حکم الغنائم بغیر الحرب:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 14
سبب النّزول1ـ مصارف الفیء

إنّ هذه الآیات ـ کما ذکر سابقاً ـ تبیّن حکم غنائم بنی النضیر، کما أنّها فی نفس الوقت توضّح حکماً عاماً حول الغنائم التی یحصل علیها المسلمون بدون حرب، کما ذکر ذلک فی کتب الفقه الإسلامی بعنوان (الفیء).

یقول الله تعالى: (وما أفاء الله على رسوله منهم فما اُوجفتم علیه من خیل ولا رکاب)(1).

«أفاء» من مادّة (فیء) على وزن شیء ـ وهی فی الأصل بمعنى الرجوع، وإطلاق کلمة (فیء) على هذا اللون من الغنائم لعلّه باعتبار أنّ الله سبحانه قد خلق هذه النعم والهبات العظیمة فی عالم الوجود فی الأصل للمؤمنین، وعلى رأسهم الرّسول الأعظم(صلى الله علیه وآله) الذی هو أشرف الکائنات، وبناءً على هذا فإنّ الجاحدین لوجود الله والعاصین له بالرغم من إمتلاکهم للبعض من هذه النعم بموجب القواعد الشرعیة والعرفیة، إلاّ أنّهم یعتبرون غاصبین لها، ولذلک فإنّ عودة هذه الأموال إلى أصحابها الحقیقیین (وهم المؤمنون) یسمّى (فیئاً) فی الحقیقة.

«أوجفتم» من مادّة (إیجاف) بمعنى السَّوق السریع الذی یحدث غالباً فی الحروب.

«خیل» بمعناه المتعارف علیه (وهی اسم جنس وجمعها خیول)(2).

«رکاب» من مادّة (رکوب) وتطلق فی الغالب على رکوب الجمال.

والهدف من مجموع الجملة أنّ جمیع الموارد التی لم یحدث فیها قتال وفیها غنائم، فإنّها لا توزّع بین المقاتلین، وتوضع بصورة تامّة تحت تصرّف رئیس الدولة الإسلامیة وهو یصرفها فی الموارد التی سیأتی الحدیث عنها لاحقاً.

ثمّ یضیف سبحانه أنّ الإنتصارات لا تکون غالباً لکم (ولکن الله یسلّط رسله على من یشاء والله على کلّ شیء قدیر).

نعم، لقد تحقّق الإنتصار على عدو قوی وشدید کیهود (بنی النضیر) وذلک بالمدد الإلهی الغیبی، ولتعلموا أنّ الله قادر على کلّ شیء، ویستطیع سبحانه بلحظة واحدة أن یذلّ الأقویاء، ویسلّط علیهم فئة قلیلة توجّه لهم ضربات موجعة وتسلب جمیع إمکاناتهم.

ولابدّ للمسلمین أن یتعلّموا من ذلک دروس المعرفة الإلهیّة، ویلاحظوا علائم حقّانیة النّبی(صلى الله علیه وآله)، ویلتزموا منهج الإخلاص والتوکّل على الذات الإلهیّة المقدّسة فی جمیع ممارساتهم.

وهنا قد یتبادر سؤال وهو: إنّ الحصول على غنائم بنی النضیر لم یتمّ بدون حرب، بل إنّ المسلمین زحفوا بجیشهم نحو قلاعهم وحاصروها، وقیل: إنّ إشتباکاً مسلّحاً قد حصل فی حدود ضیّقة بین الطرفین.

وفی مقام الجواب نقول: بأنّ قلاع بنی النضیر ـ کما ذکروا ـ لم تکن بعیدة عن المدینة، وذکر بعض المفسّرین أنّ المسافة بین المدینة والقلاع میلان وأنّ المسلمین ذهبوا إلیها سیراً على أقدامهم، وبناءً على هذا فلم یواجهوا مشقّة حقیقیة، أمّا بالنسبة لموضوع الإشتباک المسلّح فإنّه لم یثبت من الناحیة التاریخیة، کما أنّ الحصار لم یستمرّ طویلا، وبناءً على هذا فإنّنا نستطیع القول بأنّه لم یحدث شیء یمکن أن نسمّیه قتالا، ولم یرق دم على الأرض.

والآیة اللاحقة تبیّن بوضوح مورد صرف (الفیء) الوارد فی الآیة السابقة وتقول بشکل قاعدة کلیّة: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلّله وللرسول ولذی القربى والیتامى والمساکین وابن السبیل).

وهذا یعنی أنّ هذه الغنائم لیست کباقی الغنائم الحربیة التی یکون خمس منها فقط تحت تصرّف الرّسول(صلى الله علیه وآله) وسائر المحتاجین، والأربعة الأخماس الاُخرى للمقاتلین.

وإذا ما صرّحت الآیة السابقة برجوع جمیع الغنائم لرسول الله(صلى الله علیه وآله) فلا یفهم من ذلک أن یصرفها جمیعاً فی موارده الشخصیة، وإنّما اُعطیت له لکونه رئیساً للدولة الإسلامیة، وخاصّة کونه المتصدّی لتغطیة حاجات المعوزین، لذا فإنّ القسم الأکبر یصرف فی هذا المجال.

وقد ذکر فی هذه الآیة بصورة عامّة ستّ مصارف للفیء.

1ـ سهم لله، ومن البدیهی أنّ الله تعالى مالک کلّ شیء، وفی نفس الوقت غیر محتاج لأی شیء، وهذا نوع من النسبة التشریفیة، حتى لا یحسّ بقیّة الأصناف اللاحقة بالحقارة

والذلّة، بل یرون سهمهم مرادفاً لسهم الله عزّوجلّ، فلا ینقص من قدرهم شیء أمام الناس.

2ـ سهم الرّسول: ومن الطبیعی أن یصرف لتأمین احتیاجاته الشخصیة(صلى الله علیه وآله) وما یحتاجه لمقامه المقدّس وتوقّعات الناس منه.

3ـ سهم ذوی القربى: والمقصود بهم هنا وبدون شکّ أقرباء الرّسول(صلى الله علیه وآله) وبنی هاشم، حیث إنّهم مستثنون من أخذ الزکاة والتی هی جزء من الأموال العامّة للمسلمین(3).

وأساساً لا دلیل على أنّ المقصود من ذوی القربى هم أقرباء الناس جمیعاً، لأنّه فی هذه الحالة ستشمل جمیع المسلمین، لأنّ الناس بعضهم أقرباء بعض.

ولکن هل هناک شرط یقضی أن یکون ذوو القربى من المحتاجین والفقراء أو لا یشترط ذلک؟ لقد اختلف المفسّرون فی ذلک بالرغم من أنّ القرائن الموجودة فی نهایة هذه الآیة والآیة اللاحقة توضّح لزوم شرط الحاجة.

4، 5، 6ـ «سهم الیتامى» و«المساکین» و«أبناء السبیل»: وهل أنّ جمیع هؤلاء یلزم أن یکونوا هاشمیین أو أنّها تشمل عموم الیتامى والمساکین وأبناء السبیل؟

اختلف المفسّرون فی ذلک، ففقهاء أهل السنّة ومفسّروهم یعتقدون أنّ هذا الأمر یشمل العموم، فی الوقت الذی اختلفت الروایات الواردة عن أهل البیت(علیهم السلام) فی هذا المجال، إذ یستفاد من قسم منها أنّ هذه الأسهم الثلاثة تخصّ الیتامى والمساکین وأبناء السبیل من بنی هاشم فقط، فی حین صرّحت روایات اُخرى بعمومیة هذا الحکم، ونقل أنّ الإمام الباقر(علیه السلام)قال: «کان أبی یقول: لنا سهم رسول الله، وسهم ذی القربى ونحن شرکاء الناس فیما بقی»(4).

والآیات الثامنة والتاسعة من هذه السورة، التی هی توضیح لهذه الآیة، تؤیّد أیضاً أنّ هذا السهم لا یختّص ببنی هاشم، لأنّ الحدیث دالّ على عموم فقراء المسلمین من المهاجرین والأنصار.

وبالإضافة إلى ذلک، فقد نقل المفسّرون أنّ الرّسول(صلى الله علیه وآله) بعد حادثة بنی النضیر قسّم الأموال المتبقیة بین المهاجرین من ذوی الحاجة والمسکنة، وعلى ثلاثة أشخاص من طائفة الأنصار، وهذا دلیل آخر على عمومیة مفهوم الآیة وإذا لم تکن بعض الروایات متناسبة معها، فینبغی ترجیح ظاهر القرآن(5).

ثمّ یستعرض سبحانه فلسفة هذا التقسیم الدقیق بقوله تعالى: (کی لا یکون دولة بین الأغنیاء منکم) فیتداول الأغنیاء الثروات فیما بینهم ویحرم منها الفقراء(6).

وذکر بعض المفسّرین سبباً لنزول هذه الجملة بشکل خاصّ، واُشیر له بشکل إجمالی فی السابق، وهو أنّ مجموعة من زعماء المسلمین قد جاؤوا لرسول الله(صلى الله علیه وآله) بعد واقعة بنی النضیر، وقالوا له: خذ المنتخب وربع هذه الغنائم، ودع الباقی لنا نقتسمه بیننا، کما کان ذلک فی زمن الجاهلیة، فنزلت الآیة أعلاه تحذّرهم من تداول هذه الأموال بین الأغنیاء فقط.

والمفهوم الذی ورد فی هذه الآیة یوضّح أصلا أساسیّاً فی الاقتصاد الإسلامی وهو: وجوب التأکید فی الاقتصاد الإسلامی على عدم تمرکز الثروات بید فئة محدودة وطبقة معیّنة تتداولها فیما بینها، مع کامل الإحترام للملکیة الشخصیة، وذلک بإعداد برنامج واضح بهذا الصدد یحرّک عملیة تداول الثروة بین أکبر قطاع من الاُمّة.

ومن الطبیعی ألاّ نقصد من ذلک وضع قوانین وتشریعات من تلقاء أنفسنا ونأخذ الثروات من فئة ونعطیها لآخرین، بل المقصود تطبیق القوانین الإسلامیة فی مجال کسب المال، والالتزام بالتشریعات المالیة الاُخرى کالخمس والزکاة والخراج والأنفال بصورة صحیحة، وبذلک نحصل على النتیجة المطلوبة، وهی إحترام الجهد الشخصی من جهة، وتأمین المصالح الاجتماعیة من جهة اُخرى، والحیلولة دون إنقسام المجتمع إلى طبقتین: (الأقلیّة الثریّة والأکثریة المستضعفة).

ویضیف سبحانه فی نهایة الآیة: (وما آتاکم الرّسول فخذوه وما نهاکم عنه فانتهوا واتّقوا الله إنّ الله شدید العقاب).

وبالرغم من أنّ هذا القسم من الآیة نزل بشأن غنائم بنی النضیر، إلاّ أنّ محتواها حکم عام فی کلّ المجالات، ومدرک واضح على حجیّة سنّة الرّسول(صلى الله علیه وآله).

وطبقاً لهذا الأصل فإنّ جمیع المسلمین ملزمون بإتّباع التعالیم المحمّدیة، وإطاعة أوامر رسول الله(صلى الله علیه وآله)، وإجتناب ما نهى عنه، سواء فی مجال المسائل المرتبطة بالحکومة الإسلامیة أو الاقتصادیة أو العبادیة وغیرها، خصوصاً أنّ الله سبحانه هدّد فی نهایة الآیة جمیع المخالفین لتعالیمه بعذاب شدید.


1. «ما» فی (ما أفاء الله ورسوله) موصولة فی محلّ رفع مبتدأ وما فی (فما أوجفتم علیه) نافیة، ومجموع هذه الجملة خبر، وهنالک احتمال ثان: وهو أنّ «ما» فی «ما أفاء» شرطیة، «وما» الثانیة مع جملتها تکون جواباً للشرط ومجیء «الفاء» فی صدر جملة الخبر حینما تکون فیها شبیهة بالشرط، فلا إشکال فیه.
2. یقول الراغب فی المفردات: إنّ الخیل فی الأصل من مادّة «خیال» بمعنى التصوّرات الذهنیة، وخیلاء بمعنى «التکبّر والتعالی على الآخرین» لأنّه ناتج من تخیّل الفضیلة، ولأنّ رکوب الإنسان على الحصان یشعر بالإحساس بنوع من الفخر والزهو غالباً، لذلک أطلق لفظ «الخیل» على الحصان، والنقطة الجدیرة بالملاحظة أنّ «خیل» تطلق على الحصان وکذلک على راکبه.
3. هذا التّفسیر لم یأت به الشیعة فقط، حیث جاء ذکره فی تفاسیر أهل السنّة أیضاً، کما ذکر ذلک الفخر الرازی فی التّفسیر الکبیر، والبرسونی فی تفسیر روح البیان، وسیّد قطب فی تفسیر فی ظلال القرآن، والمراغی فی تفسیره والآلوسی فی تفسیر روح المعانی.
4. تفسیر مجمع البیان، ج 9، ص 261; ووسائل الشیعة، ج 6، ص 368، ح 12، (باب 1 من أبواب الأنفال).
5. وسائل الشیعة، ج 6، ص 356، ح 4، (باب 1 من أبواب الأنفال).
6. «دولة» بفتح الدال وضمّها بمعنى واحد، وفرّق البعض بین الإثنین وذکر أنّ «دولة» بفتح الدال تعنی الأموال، أمّا بضمّها فتعنی الحرب والمقام، وقیل أنّ الأوّل اسم مصدر، والثانی مصدر، وعلى کلّ حال فإنّ لها أصلا مشترکاً من مادّة «تداول» بمعنى التعامل من ید إلى اُخرى.
سبب النّزول1ـ مصارف الفیء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma