إنّ من جملة الخصائص التی یتمیّز بها تجّار السیاسة، والأشخاص والمجامیع غیر الرسالیة، أنّهم یتلوّنون ویتصرّفون بالشکل الذی یتماشى مع مصالحهم، فلا ضوابط ولا ثوابت تحکمهم، بل هم على إستعداد دائم للتنازل عن کثیر من الشعارات المدعاة من جانبهم، مقابل تحقیق بعض المکاسب أو الحصول على بعض الإمتیازات، أمّا متبنّیاتهم المدعاة فلا تشکّل شیئاً مقدّساً بالنسبة إلیهم، ویحوّرونها بما تقتضیه مصالحهم، وهذا المفهوم هو ما تشیر إلیه الآیة الکریمة حیث یقول تعالى: (ودّوا لو تدهن فیدهنون).
أمّا أهل المبادىء والالتزام فإنّهم لا یضحّون بأهدافهم المقدّسة مطلقاً ولا یساومون علیها أو یداهنون أبداً، ولن یتخلّوا عن متبنّیاتهم ویقوموا بعمل أو صلح على خلاف ما تملیه علیهم مبادئهم العقائدیة، خلافاً لما علیه تجّار السیاسة...
إنّ هذا المقیاس من أفضل الدلائل لتشخیص السیاسیین المنحرفین عن غیرهم من المبدئیین، والأشخاص الذین یسایرون هؤلاء المنحرفین لا شکّ أنّهم بعیدون عن طریق الله وأولیائه.