تحدّثت عن مرتکزین أساسین من مرتکزات الإیمان وهما: (الإیمان بالله والرّسول) وعن مرتکزین أساسین أیضاً من مرتکزات الجهاد وهما: (الجهاد بالمال والنفس) وکذلک عن مرتکزین من الجزاء الاُخروی وهما: (غفران الذنوب والدخول فی جنّة الخلد).

کما أنّنا نقرأ فی الآیة اللاحقة عن شعبتین من الهبات الإلهیة التی تفضل بها الباریء على عباده المؤمنین فی هذه الدنیا حیث یقول: (واُخرى تحبّونها نصر من الله وفتح قریب)(3).

یالها من تجارة مبارکة مربحة حیث تشتمل على الفتح والنصر والنعمة والرحمة، ولذلک عبّر عنها الباریء سبحانه بقوله: (الفوز العظیم) ونصر کبیر، ولهذا فإنّه سبحانه یبارک للمؤمنین تجارتهم العظیمة هذه، ویزفّ لهم البشرى بقوله تعالى: (وبشّر المؤمنین).

وجاء فی الحدیث أنّه فی «لیلة العقبة» ـ اللیلة التی التقى بها رسول الله سرّاً بأهل المدینة قرب مکّة وأخذ منهم البیعة ـ قال «عبدالله بن رواحة» لرسول الله (صلى الله علیه وآله): اشترط لربّک ونفسک ما شئت.

فقال(صلى الله علیه وآله): أشترط لربّی أن تعبدوه ولا تشرکوا به شیئاً، وأشترط لنفسی أن تمنعونی ممّا تمنعون منه أنفسکم وأموالکم.

قال: فما لنا إذا فعلنا ذلک؟

قال(صلى الله علیه وآله): (الجنّة).

قال عبدالله: ربح البیع لا نقیل ولا نستقیل، أی لا نفسخ ولا نقبل الفسخ(4).


1. جملة (تؤمنون بالله) جملة استئنافیة تفسّر التجارة، واعتبر البعض أنّها عطف بیان، وعلى کلّ حال فإنّ هذه «الجملة الخبریة» لها معنى الأمر.
2. جملة (یغفر لکم) هی بمنزلة «جزاء» لشرط محذوف مستفاد من الآیة السابقة وفی التقدیر هکذا: (وإن تؤمنوا بالله ورسوله وتجاهدوا فی سبیله... یغفر لکم ذنوبکم...) کما یحتمل ـ أیضاً ـ أنّ الجملة جواب «لأمر» ذلک الأمر مستفاد من الجملة الخبریة «تؤمنون» و«تجاهدون».
3. «اُخرى» صفة لموصوف محذوف مثل نعمة أو خصلة، وقال البعض أیضاً: إنّ الموصوف هو «التجارة» إلاّ أنّ هذا مستبعد.
4. تفسیر فی ظلال القرآن، ج 8، ص 87.
سورة الصّف / الآیة 10 ـ 13 1ـ أی فتح هو «الفتح القریب»!؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma